ذكرت مصادر متطابقة ان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو- اوكامبو طلب أمس توجيه الاتهام الي الرئيس السوداني عمر البشير للجرائم التي استهدفت المدنيين في السنوات الخمس الاخيرة في دارفور (غرب السودان). واعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون في مقابلة نشرتها أمس صحيفة لو فيجارو، عن قلقه البالغ من احتمال توجيه الاتهام الي الرئيس السوداني عمر البشير بارتكاب جرائم في دارفور. وقال "ستنجم عن ذلك عواقب سلبية بالغة الخطورة علي عملية حفظ السلام، بما في ذلك العملية السياسية. وهذا ما يقلقني كثيرا، لكن العملية القضائية لا تستثني احدا". واضاف ان "العملية السياسية لا يمكن ان تدوم من دون احترام القانون". واعرب رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو في باريس عن امله في ان يؤدي الضغط المتزايد الذي تمارسه المحكمة الجنائية الدولية علي الخرطوم الي "تعاونها بحسن نية" مع المجتمع الدولي حول الازمة في دارفور. وقال باروزو للصحفيين علي هامش قمة الاتحاد من اجل المتوسط "آمل الان ان تتعاون السلطات السودانية بحسن نية مع المجتمع الدولي، وان تساعدنا جميعا علي وضع حد للوضع الرهيب والمخيف للسكان في دارفور". وردا علي سؤال حول احتمال صدور مذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير نفسه، اجاب باروزو انه حذر البشير في هذا الشان قبل عامين اثناء زيارة الي السودان. وقال رئيس المفوضية الاوروبية "قلت له انه من الافضل بالنسبة اليه ان يظهر رغبته في التعاون مع الاممالمتحدة والمجتمع الدولي في اسرع وقت". واضاف "والا فان اجراءات مثل التي اتخذت الان ستتخذ". ووصف البشير المساعي التي يقوم بها أوكامبو ضده بأنها خطوة كيدية وأن الرد الحاسم عليها هو مزيد من الاستمرار في برامج التنمية في البلاد. وقال أوكامبو إنه قدم أمس أمام قضاة المحكمة "أدلة جديدة" علي جرائم تم ارتكابها في السنوات الخمس الماضية ضد المدنيين في إقليم دارفور وسوف "يسمي" مرتكبي هذه الجرائم. وحسب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فإن "جهاز الدولة كله" في السودان ضالع في حملة منظمة لمهاجمة المدنيين في دارفور. وقد تعهد قبل نحو شهر بأن يقدم لقضاة المحكمة الدولية أدلة علي تورط مسئولين سودانيين كبار. وقد استبق السودان تحرك المحكمة المتوقع بعقد اجتماع طارئ لمجلس الوزراء ترأسه البشير وتم خلاله إعلان عدم اعتراف الخرطوم بالمحكمة الجنائية الدولية وبكل ما يصدر عنها من قرارات أو مذكرات توقيف. وقالت التقارير الواردة من الخرطوم إن المجلس دعا المجتمع الدولي إلي وقف ما سماه الابتزاز السياسي غير المسئول "بجانب وقف الكيل بمكيالين في تعامله مع قضايا الشعوب والسودان علي وجه التحديد". وفي هذه الأثناء تظاهر آلاف السودانيين في الخرطوم تنديدا بالولايات المتحدة علي خلفية احتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني في إطار اتهامات عن جرائم حرب مزعومة في إقليم دارفور. وهتف المتظاهرون وهم يسيرون في شوارع الخرطوم باتجاه مكتب الأممالمتحدة "بالروح بالدم نفديك يا بشير" و"تسقط تسقط أمريكا". كما تجمع مئات المتظاهرين قرب مقر الحكومة. وفي بيان سلم لمكتب الأممالمتحدة قال المتظاهرون إن المحكمة الجنائية "تفعل بالضبط ما يطلبه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل". ومن جهته اتهم وزير العدل السوداني عبد الباسط سبدرات المحكمة الجنائية بالسعي لإشعال حريق في جميع أنحاء البلاد، وقال للحشد المتجمع أمام مقر الحكومة إن المحكمة "لا تستهدف فقط رئيس البلاد وإنما استقرار شعب السودان لأن الرئيس يمثل الأمة". ولمواجهة هذا الموقف قال وزير الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الزهاوي إبراهيم مالك إن ديوان النائب العام السوداني أعد جميع الردود القانونية لمجابهة المستجدات، مشيرا إلي إعداد خطة شاملة لمواجهة التحركات التي يقوم بها مدعي المحكمة الجنائية الدولية. ومن جهة أخري قال مسئولون سودانيون إن الخرطوم ستطلب علي الأرجح دعما صينياً وروسياً وأفريقياً في الأممالمتحدة للمساعدة علي منع إصدار أي أمر باعتقال البشير، خاصة أنه يمكن لمجلس الأمن الدولي أن يجيز قرارا بتعليق أمر اعتقال أو تحقيق تصدره المحكمة الجنائية الدولية. الزهاوي إبراهيم مالك يقول إن الخرطوم أعدت جميع الردود القانونية. كما تعول الخرطوم علي تأييد الجامعة العربية خلال اجتماع طارئ لمناقشة الأزمة لم يتحدد موعده بعد. وأعربت منظمة المؤتمر الإسلامي عن "قلقها البالغ" من احتمال ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للقادة السودانيين، بمن فيهم الرئيس البشير بتهمة ارتكاب جرائم في دارفور. وحذر الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان أوجلو "من التداعيات الخطيرة التي يمكن أن يؤدي إليها مثل هذا التحرك.