وقتها أدرك نقباء الصحفيين، والمجالس المتعاقبة، أن الفكرة تحمل في طياتها اختراقاً من نوع ما مثلما تعني علي صعيد آخر أن يتحول الاعلاميون إلي طابور خامس داخل النقابة، فقوبلت بالرفض القاطع، وفشل الإعلاميون في الانضمام لنقابة الصحفيين، بل بلغ الرفض مداه مع قرار مجلس النقيب الأسبق جلال عارف بالموافقة علي فتح باب الانتساب في النقابة، بناء علي اقتراح من الكاتب الصحفي رجائي الميرغني عضو المجلس وقتها، فكانت الموافقة مشروطة باقصاء كل من تثبت له صلة بوزارة الإعلام خشية أن يصبح القيد في جداول المنتسبين محاولة للالتفاف علي قرار النقابة بعدم الموافقة علي قبول الإعلاميين والانضمام إليها من الأبواب الخلفية! في كل الأحوال تم احباط مخطط انضمام الإعلاميين أو موظفي وزارة الإعلام إلي نقابة الصحفيين، نتيجة وعي وفطنة نقباء الصحفيين والمجالس المتعاقبة للنقابة، لكن المخطط نفسه نجح، في المقابل، في نقابة السينمائيين، وتم اختراقها بدرجة كبيرة، وساعد علي ذلك أن عدداً من موظفي وزارة الإعلام مثل يوسف عثمان ومن بعده ممدوح اللليثي نجحوا في انتزاع منصب النقيب الأمر الذي فتح الباب علي مصراعيه لانضمام عدد غير قليل من العاملين في وزارة الإعلام في الوظائف والتخصصات المختلفة كالإخراج والتصوير والإنتاج والديكور والمونتاج وغيرها، إلي جداول القيد بالنقابة، وعاماً بعد الآخر تم تفريغ وتهميش نقابة السينمائيين من أعضائها الحقيقيين، وسرعان ماتحولت إلي نقابة للتليفزيونيين، وهو ماحذر منه المخرج الكبير علي بدرخان، إبان إعلانه ترشيح نفسه نقيباً للسينمائيين، عندما أكد أنه في حال فوزه بمنصب النقيب سيعمل من دون تردد علي مراجعة جداول أعضاء النقابة، وتنقيتها من الدخلاء والموظفين، وكان لتصريحه هذا دخل كبير في فشله في الانتخابات والإطاحة به لحساب منافسه، الذي كان بالمصادفة موظف في وزارة الإعلام! مرة أخري فرض المشهد نفسه من جديد مع الانتخابا ت الأخيرة لمجلس نقابة السينمائيين عندما فوجيء المراقبون أنه من بين 50 مرشحاً قُبلت أوراق ترشيحهم بلغ عدد المرشحين من موظفي وزارة الإعلام 43 مرشحاً يمثلون مهن الإنتاج والتصوير والإخراج والديكور بينما لم يتجاوز عدد السينمائيين الحقيقيين 7 مرشحين (!) وكان طبيعياً في ظل وضع كهذا ألا تأتي النتيجة مفاجئة أو صادمة، حسبما ادعي البعض، عندما أسفرت الانتخابات عن إعادة انتخاب أعضاء المجلس القديم، وحتي العضوين اللذين خرجا من موظفي وزارة الإعلام وهما: مايسة سعد الدين ومحمد الشال حل مكانهما موظفان آخران في الوزارة هما: مهدي القماطي المخرج بقطاع القنوات المتخصصة وعمرو عابدين المخرج بقطاع الإنتاج فيما خرج المرشحون "السينمائيون" من الحلبة خاليي الوفاض ،والسبب الذي لا يخفي علي أحد أن نقابة السينمائيين لم تعد لهم بل صارت نقابة للتليفزيونيين، ومثلما حدث في الانتخابات السابقة لاختيار النقيب ،والتي فوجيء خلالها المخرج علي بدرخان مع الساعة الثانية ظهراً، أي موعد انتهاء العمل في دوائر ماسبيرو، بمركبات اتحاد الإذاعة والتليفزيون تنقل أعداد هائلة من الموظفين إلي مقر الانتخابات الأمر الذي قلب الموازين لصالح منافسه "الموظف"، تكرر المشهد بحذافيره في الانتخابات الأخيرة للمجلس؛ ففي الوقت الذي تخاذل فيه السينمائيون الحقيقيون، وكذلك كبار السن في النقابة، عن الحضور والإدلاء بأصواتهم لصالح السينمائيين أدرك موظفو التليفزيون أن احتلال مجلس نقابة السينمائيين فرصة لا ينبغي أن يفوتها أحد فتوافدوا علي مقر اللجنة الانتخابية وقلبوا دفة الأمور.. وأبقوا علي المجلس القديم بتشكيله الذي يضم الموظفين باستثناء مدير التصوير محسن أحمد والمخرج فاروق الرشيدي. وأصبح علي السينمائيين الآن،بدلاً من لطم الخدود وشق الجيوب، أن يبادروا بتحرير النقابة وإن لم ينجحوا فعليهم التحرك بجدية وعلي وجه السرعة لتكوين نقابة بديلة عن تلك التي احتلتها ميليشيات ماسبيرو!