في حين تحتفل هيئات عربية بذكري 60 عاما علي النكبة الفلسطينية ومؤسسات اسرائيلية بمرور 60 عاما علي انشاء الدولة العبرية سجل السفير سعد مرتضي أول سفير مصري في تل ابيب بعض العقبات امام انسجام النسيج الاجتماعي في دولة تضم مهاجرين من اصول مختلفة ولا يتفقون إلا علي الهاجس الامني. السفير سعد مرتضي رصد في كتابه "مهمتي في اسرائيل.. مذكرات أول سفير مصري في تل أبيب" الذي صدر قبل شهرين عن دار الشروق، كيف سيطر الاشكيناز "اليهود الغربيون" علي الحكم وهو ما دفع اليهود الشرقيين الي عدم التفاعل مع المجتمع الاسرائيلي مشيرا الي وجود طائفة من اليهود المتدينين تعرف باسم "ناطوري كارتا" تعيش في اسرائيل ولا تعترف بدولتها ويرفضون الصهيونية مضيفا ان نحو 80% من شعب اسرائيل اليهودي لا يتمسكون بتقاليد الدين اليهودي. ويقول مرتضي الذي تسلم عمله في تل ابيب في 24 فبراير 1980 وهو نفس يوم قدوم أول سفير اسرائيلي للقاهرة زلياهو بن اليسار ان مهمته كسفير في اسرائيل أتاح له فرصة ليري اسرائيل من الداخل وان يلتقي بالمسئولين فيها وان يعرف الكثير عن اهلها في غير نطاق العمل الرسمي ويري ان تجربته الفريدة والمثيرة التي استمرت 31 شهرا في الدولة العبرية انتهت الي ان اسرائيل تستغل المخاوف الامنية.. فيبالغ حكامها وخاصة اذا كانوا من الصقور مثل الليكود في تصوير الاخطار التي يتعرض لها شعب اسرائيل ويستخدمونها احيانا لستر الاطماع التوسعية.. ويعلمون الجيل الجديد ان الضفة الغربية وقطاع غزة هما ضمن حدود اسرائيل التاريخية.. اما دولة الفلسطينيين فهي الاردن حسب ادعاءاتهم. وتحدث مرتضي في الفصل الأول من كتابه عن حياته الدبلوماسية قبل تكليفه بالسفر لاسرائيل وكيف خدم في وزارة الخارجية حتي وصل لدرجة سفير مصر في الامارات عقب استقلالها عام 1971 ثم سفيرا بالسنغال والمغرب حتي جرت القطيعة العربية لمصر عقب زيارة السادات للقدس، ورصد ردود الافعال العربية التي كانت في مجملها ترفض تلك الزيارة اذ اعلنت سوريا يوم 19 نوفمبر يوم حداد اما تونس فرأت في الزيارة نوعا من السياسة، مضيفا ان معظم المثقفين المصريين رفضوا مبادرة السادات ورأوا فيها "اهدارا لمكاسب حرب اكتوبر 1973 وكان التيار الرافض للزيارة يضم معظم دوائر وزارة الخارجية المصرية حيث استقال اسماعيل فهمي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الذي رفض السفر مع السادات للقدس، ثم استقال محمد رياض وزير الدولة للشئون الخارجية الذي اعتذر بدوره عن مرافقة السادات، وخلال مباحثات كامب ديفيد لم يوافق وزير الخارجية محمد ابراهيم كامل علي مشروع الاتفاق وقدم هو الآخر استقالته. وبينما عرض مرتضي في الفصل الثالث من الكتاب لرؤيته للمجتمع الاسرائيلي الذي يتكون من اعراق كثيرة ولغات متعددة استعرض في الفصل الرابع تقييمه لشخصيات اسرائيلية التقي بها حيث يقول عن مناحم بيجين انه يعتبر نفسه صاحب رسالة سماوية يلتزم بادائها ويعيش الواقع والحاضر علي ضوء التاريخ ويؤمن بان رسالته هي اعادة بناء صرح مملكة اسرائيل، كما يري ان رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارئيل شارون شخصية عدوانية طموحة مثل الجراد لا يتردد في اكتساح اي صعوبة يمكن ان تقف في سبيله.