لايزال الصف الفلسطيني مقسما بين حركتي المقاومة الإسلامية حماس والتحرير الوطني فتح وهو ما عاد بالقضية الفلسطينية إلي أسوأ فصولها بعد النكبة واغتصاب الأرض التاريخية لفلسطين. وقد جاء فشل المبادرة اليمنية في احتواء الخلافات بين أكبر فصيلين فلسطينيين ليصيب الشعب الفلسطيني بالإحباط واليأس. فقد نجح اليمن بانتزاع موافقة كاملة وغير مشروطة علي مبادرته للمصالحة بين حركتي التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) والمقاومة الإسلامية (حماس)، لكن التوصل إلي اتفاق كامل يصطدم بتفسير البنود وآلية التنفيذ، وهو ما يثير تساؤلات عن مصير المبادرة، واحتمال تمكنها من حل عقدة الخلافات الفلسطينية وسط تمسك كل من الحركتين بتصوره للخروج من المأزق. بيد أن وزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي رغم إقراره بوجود خلافات لتفسير بعض بنود مبادرة الرئيس علي عبد الله صالح أعرب عن أمله بأن تكلل مساعي بلاده لرأب الصدع بين الفلسطينيين بالنجاح دون عوائق. ويعول اليمن في نجاح مبادرته هذه -وفق الوزير القربي- علي حرص الفلسطينيين علي وحدة قضيتهم، مستدلا بما شهدته الساحة الفلسطينية من معاناة مؤخرا وأنها ستفرض علي فتح وحماس إعادة النظر بموقفيهما. وأشار القربي إلي أن الخلافات تتمحور علي ثلاثة بنود، أولها عودة الأوضاع إلي ما كانت عليه في قطاع غزة قبل 14 يونيو 2007، إضافة إلي الانتخابات المبكرة، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وبخصوص الإشراف علي آلية تنفيذ المبادرة قال الوزير اليمني إن بلاده اقترحت تشكيل لجنة من الدول المعنية وهي مصر والأردن والسعودية وسوريا، معربا عن استعداد اليمن للانضمام إلي هذه اللجنة. وقد قوبل التفاؤل اليمني بتحفظ من فتح وحماس، إذ أشار ممثل حركة فتح في اليمن أبو حميد إلي أن مسألة التوافق أبسط مما تتخيل حماس ولكنها "هي أعقد أيضا إذا أرادوا لها أن تتعقد". وأعرب عن اعتقاده بأن المبادرة هي "مبادرة الحل الأخير لأنه لن تأتي بعد ذلك مبادرة بهذا الكمال". ونبه إلي أن الفارق بين مبادرة صنعاء والمبادرات السابقة يكمن في وضع اليمنيين يدهم علي المشكلة الحالية، وهي بعودة الأوضاع إلي ما كانت عليه في غزة -من وجهة نظره- التي تعني عودة الشرعية ممثلة بالرئيس محمود عباس وعودة الأجهزة الأمنية إلي مواقعها. وفيما يبدو توضيحا لحجم الخلافات في التفسير شدد أبو حميد علي ضرورة ألا تقسم حماس الشرعية إلي أجزاء "فأنا لا أفهم أن يكون للرئيس أبو مازن شرعية ولا تكون للأجهزة الأمنية التابعة له شرعية". أما من وجهة نظر حماس فقد اعتبرت الحركة علي لسان نائب رئيس مكتبها السياسي موسي أبو مرزوق أن المبادرة اليمنية تصلح أن تكون قاعدة للحوار لحل الإشكالات علي الساحة الفلسطينية باعتبارها كلا لا يتجزأ. لكنه أوضح أن المشكلة لا تكمن في كيفية البدء ومحتوي المبادرات، وإنما في الموقف من الحوار مع حماس، معربا عن أمله بأن يكون قبول الرئيس الفلسطيني للمبادرة جديا ويصادم الإرادة الأمريكية والإسرائيلية بوحدة الموقف الفلسطيني. أما عن الضمانات فأشار إلي أنها سياسية عند الفرقاء الفلسطينيين أنفسهم، إن منعوا التدخلات الخارجية، حيث هناك "فيتو" علي حماس من إسرائيل وبعض دول المنطقة لم يسمها.