"أزمة بلا لازمة" وصف دقيق لما حدث مؤخراً، وأغلب الظن أن دوائر مشبوهة تورطت فيه للحيلولة دون خروج مسلسل "جمال عبد الناصر" الذي كتبه الكاتب الكبير يسري الجندي وأختير لإخراجه السوري المبدع باسل الخطيب؛ فمن غير مناسبة أكد أحد المواقع الإلكترونية، الذي ينظر إليه الكثيرون بأنه "تحت مستوي الشبهات" بأن النجم السوري الكبير جمال سليمان اعتذر بشكل نهائي عن عدم تجسيد شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في المسلسل، وأرجع اعتذاره إلي النص الضعيف ودون المستوي علي حد قول الموقع ولأنه لم يجد فيه الجديد والمختلف الذي توقعه، ويشجعه علي خوض التجربة! التشكك في أنها محاولة للوقيعة تأكد بشكل كبير بعد تهرب الموقع من إجراء حوار صريح مع جمال سليمان أو الكشف عن المصدر الذي استقي منه الموقع تصريحاته التي يطعن فيها في النص الذي كتبه "الجندي"؛ واكتفي الموقع بالقول إن "مصادر فنية" رجحت أن جمال سليمان اعتذر عن أداء الدور نتيجة أسباب تتعلق بكون النص لا يقدم ما كان مأمولا منه، مثل الكشف عن أشياء جديدة في شخصية الزعيم الراحل، وأن للدور طابعاً إخبارياً ويعرض وجهة نظر واحدة، وإنه أبدي عدم رضائه عن النص المقدم؛ لأنه فردي وليس فيه قراءة جديدة عن شخصية طالما أحب الناس معرفة المزيد عنها. وللمزيد من "حبك" القصة، وإضفاء مصداقية علي التصريحات أكد الموقع أن الجهة المنتجة للمسلسل، وأيضاً مخرجه باسل الخطيب، أصيبا بصدمة كبيرة جراء اعتذار الفنان السوري جمال سليمان عن عدم تجسيد شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في المسلسل، بعد قراءته لنص العمل، وعلي طريقة برقيات التهاني قال الموقع:"وتردد أن جمال سليمان تمني النجاح للعمل، وأن يلقي الحب والمشاهدة من قبل الناس" (!) واختتم بقوله: ".. وكان كاتب المسلسل يسري الجندي هو أول من رشح جمال سليمان للدور لكن "سليمان" أبدي تخوفه مؤخراً من دور عبد الناصر، ووصفه بأنه سلاح ذو حدين مؤكداً أن فشله قد يشكل فشلاً كبيراً لمن يقوم به، وفي المقابل فإن نجاحه سيكون نجاحاً مهماً وكبيراً".. والطريف أن الموقع نوه إلي أن النجم السوري حاول التكتم علي رفضه للدور خشية التقليل من شأن العمل أو الإساءة إليه، ولمن سيتقلد الدور بعده من الفنانين الذين طرحت أسماؤهم لأدائه". من ناحيته يفجر الكاتب الكبير يسري الجندي مفاجأة مدوية بقوله ل "نهضة مصر": هذا افتراء، ولا أظن أن مثل هذه التصريحات قد صدرت عن النجم السوري جمال سليمان لكونه أول من يعلم أن السيناريو لم يعرض عليه، من الأساس، ليقرأه ثم يتهمه بمثل هذه الأوصاف؛ فأنا أعرف "جمال" وأدرك يقيناً أنه مهذب ودمث الخلق، ولا يمكن بحال من الأحوال أن يورط نفسه في تصريحات تدينه؛ فمن غير المعقول أن ينتقد فنان سيناريو من قبل أن يقرأه ؟ أما ترشيحه لتجسيد شخصية جمال عبد الناصر فقد جاء بناء علي تفكير أو ترشيح من المخرج باسل الخطيب بينما لدي قناعة بأن الممثل الذي يجسد الشخصية لابد أن يكون مصرياً ليصدقه الناس، والمقارنة مختلفة بين "الملك فاروق"صاحب الأصول الأجنبية وجمال عبد الناصر ابن التراب المصري، لكن المشكلة في رأيي في عدم العثور علي الممثل الذي يجرؤ علي اقتحام التجربة، التي يصفها الكثيرون بأنها مغامرة خطيرة، وغير محمودة العواقب، نظراً لمهابة وقوة الشخصية وتعدد أبعادها وتباين ملامحها بما يمثل صعوبة لمن يوافق علي تجسيدها؛ فلا يوجد بين أبناء هذا الجيل من يقبل المغامرة، والممثل العملاق الوحيد الذي كان يستطيع تجسيد شخصية عبد الناصر بحضوره الطاغي وأدائه المتميز هو الفنان الراحل محمود مرسي. وعما إذا كان تبنيه لهذا الموقف يعكس رفضاً لمشاركة الممثلين السوريين في أعمال درامية مصرية نفي الكاتب الكبير يسري الجندي هذا قائلاً: لا يمكن أن يتخيل أحد، بما لدي من رصيد من أفكار ومواقف واتجاهات تصب كلها في خانة الكاتب القومي المنتمي لأمته العربية، أن أتبني موقفاً رجعياً أو إقليمياً بغيضاً كهذا؛ فأنا صاحب مبادرة معروفة في اتجاه احتضان المبدعين العرب في أعمال من تأليفي، وكنت أول من أبدي إعجابه بالممثل السوري تيم الحسن عندما جسد شخصية "الملك فاروق" ونجاحه في تجاوز أزمة اللكنة السورية كما سجلت تقديري لاجتهاد السورية جومانا مراد التي أشعر وكأنها فنانة مصرية.