أصبح للتعصب والتشجيع الكروي غير المتحضر أشكال وألوان متعددة وكثيرة في مجتمعنا المصري ولكنني سأكتفي بسرد مشهدين فقط من هذه المشاهد. المشهد الأول أحد الأماكن المخصصة لنادي الزمالك والتي تتيح لأعضاء النادي مشاهدة المباريات عبر شاشات التلفاز أما الزمان فكان مباراة الزمالك والإسماعيلي بالدوري العام وكانت أول مباراة يلعبها نادي الزمالك بالدوري هذا الموسم وكانت كل الجماهير الزملكاوية تتابع هذه المباراة وهي تتوقع وتتمني في نفس الوقت بداية موفقة وقوية لفريقها الأبيض الذي تحبه وتعشقه والذي انحسرت عنه تماما البطولات في الفترة الأخيرة وكانت نتيجة المباراة حتي قبل النهاية بخمسة عشر دقيقة هي التعادل السلبي بدون أهداف وفجأة وعلي غير المتوقع ورغم الهجوم والتفوق الكبير لنادي الزمالك يحرز الإسماعيلي هدف المباراة الوحيد وفي تلك الأثناء كان هناك صبي في الرابعة عشرة تقريبا يشاهد المباراة وهو يكتم إيمانه "أهلاويته" ويتابع المباراة باهتمام رشيد وعندما أحرز الإسماعيلي الهدف أخذ الفتي يهلل ويصرخ من الفرحة وفي لحظتها انهالت صفعة قوية علي وجه الفتي من سيدة محجبة تقترب من الستين من عمرها ثم قالت إن كنت أهلاويا فتابع المباراة في بيتكم أو علي القهوة أنت هنا في نادي الزمالك ولم يعترض فرد واحد من المتابعين للمباراة بل وافقوها جميعا علي ما فعلت وأمام هذا الموقف لي ملاحظتان الأولي كان من الأجدر بهذه السيدة بدلا من صفع الفتي علي وجهه توجيهه وتوبيخه فقط أما الملاحظة الثانية فهي للفتي الذي يحمل عضوية نادي الزمالك ويشجع مع ذلك الفريق المنافس بقوة وحماس وتعصب، أما المشاهد الثاني فكان مباراة الزمالك والأهلي الماضية والتي انتهت بفوز الأهلي بهدف نظيف وقد كنت أتجول في تلك الأثناء علي كورنيش نيل جاردن سيتي وقد كانت تمر بجواري عربة نصف نقل تحمل جماهير النادي الأهلي وهي عائدة من المباراة وما أن شاهدتني حتي امطرتني بسيل جارف من الأغاني والسب والقذف علي دق الطبول والصاجات بسبب صلعتي الكبيرة فأصابني الذهول للحظات من شدة المفاجأة، ثم أسرعت بالهرولة والاختفاء سريعا في أقرب شارع "اللهم لا اعتراض علي الكرة ولعب الكرة"، ورغم انتمائي للفريق الآخر وهذا الموقف فلم تفلح تلك الجماهير القليلة والتي لا تعبر عن النادي الأهلي العريق في أن تجعل بيني وبينه ثأرا أو خصومة فالنادي الأهلي فريق كبير يحمل القيم والمبادئ والمثل في الثالوث الإدارة واللاعبين والجماهير، كما أنه هو تقريبا المؤسسة الوحيدة في مصر التي تحقق نتائج وإنجازات غير عادية أما آن أن نترك تعصبنا الأحمق غير المبرر ولنلتحم معا كجماهير كرة لكل الفرق الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والأندية المصرية الأخري ولنشجع معا الأهلي وبشكل حضاري وهو يلاقي النجم الساحلي بعد أيام، فالأهلي سيسطر تاريخا جديدا في عالم كرة القدم الأفريقية لو فاز بهذه المباراة إن شاء الله وهو إنجاز لم يحققه أي فريق أفريقي آخر منذ انطلاق البطولة الأولي عام 1964 حتي الآن أطيب التمنيات بالفوز للنادي الأهلي فريق القرن