سيطرت أزمة "الحجاب" أمس علي مناقشات مجلس الشعب، في بداية دورته البرلمانية، وتحولت جلسة أمس إلي عاصفة احتجاج ضد وزير الثقافة فاروق حسني قادها نواب المعارضة الذين واصلوا هجومهم العنيف لانتقاده الحجاب، وطالبوا بإقالته فورا، بينما رأي عدد من نواب الوطني أن ما قاله الوزير عن الحجاب يدخل في باب الرأي الشخصي ولا يستحق الإقالة، رغم أنهم أكدوا رفضهم الكامل لهذه التصريحات، وهو ما أكد عليه الدكتور زكريا عزمي عضو المجلس ورئيس ديوان رئيس الجمهورية أن ما قاله الوزير يعكس رأيه الشخصي وليس الموقف الرسمي، مشيرا إلي أن غالبية السيدات اللاتي عملن في حملة الرئيس مبارك كن محجبات. وأكد الدكتور فتحي سرور أن حق النقد لا يجوز أن يتسلل إلي الحياة الخاصة للمواطن، وأن الشخص العام مقيد بألا يبدي رأيا شخصيا يتناقض مع واجباته العامة. بينما أكد د. مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية أن الحكومة لا تقبل بأي حال من الأحوال أي مساس بأحكام الدين الإسلامي، وأن الحكومة ملزمة في كل خطواتها وقراراتها بأحكام الدين والشريعة الإسلامية، كمصدر رئيسي للتشريع مؤكدا التزام الحكومة بحضور وزير الثقافة أمام لجنة الثقافة لمناقشة الموضوع، مشيرا إلي أن عدم حضور الوزير لجلسة البرلمان اليوم يرجع لتعرضه لظروف صحية طارئة منعته من الحضور اليوم. بينما انتقد كمال الشاذلي الوزير السابق في الحكومة ونائب البرلمان عن الحزب الوطني ما قاله وزير الثقافة وإدانته لهذا العمل، مطالبا بإحالة هذا الموضوع إلي لجنة الشئون الدينية وضرورة قيام الوزير بالاعتذار لكل الشعب. فيما قال مصطفي بكري إن وزير الثقافة أساء للنظام وأحرجه، مشيرا إلي وجود سيدات بالحكومة محجبات علي رأسهن عائشة عبدالهادي وزيرة القوي العاملة، وغيرها من المسئولين وزوجات الوزراء وكبار المسئولين وهل يعني ذلك وفق رأي وزير الثقافة متخلفات؟! وأكد "بكري" أن حسني أصبح عبئا علي النظام وعلي المواطنين جميعا، ويجب إقالته، بينما قال محمد سيد أحمد نائب الحزب الوطني أن الوزير ارتكب خطأ فادحا وعليه الاعتذار فورا عن كل كلمة صدرت منه، فيما دعا نائب الإخوان بهاء الدين عطية الله الرئيس مبارك بإصدار قرار بإقالة الوزير. وقال حيدر بغدادي نائب الوطني: وزير الثقافة أساء للجميع وأن نواب الوطني يتبرأون منه ودعاه إلي تقديم استقالته. وطالبت نائبة الحزب الوطني المحجبة هيام عامر بإقالة وزير الثقافة وقالت إنه "لا يصلح وزيرا ولا أي شيء آخر". وقال محمد عامر "وطني": إن ما قاله الوزير خروج علي سياسة الرئيس مبارك، وطالب بإقالة الوزير المارق علي حد تعبيره. وفشل د. عبدالواحد جمال الدين زعيم الأغلبية في محاولاته لتبرير موقف وزير الثقافة، في الوقت الذي تعرض فيه جمال الدين لهجوم عنيف شارك فيه نواب الوطني والمعارضة عندما دعاهم إلي ألا يعطوا هذا الموضوع أكثر من حجمه. وقال عبدالرحيم الغول "وطني": إن وزير الثقافة قد تجاوز حدوده فقد تحدث فيما لا يعنيه وهو أساء لشعب مصر. وقال رجب هلال حميدة النائب المستقل إن ما وصفهم "بالشواذ" الذين لم يتزوجوا حتي اليوم ليس لهم أن يتحدثوا علي الدين والعقيدة، وأضاف بأن الوزير "خان حزبه الوطني وأطالب الرئيس مبارك بإقالته ومحاكمته". بينما هدد كرم الحفيان نائب الوطني بأنه إذا لم يقل الوزير فإنه سيتقدم باستقالته من المجلس. وعقب د. سرور عليه بقوله: إن الذي ينتمي إلي حزب معين فإن إيمانه لا يتزعز وإذا كان يتزعزع فله أن يستقيل. وفي نهاية المناقشات قرر المجلس إحالة القضية إلي لجنة الثقافة بالمجلس. وكان فاروق حسني وزير الثقافة قد أكد في رسالته إلي المجلس تلاها د. فتحي سرور أن ما ذكره عن الحجاب رأي شخصي ورد منه خلال محاورة عادية، وليس تصريحا صحفيا، ولا يمثل رأيا رسميا بصفته وزيرا للثقافة. وقال إن رأيه تم انتزاعه خارج سياق الحوار الذي تناول موضوعات أخري. وأوضح أن حديثه عن زي المرأة، كان يتناول المناطق الجمالية والشكلية، وليس الغرض الديني الذين هو من اختصاص رجال الدين. وقال الوزير إنه لم يقصد من كلامه عن حجاب المرأة، إهانة المصريات، كما صوره البعض، واللاتي التزمن بالحجاب عن قناعة، وأكن لهن كل الاحترام. واعترض "حسني" علي التحريف والتهويل لكلامه الذي تخاطفه البعض وذهبوا به مذاهب دينية وسياسية، وأوضح أنه أعلن رأيا شخصيا برؤية وطنية ومجتمعية خالصة، ولم يدر بخلده التحدث في أمور الدين من قريب أو بعيد، لأنها من اختصاص العلماء من رجال الدين.