تعرض كل من الشارع المصري وثقافة الانتخاب في الأيام القليلة الماضية الي محنة قاسية _ ففي مساء 25/10/2006 ثاني أيام عيد الفطر شهدت شوارع وسط البلد وقائع تحرش جماعي بالنساء والفتيات في منطقة وسط القاهرة_ والتي يعف هذا القلم عن إعادة ذكر تفاصيلها التي وردت في الصحف والمواقع والمدونات الإليكترونية وبالصورفي بعضها. وهي أحداث تستوجب الآتي : ' التحقيق في هذه الوقائع ومساءلة المسئولين المقصرين في منع حدوث مثل هذه الأحداث وتطورها. ' دراسة هذه الواقعه بجديه من قبل المتخصصين سواء علي مستوي دوائر علم الاجتماع وعلم النفس والتربية والسلوكيات وأيضا الأمن _ للوقوف علي الأسباب وطرح سبل العلاج . ' سد الفجوة التشريعية في قانون العقوبات واستحداث قوانين خاصة بالتحرش الجنسي لحماية النساء والفتيات في الشارع والأماكن العامة . وبدوري أنبه إلي تعدد مظاهر الفوضي واللجوء للعنف في الأونه الأخيرة سواء للحصول علي الحق أولاغتصابه ، فالفوضي احدي افرازات ثقافة الزحام خصوصاً إذا صاحبها غياب لسيادة القانون وتصاعد غير مسبوق لسلطان النفوذ بصوره المختلفة _ فالزحام للأسف الشديد أصبح سمة من سمات القاهرة وأغلب عواصم المحافظات ، لذلك أهيب بالسادة أصحاب القرار سرعة اتخاذ الخطوات التنفيذية الصارمة لوقف تنامي مناخ وثقافة الزحام والعنف وخصوصا في القاهرة تخوفاً من تصاعد مظاهر الفوضي واتخاذها لأشكال متعددة لا يحمد عقباها ، ولذلك أقترح الخطوات التالية للحد من زحام القاهرة: 1- منع البناء في القاهرة بكل أشكاله- أوبتعبير آخر استخدمه الدكتور جمال حمدان في أوائل ستينات القرن الماضي " وقف نموالقاهرة ". 2- توزيع الاستثمارات وخصوصاً الأجنبي منها علي باقي محافظات الجمهورية بحيث يعمل علي جذب وتحريك الكثافات السكانية من القاهرةوعواصم المحافظات الكبري. 3- نقل الأنشطة الصناعية والورش واسواق الجملة بأنواعها المختلفة من القاهرة. 4. تقسيم الجمهورية الي عدة أقاليم بحيث يتكون كل أقليم من عدة محافظات تشكل فيما بينها تكاملاً ذاتياً علي أن يدير كل اقليم مجلس يتمتع بحرية اتخاذ القرار والموائمة مع الواقع . 5- إعادة توزيع الخدمات التعليمية وخصوصاً الجامعية منها بحيث يكون في كل محافظة الجامعة الخاصة بها والتي تحتوي بدورها علي عدد وفير من الكليات وخصوصاً التي تحتاجه التنمية بهذه المحافظة وهذا الأقليم - وبالتالي تتحول هذه المحافظات من مناطق طاردة الي مناطق جاذبة. ' من ناحية أخري تتعرض ثقافة الانتخاب في مصر الي خطر شديد _ ففي الوقت الذي شهدنا فيه انتخابات إعادة لاختيار الرئيس في البرازيل _ والتي أفرزت إعادة انتخاب الرئيس أيناسيولولا داسيلفا (61 عاماً) بنسبه نجاح 60.79% في مقابل 39.21 % لمنافسه جيرالدوالكمين _ وبنسبة حضور 97% . مرت علي مصر تجربتان في غاية المرارة أثبتتا أن مستوي ثقافة الاختيار والانتخاب مازال عند حده الأدني سواء علي مستوي القيم أومستوي الآليه وذلك علي المستويين الشعبي والرسمي . التجربة الأولي انتخابات النقابات العمالية تم فيها وضع عراقيل إدارية شديدة التعقيد لإعاقة طيف سياسي معين من الترشح لهذه الانتخابات- وحتي من تمكن من تقديم أوراق ترشيحه ، قد تم رفض أغلبها _ لدرجة أن مكاتب وزارة القوي العاملة تلقت حتي 1/11/2006 الاف الطعون المقدمة من المرشحين لانتخابات اللجان النقابية بسبب استبعاد اسمائهم من قوائم المرشحين. كشفت الطعون عن الحيل التي اتبعتها الإدارة معهم من خلال منحهم شهادات عضوية مزورة بهدف إبعادهم عن الانتخابات. كما ارتفع عدد الطعون القضائية علي الانتخابات في مرحلتها الاولي إلي اكثر من 1500 طعن في القاهرة الكبري تطالب الطعون بوقف إجراء الانتخابات لمخالفتها للقانون والدستور. وجدير بالذكر أن القضاء الإداري في التجارب السابقة كان قد أصدر العديد من الأحكام التي تلغي فيها إجراءات الشطب _ ولكن هذه الأحكام لا تنفذ!!!!!!!! ' وفي تزامن مع انتخابات النقابات العمالية كانت هناك انتخابات الاتحادات الطلابية وقد شهدت كلية التربية جامعة عين شمس في يوم (30/10/2006 أحداثاً مؤسفة بين الطلاب المرشحين المتنافسين وأنصارهم استخدمت فيها الشوم والأحزمة) كذلك شهدت ساحات جامعة القاهرة في 1/11/2006 أحداثاً أكثر أسفاً بين الطلاب المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين وقوات الأمن بدأت في الصباح و أمتدت لما بعد العاشرة من مساء نفس اليوم والسبب أيضاً هوأنه تم استبعاد آلاف المرشحين من الكشوف النهائية للمرشحين الذين يحق لهم خوض انتخابات اللجان الطلابية التي ستبدأ في اليوم التالي بجميع الجامعات علي مستوي الجمهورية. فقد اكتشف هؤلاء الطلاب أن كشوف المرشحين خالية من أسمائهم. كما تم استبعاد المعارضين والمنتمين الي تيارات سياسية مختلفة لصالح الطلاب الموالين للحزب الوطني لضمان انفرادهم بالفوز في الانتخابات من الجولة الاولي. وقد تعمدت الجامعة تأخير اعلان الكشوف النهائية حتي نهاية اليوم الدراسي للتقليل من حجم غضب الطلاب وعدم اتاحة الفرصة أمامهم للاحتجاج علي شطبهم من الكشوف. وقرر المشطوبون رفع دعاوي قضائية ضد عمداء الكليات ورؤساء الجامعات التي شهدت أعمال الشطب لوقف اجراء الانتخابات في هذه الكليات وإعادة قيد المشطوبين المتوافر فيهم شروط الترشيح في القوائم النهائية. كما قام المشطوبون بتحرير محاضر في أقسام الشرطة التابعة لها جامعاتهم لإثبات وقائع الشطب من الكشوف. وقد ارتفع عدد الطلاب المشطوبين الي 305 طلاب بجامعة أسيوط و267 بجامعة المنوفية و500 بجامعة حلوان. كما تعرض عدد كبير من طلاب المعارضة للشطب بجامعات الأسكندرية وطنطا والمنصورة والقاهرة وعين شمس والمنيا وكفر الشيخ. ' ومن ناحية أخري زعمت الجامعات ان المشطوبين لا تتوافر فيهم شروط الترشيح ولم يقدموا الشهادات التي تثبت قيامهم بالنشاط في مجال عمل اللجنة المرشحين لها.. وكانت ادارات الكليات قد لجأت الي حيلة جديدة أصبحت شائعة في الوسط الجامعي وهي عدم الاستلام الرسمي للوارد (وضع أختام علي ايصالات استلام الاوراق) حتي لا يحصل الطالب في حالة شطبه أواستبعاده علي ورقة رسمية تثبت تقديم أوراق الترشيح- وبالتالي تغيب المساءلة والمحاسبة. لمصلحة من الإساءه لثقافة الانتخاب .... لمصلحة من ؟؟؟ أن الأحداث الأخيرة وخصوصا الجامعية منها تؤكد علي: أولاً: أننا مازلنا لا نؤمن إيماناً حقيقياً بثقافة الاختيار وآلية الانتخاب واحترام إرادة الناخبين _ ثانياً: أن معايير اختيار القيادات الجامعية سواء علي مستوي رئيس الجامعة أوعميد الكلية يجب أن يعاد فيها النظر فالنماذج التي طلت علينا من خلال القنوات التليفزيونية تعليقاً علي الأحداث قد اساءت بكل المعايير للمنصبين.ثالثاً: أن التاريخ سوف يسجلها لكونها إعادة الحياة والنشاط الي الدائرة الطلابية مرة اخري رغم تحفظنا علي بعض الممارسات . أخيراً .... إن تجاربنا وتجارب الأخرين تؤكد علي أن حرية التعبير المكفولة لكل ألوان الطيف السياسي (حتي عند أسوأ مستوياته) تُعد دائما الأفضل لتقدم وأمن المجتمع عند مقارنتها بسياسات الإقصاء والإبعاد والتهميش.