تعد كوريا الشمالية أكثر من مجرد دولة جديدة تنضم إلي النادي النووي. فهي لم تطور قط نظاماً للأسلحة لم تقم ببيعه في نهاية المطاف في السوق العالمي، وهددت بصورة منتظمة ببيع تقنيتها النووية. وهكذا، فإن نهاية الغموض المتعلق بقدرتها النووية تستهل عصراً مختلفاً للغاية، لا يدور القلق فيه حول المكان الذي توجه إليه الرؤوس الحربية في البلاد وإنما إلي يد من ستصل هذه الأسلحة والمهارات في نهاية المطاف. وكما لاحظ الديمقراطيون سريعاً قبل ثلاثة أسابيع من بدء الانتخابات الوطنية الحاسمة- فإن الرئيس الأمريكي جورج بوش ومساعديه لم يعطوا علي الإطلاق أولوية لمواجهة عهد جديد من الانتشار النووي كما فعلوا للإطاحة بصدام حسين. يؤكد بوش ومعاونوه أن العراق كان التهديد الأكثر إلحاحاً، في منطقة قابلة للانفجار. ولكن الاختبار النووي الأخير الذي أجرته كوريا الشمالية يثير تساؤلاً الآن حول ما إذا كان الوقت قد فات علي الرئيس في تنفيذ وعده بعدم السماح أبداً "لأسوأ الديكتاتوريين" في العالم بالحصول علي أخطر الأسلحة في العالم. قال السيناتور السابق سام نون- وهو ديمقراطي من جورجيا قضي حياته المهنية بعد الكونجرس في محاولة وقف عصر جديد من الانتشار النووي في مقابلة أجريت معه: إن ما يخبرنا به هذا الأمر هو أننا بدأنا من الطرف الخطأ ل "محور الشر"، فقد بدأنا بأقل الدول خطورة وهو العراق وكنا نعلم هذا في ذلك الوقت. والآن يتعين علينا التعامل مع هذه الحقيقة". رفض مساعدو الأمن القومي الكبار لبوش أخيراً إجراء أي مقابلة حول ما إذا كان تبني إستراتيجية مختلفة علي امتداد الخمسة أعوام الماضية كان يمكن أن يسفر عن نتائج مختلفة. ولكن ستيفن هادلي مستشار الأمن القومي وصف نهج الإدارة إزاء كوريا الشمالية باعتباره انعكاساً لتعاملاتها مع العراق. وقال: "تتذكرون أننا كنا نتعرض للانتقاد بشكل يومي لكوننا أحاديين في تعاملنا مع صدام حسين ها نحن، نعمل مع حلفائنا وأصدقائنا، مؤكدين علي الدبلوماسية". ويقول مساعدون آخرون، بوجود الخطوط أو من دونها، فإن كوريا الشمالية كانت قد عزمت علي خوض السباق لإنتاج قنبلة نووية، وقامت بذلك في نهاية الأمر. وكانت كوريا الشمالية قد أعلنت تحررها من القيود المفروضة علي برنامجها النووي في مستهل عام 2003، وطردت مفتشي الأسلحة النووية الدوليين وبدأت علناً جهودها لتحويل مخزونها من الوقود النووي المستنفد إلي ترسانة صغيرة من الأسلحة. اختار بوش وإدارته، اللذان كانا ينصب تركيزهما في حينه علي الحرب القادمة مع العراق، عدم وضع أية قيود. ولكن السياسة الخارجية كما يقول نون تعد "مسألة أولويات"، وحتي تاريخ قيام كوريا بتفجيرها، فإن أقرب وقت قام فيه بوش برسم خط أحمر لكوريا الشمالية كان في مايو 2003، عندما أعلن أن الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية "لن تتسامحا مع وجود أسلحة نووية في كوريا الشمالية". من الواضح أن بوش لم يكرر ذلك التهديد بعد وقوع الاختبار الكوري.وبدلاً من ذلك، رسم خطاً أحمر، وهو خط بدا وكأنه يعترف فيه ضمنياً بامتلاك كوريا الشمالية للأسلحة. وقال إن الولاياتالمتحدة ستعتبر أي نقل للمواد النووية من جانب كوريا الشمالية إلي دول أخري أو جماعات إرهابية "تهديداً خطيراً"، وستعتبر حكومة كيم "مسئولة بالكامل عن نتائج هذه الأفعال".