من زار المتحف البريطاني يدرك جيداً قيمة هذا المتحف سواء من حيث ما يحتويه من كنوز أثرية تنحدر من حضارات وثقافات مختلفة أو بالدور الذي يضطلع به في تثقيف الشعب البريطاني وفي التعريف بالحضارة المصرية القديمة من خلال قسم المصريات. ومع مطلع القرن الجديد سعي المتحف البريطاني إلي حمل رسالة تنويرية جديدة انطلاقا من روح عصر التنوير الذي بدأ في القرن الثامن عشر وبالتحديد سنة 1753. وخلال القرنين التاليين استفاد المتحف البريطاني من انتشار رقعة الامبراطورية البريطانية في شتي أنحاء العالم وضم بين جنباته اثاراً واعمال فنية متنوعة. ومع تعيين السيد نيل ماكريجور مديرا جديدا للمتحف سنة 2002، بدأ الاتجاه إلي استراتيجية جديدة تقوم علي عدم الاكتفاء بما يحتويه المتحف من مقتنيات لحضارات منقرضة والسعي للاسهام بفعالية في مساعدة بعض البلدان علي النهوض من كبوتها الثقافية التي تنشأ في الأساس من الأزمات الاقتصادية والسياسية. فعندما سقط نظام صدام حسين بالعراق سنة 2003 عاني المتحف العراقي من عمليات نهب وسرقة للعشرات من مقتنياته، فقام المتحف البريطاني بالمشاركة في الجهود الدولية التي تزعمتها منظمة اليونسكو لاغاثة ما تبقي من الآثار العراقية. وفي اطار ما يعرف بالدبلوماسية الثقافية نظم المتحف البريطاني العديد من الرحلات إلي عدد من بلدان العالم التي تشهد تغييرا ملموسا في تاريخها المعاصر بهدف تصحيح الصورة المرسومة عن بريطانيا من ناحية وفي مسعي إلي نشر الوعي بالقبول بما يعرف بالتنوع الثقافي من ناحية أخري. ووقع اختيار ماكريجور علي الصين بعد اليابان وكوريا الجنوبية لتكون المحطة التالية للمتحف البريطاني المتحرك فبكين تعيش حاليا أزهي فتراتها في ظل معدلات النمو العالية التي تحققها سنويا. ويري ماكريجور أنه من المهم ان يعرف البريطانيون كيف تنظر الصين إلي العالم المحيط بها لأن هذا سيظل السؤال الذي ستتناوله وسائل الاعلام خلال السنوات القادمة.