ولو كنا صنعنا السلام مع السوريين لكنا في وضع مغاير.كيف سيبدو اليوم الذي سيتلو الحرب؟ هذه حرب صعبة أليمة. هناك أمل بانجازات لكن الوعي يقول إنه لن يكون فيها حسم لا لبس فيه. ستتركنا الحرب مع ضربة غير سهلة تلقيناها جميعا، وبخاصة الجبهة الداخلية المدنية. وستتركنا ايضا مع قلق يتصل بالمستقبل ايضا: أي استنتاجات سيستنتجون في طهران عن الصواريخ علي حيفا؟ وفي رام الله؟ وفي دمشق؟. وأي استنتاجات سنستنتجها نحن من الحرب؟ قد يكون اليوم الذي يتلو الحرب يوما عظيما ايضا. بعد حرب يوم الغفران كان السادات هو الذي عرف كيف يخرج منها مع استنتاج مضي قُدما علي نحو عظيم. واستجاب له بيجن وديان. هل سنعرف نحن في هذه المرة كيف نتقدم في مسار عظيم؟. منحتنا هذه الحرب جميعا، مقاييس متناسبة، حاربنا عدوا مركزه طهران، وهو لا يريد أي شيء يقل عن إبادة دولة اسرائيل. لكن ليس هدف حرب حزب الله فقط كان مجنونا بغلوه بل وسائل الحرب ايضا. هجوم بالصواريخ علي مدن آهلة، لا يميز بين مواطن وجندي، وسيلة همجية جاءت لتخدم الهدف الهمجي. يفهم كل ذي عقل، أن الصاروخ المزود بسلاح تقليدي قد يصبح بسهولة صاروخا يحمل سلاحا كيماويا وبيولوجيا. هذا هو عدونا الوحيد. ويجب أن نستعد حياله بكامل القوة العسكرية، وبكامل الفهم السياسي. وكذلك بكامل الاستعداد للقيام بأعمال تكف الغول. ليس الفلسطينيون حزب الله. لنا معهم خلاف موضوعي. وهم يوجهون الينا زعما عادلا عن 40 سنة احتلالاً. حتي بعد أن اختار الفلسطينيون حماس ما يزالون جيرانا وشركاء. الخطوات الأحادية التي تمت بازائهم فشلت وعززت التشدد عندهم. لكن رئيس حكومة اسرائيل، الذي سيكون شجاعا وحكيما مثل السادات، يستطيع انهاء الحرب بدعوة رئيس الحكومة المنتخب في السلطة الفلسطينية الي البدء بالتفاوض، بمقابلة اعادة المختطف. هذه مبادرة جريئة، ستعرض علي الفلسطينيين استقلالا وطنيا، وستعطيهم بحسب ما سيكونون مستعدين لاعطائه إن مبادرة كهذه ستفت في عضد حكم الملالي المجنون. واذا كانوا مستعدين لهدنة فقط فليكن، فسيحصلون علي أقل مما سيحصلون عليه مقابل السلام. لكن خمس سنين من وقف القتال قد تكون خمس سنين توزن بالذهب. السوريون ليسوا حزب الله. فلنا معهم ايضا خلاف موضوعي. يستطيع رئيس حكومة اسرائيل أن يعلن بأنه يدعو سورية الي الجلوس الي طاولة التفاوض بغير شروط مسبقة، لكن بعِلم واضح أننا سنعيد هضبة الجولان آخر الأمر. ويحسن أن نعرضها علي السوريين مقابل السلام ( لا بلا مقابل). لو كنا صنعنا السلام مع السوريين لكنا في وضع مغاير مقابل حزب الله. صحيح، لن تكون حماس الفلسطينية شريكا سهلا في التفاوض. وتوجد معارضة في ادارة بوش لعملية كبيرة مع سورية. صحيح، المعارضة في اسرائيل لمصالحة الفلسطينيين وللتنازل عن هضبة الجولان ستكون شديدة عنيدة. لكن الخيار الآخر هو إبقاء مراكز النزاع مشتعلة. وهذا الاشتعال يجتذب اليه، كما نعلم، المجانين غير المستعدين لأي شيء سوي الإبادة. يجب أن توصد الأبواب في وجوههم التي منها يزحفون. إن من يمضي الي عمليات سلمية يخاطر ايضا، ويخرج الي المجهول، وقد يفشل. لكن الحرب الشديدة التي فُرضت علينا توجب مخاطرات السلام الكبيرة، لأن أخطار الحرب الصاروخية القادمة حيال الاصوليين قد تكون أكبر، أكبر كثيرا.