اذا كان المثل الشعبي المصري المعروف يقول "مصائب قوم عند قوم فوائد" فان نتائج العرس الكروي العالمي في المانيا خلال فترة مونديال 2006 تخالف ذلك المثل تماما وتؤكد ان فوائد قوم عند قوم مصائب، فاذا كان هذا العرس قد ادي الي تحقيق انتعاش وازدهار كبيرين للاقتصاد الالماني في كل فروعه مما ادي الي ارتفاع العائد الاقتصادي لألمانيا الي مليارات عديدة من اليورو فعلي العكس من ذلك عانت دول اخري خارج القارة الاوروبية وبصفة خاصة في منطقة الشرق الاوسط وفي مقدمتها مصر وتركيا وتونس والمغرب ولبنان من اثار سلبية للمونديال انعكست علي اقتصادها وتمثلت في خسائر مالية فادحة نتيجة انصراف الاوروبيين الي مشاهدة مباريات المونديال سواء في المانيا او في بلادهم والغاء رحلاتهم السياحية الي منطقة الشرق الاوسط في هذا التوقيت. وتؤكد المعلومات المتوافرة ان المانيا سوف تجني من وراء المونديال عشرات المليارات من الدولارات كربح خالص تستفيد منه كل فئات الشعب وكل الصناعات والانشطة الالمانية بلا استثناء فهناك حالة رواج غير مسبوقة تسود الاسواق الالمانية وكل الفنادق وغرف الاقامة مشغولة واسعارها نار وهذه الطفرة سوف تؤدي الي زيادة نسبة النمو في الناتج القومي وفي الدخل القومي. كما يتوقع الخبراء ان يساهم هذا النجاح الهائل في ارتفاع كبير في معدلات السياحة الوافدة الي المانيا بنسبة لا تقل عن 15% في السنوات المقبلةوهذه النتائج المتوقعة تؤكد ان الانشطة الرياضية تعد من اهم النوعيات السياحية الجديدة وانها اصبحت من اهم العوامل التي تغري السياح من كل الاعمار خاصة الشباب علي متابعتها في كل مكان. وكشف استطلاع اجرته صحيفة "دير تاجز شبيجل" ان كأس العالم ساعد علي حدوث انتعاش وازدهار للاقتصاد الالماني وخاصة في مجال العمل والسياحة والمطاعم والفنادق.. كما طرأت زيادة ملحوظة علي معدلات ركاب القطار الالماني اليومي بمعدل 600 الف راكب يوميا. واوضح الاستطلاع ان شركات الدعاية والتمويل العاملة في مجال كرة القدم اعربت عن رضائها الكامل عن حصيلة العمل في كأس العالم حتي الان وقد حقق كل منها ما بين 25 الي 40 مليون يورو. وتوقع الاقتصاديون ان امثال اكسيل نيتشكا من هيئة الصناعة الالمانية وغرفة التجارة اليومية زيادة في معدل الانتعاش بسبب كأس العالم بنسبة 3.0% وهو ما يعني ايجاد 60 الف فرصة عمل وإن كانت مؤقتة.. فيما يعتقد تجار الجملة انهم حتي 9 يوليو الحالي وهو موعد نهائي كأس العالم سينجحون في تحقيق حصيلة اضافية تصل الي حوالي ملياري يورو.ولاننا نعيش في عالم يوجد فيه الشتاء والصيف علي سطح واحد ففي الوقت الذي استفادت فيه المانيا من تنظيم العرس الكروي العالمي وهو مونديال 2006 لاقصي درجة ممكنة علي المستوي الاقتصادي فقد عانت دول اخري من اتجاه الانظار والحركة الي المانيا وكان في مقدمة هذه الدول مصر وتركيا وتونس والمغرب ولبنان وهي الدول التي تشكل السياحة جانبا اساسيا من دخلها القومي. ونتيجة لعملية الجذب الهائل التي حققتها بطولة كأس العالم للكرة في المانيا فقد كان من الطبيعي ان ينعكس ذلك سلبا علي حركة السياحة الوافدة الي العديد من دول العالم في هذه الفترة خاصة جنوب البحر المتوسط والغردقة بل والقاهرة نتيجة عزوف السياح خاصة زبائننا الاوروبيين وجميعهم لهم فرق مشاركة في البطولة عن الحضور الينا ونتيجة لذلك انخفضت نسبة الاشغال في الفنادق الي ما دون 15% وهو ما هبط بالايرادات الي ما دون تكلفة الادارة والتشغيل. وتعيش السياحة التركية حاليا ازمة غير مسبوقة دفعت بالعديد من الفنادق والمنتجعات السياحية ومن بينها منتجعات مدينة مرمريس الساحلية احدي اجمل البقاع السياحية علي مستوي العالم الي نشر اعلانات عن عروض لغرف مجانية للسياح الاجانب والاتراك من اجل تنشيط حركة السياحة. ويشير خبراء السياحة الاتراك الي ان العروض المجانية التي تقدمها شركات السياحة والعديد من الفنادق التركية حاليا تستهدف الاستفادة من الحد الادني اللازم لتشغيل الفنادق بالاعتماد علي ما سيدفعه السائح لاحقا من مصروفات مقابل تقديم الطعام والشراب. ويؤكد خبراء السياحة الاتراك ان اهم العوامل السلبية التي تضافرت لتوجيه هذه الضربة للسياحة التركية هي حمي كأس العالم