يفضل الشيعة المصريون التعامل "كأمة".. لا بوصفهم مذهباً دينياً لا زالت معظم قضاياه ومسائله محل جدل الفقه علي المذاهب الاخري. السنة الماضية زادت حركة السياحة الايرانية للقاهرة، البيانات حتي الان ليست دقيقة، لكن الواضح ان مآرب الشيعة في مصر بدأت في التعاظم في وقت يبدو فيه ان الصراع علي اساس المذهب يمكن ان يكون مطمحا لمكاسب ما. جهود التشيع "التحت ارضي" حولت اعدادا قليلة من المصريين للمذهب الشيعي خلال العشر سنوات الاخيرة.. لكن الشيعة لم يكتفوا بذلك.. وارتفع سقف مطالبهم بينما لازال لديهم ما لم يطرح بعد. الشيعة يسعون لمؤسسات قانونية ذات صوت وصدي، ليس في مصر فقط.. انما في بلدان اسلامية اخري منذ عام 88. وبعد انفتاح طهران "الظاهر" بعد وفاة الامام الخميني، امتدت سياسة التشيع بسعي حثيث للانتشار في مجتمعات سنية صرفة.. وربما المجتمعات السنية خلال العشرين عاما الماضية كانت الهدف المرحلي الاول. مصر السنوات العشر الاخيرة علي رأس القائمة، والشيعة في القاهرة يتأثرون سلبا وايجابا بعلاقات بلادهم مع ايران. قبل اعوام تعاطي الازهر مع المذهب الشيعي باعتباره احد المذاهب الاسلامية التسعة.. وجهة النظر تلك انتجت "دار التقريب بين المذاهب" المؤسسة التي امتد عملها لفترة من حي الزمالك وبدعم عدد من "المشايخ". لكن الشيعة لم يكفوا عن التعامل بمنطق الامة من داخل "جيتو" مغلق. وفي ظل اجواء التسامح (في عهد الرئيس السادات) نشأت جمعيات وهيئات شيعية مارست نشاطهادون مضايقات تذكر، لكن وفيما يبدو لم يفضل الشيعة التعاطي مع الدولة علي اساس مذهبي فقط ، وربما وجدوا ان الفرصة باتت مواتية لدور اكبر وصيغة اوسع.. وبوصفهم "أمة" طالبوا بالمزيد، ونظمت مجلة (صوت اهل البيت) حملة الخطوة الاولي للمطالبة بحقوق الشيعة في الازهر الشريف.. او ارجاعه لجامعة شيعية كما بدأ عام 1969!! في القاهرة الان يحاول الشيعة استعادة مملكتهم القديمة "بالتقية"، و"التقية" فرض ديني شيعي يظهر فيه المؤمن خلاف ما يبطن لمآرب واغراض "التقية" تبدو رائحتها من ان لاخر مع كل بيان لمحمد الدريني (رئيس المجلس الاعلي لاهل البيت) لا يصل الا لوكالات الانباء الفرنسية والانجليزية ما يبدو معه ضخامة الكيان الشيعي في مصر.. رغم ان صورة "كيانهم" ليست مطابقة للواقع. وفي كل تنظيم شيعي يقع في قبضة الامن يتبين حجم الطلاب العرب (غير المصريين) بين صفوفه، وفي القضية الاكبر للشيعة بزعامة الشيخ حسن شحاتة (الصوفي الازهري) عام 96 اتضح استطاعته استقطاب الكثير من الطلبة المصريين بالخارج بعد جولات مخططة في الولاياتالمتحدة والامارات العربية وبعض دول الخليج. منذ بداية التسعينيات تؤسس ايران منظومة اعلامية "شيعية" في اوروبا برأس مال مليار دولار، ومليار اخري لمؤسسة "اخطبوطية" في الدول الاسلامية، وهي المؤسسة التي تعمل من خلال الجماعات الصوفية في مصر. مؤسسات الشيعة تسعي "للزحف" في الدول الاسلامية عن طريق "حسينيات" او مقرات شيعية منظمة اداريا اشعلت قلاقل كثيرة العشر سنوات الاخيرة بدول الخليج، وظهر نشاطها "الملحوظ" في اوروبا ايضا. فالحسينيات بدأت بوصفها جمعيات شيعية "اهلية" ثم تحولت لمراكز عمل "سري" "تحت ارضي" ولاء اعضائها لايران.. علي اختلاف جنسياتهم. عام 2000 دشنت الخارجية الايرانية مع احد مراكز الدراسات الحكومية المصرية بروتوكول تعاون صدر بعدها العدد الاول من مجلة شهرية عنوانها "مختارات ايرانية".. اعادت نشر نصوص مختلفة وذات مغزي بعد ترجمتها من الفارسية للعربية. الخارجية الايرانية سمت البروتوكول "تقارب علاقات" او "محاولات فتح حوار".. لكن مركز الدراسات المصري لم يطلق علي البروتوكول نفسه تسمية اكثر اقناعا، او تعريفا اخر اكثر منطقية. فيما طرحت الرؤي "التبشيرية الشيعية الصرفة" للمجلة تساؤلات عن الهدف وراء مشروع ليس له اي هدف او مقابل في الجانب المصري.. مع علامات استفهام وجيهة عن سبب انعدام اصدارات لدورية عنوانها "مختارات اثيوبية" او اخري عنوانها "الكاميرون اليوم".. صحيح لا توجد مطبوعات تحمل الاسم نفسه لا في الكاميرون ولا في اثيوبيا.. لكن التساؤل من جوانب اخري يبدو وجيها.. ايضا!!