عندما كنا نتعرض علي صفحات "نهضة مصر" إلي الاستطلاعات والاستفتاءات التي تجريها الإدارة المركزية لبحوث المشاهدين التابعة لقطاع الأمانة العامة عن البرامج والمواد المختلفة التي تعرضها الفضائية المصرية والقنوات المتخصصة، كان المسئولون يبررون في حينها انخفاض نسبة المشاهدة التي تصل أحيانا إلي درجة الصفر بأنهم يستهدفون الجاليات المصرية والعربية المقيمة خارج حدود جمهورية مصر العربية، وهو ما يعني أن هذه الاستفتاءات لا قيمة لها لأنها تجري داخل جمهورية مصر العربية أي معبرة عن الجمهور المستهدف. وفي المقابل فجرت الباحثة الدكتورة فاطمة نصر كرداش بكلية الآداب جامعة قاريونس بالجماهيرية الليبية مفاجأة في بحثها الذي يحمل عنوان "الإعلام الفضائي العربي واستخداماته بين الجاليات العربية"، وقامت بنشره في مجلة "الفن الإذاعي" الذي يرأس مجلس إدارتها أنس الفقي وزير الإعلام، وتضم في عضوية مجلس إدارتها أحمد أنيس رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون. في مقدمة البحث تؤكد الباحثة أن مشكلة ربط الجالية العربية في مختلف أنحاء العالم بالأوطان هدف أساسي حرصت عليه الدول العربية ومع ظهور تكنولوجيا الاتصال الفضائي عبر الأقمار الصناعية بدأت الفضائية المصرية إرسالها كأول فضائية عربية في 12/12/،1990 وتوالت الفضائيات العربية حتي بلغ عددها ما يزيد علي 170 فضائية، إلا أن المخطط الإعلامي كما قالت الباحثة ظل في حاجة إلي دراسات تهدف إلي التعرف علي أبعاد العلاقة بين الجمهور العربي خارج الوطن وقنواته الفضائية وعاداته وأنماط استخداماته ودوافعه من هذا الاستخدام واشباعاته المتحققة وبينت الباحثة الإطار المنهجي لبحثها علي أن الجاليات العربية في كندا "محل الدراسة" كانت تواجه مشكلة معايشة أحداث أوطانها ومع ظهور الفضائيات العربية منذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي، أمكن التغلب علي بعدي المسافة والزمن، ولحداثة الظاهرة استلزم الأمر التعرف علي الدوافع الطقوسية والنفعية لاستخدامات الجالية العربية للفضائيات العربية والإشباعات التي يحققونها من وراء تعرضهم لبرامجها المختلفة مع دراسة مدي ارتباط كل من الدوافع والإشباعات ومستويات التعرض بالمتغيرات الوسطية كالنوع والمستويين التعليمي والمستوي الاجتماعي والاقتصادي والسن والمتغيرات الاجتماعية كالحالة الاجتماعية والمدي الزمني لإقامة المواطن في المهجر ونوع الهجرة ومسبباتها. وتأتي أهمية الدراسة من حيوية نتائجها التي توفر للمخطط الإعلامي مادة علمية تفيد في تخطيط الرسالة الإعلامية الموجهة للجاليات العربية خارج الوطن الأم استنادا إلي المعلومات التي توافرت عن الجاليات العربية في كندا. وتتمثل أهداف الدراسة في التعرف علي مدي وحجم وأنماط مشاهدة القنوات الفضائية العربية لدي الجالية العربية في كندا محل الدراسة والقنوات الفضائية العربية المفضلة، مقارنة بالقنوات العربية من خلال برامجها لتقوية الصلات بين الجالية ووطنهم الأم وأنواع البرامج التي تشاهدها الجالية العربية في كندا وتفضيلاتهم والإشباعات المتحققة وأخيرا مدي الاتساع بين ما تبثه الفضائيات العربية والأنماط السلوكية والعادات والتقاليد المختلفة للمجتمع الكندي. وتعد الدراسة من البحوث الوصفية التي تستهدف دراسة الحقائق الراهنة المتعلقة بطبيعة الظاهرة أو الموقف بهدف الحصول علي معلومات دقيقة عنها، دون التعرف علي أسبابها أو التحكم فيها، كما استخدمت الدراسة منهج المسح لتصوير وتحليل وتقويم الحقائق المتعلقة بطبيعة استخدام أفراد الجالية العربية في كندا للقنوات الفضائية العربية والإشباعات المتحققة منها. وأخضعت الدراسة علي عينة قوامها 400 مفردة معتمدة أسلوب التوزيع المتساوي طبقا للأقاليم الرئيسية للوطن العربي التي ينتمي إليها المهاجرون بواقع مائة مفردة لكل إقليم وهي الخليج والجزيرة العربية، وادي النيل، المغرب العربي، وأخيرا بلاد الشام، وقامت الباحثة باستعراض نتائج الدراسة التي كانت من أهمها أن 8.60% من الجالية يتابعون الفضائيات العربية بشكل دائم مقابل 8.29% لا يتابعونها وأحيانا 8% ونادرا 5.1% فقط لا يتابعونها، وبلغت نسبة من يتابعون الفضائيات العربية أقل من ساعة يوميا 14%، ومن ساعة لأقل من ساعتين 1.41%، ومن ساعتين لأقل من 4 ساعات 2.31%، أما من يتابعون أكثر من 4 ساعات يوميا بلغت نسبتهم 7.13%. وتوزعت دوافعهم لمتابعة الفضائيات العربية علي النحو التالي: متابعة ما يدور في الوطن من أحداث بنسبة 8.75% وتعليم اللغة العربية لأفراد أسرتهم 8.49% والتخفيف من هموم الغربة والتفاعل مع المجتمع 40%، والتعايش مع هموم العرب وطموحهم 3.36%، ولمشاهدة المباريات الرياضية العربية 16%. وأثبتت الدراسة أيضا أن 3.33% من الجالية العربية يشاهدون القنوات العربية المشفرة مقابل 5.16% يشاهدون القنوات الأجنبية المشفرة. ويبدو أن المقولة المؤكدة أن الفضائية المصرية هي أول فضائية عربية تربط الجاليات العربية الموجودة في مختلف أنحاء العالم بالوطن العربي لم تشفع لها في جدول أبرز القنوات العربية التي تفضلها الجالية العربية بكندا، فقد احتلت الفضائية المصرية المركز "الثامن" وبنسبة مشاهدة بلغت 22.8% بينما احتلت قناة الجزيرة المرتبة الأولي بنسبة مشاهدة بلغت 47.7%، والمرتبة الثانية ذهبت لقناة "أبوظبي" بنسبة مشاهدة 45.2% والمركز الثالث "المنار" 39.3% والرابع "M.B.C" 39.3% ثم "دبي" الفضائية 36.8% وجاءت الفضائية السورية في المركز السادس بنسبة مشاهدة 31.17%، ويحسب لقناة النيل للدراما لرئيستها سهير شلبي أنها تحرز تفوقاً ملحوظاً عاماً بعد عام فرغم أنها احتلت المركز السابع بنسبة مشاهدة 28.8% رغم إمكانات الأخيرة وما تنفرد به باستمرار من أفلام حصرية بعكس النيل للدراما التي تعرض الأفلام القديمة في الغالب لكن يحسب لها مجموعة الأعمال والمسلسلات المتميزة التي وضعتها في مقدمة القنوات المتخصصة خاصة بعد قرار فك تشفيرها وبثها أرضياً. وبعيداً عما خرجت به الباحثة من مجموعة القنوات الفضائية العربية المفضلة للجالية العربية في كندا والتي كان من نتائجها تقهقر الفضائية المصرية لمركز متأخر ترصد الدراسة أبرز البرامج والمواد التي تفضلها الجاليات العربية كما جاء في البحث أهمها: نشرات الأخبار بنسبة 78.2% ثم المسلسلات العربية 66.8% فالبرامج الدينية 59.1% والأفلام العربية 58.6"% ثم انتقلت الباحثة إلي أهم البرامج التي ترغب الجالية العربية بكندا في حذفها من الفضائيات العربية حيث جاء في مقدمتها أغاني الفيديو كليب. وتمثلت مفاجأة أخري في مطالبة الجاليات العربية بحذف المسلسلات الأجنبية من الفضائية العربية والأعمال المدبلجة!! والإعلانات التجارية.. وكذلك أخبار السلطة. وحول مدي الإفادة من التعرض للفضائيات العربية أكدت الباحثة أن النسبة توزعت ما بين إفادة كاملة ودائمة وبلغت 50.8% وإفادة جزئية علي فترات 42.3% ونسبة عدم الإفادة 0.7%.