استحالة أن يتحمل الفكر الإنساني طغيان ثقافة الكوارث بعد أن فرضت نفسها قبل إبعادها ودخلت مع الفكر في صراع.. وكأنه قد كتب علينا أن نتجرع ثقافة الكوارث لتشغلنا عن الانتباه للمناطق المضيئة حتي ولو علي سبيل التقاط الأنفاس بعد أن أصبحت بالفعل بعض المواقع التي أضاءت في حياتنا تمثل مراكز الثقل للوزن النوعي للنجاحات التي فرضت نفسها علي القاصي والداني بكل شموخ كأحد إفرازات الحكمة الإنسانية وهي مخافة الله وحب الوطن بعد أن تمكن "فريق" من الرجال أن يسيروا علي الطريق المعاكس لثقافة الكوارث بإيمان وعزم وفلسفة عبور.. فاستطاعوا في بضع سنين أن يضعوا ثقافة الأجيال القادمة وهي "ثقافة النجاح"! كيف استطاع رواد التطوير الحديث لمنظومة الطيران المدني في مصر المحروسة أن يقتنصوا لمصر مكانة عالية ومشرفة وشامخة في ظل تداعيات صناعة شرسة لا تقبل انصاف الحلول وهي صناعة الطيران المدني مما أسفر في النهاية عن اعتماد مؤسساتهم ضمن كبريات المؤسسات العالمية ذات التاريخ العريق الذي لا يعترف إلا بالأقوياء.. إلا أننا حقيقة لم نجد صعوبة تذكر للإجابة عن ذلك التساؤل بعد أو وضعنا أيدينا علي ميثاق وفلسفة التطوير التي تبناها وزير الطيران المدني الفريق "أحمد شفيق" هو ورجاله قبل أن تدق ساعة العمل علي أوتار التطوير.. ففي مقولة تاريخية له قال الفريق الطيار "أحمد شفيق" معلنا عن فلسفته وسياسته: "إن أجمل ما رأيت في هذا العرض هو روح التحدي حيث تغيرت الخريطة العالمية ويعاد توزيعها دون تدخل منا وأصبحت المتغييرات علينا قاسية فالموقف صعب وعلينا التعامل مع الجميع لتبادل المصالح المشتركة ولنستفد من دروس الماضي لخلق مستقبل أفضل فالتحدي كبير جدا ولا يوجد وقت نضيعه.. مهمتنا الحالية خلق أجيال تستطيع أن تجد فرصة حقيقية علي المستوي الإقليمي.. علينا أن نلحق بقطار الاتفاقيات والتشريعات فليس لنا خيار ومضطرون لمواكبة العالم". بدأت الانطلاقة الكبري لمارد الطيران المدني العملاق علي أرض مصر وهي منفعة بروح هذا الميثاق المتكامل الذي راعي في مضمونه كل الأبعاد الحالية والمستقبلية وتشبعت الطبقة العاملة في هذا المجال بروح التحدي فأخذت علي عاتقها العهد للالتحام مع قياداتها بمصداقية منقطعة النظير دون أي ضغوط من الإدارة العليا بل من واقع مبدأ الاقتناع الذاتي بمنظومة التطوير وذلك معناه ببساطة أن روح الأمل والتحدي قد ملأت الجميع بدءا من رائد التطوير الذي يناضل في صمت حتي أصغر عامل وضع ثقته في إدارته العليا مما أسفر في النهاية وكنتيجة منطقية عن حصول شركة مصر للطيران للصيانة والأعمال الفنية علي شهادة الاعتماد الأوروبي "الأيازا" لتحفر الشركة موقعها المناسب واللائق علي الخريطة العالمية! أما علي الجانب لآخر للنهر.. فالتاريخ لا يجامل أحدا إلا البنائين لمجد هذا الوطن بعد أن رأينا لأول مرة في تاريخ مصر الحديث ظاهرة تصالح غير مسبوقة بين الإعلام القومي والإعلام المعارض ليتوحد الجميع في لحظة تاريخية هي لحظة تكريم صاحب "الفرح القومي" الجنرال المحبوب "عبدالعزيز فاضل" هو وجميع العاملين بشركة مصر للطيران للصيانة بعد حصولها علي "الأيازا" بعد أن رفع الجميع شعار "لا معارضة ولا وطنية" ولكنها مصر! يحكي التاريخ اليوناني القديم أن "الإسكندر" عندما سأل أستاذه "أرسطو" وكان الإسكندر أحد تلاميذه فقال: ماذا أفعل عندما أغزو مدينة؟! فأجابه "أرسطو" وقال: عندما تغزو مدينة فعليك أن تبحث عن حكمائها والمقصود بالحكماء في ذلك الوقت هم "النخبة" من الفلاسفة والأدباء والشعراء.. فهم نبض المدينة وحكامها الحقيقيون.. كان ذلك منذ 23 قرنا من الزمان.. أما ونحن علي أعتاب القرن الواحد والعشرين فيمكننا من باب الاجتهاد طرح السؤال بصيغة مختلفة طبقا لناموس التطوير الذي أفرز أسرار انتفاضة عملاق الطيران المدني علي أرض مصر.. ونحن نتخيل أن "الإسكندر" وأستاذه "أرسطو" قد عاصرا تلك الانتفاضة بعد أن تخليا عن فسلفة الغزو واعتنقوا فلسفة زيارة المدن المتحضرة.. فنري "أرسطو" ناصحا لتلميذه "الإسكندر" قائلا: إذا أردت أن تزور مدينة القاهرة فعليك أولا أن تبحث عن حكمائها المحدثين أورواد ثورة التطوير الذين يعملون بروح "الفرسان" العائدين من ملحمة العبور العظيم إلي ملحمة التطوير الحديث من أجل تحقيق منظومة التطوير الرأسي والأفقي ومن أجل انتشار "الحورس" في سماوات العالم المفتوح! أيها السادة: التاريخ في حالة نادرة من تواصل الحضارات! حقا إنها مصر!!