لست شخصيا، مضطرا للمناداة العشوائية بالعلمانية، وقد لا يكون الكثيرون، وهم كثيرون فعلا، ولكنهم مجهولون تفصيلا، ومعروفون إجمالا، قد لا يكون هؤلاء الكثيرون، الذين لا يستعرضون، مضطرين للإصرار علي القول بالعلمانية حلا أو مدخلا الي معاصرة لبنانية متوازنة وحضارية، تأخذ من الموروث ومن الذاتي الضروري ومن المستجد والغيري ما هو ضروري كذلك، وأنا شخصيا وكثير من هؤلاء الكثيرين، ليس لدينا مانع مبدئي من العمل او الاستمرار في العمل وطنيا في طوائفنا ومن خلالها، ولكن بشروط، منها وأهمها شرط إجمالي ذو تفاصيل لا بد من ذكرها والاتفاق عليها فيما بيننا وبين طوائفنا، أعني القوي الفاعلة وصاحبة القرار الخطأ والصواب من طوائفنا، لأن طوائفنا بمعني الجماعة الوطنية، اذا ما تُركت وشأنها فإنها تدرك ان مصالحها الحقيقية لا تتحقق إلا من خلال مشروع وطني جامع وعادل، ولا معني لهذا المشروع إلا الدولة، دولة الأفراد لا دولة الجماعات، لأن الدولة الجامعة العادلة قوامها القانون والحقوق، والقانون والحقوق لا يمكن ان يكون موضوعهما سوي الفرد، وليس قانونا ولاحقا ذلك الذي يعمل علي الطوائف والجماعات. يبقي ان أذكر مؤسساتنا الدينية الطائفية وهذه أرجو ان يحل عن ظهرها السياسيون وتحل هي عن ظهرهم، وتنصرف لشأنها الديني. وهو ليس قليلا، وهي وإن كانت معتدلة في أساسها، إلا ان تداخلها مع السياسيين، مع زعماء الطوائف، يسهم في إنتاج التطرف الذي تشكو منه وتخافه، وهو فعلا جاهز لتدميرها. نريد مؤسسات دينية حرة لا تشكل عبئا علي الطبقة السياسية ولا الطبقة تشكل عبئا عليها... نريدها بالانتخاب الحر تحت رقابة الدولة وعلي أساس الكفاءة والنزاهة والتداول. هذا كلام سريع... وهو مفتوح أمام العقول النيرة كي ترفع من مستواه المنهجي تمهيدا لوضعه في التجربة وفي التاريخ الذي لن يرحمنا إن لم نبادر الي مستقبلنا، من دون أوهام ومن دون عنتريات ومبالغات... ومن دون جبن او تقاعس... وبمنتهي الحكمة والروية والصبر والخطاب المدروس والموزون.. بمنتهي المحبة، التي تقرب إلينا فرضية الشراكة الضرورية وتسهل علينا تحقيقها