بتصويت البرلمان الاسرائيلي الخميس الماضي علي منح الثقة لحكومة ايهود اولمرت، يصبح رئيس حزب العمل عمير بيرتس اول زعيم نقابي يتولي حقيبة الدفاع، الوزارة الاساسية التي درج التقليد علي تعيين جنرالات سابقين علي رأسها. وبيرتس البالغ من العمر 54 عاما هو الرئيس السابق لاتحاد نقابات العمال الاسرائيلية (الهستدروت). واثار هذا الاشتراكي الديمقراطي المتحدر من اوساط شعبية مفاجأة كبيرة في الانتخابات التمهيدية لحزب العمل في نوفمبر الماضي بفوزه علي شيمون بيريز احد الوجوه التاريخية للحزب وعلي سائر المنافسين الاخرين وجميعهم من الجنرالات السابقين. وركز بيرتس حملته للانتخابات التشريعية في 28 مارس علي القضايا الاجتماعية ما مكنه من تجنيب حزبه المتقهقر منذ سنوات هزيمة انتخابية جديدة. وعند دعوته للانضمام الي ائتلاف حكومي، طالب بيرتس بحقيبة المالية حتي يتمكن من تطبيق برنامج الاصلاحات الاجتماعية الذي يدعو اليه، غير ان مشروعه اصطدم برفض اولمرت الذي فاز حزبه كاديما في الانتخابات. ومن المفارقة ان يتولي بيرتس الذي تقتصر خبرته العسكرية علي الخدمة الالزامية، وزارة الدفاع التي تعتبر من الوزارات الاساسية، بدون ان يعين نائبا له اكثر الماما بالشأن العسكري لمعاونته. ولم يلق تعيينه في هذا المنصب صدي ايجابيا في الرأي العام حسبما كشف استطلاع للرأي اجري اخيرا واظهر ان 76% من الاسرائيليين يعارضون هذا الخيار مقابل 21% فقط يؤيدونه. غير ان هذه الانتقادات لا تؤثر في بيرتس الذي قام خلال الاجتماع الاخير للجنة المركزية في حزب العمل بحملة انتقادات ساخرة لم يسبق لها مثيل للمؤسسة العسكرية. وقال هازئا خلال الاجتماع الذي اتاح له اختيار الوزراء العماليين الذين سيدخلون الحكومة بعد عملية تصويت "ان الثورة الفريدة التي جرت داخل حزب العمل هي ان جنرالا من الجبهة الاجتماعية سيحتل اليوم منصب وزير الدفاع فيما يتوق الجنرالات لتولي الشئون الاجتماعية". وبيرتس المولود في المغرب هو اول يهودي شرقي يقود حزب العمل الذي حكم اسرائيل بدون منازع منذ انشائها في 1948 وحتي تولي الليكود (يمين قومي) السلطة في 1977. وفي الملف الفلسطيني، يعد بيرتس من "الحمائم" وقد اعلن عشية الانتخابات انه "لن يشارك في اي ائتلاف مع الليكود واليمين القومي حتي لو اتاح له ذلك ان يصبح رئيسا للوزراء". فهذا المؤيد للحوار هو اول زعيم سياسي اسرائيلي التقي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي قطعت اسرائيل معه عمليا الجسور منذ فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في يناير الماضي. إن المدلول السياسي لهذه الخطة هو إعادة إنتاج السياسة الشارونية الكارثية علي عملية السلام بفرض وإملاء حل إسرائيلي بالقوة من طرف واحد.