تزايدت شظايا تقرير لجنة فحص أداء الحكومة والمؤسسة العسكرية الصهيونيتين في الحرب العدوانية على لبنان في الصيف الماضي برئاسة القاضي المتقاعد إلياهو فينوغراد على رئيس وزراء الكيان إيهود أولمرت، فاشتدت الضغوط عليه في حكومته وفي حزبه الذي يتزعمه “كاديما”، والتي تطالبه بالاستقالة من منصبه، وهو ما اعتبرته نائبته ووزيرة الخارجية تسيبي ليفني أمس الخيار الأصوب، غير أن أولمرت سارع إلى رفض هذه الدعوة من الوزيرة التي تردد أنها تسعى إلى خلافته في زعامة الحزب ورئاسة الحكومة، ولوح مستشار له بإقالتها من الحكومة. وفيما أفيد أن وزير الحرب ورئيس حزب العمل عمير بيرتس يدرس خيار الاستقالة من الحكومة، استقال أمس من موقعه رئيس كتلة حزب كاديما في الكنيست (البرلمان) الذي اعتبر أن بقاء أولمرت في منصبه انتحارا سياسيا وحزبيا، وهو ما عبر عنه غالبية الصهاينة في استطلاعين للرأي نشرت نتائجهما أمس. وطالب أولمرت في اجتماع لحكومته أمس بعدم استخدام تقرير فينوغراد واستغلاله لأغراض سياسية، وتقرر في الاجتماع تشكيل لجنة توجيه للإشراف على تنفيذ توصيات اللجنة. وقالت وزيرة الخارجية الصهيونية تسيبي ليفني في مؤتمر صحفي إثر لقائها مع رئيس حكومتها إيهود أولمرت “عبرت عن رأيي بأن استقالته هي التصرف السليم والصائب الذي يجب عليه القيام به، والوقت الآن هو وقت إعادة ثقة "الإسرائيليين” في الحكومة”. ونفت شائعات عن سعيها إلى إطاحة برئيس الوزراء، وشددت على أنها لا تنوي الاستقالة من منصبها، وقالت إنها تعتزم البقاء في الحكومة من أجل التأكد من أنه سيتم تنفيذ التصحيحات التي تحدث عنها التقرير الأولي للجنة فينوغراد، وأوضحت أنها لن تؤيد اقتراحات نزع الثقة عن الحكومة التي ستقدم إلى الكنيست “البرلمان”، وأضافت أن حزب كاديما الذي تنتسب إليه ويتزعمه إيهود أولمرت باق في السلطة، لكنه في حاجة إلى اختيار قيادته بصورة ديمقراطية، في انتخابات داخلية”. وسارع أولمرت إلى الرد على ليفني التي هي أيضا نائبته في رئاسة الحكومة، ونقلت “رويترز” عن مسؤول رفيع قوله إن أولمرت قال أنه في وضع مريح شخصيا، ولن يتنصل من مسؤولياته وسيصلح كل الأخطاء. وكانت وسائل إعلام الصهيونية قد ذكرت أن أولمرت أبلغ ليفني في أثناء اجتماعهما أمس أنها لا يمكنها قيادة حملة ضده والبقاء رقم اثنين لديه، وأنه سيتعين عليها أن تدرس طريقها واتخاذ قرار حول ما تريد عمله. وقال المستشار الخاص لرئيس الوزراء الصهيوني إنه لا مناص من إقالة وزيرة الخارجية بعد الذي قالته. وكانت صحيفة معاريف قد ذكرت أن ليفني، وهي الوزيرة الأكثر شعبية في الحكومة، “قررت أن تصبح رئيسة للوزراء، وهي مقتنعة بأنه يمكنها القيام بذلك وتريد فعل ذلك”. وأعلن زعيم المجموعة البرلمانية لحزب كاديما الوسطي الحاكم أفيغدور إسحاقي استقالته من منصبه احتجاجا على رفض أولمرت الاستقالة، وذلك في أثناء اجتماع أمس لنواب الحزب ال 29 شارك فيه أولمرت، وسيحل محله على رأس المجموعة النائب تساحي هانغبي. وكان إسحاقي قد طالب صباح رئيس الحكومة والحزب إلى الاستقالة، وقال للإذاعة الصهيونية العامة إن “رئيس الوزراء يجب أن يتحرك، يجب أن يتخذ قرار الاستقالة ليتمكن “كاديما” من مزاولة ولايته، لأنني لا أعتقد أن هناك انتخابات مبكرة قادمة”. واعتبر أن بقاء أولمرت في منصبه سيكون “انتحارا” لحزبه، وأضاف إن “كاديما” يجب أن يختار رئيسه للسنوات الثلاث الباقية من الولاية التشريعية”. ونفى اسحاقي أن يكون قد انضم إلى حملة تقودها تسيبي ليفني لتنحية أولمرت، وأكد معارضته حل الكنيست. ونقلت وكالة فرانس برس عن مسؤول كبير في حكومة الكيان أن أولمرت شكر أفيغدور إسحاقي على صراحته، وإن لم يكن موافقا على قراره. ونقلت صحيفة معاريف أمس عن مساعدي وزير الحرب عمير بيرتس أنه ينوي الاستقالة من منصبه، في أعقاب ما أشار إليه تقرير لجنة فينوغراد حول الحرب العدوانية على لبنان في الصيف الماضي من مسؤولية تقع عليه في سوء إدارة الحرب، وإنه “اتخذ هذا القرار بعد أن اطلع على نتائج التقرير، وهو بالتالي ينوي الالتزام بمعايير التصرف المطلوبة من الذين يمارسون مسؤوليات عامة”. وكان رئيس حزب العمل عمير بيرتس (55 عاما) قد تسلم حقيبة وزارة الحرب منذ مايو/أيار ،2006 ومن المقرر أن تجري انتخابات تمهيدية داخل الحزب في 28 الشهر الحالي. وقالت لجنة فينوغراد في تقريرها عن بيرتس، وهو نقابي سابق لا يملك خبرة عسكرية، إنه “فشل في ممارسة مهامه، وبالتالي فإن وجوده على رأس وزارة الدفاع في أثناء الحرب أضر بقدرة “إسرائيل” على رفع التحديات التي كانت تواجهها”، وأضاف “لم يطلب بيرتس من الجيش خططه العملانية ولم يدرسها، ولم يتحقق من درجة استعداد الجيش وتدريبه، ولم يدرس التطابق بين الأهداف ووسائل التحرك”. وفي اجتماع خاص لحكومة الكيان أمس، دعا إيهود أولمرت معارضيه إلى عدم استغلال التقرير حول الحرب في لبنان والإفادة منه لغايات سياسية وعدم التسرع، وقال “لا شك أن التقرير يؤكد وجود إخفاقات خطيرة في إدارة الحرب من جانب الحكومة ومني شخصيا، والحكومة ملتزمة بصفتها مسؤولة عن الإخفاقات أن تصلحها”، وأعلن أن الحكومة “ستشكل لجنة برئاسته لاستخلاص النتائج من تقرير لجنة فينوغراد وتطبيقها”، ووافق رئيس الأركان الأسبق أمنون ليبكين شاحاك على إدارة اللجنة. وقال أمين عام مجلس الوزراء إسرائيل ميمون إن أغلبية الوزراء صرحوا في اجتماع الحكومة أنهم مسؤولون بشكل جماعي عن الإخفاقات خلال الحرب، وأضاف أنه يأمل ألا يستقيل أعضاء في الوزارة، إذ إن ذلك سيضعف فقط من جهود تنفيذ توصيات اللجنة. ومع توالي الدعوات له بالاستقالة، بدأ الخناق يضيق حول رئيس الوزراء الصهيوني، لا سيما وأن مسؤولين في حزبه طالبوه باستقالته أيضا، إثر تقرير لجنة فينوغراد الذي حمله مسؤولية في إخفاقات الحرب في لبنان. وكان مسؤول كبير في حزب كاديما قد قال رافضا الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس إن هناك غالبية من نواب الحزب يساندون الدعوات لاستقالة أولمرت، وقال مسؤول في الحزب إن ميثاق الحزب لا يتضمن إجراء ينص على إقالة رئيسه. وإزاء الضغوط، يمكن لأولمرت الاعتماد على دعم بعض أعضاء “كاديما”، مثل وزير الإسكان مئير شتريت الذي قال للإذاعة العامة إنه يعارض أي انقلاب ضد رئيس الوزراء، وأضاف في المقابل أنه سيكون مرشحا لخلافة أولمرت في حال قرر رئيس الوزراء في نهاية المطاف الاستقالة. ونشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أمس نتائج استطلاع للرأي، قال فيه 65% من الصهاينة إنهم يؤيدون استقالة أولمرت فورا مقابل 10% لا يريدون استقالته، وقال 25% إنهم يفضلون أن يستقيل بعد نشر التقرير النهائي المتوقع في يوليو/تموز المقبل. ويؤيد 51% إجراء انتخابات مبكرة، بينما يفضل 23% استمرار الولاية التشريعية الحالية بعد استقالة أولمرت وبيرتس. ورأى 29% من الصهاينة أن الشخصية الأكثر قدرة على القيام بمهام رئيس الوزراء حاليا هو بنيامين نتنياهو رئيس حزب ليكود اليميني المتطرف المعارض وتليه تسيبي ليفني (20%) ثم النائب العمالي عامي إيالون (14%) فرئيس الوزراء الأسبق إيهود باراك ( 10%). وفي استطلاع آخر، نشرت صحيفة هآرتس نتائجه أن 68% من الصهاينة يؤيدون رحيل أولمرت، بينما يريد 23% أن يصلح الإخفاقات التي سجلت في الحرب العدوانية على “إسرائيل”، وقال 40% إنهم يأملون في تنظيم انتخابات نيابية مبكرة.