سأحدثكم عن حقيقة سياسة إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، وليس لدي أدلة تصلح لعرضها علي المحكمة، ولا أحد يملك مثل هذه الأدلة، لأن الإدارة لا تقول الحقيقة وتنتهج السرية البالغة. ولكن، ومن المناقشات التي أجريتها مع أشخاص من الشرق الأوسط، واستناداً إلي قراءات كثيرة، استنتج أن سياسة إدارة بوش تشتمل علي ثلاثة أهداف:وأحد هذه الأهداف هو استبدال الحكومة السورية الحالية بحكومة تأمل الإدارة في أن تكون ألين عريكة في سياستها تجاه "إسرائيل"، والهدف الثاني أن تبني أربع قواعد عسكرية دائمة في العراق، ويعني هذا أن الإدارة لا تنوي أبداً سحب كل القوات الأمريكية من هناك. ________________________________________ والهدف الثالث هو أن تهاجم منشآت إيران النووية من الجو. وقد بدأت بالفعل حملة الدعاية الرامية لتبرير هذا الهجوم. ولقد كذبت الحكومة الأمريكية كثيراً في ما يتعلق بسوريا، حيث أوحت بأن سوريا تساعد رجال المقاومة علي التسلل إلي العراق، وزعم بعض المحافظين الجدد أن العراق أخفي أسلحة الدمار الشامل المزعومة، والتي لا وجود لها، في سوريا، وتنضم الإدارة الأمريكية حالياً إلي الأطراف التي تتهم حكومة سوريا باغتيال رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، ووصل بها الأمر إلي اختيار خليفة للرئيس السوري الحالي. وأخيراً، اتهمت الإدارة سوريا بتحريض غوغاء لإحراق سفارة أجنبية في دمشق خلال تظاهرات نددت بالرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول محمد صلي الله عليه وسلم. وفي الحقيقة أن حكومة سوريا بعثية، أي أنها علمانية واشتراكية ووطنية وتعارض المتطرفين الدينيين سواء كانوا من الشيعة أو السنّة. ولا يوجد أي دليل علي أن سوريا حرضت الغوغاء علي إحراق سفارة أجنبية في دمشق. وقد بحث البروفيسور خوان كول في قاعدة بيانات الصحف والإذاعات العربية التي ترصدها وتترجمها حكومة الولاياتالمتحدة وهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ولم يعثر علي أي إشارة عن تحريض حكومي سوري. وحدثني السفير السوري لدي الولاياتالمتحدة عن نموذج آخر لكذب الإدارة الأمريكية. فقد طلبت حكومتنا من الحكومة السورية مساعدتها علي القبض علي عراقي يختبئ في منطقة قبلية تمتد عبر الحدود بين سوريا والعراق، ووافقت الحكومة السورية واعتقلت الرجل و32 من أتباعه وتم تسليمهم جميعاً إلي الولاياتالمتحدة. وطلبت سوريا من الولاياتالمتحدة شيئاً واحداً مقابل ذلك وهو: قولوا للعالم إننا تعاونا معكم. فهل فعلت الولاياتالمتحدة ذلك؟ كلا، لقد كذبت وقالت: إن السوريين آووا العراقي الهارب. وأما عن إخفاء الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة في سوريا، فالمعروف أن حزبي البعث العراقي والسوري بينهما خلافات منذ عقود. ويبدو أن الأشخاص الذين يطلقون إشاعات كهذه نسوا أن الجنود السوريين حاربوا مع القوات الأمريكية خلال حرب الخليج الأولي ضد العراق عام 1991. ويستطيع المرء أن يكون واثقاً بأن صدام حسين لم ينس ذلك. وبالنسبة للقواعد العسكرية الأمريكية الضخمة في العراق فهي موجودة بالفعل، ويجري تطويرها. وتبلغ تكاليف هذه المنشآت مبلغاً يفوق المليار دولار أمريكي، ويمكن ببساطة المراهنة علي أن إدارة بوش لا تنوي تسليمها للعراقيين. وعلي الجميع الانتباه إلي اللغة المستخدمة عندما يتحدث مساعدو بوش العسكريون والمدنيون عن "الانسحاب"، حيث يرد ذكره دائماً مصحوباً بشروط، وليس في نية مسئولي إدارة بوش الانسحاب من العراق، ولكن هذا لا يعني أن الحكومة العراقية الجديدة ربما لا تجبرهم علي الخروج. وعلينا أن ننتظر ونري ما يحدث. وفي ما يتعلق بقصف منشآت إيران النووية، فنحن نملك القدرة، وليس لدي الإيرانيين الكثير الذي يمكنهم القيام به لإيقافنا. ولا جدال أن قصف إيران سيكون غباءً وحماقة بما أنه لا يوجد في الوقت الحاضر أدلة علي أن إيران تنوي صنع قنبلة نووية. ولكننا نعرف بعد تجربة غزو العراق أن هذه الإدارة قادرة علي أن ترتكب الكثير من الأفعال الغبية والحمقاء والطائشة. ولا يعني عدم قدرة إيران علي منعنا من قصفها أن الإيرانيين لا يستطيعون الرد. فالإيرانيون يملكون علي الأرجح القدرة علي أن يشعلوا حرباً في الشرق الأوسط برمته تؤدي إلي وقف إمدادات النفط وتدمير معظم الاقتصاد العالمي. ومن سوء الطالع، أن التاريخ يوضح أن الذين يراهنون علي أن القيادة السياسية الحكيمة تتفادي شن الحرب ينتهي بهم الأمر بفقدان ما يملكون ويخسرون في كثير من الأحيان أرواحهم وثرواتهم.