أعتقد أن مواجهة كارثة أنفلونزا الطيور كان الاختبار الأول والحقيقي للحكومة.. والتي تنحصر مهمتها الأساسية في تطبيق البرنامج الإصلاحي للرئيس.. والذي علي أساسه.. قال الشعب كلمته واختار الرئيس حسني مبارك كأول حاكم عبر انتخابات تعددية!! الي أن جاءت الكارثة المسماة بأنفلونزا الطيور.. وكانت الحكومة في منتهي الشفافية.. فعند ظهور أول حالة إيجابية.. سارعت بالإعلان عنها.. وإبلاغ منظمة الصحة العالمية مباشرة.. وهذا يحسب لها.. وشكلت لجنة عليا لمواجهة الأزمة. وأصدرت قراراتها مصحوبة بتضخيم إعلامي غير عادي كانت نتائجه سيئة للغاية.. وكما لو كانت القرارات موجهة إلي شعب آخر!! فقد كان تأثيرها المباشر صدمة شلت تفكير الجميع، وأفقدت المجتمع توازنه. ولا نبالغ إذا قلنا إن القرارات والتهويل الإعلامي وتكالب الدكاترة والأساتذة علي الظهور في القنوات الفضائية وتضارب المعلومات والآراء، مع الجهل بهذا الفيروس المجهول والدخيل علينا والمسمي H5NI والذي صاحبه متتالية من الفيروسات الأخري وأعني بها الشائعات.. أوقعت الصغير والكبير في وهم! ومن الوهلة الأولي اتضح أن هناك نقصا في البيانات والإحصاءات والمعلومات عن هيكل صناعة الدواجن في مصر. وبناء علي المتاح.. اتخذت القرارات!! ولو كان متخذ القرار علي علم بالكم الهائل من العاملين والمترزقين من هذا النشاط.. وكذا حجم الإنتاج وأنواعه، وتقسيماته.. وعدد المجازر وطاقتها.. لم اتخذ قراراته علي هذا النحو.. ولو كان متاحا تحت يده دراسات عن سيكولوجية.. وسلوكيات الشعب المصري.. لما استمر وبإصرار علي قراراته. فإذا أردت أن تطاع.. فأمر بما يستطاع.. وكان لقرار عدم ذبح الدواجن بالمحلات.. وقصر التداول علي نقل الدواجن من المزارع بعد الكشف البيطري عليها والتأكد من سلامتها وإعطاء التصريح اللازم لنقلها إلي المجازر الآلية.. (وغير المتوافرة أصلا.. حيث إن المتاح من المجازر لا يستوعب أكثر من 20% من الاستهلاك اليومي و15% من الإنتاج علي أحسن تقدير) كان لهذا نتائج سيئة أربكت الجميع، وتركتهم في تخبط، وحيرة بلا حلول بديلة.. رغم أن تأثير القرار يهدد أكثر من مليون مواطن يعملون في محلات الدواجن، ومستلزماتها، ونقل وتجارة الطيور.. أصبحت مصائرهم معلقة علي أمل أن تقدم لهم الحكومة حلولا بديلة.. مع إعادة النظر في هذا القرار.. خاصة أن هناك إنتاجا يوميا لا يقل عن مليون ونصف طائر أي نعم يتناقص مع الأيام.. ولكنه يتراكم بقدر عدم التصرف بصورة أو أخري. المهم بعد تحليل سريع لرد فعل القرارات وتخيل تبعاتها.. ومع استغاثات أصحاب المزارع، والمحلات. تقدمت بتاريخ 20 فبراير 2006 بعد ثلاثة أيام.. باقتراح سريع للخروج من الأزمة.. مضمونة. مادام لا يوجد مجازر تستوعب الإنتاج.. وهناك طيور سليمة في عمر الذبح محبوسة لا تجد من ينقلها إلي أية جهة.. أو يقدم لها العلف نظرا لإحجام الموردين عن توريد العلف للمزارع.. فلماذا لا تعتبر محلات الدواجن "مجازر يدوية" مؤقتا مع وضع الاشتراطات اللازمة وبرقابة وإشراف صحي، وبيطري، وبيئي مكثف وتوفير الثلاجات بها تمهيدا لتحولها إلي النظام الجديد عند توافر المجازر الآلية التي تستوعب الإنتاج مع وضع نظام متطور لنقل المخلفات من المحلات حسب تعليمات منظمة الصحة العالمية. وبهذا نكون قد حافظنا علي الثروة الداجنة والسلالات الأصيلة من طيورنا والمتراكمة بالمزارع والمهددة بالإصابة بالأمراض نتيجة حبسها.. وعلي مصادر رزق العاملين بجميع حلقات النشاط.. علي أن يكون التحول إلي النظام المطلوب يخضع لدراسة متأنية يراعي فيها مصالح الناس والمجتمع ككل.. وبفترة انتقالية.. محسوبة.. ومرتبطة بتوافر المجازر.. وتدبير أعمال بديلة للعاملين بهذه المحلات. فهناك أكثر من 100 ألف محل علي مستوي الجمهورية يعمل بها أكثر من نصف مليون عامل أصبحوا اليوم الموافق 15 مارس 2006 عاطلين عن العمل مطلوب تدبير أعمال بديلة لهم.. خلاف نصف مليون آخر في باقي الحلقات.. ومن غير المعقول أن يستمر عدد 3 أو 4 عمال في محل الدواجن من أجل بيع دجاج مجمد.. والذي سيكون متوافرا عند كل محل بقالة أو سوبر ماركت طالما هناك ثلاجات للحفظ!! وأما تخيير أصحاب المحلات في التحول إلي نشاط آخر.. يعتبر "حل غير عملي" لأن كل نشاط عندنا فيه ما يكفي.. (والمحلات مرطرطة من جميع الأنشطة). وبفتح هذه المحلات نكون شرعنا في أول خطوة لطمأنة المستهلك.. يليها خطوات تتمثل في إقامة حفلات طعام مكونة من الدجاج.. مع التوعية بأنه لا خطر من تناول الدواجن أو البيض.. وفعلا تقدمت للسيد محافظ الغربية الذي تجاوب وقمنا بعمل مأدبة غداء مكونة من حوالي 1000 دجاجة حضرها السيد محافظ الغربية وأمين الحزب الوطني وجميع الطوائف.. وقام بتغطيتها إعلاميا جريدة "نهضة مصر" الغراء وبرنامج وسط البلد بالقناة الأولي.. وبصورة حضارية واعية وبحس وطني.. قام فريق العمل بالبرنامج مع عدد كبير من شباب مصر وبحضور الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء.. بتناول الدواجن علي الهواء في صورة حضارية.. تحسب لفريق البرنامج.. وإيجابية تغطي علي سلبيات الإعلام التي واكبت الأزمة.. وساهمت في طمأنة المواطن والإقبال علي تناول الدواجن والذي أصبح يبحث عن فرخة.. فلا يجدها.. بسبب القرارات. وقمت بكتابة بعض المقالات التنويرية والمعرفية عن الدواجن ضمنتها وقائع وبيانات عما يتم في هذا النشاط.. نشرت في المنبر الليبرالي والمتاح لجميع الآراء وهو "جريدة نهضة مصر"، و"جريدة العالم اليوم". وحتي هذه اللحظة ورغم استحالة تطبيق هذه القرارات.. فقد تمت عمليات البيع والشراء والتخلص من الدواجن بطرق كثيرة غير مشروعة.. فهذه سلوكيات البشر عنما تقفل أمامه السبل.. والكل تصرف بطريقته!