من المؤكد أن فرض العقوبات علي إيران سوف يطلق مرحلة جديدة من المواجهة. غير أنه ثمة شكوك عديدة في ان تؤدي إلي إنهاء طموحات إيران النووية. أية عقوبات قد تفرض علي إيران ستكون اقتصادية بالدرجة الأولي. ومدي تأثيرها موضع شك. فهناك عدد من المراحل التي يجب اجتيازها قبل فرض هذه العقوبات. بداية، علي الدول الغربية أن تتفق فيما بينها أن قرار إيران الأخير بمعاودة الأبحاث حول تخصيب اليورانيوم يعتبر اجتيازا لخط أحمر، ما يؤدي إلي وضع حد للدبلوماسية، علي الأقل مرحليا. وقد توصل الثلاثي الأوروبي، أي فرنسا وبريطانيا وألمانيا الذي كان يفاوض إيران، إلي هذا الاستنتاج. ثانيا، علي الغرب وحلفائه إقناع الأعضاء الآخرين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالموافقة علي إحالة إيران إلي مجلس الأمن الدولي. عندها، إذا كان مجلس الأمن موحدا بما فيه الكفاية، من المرجح أن يوجه مجرد إنذار لطهران قبل اتخاذ أي خطوات أخري. سيقول لإيران إن عليها أن تعلق نشاطاتها مجددا وتعاود المفاوضات. فقط في حال رفضت إيران ذلك تفرض العقوبات. ومن المحتمل أن توجه هذه العقوبات ضد الصناعة الإيرانية الأكثر بروزا، أي النفط والغاز. كما سيتم تعطيل طلب إيران للعضوية في منظمة التجارة العالمية، وهو طلب لا يزال في مراحله الأولي. وسوف تقف بعض الدول عقبة امام هذه العقوبات ، فالصين علي سبيل المثال، التي تتمتع بحق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي وتبحث باستمرار عن موارد النفط، بالتصويت لصالح حصار نفطي، خصوصا بضوء الاتفاقية التي توصلت إليها مع إيران أواخر عام 2004 بشراء النفط والغاز بقيمة تقدرها الصين ب70 مليار دولار. ويتعين علي الغرب أن يكون حذرا في ظل أزمة النفط الراهنة. في الوقت الحالي، اليابان هي أكبر مستوردي النفط الإيراني، وأي عقوبات ستؤثر سلبا عليها. ويعتبر الموقف الروسي بارزا نظرا إلي أن روسيا تبني محطة طاقة نووية لإيران. وقد أصبحت روسيا تميل أكثر من السابق إلي انتقاد طهران، خصوصا بعد رفض الأخيرة للعرض الروسي بتخصيب اليورانيوم في روسيا لتوفير الطاقة النووية التي تقول إيران إنها تسعي إلي الحصول عليها. غير أن روسيا قد تتردد قبل الذهاب بعيدا بالضعط علي إيران.إذا الطريق إلي العقوبات ليست قصيرة. لكن هل العقوبات في حال فرضها ستحقق المطلوب. الأمر موضع شك علي المدي القصير. قد تتعرض الصناعات الإيرانية للضغط، غير أن قيادة البلاد السياسية والدينية لا تعير الأمر اهتماما كبيرا، علي ما يبدو. فالنفط مطلوب عالميا، وإيران لديها الكثير منه. عيون القيادة في طهران ملقاة علي آفاق أوسع من ذلك. فبرأيها أن لإيران الحق بالسعي لتطوير دورة نووية خاصة بها، ويجب مواجهة ما تعتبره الضغوط الغربية. وفي وقت تتصاعد فيه الكبرياء القومية والحس الوطني، ليس للعوامل الاقتصادية دور أساسي. وفي إيران حدث وتحول الموضوع إلي مسألة وطنية. كما أن إيران تحسن استغلال حقوقها القانونية. فبحسب اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، لديها الحق فعلا بتطوير دورة نووية تحت الرقابة. وهذا بكل بساطة ما تقول إنها تسعي إليه. لكن من وجهة النظر المعاكسة، إيران فقدت هذا الحق حينما أخفت برنامجا للتخصيب، ولا يمكنها التصرف الآن وكأن شيئا لم يحصل، بل عليها شراء الوقود من طرف آخر، كما يفعل آخرون. لكن ما الذي سيحدث لو لم تؤد العقوبات غرضها؟ الخيار العسكري؟