بعد حادث بوعزيزي الذي أشعل النار في نفسه.. وإطلاق شرارة ثورة الغضب في تونس.. انتشرت عدوي الانتحار حرقاً في بعض الدول منها الجزائر ومصر وموريتانيا واليمن.. فقد هدد بعض اليمنيين أيضاً بحرق أنفسهم احتجاجاً علي تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتعسفات التي تطال الناس.. ومن بين هؤلاء مواطن يمني هدد بإشعال النار في نفسه ما لم ينصفه القاضي من ابن أخيه الذي حاول الاعتداء عليه.. وجندي أيضاً بمرور اليمن هدد بإحراق نفسه ما لم يتدخل مدير الأمن لإنقاذه من ظلم مدير المرور. والانتحار حرقاً امتد أيضاً إلي فرنسا.. فقد أضرم طالب في مدينة مرسيليا النار في نفسه داخل مرحاض مدرسته. من المؤكد أن كل من يفكر في الانتحار بهذا الأسلوب أو غيره.. يعاني أمراضاً نفسية ابتداءً من الاكتئاب حتي الجنون. فالمشاكل الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية التي يتعرض لها الناس في المجتمعات سواء النامية أو المتقدمة أو المتخلفة.. لم تكن وليدة اليوم.. وإنما قديمة.. ولكن الجديد هو أن عملية الانتحار حرقاً ظهرت كموضة عقب حادث بوعزيزي بائع الخضراوات الذي اعتبره التوانسة مفجر ثورة الغضب التي أطاحت بالرئيس زين العابدين. الإسلام وكل الأديان السماوية تحرم الانتحار تحريماً قطعياً مهما كانت الأسباب.. والإسلام لا يبيح للإنسان أن يزهق روحه كأسلوب للتعبير عن ضيق أو غضب أو احتجاج. فالوسائل الاحتجاجية علي الأوضاع المتردية سواء كانت معيشية أو سياسية أو ظلماً وقع علي المواطن.. متعددة ومشروعة.. في شكل اعتصامات وإضرابات.. أو اللجوء للقنوات الشرعية لبحث الشكاوي ورفع المظالم.. ولكن الإقدام علي أي محاولة للانتحار سواء بالحرق أو بطلقات الرصاص.. أو السقوط من سطح العمارة.. أو إلقاء النفس تحت سيارة أو قطار. كل هذه الطرق الانتحارية محرمة شرعاً.. ومن يلجأ إليها فإنه لا ريب يعاني من اضطراب عقلي أو ضيق نفسي أو يأس كامل. التسلح بالصبر فضيلة.. ونسأل الله الرحمة والمغفرة لكل من يعاني من خلل أو اضطراب عقلي يدفعه للانتحار اعتراضاً علي أحواله المتدهورة.