المصريون خلال العصر المسيحي حموا الروح الوطنية من الذوبان في ثقافة الغزاة اعتدنا فى سنى دراستنا ، كما اعتاد المؤرخون ، وكتاب الصحف و قادة الرأى العام _ حين يكون الحديث عن التاريخ أو التراث المصرى _ أن يتحدثوا عن العصر الفرعونى ، والعصر اليونانى الرومانى ، والعصر الإسلامى ، بمراحله المختلفة، ثم العصر الحديث . وهنا يثور التساؤل الكبير: أين العصر المسيحى ؟ لماذا ألقيت عباءة المحتل اليونانى والرومانى على مصر لقرون عديدة دخلت فيها المسيحية إلى مصر واستقرت ونمت وأزدهرت قبل أن تنطلق منها يافعة نضرة إلى كل العالم المعروف وقتها؟ ولم أطلق اسم المحتل على هذه الفترة الطويلة الهامة من التاريخ المصرى الممتد بدلا من أن يطلق عليها الاسم الحقيقى الذى يعيد للتاريخ موضوعيته ويزيل الكثير من اللبس والغموض وسوء الفهم الذى استمر إلى عصرنا رغم موجات الوعى والدراسات الحديثة التى تحاول أن تعيد النظر فى التاريخ المصرى دراسة و بحثاً وتنقيباً؟ تصحيح التاريخ إننا فى هذه المرحلة بالغة الحساسية من التطور السياسى والثقافى والاجتماعى المصرى وخاصة بعد ثورة شعبية هائلة أقامت الدنيا و لم تقعدها _ فى أمس الحاجة إلى أن نعيد الاعتبار – مسلمين ومسيحيين – الى هذه الفترة من تاريخنا، وأولى خطوات اعادة هذا الاعتبار أن نزيل عنها اسم المحتل ونسميها باسمها المصرى الحقيقى.. العصر القبطى أو بالدقة.. العصر المسيحى. ومن هنا ننطلق إلى رحلة استكشاف هذا العصر الذى يعتبر حقاً الجسر الذى عبرت عليه الحضارة الفرعونية إلى ما بعدها، لقد استوعبت الفترة المسيحية خير مافى الحضارة الفرعونية فصانته وحفظته وطورته وزادت عليه حتى وصل إلينا ومازال ماء الحياة يجرى فيه، وليس هذا فقط، ففى العصر المسيحيى المصرى أبدع الأجداد لغة و انتجوا موسيقى وطوروا العمارة والرسم واحتفلوا بالموروث الشعبى. لقد حان الوقت لمواجهة موجات التغريب و دعاوى الفتنة والتعصب ومؤامرات الأعداء للبدء فى مشروع طموح يعرض للأحفاد حقيقة الأجداد، نقترح – من خلال هذا المشروع – تنفيذ سلسلة من الأفلام التسجيلية ذات المستوى الفنى الرفيع نعرض فيها بالتصوير والوثائق والمقابلات والتسجيلات ما أنجزته هذه الفترة الخصبة