انطلقت اليوم الاربعاء بالقاهرة فعاليات القمة الإسلامية الثانية عشرة برئاسة الرئيس محمد مرسي والتي تعد أول قمة إسلامية تستضيفها مصر منذ تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1969 ، كما تعد أول قمة دولية تعقد في مصر بعد ثورة 25 يناير. وبدأت الجلسة الافتتاحية للقمة الإسلامية بكلمة ترحيبية للرئيس محمد مرسي ، يعقبها كلمة لرئيس جمهورية السنغال رئيس القمة الحادية ماكي الحادية عشرة ثم انتخاب أعضاء المكتب التنفيذي للمنظمة ثم كلمة رئيس الدورة الحالية الرئيس محمد مرسي يعقبها كلمة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ثم تلقى ثلاث كلمات نيابة عن المجموعات الرئيسية بالمنظمة "العربية و الآسيوية و الإفريقية". ويبحث القادة ورؤساء الوفود والمشاركون في القمة عددا من القضايا المهمة على رأسها الأزمة السورية ومساندة الشعب الفلسطيني ودعم القدس ، ومشكلة الإسلاموفبيا وأوضاع الأقليات المسلمة في العديد من دول العالم. وأشاد الرئيس السنغالي ماكي سال - في كلمته أمام القمة الإسلامية الثانية عشرة التي تسلمت مصر رئاستها بمبادرات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للتصدي للإرهاب ، مطالبا بضروة تبنى استراتيجية تعاون شامل من أجل نشر التعليم والثقافة ومحاربة التطرف ، منوها أيضا بالدور الذي قامت به قمة داكار لتدعيم العمل الإسلامي في مختلف المجالات. وقال سال "إن بلاده نقف مع الشعب السورى الذى يتعرض للعنف والقتل بسبب مطالبته بالحرية"..مؤكدا أن التحديات والمتغيرات الجديدة التي تواجه الدول الإسلامية تتطلب وحدة وتعاونا أكبير بين أعضاء منظمة التعاون الإسلامي..مشيرا إلى أنه رغم الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو "مراقب" في الأممالمتحدة إلا أنه لايزال هناك تحديا آخر يتمثل في الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لها كما أن هناك تحديا آخر يتمثل في حال أقليات الروهينجا المسلمة فى ميانمار. ونوه الرئيس السنغالي بأنه رغم الجهود التي بذلتها رئاسة المنظمة إلا أن صندوق التبرعات الخاص بالمنظمة جمع 6 مليارات دولار، وذلك رغم أن الهدف كان 10 مليارات دولار..داعيا الدول الأعضاء في المنظمة إلى الإسهام في دعم الصندوق بالشكل المنشود..فيما حيا شعوب البلدان التي خاضت عملية تحول ديمقراطية بطريقة سلمية. وقال إننا منذ قمة داكار عام 2008 وقمة مكةالمكرمة الاستثنائية في أغسطس 2012 ، نعمل على تطوير التعاون الإسلامى فى المجالات المختلفة ، وأعددنا الآليات اللازمة لذلك..منوها بأن خطط عمل عشرية وبرامج خاصة بالتنمية فى أفريقيا. ووجه سال الشكر إلى الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي البروفيسور أكمل الدين إحسان أوغلي على تعاونه فى الأمانة ، مهنئا الأمين الجديد إياد مدني وزير الإعلام السعودي الأسبق ، معربا عن تمنياته بالنجاح للرئيس محمد مرسي خلال رئاسة للدورة الثانية عشرة في خدمة القضايا الإسلامية..قائلا "إن نجاحنا سوف يأتى من اتحادنا واستغلالنا لمواردنا". بدوره ، حث الرئيس محمد مرسي الذي تسلم رئاسة القمة الثانية عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي من رئيس السنغال ماكي سال ، المعارضة السورية على ضرورة الاسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة لتكون مستعدة لتحمل المسئولية السياسية بكافة جوانبها حتى إتمام عملية التغيير السياسي المنشود بإرادة الشعب السوري وحده. ودعا الرئيس مرسي - في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة الإسلامية في القاهرة - كافة أطياف المعارضة التي لم تنضم للائتلاف الوطني السوري إلى التنسيق معه (الائتلاف) ، وإلى مؤازرة جهوده لطرح رؤية موحدة وشاملة لعملية البناء الديمقراطي لسوريا الجديدة. وطالب جميع الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي بدعم الخطوات المهمة التي يتخذها السوريون من أجل توحيد صفوفهم وإقامة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ، والذي يتخذ من القاهرة مقرا له ، حيث تقدم له مصر كل الدعم اللازم ليقوم بمهامه على الوجه الأكمل. وقال مرسي - في كلمته - إنه يتعين على النظام الحاكم فى سوريا أن يقرأ التاريخ ويعى درسه الخالد ، وهو أن الشعوب هى الباقية وأن من يعلون مصالحهم الشخصية فوق مصالح شعوبهم ذاهبون لا محالة .. مؤكدا أن جهود مصر مستمرة وبدأتها بإطلاق المبادرة الرباعية فى قمة مكةالمكرمة لإنهاء معاناة الشعب السوري تقوم على ثوابت واضحة هى الحفاظ على سلامة تراب سوريا وتجنبيها خطر التدخل العسكري الأجنبي الذي نرفضه والحرص على أن تضم أية عملية سياسية كافة أطياف الشعب السوري ..دون إقصاء على أساس عرقى أو ديني أو طائفى..ولقد بدأنا مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة السورية تحقق تطلعات شعبها فى مستقبل أفضل. ولفت إلى أن الأوضاع الإنسانية في سوريا بلغت مبلغا خطيرا وفي كل يوم يزداد تدهورا للأسف، لافتا إلى نزوح أكثر من مليون ونصف المليون سوري من قراهم ومدنهم وباتت أوضاعهم المعيشية بالغة الصعوبة.. بينما هاجر مئات الالآف خارج سوريا. وأضاف "قمت بإصدار تعليمات بمعاملة الأخوة السوريين في مصر معاملة المصريين في تلقي العلاج والالتحاق بالتعليم"، معربا عن شكره لدول الجوار السوري على ما تبذله من جهود في استقبال الأشقاء السوريين وتقديم العون لهم. وحول الوضع في مالي ، أكد الرئيس مرسي أن مصر تؤكد على دعمها لوحدة الأراضي المالية وسلامة شعبها وتراثها الثقافي ، داعيا إلى التعامل مع الوضع هناك ومع أية حالة مشابهة من منظور شامل يتعامل مع الأبعاد المختلفة للأزمة ويعالج جذورها سياسيا وتنمويا وفكريا وأمنيا. كما شدد الرئيس مرسي في هذا الصدد على ضرورة مراعاة حقوق الإنسان ، مضيفا أن هذا هو ما يؤكد من جديد على أهمية دعم جهود التنمية في منطقة الساحل خاصة في مالي. ودعا الرئيس مرسي قادة الدول المشاركة في القمة الإسلامية الثانية عشرة إلى لإتفاق على تأسيس آلية ذاتية فعالة لفض النزاعات بالطرق السلمية ، والتعامل مع كافة الأزمات التي تواجه الدول الإسلامية . وقال إن هذه الآلية ستحقق مصالح الدول الإسلامية وترعى حقوق شعوبها وتحفظ استقلال قراراتنا الكبرى وتؤدي إلى تقلص التدخل الأجنبي المباشر وغير المباشر في أحوالنا الداخلية والبينية ، كما تسهم في دعم السلم والأمن العالمي خاصة بعد تزايد المخاطر جراء تفجر الازمات والصراعات هنا وهناك. وأوضح مرسي أن هذه الآلية تأتي في إطار مواجهة الأزمات السياسية لدولنا الإسلامية وتحديات التدخلات الخارجية وعدم عدالة موازين الآليات الدولية. وطالب بضرورة تكاتف الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في السعي لإصلاح المؤسسات العالمية والتأسيس لنظام حوكمة رشيد له آليات ديمقراطية حقيقية تمثل فيها دول العالم على قدم المساواة وتساهم في تحقيق السلم والامن العالمي بما يؤدي إلى نظام عالمي يدعم قيم العدل والحق والشراكة الإنسانية. من جهته دعا أكمل الدين إحسان أوغلى، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدول الأعضاء إلى عقد مؤتمر مانحين خاص بمدينة القدس الشريف على أساس الخطة الاستراتيجية لتنمية القطاعات الحيوية، كما دعا في كلمته أمام القمة الإسلامية الثانية عشرة اليوم الأربعاء، 6 فبراير 2013، إلى تشكيل شبكة أمان مالية إسلامية لتلبية الاحتياجات الرئيسية للشعب الفلسطيني في أعقاب تصعيد إسرائيل لاجراءآتها وحجز أموال الضرائب الفلسطينية. وفي معرض حديثه عن الإصلاحات والإنجازات التي شهدتها المنظمة، قال إحسان أوغلى إنه يقدم للدول الأعضاء منظمةً متجددة تقف على دعائم قوية، وأكثر قدرة على تلبية تطلعات شعوبها، وتحفيز الأمل لديها، مؤكدا أنها أضحت اليوم أداة فاعلة يعوّل عليها الجميع، ويترقب العالم تحركاتها، ليرتفع سقف الطموحات المنتظرة منها متوازيا مع نجاحاتها، ويصبح المرجو منها أعظم، ومسؤولياتها أكبر. وأضاف الأمين العام ل (التعاون الإسلامي) أن المنظمة لم تحصر نفسها في طابعها الحكومي، ولم تقف عند حدود تقاليدها المتوارثة، بل وسعّت تحركاتها، لتدنو من نبض الشارع المسلم، عبر إنشاء الهيأة الدائمة والمستقلة لحقوق الإنسان، لافتا إلى القفزة النوعية التي حققتها في مجال تمكين المرأة في العالم الإسلامي، فضلا عن نجاحاتها في خلق مفاوضات مكثفة مع الغرب للتغلب على ظاهرة الإسلاموفوبيا. وأوضح إحسان أوغلى بأن الهدف كان الانتقال بالمنظمة من حيز المراقب للحدث، إلى التفاعل الإيجابي مع الحدث نفسه، مؤكدا أنها تحولت من جهة تنفيذية لتنظيم المؤتمرات إلى منظمة تعاون متنامي متكامل، تعبر بشعارها الجديد عن عالمية التوجه وخصوصية التعبير. وشدد الأمين العام للمنظمة على قوله "إنه ليس إنجازي، إنها ثقتكم التي منحتموني إياها، وأعطيتموني من خلالها الفرصة لأثبت لكم أن المنظمة قادرة على أن تتغير للأفضل وتغير صورتها لدى العالم" وفيما يتعلق بالشأن السوري، قال إحسان أوغلى إنه ناشد شخصياً القيادة السورية لوضع المصلحة العليا لبلدها ووحدة شعبه فوق كل اعتبار والتضحية، باعتبار أن الحكومات يجب أن تكون في خدمة الشعوب وأن تستجيب لمطالبها وتطلّعاتها، لا أن تكون الشعوب في خدمة الحكومات. وعبّر عن استياء شعوب الأمة الإسلامية من عجز مجلس الأمن الدولي. وفي ختام كلمته، قال الأمين اعام إن التحديات التي تواجه المنظمة تؤكد الحاجة إلى إيمان أعمق فيما تقدمه لرفعة وازدهار أمتها، مؤكدا أنها الأفق الواعد، والفرصة السانحة، والمصلحة القائمة، بين دول تتشارك أسمى قيم الأرض، وأرفعها شأنا. وشدد كذلك على أنها بيت الأمة الإسلامية جمعاء، وملاذ دولها، وملجأها، وإطارها الجامع، الذي يشكل قاعدة للتقارب ونبذ الخلافات. واختتم إحسان أوغلى كلمته بقوله إن المنظمة أمانتكم ووديعتكم التي تحيى بدعمكم، وتعلو بتضامنكم، وتكبر بوحدتكم.