بكلمة «فهمتكم فهمتكم» التي قالها الرئيس التونسى الأسبق زين العابدين بن علي في خطابه، بعد اشتعال شرار الثورة التونسية والتي توحي بفشله في حكم البلد بعد 23 عام من حكم تونس بقبضه من حديد و التي لم تخفف من حددت تلك التظاهرات بل زادتها اشتعالاً بشكل واسع في أرجاء تونس الخضراء، وبعدها بأيام قليلة يغادر «بن علي» تونس بعد وصول صدي الثورة إلى أبواب قصر «قرطاج». ولم تتوقف الثورة التونسية في المدينة الخضراء فقط بل امتدت إلى أرجاء الدول العربية. تحل اليوم الذكرى الخامسة لهروب «زين العابدين بن علي» ونجاح الثورة التونسية في الرابع عشر من يناير عام 2011، وبعد شهر من التظاهرات المعارضة له والتي تم قمعها بقوة. غادر بن علي إلى جدة برفقة زوجته ليلى الطرابلسي وابنتهما حليمة وابنهما محمد زين العابدين، تاركا تونس في حاله من الفراغ الدستوري. ولد زين العادين بن علي في أسرة متواضعة في 3 سبتمبر عام 1936 بمدينة «سوسة»التونسية. وعندما كان طالب في المدرسة الثانوية بسوسة انضم إلى صفوف المقاومة الوطنية ضد الحكم الفرنسى. و بعد خروج الاحتلال الفرنسى من البلاد، درس في المعهد الفني بسوسة وفشل في إتمام دراسته والحصول على شهادة المهني الصناعي، ثم التحق بالجيش عام 1958، وحصل على دبلوم من المدرسة المختصة للجيوش في سان سير، ثم من مدرسة المدفعية في شالون سور مارن بفرنسا. بدأ «بن علي حياته المهنية في الجيش ثم الأمن، ودخل المجال السياسي في يونيو1986 بتعيينه عضوًا في الديوان السياسي للحزب الاشتراكي الدستوري، ثم أمينا عاما مساعدا للحزب، بعد أن ترقى لرتبة وزير دولة مكلف بالداخلية في مايو 1987 ثم رئيس للحكومة. «بن علي» يطيح ب«الحبيب بورقيبة» عُيِّن «بن علي» مديرا عام للأمن الوطني سنة 1977 ثم عام 1984، وأرسل سفيرًا لتونس في بولندا لمدة أربع سنوات، ثم عيِّن وزير دولة، ثم وزيرا مفوضا للشؤون الداخلية، ثم وزيرا للداخلية في 28 أبريل 1986. عيّن رئيساً لحكومة الرئيس الحبيب بورقيبة في أكتوبر 1987، لكنه ما لبث أن انقلب على بورقيبة وتولى رئاسة الجمهورية التونسية يوم 7 نوفمبر1987، حيث استغل «بن علي»مرض الرئيس بورقيبة ففرض عليه التنازل عن سلطاته له في انقلاب وصف بغير الدموي يوم 7 نوفمبر1987، وأعلن نفسه رئيسا للدولة بمبررعجز الرئيس بورقيبة عن الاضطلاع بمهامه رئيسا للجمهورية. ويعتبر بورقية أول رئيس للجمهورية التونسية، الذي حكمها ثلاثين سنة «1957-1987»، وأطلق عليه ألقاب كثيرة مثل: «المجاهد الأكبر» «صانع الأمة». اشتعال ثورة الياسمين بعد 23 عام من حكم زين العابدين لتونس في فترة كانت تعاني فيها تونس من البطالة والظروف الاقتصادية السيئة، أشعل محمد البوعزيزي الشرارة الأولى لثورة التونسية التي طالبت برحل «زين العابدين بن علي» بعد أن حرق نفسه في 17 ديسمب 2010 احتجاجاً على إهانة كرامته. توفي البوعزيزي يوم الثلاثاء الموافق 4 يناير 2011 في المستشفى بسبب حروقه البالغة. وأصبح «البوعزيزي» رمزاً من رموز الثورة التونسية التي أبهرت العالم في سلميتها وعدم استخدامها للعنف، وشرارة لثورات الربيع العربي. توسع الثورة التونسية بدأت إحتجاج المتظاهرون وفي 4 يناير 2011 على«البطالة و ارتفاع أسعار السلع الغذائية والفساد وسوء الظروف المعيشية» ولكن قوات الأمن التونسية تعاملت معه بالعنف والاعتقالات العشوائية، وبلغ عدد القتلى 25 شخص وآلاف من الجرحى، حسب منظمة العفو الدولية. واشتعلت ثورة شعبية في جميع أنحاء تونس الخضراء في 10 يناير، وأعلنت الحكومة التونسية غلق المدارس والجامعات حتى اشعار آخر وذلك في كافة أنحاء البلاد. وفي 13 يناير ألقى الرئيس التونسي زين العابدين بن علي خطابا أعلن فيه عن سلسلة من الإجراءات الاجتماعية والاقتصادية التي ستتخذها حكومته قريبا بهدف تحسين أوضاع الشباب وخلق 300 ألف فرصة عمل جديدة في 2011 و2012 بمشاركة مؤسسات الدولة والشركات الخاصة. «الهروب الكبير» لم تقف الثورة التونسية بعد الخطاب الضعيف والكلمات المتأخرة التي ألقاه «بن علي» والتي انتهت بكلمة «فهمتكم فهمتكم» ولكن اتسعت دائرة الانتفاضة الشعبية ووصلت إلى أبواب قصر قرطاج في العاصمة الخضراء. وفي الرابع عشر من يناير وبعد شهر من التظاهرات المعارضة له والتي تم قمعها بقوة، غادر بن علي إلى جدة برفقة زوجته وأولاده، تاركا السلطة. طالبت تونس رسميا السلطات السعودية يوم 20 فبراير 2011 بتسليمها الرئيس المخلوع بن علي لمحاكمته، وصدرت فيه أحكام غيابية أبرزها الحكم بالسجن مدى الحياة. زين العابدين بعد 5 سنوات من هروبه ويقيم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي حاليًا في مدينة جدة السعودية ، منذ الإطاحة به قبل خمس سنوات في الرابع عشر من يناير 2011، اما ابنتهما نسرين فتوجهت مع زوجها رجل الأعمال صخر الماطري إلى قطر ثم إلى جزر السيشيل حيث يقيمان منذ ديسمبر 2012. وحكم على بن علي وزوجته في يونيو 2011 بالسجن 35 سنة غيابيا بتهمة اختلاس أموال، كما حُكم على الرئيس السابق لاحقا مرتين بالسجن المؤبد لقمعه التظاهرات المعارضة و قضايا آخرى مرتبطة بالفساد. وفُككت الامبراطورية الاقتصادية ل «بن علي» بعد ثورة الياسمين التي بناها هو وأفراد عائلته وزوجته والتي كانت تغطي قطاعات عده مثل «العقارات والإعلام والهاتف» وغيرها، بالإضافة إلى أنه تمت خصخصة قسم من هذه القطاعات، ومازال جزء من تلك الاموال عالق لدى القضاء التونسي.