دموع داخل أروقة المحكمة أين اختفت .هدي. فتاة بولاق الدكرور؟! والدة المختطفة: بحثت عنها في كل مكان ولكن بدون جدوي!! داخل اروقة المحاكم اسرار يندي لها الجبين وحكايات تقشعر لها الابدان.. ابطالها اناس عاديون اقبلوا علي الحياة بكل طاقاتهم ليأخذوا اماكنهم في مضمار سباقها معتقدين انها ستفتح لهم احضانها وتأخذهم بين ذراعيها وهؤلاء من بينهم مخطئون وآخرون كانوا ضحايا وسواء اصبحوا ممن ابتسمت لهم الحياة واعطتهم وجهها او كانوا ممن ادارت لهم ظهرها فإنهم في النهاية يتقابلون جميعا داخل ساحات المحكمة اما ليستعيدوا حقوقهم الضائعة او ليدفعوا ثمن تجاوزاتهم وسواء كان هذا او ذاك فإننا نرصد وقع الزمان علي اصحاب تلك الوقائع كي نتعلم جميعا منها لنستفيد من نجاحاتهم ولانكرر اخطاءهم.... الحاجة .سعاد. كانت ممن ادارت لهم الدنيا ظهرها.. لفتت نظري حينما شاهدتها داخل محكمة جنوبالجيزة وتحديدا وهي في طريقها الي مقر مكتب المستشار مجاهد علي مجاهد المحامي العام الاول لنيابات جنوبالجيزة الكلية وهي تحمل في يديها تلالا من الاوراق.. كانت ترتدي عباءة سوداء وحجاباً اسود اللون ايضا.. وجدتها حيري شاردة الذهن.. علامات الحزن والاسي تنحت في قسمات وجهها.. عيناها لاتخلوان من الدموع وساقاها لاتقويان علي حملها وكأنها تحمل بداخلها ماهو اثقل بكثير من الاوراق التي تحملها بيديها لكنها رغم ذلك تحاول الثبات.. جسدها النحيل خير شاهد عما فعله الزمن بها ولسان حالها يكشف عن سر دفين تتجرع مرارته.. تابعتها بنظراتي فوجدتها تتوقف وتستند لاحد الحوائط واخذت تتلفت حولها يمينا ويسارا وكأنها تبحث عمن يمد اليها يد المساعدة.. انتابني شعور غريب بل وفضول قوي لاكشف سر ما تعانيه تلك المرأة الحزينة.. اقتربت منها شيئا فشيئا حتي اصبحنا وجها لوجه وسألتها ما خطبها فأجابتني والدموع تسبقها بعبارة واحدة: .ابنتي هدي اتخطفت؟! ثم راحت في نوبة بكاء شديدة.. هدأت من روعها وطالبتها ان تتماسك وتقص علي حكايتها فكانت البداية: اسمي سعاد احمد عبدالرحيم وانا ربة منزل وفي الثامنة والاربعين من عمري متزوجة من رمضان محمد 46 عاما نجار مسلح منذ 32 عاما رزقنا خلالها بابنة واحدة اسميناها هدي فكانت لنا بمثابة النور الذي يضيء حياتنا.. كانت هدي قرة عيننا وحمدنا الله كثيرا علي عطائه ودعوناه ان يبارك لنا فيها ولاجلها اجتهد زوجي كثيرا في عمله كي يوفر لها ولي حياة كريمة ورغم اننا نسكن في حي بولاق الدكرور الشعبي الا ان زوجي اصر ان تنال ابنتنا قسطا وفيرا من التعليم ومرت الايام وهدي تكبر امام عينينا يوما بعد يوم حتي بلغت عامها الخامس عشر وتدرجت هدي خلال تلك السنوات في مراحل التعليم حتي بلغت الصف الثالث الاعدادي وكانت مثالا للتفوق خلال سنوات تعليمها السابقة لكنني لاحظت تراخيها عن متابعة دروسها خلال تلك السنة رغم انها الاخيرة في المرحلة الاعدادية لتطرق بعدها ابواب مرحلة دراسية جديدة هي المرحلة الثانوية ويصبح الحلم في ان تتم دراستها الجامعية يوشك علي التحقق لكن دوام الحال من المحال.. استمر اهمال ابنتي لدراستها بشكل ملحوظ حتي وصل الامر الي تكرار استدعاء مدرسيها لي لمدرستها الاعدادية واجهتها بالاسباب فأجابتني بأنه لايوجد شيء واتهمتني بأنني دائما اعطي الامور اكبر من حجمها وذات يوم تركتني هدي بعدما عادت من مدرستها متوجهة لاحدي صديقاتها لحضور درس خصوصي في احدي المواد الدراسية لكنني شاهدتها تبالغ في الاهتمام هذه المرة بنفسها وبثيابها بل ووجدتها تضع بعض المساحيق علي وجهها فعنفتها ووعدتني الا تكرر ذلك ولاحظت انها تريد الانصراف بسرعة الي الدرس علي غير عادتها.. حقا ارتبت في امرها فأسرعت خلفها دون ان تشعر بي وكانت المفاجأة حينما وجدت هدي تقف في احد الشوارع الجانبية مع حسن ابن الجيران وخشيت علي ابنتي وتوجهت اليها اصطحبتها في يدي وعنفت جارنا حسن علي فعلته فهو شقيق زوج ابنة عمتها وبمثابة ابني ربيته منذ صغره لصداقتي بوالدته فتربطنا بأسرته علاقة جيرة بالاضافة الي علاقة النسب. توجهت بابنتي الي منزلنا وواجهتها بشكوتي التي تراودني منذ فترة بوجود علاقة عاطفية في حياتها جعلتها تهمل دراستها وتتراجع في تفوقها وانني كنت اتوقع انه حسن ابن جيراننا بكت امامي هدي وقالت لي لاتقلقي يا امي حسن قصده شريف.. فأخبرتها بأنك صغيرة علي الحب يا هدي وامامك الانتهاء من دراستك اولا فوافقت ابنتي علي ذلك الاتفاق ووعدتني بقطع علاقتها ب.حسن. تماما حتي تنهي دراستها وتصل للسن المناسبة للارتباط وتركتني وذهبت لاستذكار دروسها.. توجهت لمنزل حسن لمعاتبته علي عدم مراعاته لاصول الجيرة والنسب التي بيننا واكد لي علي سلامة نيته ووعدني ان يبذل قصاري جهده حتي يليق بابنتي ويتمكن من الزواج منها.. مرت الايام وحان وقت امتحانات الشهادة الاعدادية وحاولت هدي تعويض مافاتها من وقت في تكثيف ساعات المذاكرة لكن الوقت قد فات وانتهت الامتحانات وظهرت النتيجة وكانت الفاجعة حينما رسبت هدي في احدي المواد. تكمل الحاجة سعاد رواية مأساتها قائلة: كان الحل الوحيد امامنا ان تأخذ هدي درساً خصوصياً في تلك المادة حتي تلحق بامتحانات الدور الثاني وبعد عدة ايام توجهت بصحبتها الي مدرستها للحصول علي رقم الجلوس والتأكد من موعد الامتحان وعقب خروجنا من المدرسة في الحادية عشرة والنصف صباح يوم السابع والعشرين من يوليو المنقضي استأذنتني هدي ان تذهب بصحبة بعض صديقاتها لتصوير بعض الاوراق وشراء احدي المذكرات من المكتبة الموجودة امام المدرسة فوافقت وانتظرتها حتي تعود لكنها تأخرت وحينما ذهبت للبحث عنها لم اجدها ووقفت امام المكتبة لعدة ساعات لكن هدي لم تعد.. بحثت عنها في كل مكان ولكن دون جدوي ثم عدت الي المدرسة ربما اجدها هناك لكنها اختفت تماما.. دارت الدنيا برأسي فكيف اعود الي المنزل دونها؟ ماذا اقول لابيها؟ اخذت افكر كثيرا حتي كاد عقلي ان يتوقف عن التفكير ولم اجد امامي سبيلا سوي العودة الي المنزل لعلي اجدها هناك وكانت المفاجأة حينما عدت ولم اجدها فلمعت امام عيناي فكرة وهي ان اتوجه لمنزل حسن ربما تصادف وشاهدها في ذلك الوقت فأخبرتني والدته انه سافر في نفس التوقيت الي الاسكندرية فراودتني الشكوك بأنه وراء اختفاء ابنتي.. تركت منزل اسرة حسن وكان امامي سبيلا وحيدا وهو ان اتوجه الي قسم شرطة بولاق الدكرور لاحرر محضرا باختطاف ابنتي هدي اتهمت خلاله حسن بأنه وراء ذلك خاصة بعدما اكد لي احد الجيران انه شاهده بصحبة ابنتي في توقيت اختفائها وحمل المحضر رقم 9541 اداري بولاق الدكرور لسنة 2010 ووعدني الضباط ببذل الكثير من الجهد لاستعادة ابنتي وكانت المفاجأة كذب تلك الوعود وحفظ المحضر فأسرعت الي المستشار مجاهد علي مجاهد المحامي العام الاول لنيابات جنوبالجيزة الكلية لاقدم شكوي بحفظ محضر اختفاء ابنتي هدي فهي املي الوحيد لكشف اللغز وراء اختفائها ثم سكتت الحاجة سعاد واجهشت بالبكاء. وقالت انا ربيت حسن كأحد ابنائي منذ صغره وكان يعاملني مثل امه ولم اعد اصدق انه وراء اختفاء ابنتي الوحيدة وانه سوف يصبح خائنا للعشرة والجيرة بعد 20 عاما هي عدد سنوات عمره نشأ خلالها امام عيني ليكون السبب في حرماني من وحيدتي وقرة عيني.