غدا الأحد عيد ميلاد شاب فى بولاق الدكرور.. الشاب لن يحضر الاحتفال بينما تقف الأسرة مكتوفة الأيدى بعد اختفاء ابنهم منذ شهرين.. الأسرة لا تعلم شيئا عن ابنها الشاب ولا أين اختفى ولا من وراء الاختفاء.. الأحزان فرضت نفسها وبقوة فى منزل الأسرة وعلى أصدقاء الشاب خريج الجامعة الذى يعمل فى مستشفى السلام. هناك فى شارع طابق الديابة بمنطقة زنين فى بولاق الدكرور، تجلس الأم «سلوى على» تترقب بعيونها باب الشقة، ربما يطرقه ابنها محمد، الذى يعمل فى قسم الموارد البشرية بمستشفى السلام الدولى فى المعادى، ويعود إلى أحضانها بعد غياب. فى شهر نوفمبر الماضى حددت إدارة المستشفى موعدا ل «رحلة» إلى محافظة الفيوم للعاملين بها، استيقظ محمد على وفا عبد الحميد فجر الجمعة 21 نوفمبر واستقل «سيارة أجرة» إلى أصدقائه وزملائه الذين ينتظرونه أمام المستشفى للذهاب معهم إلى الفيوم. تقول الأم والدموع تغرق وجهها: مرت ساعات طويلة، وأتى المساء، وفى الساعة التاسعة اتصل «محمد» بشقيقه الأصغر «كريم»، أخبره أنه فى طريق عودته من الفيوم، وأنها مجرد دقائق ويصل «الأتوبيس» إلى ميدان التحرير، وطلب منه أن يخبرنى ووالده بعودته، حتى نطمئن عليه، وأنه سيذهب لمقابلة بعض أصدقائه فى التحرير ويعود بعد ذلك إلى المنزل، بعدها اختفى ابنى للأبد. وتضيف الأم: أحد أصدقائه أخبرنا أن ابنى تلقى اتصالا بعد اتصاله بشقيقه ب 15 دقيقة أخرى، وسمعه زملاءه يتحدث إلى «شخص مجهول» فيه، ويطلب منه «عنوانه»، وأنهى حديثه معه بقوله: «طيب أنتظرك عند نادى الزهور بمدينة نصر»، وبعدها بلحظات على انتهاء المكالمة، وصل الأتوبيس إلى شارع قصر العينى أمام مجلس الشورى، وودع محمد زملاءه ونزل من الأتوبيس. فى الصباح الباكر كرر الأب المحاولة دون جدوى.. اتصل بزملائه فى العمل، فأخبروه بما حدث، وأنه تلقى اتصالا وودعهم ونزل فى شارع قصر العينى، انتظر الأب حتى المساء، وذهب إلى قسم الشرطة، وحرر محضرا برقم 9912 إدارى قسم بولاق الدكرور لسنة 2008 بتغيب ابنه محمد، وحرر زملاءه فى العمل أيضا محضرا فى قسم شرطة قصر النيل، وبحثوا عنه فى المستشفيات والمشرحة وأقسام الشرطة، وظلت أسرته شهرين و 7 أيام تنتظر عودته. يقول الأب على وفا عبد الحميد مدير عام فى قطاع الكتب بمدينة مبارك للتعليم: فى اليوم التالى، ظهرت مفاجأة، عندما تدخل أحد أقاربنا، واستطاع أن يحدد آخر رقم اتصل على هاتف ابنى، الأمر نفسه أكده أحد أصدقاءه، الذى حصل على نفس الرقم وأكد أن محمد تلقى 6 مكالمات هاتفية طوال يوم الرحلة على هاتفه من «رقم معين». وحصلت على الرقم الأرضى لصاحب الرقم المتصل على هاتف ابنى، أمسكت بسماعة الهاتف، والتقط آخر السماعة على الناحية الأخرى، أخبرته بواقعة اختفاء ابنى فى ظروف غامضة، ولكننى فوجئت بالرجل يقول: «أنا معرفش حاجة عن الكلام ده.. ولا أعرف ابنك، وهذا الهاتف الذى تتحدث عنه ليس هاتفى». حررت محضرا اتهمته فيه بأنه آخر شخص تحدث إلى ابنى فى هاتفه المحمول، وأنه يعرف مكانه، وبعد أسبوع اتصل ضابط من القسم، وأخبرنى بأنه لا يوجد دليل ضده، وأنه تم استجوابه وسؤاله فى الواقعة. ويقول الأب: قدمت الأسرة شكوى إلى حبيب العادلى وزير الداخلية، ورغم ذلك لم يتحرك أحد، أو تصلنى أى أخبار عنه، ولم يتبق لى سوى «ضرب الودع وفتح المندل!». وأضاف: «انتظرت كل هذه الفترة حتى تأتينى أى أخبار عنه، ربما يكون هنا أو هناك، ولجأت للصحافة لأننى فشلت والجهات المختصة فى معرفة مكانه، ولا أعرف هل اختفى ابنى لأنه درس اللغة العبرية وأحبها، وتخرج فى كلية الآداب بجامعة عين شمس؟. وكان يحلم بالعمل فى التليفزيون»، ويضيف: عندما اكتشفت عدم جدوى الشكوى، تقدمت بأخرى إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود فى 17 ديسمبر الماضى، أكدت فيها أن جهود المباحث لم تسفر عن معلومات عن اختفاء ابنى منذ شهرين. وتكمل الأم: تم تحويل الشكوى إلى نيابة بولاق الدكرور للتحقيق، وحضر أمين شرطة لسؤالنا عن علاقته بأصدقائه وبنا، وهل وقع فى مشاكل مؤخرا مع أحد، أو خلافات مع أسرته وأصدقائه، أخبرناه أنه طيب، ويكره المشاكل، وعلاقته طيبة بالجميع، ولا توجد خلافات بينه وبين أحد، ثم رحل.. وحتى الآن لم تصلنا أخبار عن ابنى إذا كان «حيا».. فأين هو؟ وإذا «مات»، فأين جثته؟ فهل يخبرنا المسؤولون؟