فك الاشتباك بين كتاب الوزارة.. والكتاب الخارجي ليس من المعقول ان يكون الخبراء الذين يعدون مناهج وكتب الوزارة هم انفسهم الذين يؤلفون الكتاب الخارجي فمن البديهي ان تكون مصلحتهم الشخصية في الا تكون كتب الوزارة علي مايرام. مما لاشك فيه ان عملية اصلاح وتطوير التعليم قبل الجامعي في مصر هي القضية الاولي للمصريين فهي الحل الامثل للتنمية البشرية التي هي دعامة الاصلاح العام الذي هو عماد التنمية الشاملة فبناء الوطن يبدأ من بناء المواطن الانسان صانع التقدم والحضارة. ومن عناصر اصلاح التعليم الاساسية تطوير المناهج التي نبدأ بتنقيتها من الاخطاء والعيوب المتراكمة وتحديثها بما يتواءم مع التقدم العلمي الهائل والسريع بما يستوجب الاضافة والحذف وحتي النسف حتي نصل بمضمون كتاب الوزارة الي ما وصلنا اليه من تحسين واضح في الشكل ونوع الورق وعملية الاخراج والا نقبل مرة اخري المضمون الفارغ والمحتوي الناقص والاخطاء الساذجة في كتاب الوزارة المهيب. وحديثنا اليوم عن الازمة الدائرة بين كتاب الوزارة والكتاب الخارجي والتي استكملت حلقاتها ووصلت الي طريق مسدود بين معالي وزير التربية والتعليم والمؤلفين والناشرين والتي انتهت بخلق سوق سوداء للكتاب الخارجي وتكالب اولياء الامور علي شرائه بأي ثمن والبحث عنه في الازقة والطرقات، فكأن السيد الوزير يساعد من غير قصد علي زيادة الاعباء علي المواطنين ويساعد ايضا علي بيع كتب خارجية ليست علي المستوي ولم تكن لتجد لها سوقا لولا هذه الازمة، وبدلا من هذا التصعيد الضار للجميع كان علي الوزارة ان ترد علي الكتاب الخارجي بكتاب وزارة جيد يتم اخراجه علي مهل وعلي ايدي مجموعة من المتخصصين الذين لاعلاقة لهم بتأليف الكتاب الخارجي. ولما كان السيد الوزير هو المسئول عن وضع سياسات التعليم في مصر فإننا جميعا نقف مع سيادته ظالما او مظلوما فهو في النهاية الرجل الذي يحمل علي كتفيه هموم وامال الامة في الحصول علي تعليم راق وحديث وانه ومن معه يبذلون قصاري جهدهم لاصلاح المناهج وتطويرها، لكن الامر يحتاج من سيادته التقاط الانفاس واستراحة المحارب، كان الله في عونك يا سيدي فكأنك في الميدان وحدك تقوم بالزيارات المفاجئة لاعادة الجدية والانضباط للعملية التعليمية وتقوم بترتيب البيت (الوزارة) من الداخل بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب فالادارة هي نقطة الضعف الاولي في العملية التعليمية، وتفتح النار علي الدروس الخصوصية التي هي الشريك المباشر في ازمة الكتاب من حيث اختيار كل مدرس خصوصي لكتاب معين حسب هواه ومصلحته وامامك مشكلات كادر المعلمين التي لم تتضح صورته النهائية بعد ولم يؤت بثماره فالمرتبات زادت دون انتاج حقيقي، وامامك المعلمون الجدد ومرتباتهم الضعيفة والتطوير التكنولوجي وضعف الميزانية ومشكلات عمال النظافة والأمن والحراسة والمدارس التي تحتاج الي البناء والموجودة التي تستحق الصيانة والتجديد. واخيرا ازمة الكتاب بين الوزارة والخارجي وبدلا من ان يكمل الثاني الاول للمصلحة العامة فهي الحرب اذن والمصلحة خاصة. فليس المطلوب ياسيدي فتح النار علي كل الجهات بدون دراسة ويمكن حصر وتحديد المهام في هذه المشكلة وفك الاشتباك بما يلي: 1- ضرورة الاهتمام بتنقية المناهج وتحديثها وتطويرها بدقة مع مراعاة المعايير العلمية ليخرج الكتاب بلا ثقوب غير معيب فالمواد الادبية تخضع لاشراف كامل من الوزارة للحفاظ علي خصوصيتنا في اللغة العربية التي هي جزء لايتجزأ من تراثنا وحضارتنا وانتمائنا مع الانفتاح علي العالم المتقدم في المواد العلمية والرياضيات. ان وجود كتاب وزارة جيد في السوق هو الرد العلمي علي كل المزايدين وان توزيعه قبل بدء العام الدراسي يحد من سطوة الكتاب الخارجي. 2- ليس من المعقول ان يكون الخبراء الذين يعدون مناهج وكتب الوزارة هم انفسهم الذين يؤلفون الكتاب الخارجي فمن البديهي ان تكون مصلحتهم الشخصية في الا تكون كتب الوزارة علي مايرام. 3- يتعين علي الوزارة وضع معايير واسس ثابتة قبل الموافقة علي تراخيص الكتاب الخارجي ليكون داعما ومكملا لكتاب الوزارة وللحد من الكم الهائل من الكتب التي لاتستحق الطبع. 4- ضرورة حسم الاوضاع المالية بين الوزارة والناشرين علي وجه السرعة مع وضع اسس وقواعد مالية واضحة وثابتة يلتزم بها الجميع منعا لانتشار السوق السوداء لصالح الكتاب الخارجي وحتي لاتتكرر الازمة كل عام. 5- عدم اصدار قرارات مفاجئة وصادمة وعلوية اثناء العام الدراسي دون دراسة وافية لكل ابعاد القرارات حتي يتم تفعيل القرارات الوزارية باحترام وهيبة من الجميع. 6- دعم المدارس بالوسائل العلمية الفنية والمتطورة من مراكز تطوير تكنولوجي وحاسب آلي لتقديم مادة علمية حديثة للطالب من معلمين مؤهلين لتكون في المستقبل القريب البديل القادم للكتاب بدون ازمة مع فتح المعامل المغلقة وتخصيص درجات لاجراء التجارب المعملية. 7- تحديث طرق الامتحانات علي ان تكون مقياسا حقيقيا لقدرات وملكات الطالب لا ان تكون اكلاشيهات مكررة تملأ الكتاب الخارجي وتزيد من تفاقم الدروس الخصوصية وتقلل من قيمة وهيبة كتاب الوزارة. وإذا كانت الجدية والانضباط هي السمة الواضحة لمعالي وزير التربية والتعليم الذي يملك طاقة جبارة وقدرة علمية وعملية في الادارة ورؤية ثاقبة لنقاط الضعف في العملية التعليمية وادارة لاتهزها الرياح المعاكسة فإن الرجل يحتاج منا جميعا ان نقف معه ونشد من أزره إذا اصاب ونصوبه إذا اخطأ وان تعمل عقولنا وبصائرنا معا حتي يعود الانضباط الي العملية التعليمية ونضع اقدامنا علي اول سلم التقدم والمجد.