من أعظم نعم الله التى لا تحصى ولا تُعد نعمة الفهم ، ومن يرد الله به كل خير يفهمه دينه وكفى به نعمة مع العمل ، فإذا أراد الله بك الخير فرأيت أن تتصوف لتكون من خواص المؤمنين الذاكرين الله كثيرا والعارفين بالله تعالى ، فيجب أن يكون تصوفك على يد شيخ عارف ، يعاهدك على طاعة الله ورسوله ، ويريك عيوب نفسك ، ويعينك فى السلوك الى الله على بصيرة ، وإلا تعرضت لفتنة النفس والشيطان ، وبذلك العون تزداد يقينا بالله ، وقد قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تعلموا اليقين ) أى جالسوا أهل اليقين ، وكل بيعة حصلت بعد النبى صلى الله عليه وسلم هى تجديد لبيعته عليه الصلاة والسلام وبيعته صلى الله عليه وسم بيعة لله " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله " والشيوخ العارفون بالله نواب عن رسول الله حتى يرث الله الأرض ومن عليها ، لأن الله تعالى أبقى شريعته سارية بعد أنتقاله الى الرفيق الأعلى . وعلم الأحكام الظاهرة سهل التحصيل وقد تحصله من غير معلم إذا كنت مجتهدا ، أما علم الأخلاق القلبية الباطنة فصعب المنال ولا تستطيع تحصيله إلا على يد شيخ عارف بربه وجاهد نفسه فيها حتى عرف ربه ، ولذلك قال تعالى ( إن فى ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) فهؤلاء الأئمة من الصالحين المرشدون فى الأخلاق الباطنة فعرفوا بالسادة الصوفية . ومنهم سيدى ابو الحسن الشاذلى رضى الله عنه ، قال أوصانى حبيبى ، فقال : ( لا تنقل قدميك إلا حيث ترجو ثواب الله ، ولا تجلس إلا حيث تأمن من معصية الله ، ولا تصحب إلا من تستعين به على طاعة الله ، ولا تصطف لنفسك إالا من تزداد به يقينا ) ومن أهم كرامة عند الصوفية هى دوام الأستقامة ( فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ) . ومن فضل الله على الأمة المحمدية ، وهى خير أمة أخرجت للناس ، أنه قيض لها بعد رسول الله أئمة هداه مرشدين فى كل جيل يجددون للمسلمين روح الدين ، بالعلم والعمل والاخلاص والهمة ( قل هذه سبيلى أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى ) ، وقال سيدى الإمام على بن أبى طالب فى هؤلاء الأئمة : لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة ، إما ظاهراً مشهوراً ، أو خائفاً مغموراً ، لئلا تبطل حجج الله ، وكم هم وأين أولئك ، والله إنهم الأقلون عدداً ، والأعظمون عند الله قدراً . وقال فيهم أيضا كرم الله وجهه .. عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية لا عقل سماع ورواية ، فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل . وقد طلعنا الدكتور الفاضل / ناجح أبراهبم .. بأسلوباً استفهامياً إنكارياً يقول " أننا اليوم لسنا فى حاجة لمزيد من السياسة ولكننا نحتاج الى مزيد من التصوف الصحيح الذى لا بدعة فيه ولا غلو ؟؟؟ ويقول : نريد تصوفا فيه العلم والورع وإثار الآخرة والزهد فى الدنيا ؟؟ نريد تصوفا لا يعرف الدجل ولا الثياب الممزقة ولا الريالة ولا الرقص والدروشة الكاذبة ؟؟ تصوفا يعطى ولا يأخذ ولا يستعلى ، يهدى ولا يكفر ؟؟؟ تصوفا لا يعرف التحزب لطريقة أو شيخ أو فقيه، يحب لا يكره ، يعمل لا يتواكل يعرف الحق بمعرفة أهله ؟؟ نريد تصوفا نقيا ينقذ بلاد المسلمين من شرور السياسة والساسة ؟؟؟ . نقول له ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) .. اذاً تنكر وتقصد معنى آخر يفهم من السياق بعد تأملنا فى النص ، نقول لسيادتكم وانتم من مؤسسى وعضو مجلس شورى الجماعة الاسلامية ماذا فعلت الجماعة الاسلامية منذ 1997 م وتقديمكم مبادرة نبذ العنف ، للأمة الإسلامية ولكن لا تزال تعانى الأمة من الفكر المتطرف التى قامت عليه الجماعة التى كانت تدعو للجهاد لإقامة الدولة الإسلامية وأعادة المسلمين الى التمسك بدينهم وبحكم شرع الله ثم الدعوة للخلافة الاسلامية من جديد ، بل المأساة ان الشعب المصرى يدفع ثمن هذا الفكر المتطرف بالتضحية ومحاربة الالوان الجديدة الجماعات الارهابية معتنقة هذا الفكر التكفيرى المتطرف . ولكن الآن تريدون الصوفية لإنقاذ بلاد المسلمين من شرور السياسة والساسة ؟؟؟ ولكن بمفهومكم أنتم للصوفية كأنكم أوصياء على الصوفية والأمة الاسلامية ، آلم تتهم جماعتكم الصوفية بالملاحدة والزنادقة والقبوريون والمنحرفون ، وأن اعمالهم شركية . ولكن بالسند التاريخى منذ القرن الثالث الهجرى وكانت الصوفية تمثل مدرسة أخلاقية كبيرة فيها يعيش الصوفى حياة صادقة يبغى وجه الله ومحبته وفى هذه المدرسة يسير المريد تحت إشراف شيخه حتى يرقى بنفسه ويخلصها من علائق الجسد وبذا تسعد النفس الإنسانية وتحقق كمالها .، هذه المدرسة الصوفية مبنية على الكتاب والسنة والصدق والصفاء وحسن الوفاء وحمل لأذى وحفظ العهود ، والمحافظة فروض العبادة والاكثار من النوافل.حيث قال رسول الله (ص) فيما يرويه عن ربه جل جلاله ، أنه قال : " ما تقرب عبد الىّ بمثل أداء ما أفترضت عليه ، ولا يزال يتقرب الى بالنوافل حتى أحبه ، فاذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً ولساناً وقلباً ويداً ورجلا.، بي يسمع وبى يُبصر وبي ينطق وبي يمشى . وما تريدونه صوفية بلا بدعة وغلو وثياب ممزقة واصحاب الريالة والدروشة الكاذبة ؟؟ والصوفية بريئة من ذلك ولكن هم عباد من عباد الله كالمجاذيب ألبستهم ممزقة وبهم من الأشياء سواء رياله وغيره بمعنى " أشعث أغبر " فالله أدرى بعباده وفى الحديث الذى رواه سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول : " ان من عباد الله عباداً ما هم أنبياء ولا شهداء ، يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة لمكانهم من الله ، قالوا يارسول الله : أخبرنا من هم وما أعمالهم فعلنا نحبهم ؟ قال : هم قوم تحابوا فى الله على غير أرحام بينهم ، ولا أموال يتعاطونها ، فو الله إن وجوههم لنور ، وأنهم على منابر من نور ، لا يخافون إذا خاف الناس ، و لايحزنون إذا حزن الناس . ونقول أن عباد الله حقا لا يعلمهم إلا لذا أخفى الله " وليِهُ " فى عباده حتى لا نحقرمن عباد الله أحد ، لذا قال الله جل شأنه : " من آذى لي ولياً فقد بارزنى بالمحاربة " فجعل إيذاء الولى كأنه أيذاء الله ، لابد من محاربته ، وقال النبى عليه الصلا والسلام فى بيان قدر الولى عند الله واستجابته سبحانه وتعالى لدعائه : " ربُ أشعت أغبر ذى طمرين لايؤبه له لو أقسم على الله لأبره . " ألا ما أعظم العطاء وما أفضل الجزاء . والصوفية لم تكن بعيدة عو الوسط والوسطية الإسلامية والتوازن والاعتدال فى الممارسة والسلوك الدينى ، ولكن الغلاة يفاصلون المجتمعات الإسلامية ويحاولون الأنفصال عنها ، بالتكفير والهجرة تحت مسمى الجهاد وبالاستعلاء على سواد الأمة ولا تنسى الدكتور الفاضل ما تتألم الامة الاسلامية أجمع من المفاهيم الغامضة والعبارات الموهمة ، وتذكر مفهوم وشعار ( الحاكمية ) الذى أنضم الى مفهوم وشعار الجاهلية والردة والكفر والتى أصبحت " معالم الطريق " لتيار الرفض والغلو بين الإسلاميين المعاصريين ، نطلب جهدكم لدى تيار الاسلام السياسى والجماعات السلفية الجهادية وليست شرور السياسة والساسة التى لا نعلم عنها شيئا ولا تخصنا بشئ ، جزاك الله خيرا .