هو أحد أعمدة الفكر والمنهج الصوفي في المؤسسة الأزهرية, وهو أيضا عضو المجلس الصوفي الأعلي وممثل الأزهر الشريف بالمشيخة العامة للطرق الصوفية, يدافع عن أهل التصوف, ويري أنهم أهل السنة والجماعة وأتباع السلف ويسيرون علي دربهم, ويبرئ الفكر السلفي الصحيح من تهمة هدم وحرق الأضرحة ومقامات الأولياء, وهو فوق كل ذلك يؤكد أن زيارة الأضرحة ومقامات آل البيت والأولياء نداء قرآني واستجابة لأوامر نبوية, وحول ما يثار تجاه الصوفية والفكر والنهج الصوفي, كان لنا هذا الحوار مع الدكتور احمد عمر هاشم, رئيس جامعة الأزهر السابق وعضو المجلس الاعلي للطرق الصوفية, وعضو مجمع البحوث الإسلامية: بماذا تردون علي من يحرقون الأضرحة ومقامات الأولياء ؟ إذا كان من أقدم علي فعل ذلك يدعي أنه سلفي, فهؤلاء لا يمثلون بأي حال من الأحوال الفكر السلفي القائم علي الوسطية والتسامح, وهؤلاء ليسوا سلفيين ولديهم مغالطات ومعتقدات مبالغ فيها, لان السلفية هي السير علي هدي الرسول والصحابة والتابعين وعدم الخروج عما جاء في القرآن والسنة, ومن يقوم بمثل تلك الأفعال هم جماعات خارجة عن الإسلام, وقبل ذلك لم يكن يستطيع هؤلاء الإعلان عن أنفسهم ولكن بعد نجاح الثورة حدث نوع من الانفلات المتمثل في خروج تيارات جديدة, والمشكلة في هذه التيارات أن كل تيار يري نفسه الأصلح وانه علي حق وانه الأجدر لإدارة شئون البلاد,وما فعله البعض من هدم الأضرحة هو حرام شرعا, فالصلاة في مساجد بها قبور وأضرحة ليست حراما, مادام المصلي يصلي لله وليس للشخص المدفون بالقبر, وجمهور الأمة بدءا من العهد الأول حتي قيام الساعة يصلون في المسجد النبوي وبه قبر الرسول وبعض الصحابة, وما يحدث الآن من ترهيب وتخويف للمسلمين ليس له علاقة بالسلفيين والفكر والمنهج السلفي الصحيح الذي ينبذ العنف ويسير علي درب الوسطية والاعتدال والتعامل برفق, لان الرفق إذا وجد في شيء زانه وإذا نزع من شيء شانه. ولكن هناك فتاوي متشددة تتهم الصوفية بالشرك ونشر البدع والخرافات وتقديس الأموات وعبادة البرزخ, ونشر التواكل بين عامة الناس ؟ التصوف الإسلامي, ما هو إلا الإحسان الذي ورد في حديث جبريل عندما سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الإحسان فقال:( أن تعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك) والتصوف الذي نعنيه ونقصده, هو التصوف الذي قال فيه إمام الطائفة الجنيد رحمه الله علمنا هذا مشيد بالكتاب والسنة, وكلمة التصوف دار حولها حوار كثير, فمنهم من أرجعها إلي الصفاء, ومنهم من أرجعها إلي أهل الصفة الذين انقطعوا للعبادة والعلم وحفظوا مرويات الرسول, ومنهم من رجع بها إلي الصف الأول ومنهم من رجع بها إلي لبس الصوف لأنه كان زي الطائفة الذين تسموا بهذا الاسم. وأذكر ونحن طلاب في كلية أصول الدين كان شيخنا المغفور له الدكتور عبد الحليم محمود رحمه الله, عميدا للكلية, واقترح تدريس مادة التصوف, وإلي يومنا هذا تدرس للطلاب في كلية أصول الدين, قرر فيها كتابا حققه للإمام الغزالي المنقذ من الضلال وضح فيه حقيقة التصوف, وهو ان الصوفية هم أهل السنة والجماعة, والجميع موحدون يؤمنون بالله ربا وبالإسلام دينا وبسيدنا محمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا, لا خلاف, هم يقيمون سلوكهم علي أساس من كتاب الله وسنة رسوله, ويقولون إذا رأيت الرجل يطير في الهواء ويمشي علي الماء ويخالف شرع الله فهذا عمل شيطان إذن الشريعة التي نعبد الله عليها لها خلاصة هي الحقيقة, والذي يدعي حقيقة بدون شريعة فحقيقته باطلة, والذي يدعي شريعة بدون حقيقة, فشريعته عاطلة لأنها لم تثمر الأخلاق الفاضلة. والتصوف ليس انعزالا عن الحياة ولا تقوقعا في دور العبادة, وإنما يؤدي عمله جنبا إلي جنب مع عبادته, ولنا نماذج رائعة من المتصوفة, والصوفية هم الذين قدموا للفكر الإسلامي ولجامعتنا الإسلامية في العالم كله مراجع العلم من شوامخ الأئمة, كالإمام أبو حامد الغزالي وكتابه القيم الذي جدد به الفكر الإسلامي إحياء علوم الدين وحافظ ابن حجر صاحب كتاب فتح الباري والإمام النووي و الإمام السبكي وأئمة وشيوخ الأزهر الذين زادوا عن أربعين شيخا كانوا جميعهم من المتصوفة. فالذين يحاولون أن يعادوا التصوف ويحاولون أن يعادوا أولياء الله ويرموا بالبهتان بعض الأولياء, ويسبون بعض الذين افضوا الي ربهم سبحانه وتعالي, وكم قرأنا كتبا مظلمة تذم وتقدح في الامام البدوي والإمام الحسين والسيدة زينب وغيرهم من اولياء الله الصالحين أو من آل البيت, وانا اقول لهؤلاء, الم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم اذكروا محاسن موتاكم الم يقل الرسول ارقبوا آل بيتي والقرآن الكريم ألم يقل قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي الله تعالي يحمي آل البيت ومن يمس أضرحتهم فالله كفيل به, فلماذا هذا الصراخ والتشنج ؟ أمن أجل عصبية لتيار معين أو فكر خاص, إننا لا نحابي فكرا علي حساب فكر ولا تيارا علي حساب تيار, فكلنا والحمد لله مؤمنون وموحدون ومن أهل القبلة ومن أهل السنة والجماعة, لكننا لا نريد من إخواننا الذين يؤمنون بالله ومعنا في خندق واحد ندافع عن الإسلام وعن دين الإسلام والوطن, لا نريد منهم ان يكثروا من أعداء الإسلام وان يجعلوا الصوفية من أعداء الإسلام, لماذا ؟ لأنهم قوم لم يظهر فيهم التطرف ولا التحلل ولا الإباحية ولا الإرهاب, قوم يذكرون الله في مساجدهم ويقتدون بالرسول ويحبونه ويحبون آل بيته والرسول وصانا بذلك: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعم وأحبوني لحب الله واحبوا آل بيتي لحبي يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله.. يكفيكمو من عظيم فخر أنكم من لم يصل عليكم فلا صلاة له شرع الله لنا في كل صلاة نقول اللهم صلي علي سيدنا محمد وعلي آل سيدنا محمد فلماذا تعادون أولياء الله وآل بيت رسول الله, وبعض الذين يحبونهم ويجلونهم, إذا كنتم تريدون ان تحرموا زيارتهم حرموا زيارة كل القبور إذن, والرسول صلي الله عليه وسلم يقول كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها واذا كانت الزيارة جائزة أليس من الأولي أن تجوز لآل البيت الذي وصي القرآن والرسول بهم, فلماذا هذه الفرقة ؟ وكيف يمكن مواجهة هذا الفكر ؟ وما هي الضوابط التي وضعها الإسلام لتغيير المنكر باليد ؟! نحن نحذر من استخدام العنف والقوة في تطبيق شرع الله, فليس من حق احد أن يعاقب إنسانا آخر علي ذنب أو معصية لإقامة حد من حدود الله, والمنوط به فعل ذلك هم أولو الأمر الذين وضع الله في أيديهم العقوبات, ولو أن العقوبات طبقها أفراد عاديون فستسود الفوضي داخل المجتمع, وقد حذرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم حين قال: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات فقد مات ميتة الجاهلية وقد حذر نبي الله من أن يضرب إنسان إنسانا عاصيا واعتبره ليس من أمته لان حسابه وعقابه عند الله. ويجب أن يكون للأزهر الشريف دور في التصدي لهذه الأفكار الهدامة, وذلك بتكثيف الدعوة لتصحيح تلك المفاهيم, وان تعود برامج ندوة الرأي وحديث الروح والأحاديث المسجلة للشيخ الشعراوي وكل تلك البرامج التي كانت تتصدي للأخطاء وتقدم صحيح الدين لتنقذ المواطنين من أفكار هؤلاء, وأفعالهم التي تسيئ إلي الإسلام وتشوه صورة المسلمين في كل مكان فالأزهر الشريف ومجمع البحوث الإسلامية هما المرجعية الدينية التي يجب أن يستمع إليها جميع المواطنين حتي لا يقعوا فريسة لهذه الأفكار الهدامة, كما انه لا بد أن يكون هناك تواصل وتنسيق تام بين الطرق الصوفية وان تنهض بدورها في خدمة الدعوة الإسلامية ومؤازرة المجتمع في هذا المنعطف الهام, للتخلص من سلبيات هذه المرحلة كالانفلات الأمني والأخلاقي, والاتهامات المتبادلة بالخيانة والتشكيك, في ظل هذه الفترة الحساسة التي نعاني فيها من احتقان طائفي وتكتلات حزبية وركوب لموجة الثورة, وأن نكون جميعا مع الله وندعو إلي المنهج الرباني الذي وضعه رسول الله, أما أولئك المتخوفون من هدم الأضرحة ومساجد الأولياء, فإنني أقول للجميع, لن تنالوا منهم لأن الله يدافع عنهم, كما أناشد المسئولين ومن سيأتي رئيسا لمصر أنهم لا بد أن يعرفوا أن التصوف لم يخرج من عباءته إرهابي واحد, كما أنصح بأن يكون المسلمون جميعا في كل الأرض يدا واحدة وألا نختلف أو نفترق وألا يعادي بعضنا البعض, فأمتنا الإسلامية تمر بمرحلة تاريخية هامة من حياتها تستوجب علينا جميعا صوفية وسلفية, سم نفسك ما شئت, المهم المحتوي والجوهر والمضمون أن نؤمن بالله ربا وبالإسلام دينا ومحمد نبيا وسولا, وأن نخلص بقلوبنا وان نقيم عباداتنا علي هدي من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم.