في هذا العصر الذي أخذت فيه الأرض زخرفها وزينتها من العناصر المادية مازال في البيئات الإسلامية طوائف من أصحاب الفطر السليمة . ف الذين يرجون للبشرية مستقبلا يضرب بأسهم وافرة في عالم الخير والحق والدين والروح والاخاء والايثار والذين تنبع أصوله من وحي السماء ويسير أفرادا وجماعات هادفا إلي تحقيق المباديء الالهية ويمثل ذلك كنماذج أئمة وأعلام الصوفية في المنهج الذي اتبعوه والحقائق الواقعية في المباديء والقواعد التي تترسم التربية الالهية وهدي الرسول عليه الصلاة والسلام فيما عظم من الأمور وفيما هو سهل ويسير وهم يحاولون بقدر الاستطاعة أن يكونوا ور ثة الأنبياء علما و سلوكا وأحوالا بيد أن بعض الناس لا يتبين في وضوح معني التصوف ولا مدي الصلة بينه وبين الإسلام هذا ما استهدفه الإمام الراحل الدكتور عبدالحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق في كتابه قضية التصوف والذي جاء في439 صفحة من القطع المتوسط وأصدرته دار المعارف وتضمن فصولا عن4 من أئمة التصوف وهم العارفين بالله أبو الحسن الشادلي وأبي العباس المرسي والشيخ عبدالواحد يحيي والشيخ عبدالفتاح القاضي واستعرض الإمام الراحل في كتابه عن هؤلاء الأعلام حياة كل منهم و شخصيته وأعماله و دفاعه عن الإسلام والهاماته عن طريقه الصوفي والأ ذ كار والأدعية التي يتبعها والعادات والتقاليد التي تتم بالتصوف في حياة الصوفيين وارتباطها بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بما يقود الناس إلي إسلام الوجه لله ليكونوا في كفالته ورعايته ويصبحوا بذلك في أمن وسلام تطبيقا لقوله تعالي ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين آمنوا وكانوا يتقون. لهم البشري في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ويتوقف تحقق ذلك علي العمل والنية الصادقة والخالصة في تطبيقه كما يقول الرسول صلي الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوي. كما تضمن كتاب قضية التصوف للإمام الراحل الدكتور عبدالحليم محمود مجموعة من الرؤي المتعددة حول الصوفية والتي شملت المنهج الملائم للصوفية وصلة التصوف بالإسلام والعلم والعقل والأخلاق والزهد والعبادة والتي تبين منها كما يقول المؤرخون القدماء أن تعريفات التصوف قاربت علي الألف وأن الدراسات النفسية والاجتماعية أفسدت الفكرة عن التصوف لأنها تقيدت بالظواهر المادية الملموسة إلي جانب اخفاق العقل في عالم التصوف.. وبقي بعد ذلك المنهج القلبي أو الروحي أو نهج البصيرة الذي أقرته الأديان جميعها واصطفته مذاهب الحكمة القديم منها والحديث طبقا لقوله سبحانه إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا وهذا ما يؤكد أن المنهج الصوفي منهج اسلامي صحيح وهو تزكية النفس أو اجلاء البصيرة ولا يتأتي عن طريق القراءة والبحث والدرس ويختتم الإمام الراحل عبدالحليم محمود كتابه بالتعريف الذي يراه للتصوف بأنه المنهج الذي يحقق قول الله تعالي قد أفلح من زكاها لأن تزكية النفس للوصول بها إلي الصفاء. والمنهج محاولة للقرب من قوله سبحانه قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. أما الغاية فإنها الوصول إلي المشاهدة التي يحققها قوله عز وجل شهد الله أنه لا إله إلآ هو والملائكة وأولي العلم و ذلك هو اليقين الذي يسد الطريق في وجه محاولات اثارة الأوهام ضد التصوف والصوفية.