في ديسمبر 2007، وعلي متن الطائرة المتجهة إلي العاصمة البرتغالية لشبونة، أفصح الرئيس الأسبق مبارك عن نيته مطالبة الدول الأوروبية، في قمة إفريقيا – أوروبا، إسقاط ديونها لدي إفريقيا، حتي تتمكن دولها من تنمية بلادها والاعتماد علي نفسها، وفعل الرجل، لكن أوروبا لم تهتم. قبلها بست سنوات وفي عام 2001، كانت الدول الصناعية الكبري قد قررت في اجتماع جنوا بإيطاليا تقديم الدعم اللازم للدول الإفريقية، في شكل مساعدات ومنح و تسهيلات اقتصادية تجارية إيذانًا بفطام القارة الحلوب، فلم يتم وحتي كتابة هذه السطور، إسقاط دولار واحد من هذه الديون!! وفي قمة إفريقيا - أوروبا التي عقدت بالقاهرة عام 2000، طالبت فرنسا بإسقاط 80 مليار دولار من المديونية الإفريقية، لكن رفض طلبها، بعدما تبين أن الطلب كان يحمل في طياته أسبابًا سياسية، وهو ما أشرت إليه في هذا المكان في 9 ديسمبر 2007 تحت عنوان " مديونيات القارة الحلوب "، كاشفًا عن المزايدة الفرنسية علي العرض الأمريكي الذي سبق أن قدمه الرئيس الأسبق بيل كلينتون خلال قمة أمريكا- إفريقيا، طلب من خلاله الموافقة علي إسقاط 70مليار دولار عن كاهل الأفارقة ، فكانت المحصلة، أن اكتفي البيان الختامي للقمة، بالإشارة إلي أن ?قريقيا ستستفيد من مبلغ مليار يورو فقط ، مخصصة للدول الأكثر فقرًا علي مستوي العالم!! بين مطرقة الأمريكان وسندان الأوروبيين، عقد الأفارقة قممًا عديدة، آخرها قمة مالابو عاصمة غينيا الإستوائية التي انتهت فعالياتها أمس، غرس خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي - إن جاز التعبير- شجرة عودة الشئ لأصله، معلنًا عن إنشاء وكالة مصرية تحتضن كل الكوادر الإفريقية لتأهيلها، لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة، ولتكون هذه الخطوة بمثابة نقلة نوعية في العلاقات المصرية الإفريقية، إيمانًا من القاهرة بمسئولياتها تجاه القارة السمراء، وبخاصة دول حوض النيل، شريطة ألا تدع لمشكلة سد النهضة ما يفسد فرص الحوار والتفاوض، للوصول إل؟ أنسب صيغ الحل والتسوية، سعياً لدعم أواصر التعاون المشترك، وملء الفراغ السياسي والتنموي الذي احتلته دول الاستغلال والاستحواذ في غيبة منا. بعيدًا عن مترادفات الجذور والعلاقات التاريخية والجغرافية الممتدة عبر الزمان، قل لي بالله عليك.. ما الذي يحمل دولاً مثل إنجلتراوفرنساوالولاياتالمتحدةالأمريكية، ثم كوريا الجنوبية، فالهند وماليزيا، علي الدخول في سباق محموم للاستثمار في إفريقيا فيما تجاهلته مصر مبارك عن عمد لحساب أوروبا؟ ثم ما الذي يدعو دولة كبرى اقتصادياً في حجم الصين لا تترك دولة إفريقية إلا وأوفدت إليها مسئولاً رفيع المستوي، أو زارها رئيس أو وزير اقتصادي؟ وما الذي يجعلها تنشئ تجمعا - الصين إفريقيا - نشطاً علي مستوي الرؤساء؟ بالتأكيد، كلنا يعلم أن النفط الإفريقي يتصدر مشهد الإجابة، وقد تابعنا كثيرًا في الماضي القريب، نزاعات في إفريقيا حول البترول، منها ما تحتفظ به الذاكرة علي نحو ما جري بين نيجيريا والكاميرون في شبه جزيرة باكاس، ومنها كذلك الحرب الأهلية الدامية في أنجولا المدعومة من قوي دولية وإقليمية علي خلفية الثروة البترولية الضخمة!! ولعل في ذلك كله ما يبرر انزعاج الولاياتالمتحدةالأمريكية وبشدة من دخول الصين كمنافس قوي في النفط الإفريقي، وتبنيها حملة دعاية مضادة تحمل اسم" الغزو الصيني لإفريقيا بمنتجات رديئة"، حملوها مسئولية غلق المصانع وتشريد العمال، فما كان من الصين إلا وسارعت بإغراء الأفارقة، بسلاح القروض الرخيصة مقابل الحصول علي عقود نفط مجزية كما حدث من أنجولا والسودان، بما شجع دولة أخري مثل الهند، بالنزول لساحة الإغراءات بقروض أشد تيسيراً، وبفائدة أقل بنسبة 1% لمدة 20 سنة، اضطرت معه الصين لإلغاء جزء من الديون المستحقة عليها لتدخ? معها دول آسيوية وأوروبية وأمريكية أخري حلبة المنافسة أو المصارعة لكسب ود النفط الإفريقي، وكل بطريقته، إما بجزرة المساعدات الإنسانية لمنكوبي الجفاف والمجاعات، وإما بعصا إشعال فتيل القلاقل والحروب الأهلية، ورغم الاستجابة، فلم تزل العصا الأمريكية مرفوعة، ولا زالت دموع القارة الحلوب تسيل !! This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.