كان الاجتماع الأخير للزعماء الأفارقة والأوروبيين في لشبونة بمثابة بداية لمشاركة استراتيجية جديدة ولكن الاجتماع كان معبرا عن قلق أوروبا من تزايد نفوذ الصين في إفريقيا وهي القارة التي ينظر إليها الأوروبيون منذ زمن بعيد علي انها حلبة السباق الخاصة بهم, وتتوقع الصين بحلول عام2010 ان تصل تجارتها إلي100 مليار دولار مع إفريقيا, بينما كانت40 مليار في عام2005, فزعماء بكين لا يقضون وقتا طويلا في امعان النظر في قضايا مثل المذابح في دارفور أو القمع في زيمبابوي. مازالت إفريقيا تضم العدد الأكبر من الدول الأقل نموا في العالم, وتستمر معاناتها من النزاعات المسلحة والأوضاع الإنسانية للاجئين والنازحين, والأمراض المتوطنة والأمية والفساد, هذا إلي جانب ما تواجهه من أعباء الديون الخارجية, وشروط التجارة الدولية, وضعف نفاذ صادراتها لأسواق العالم, وصعوبات في استكمال البنية الأساسية الجاذبة للاستثمار. وقد انعقدت في العاصمة البرتغالية لشبونة في الثامن والتاسع من الشهر الحالي قمة أوروبا إفريقيا بحضور80 زعيم دولة إفريقية وأوروبية ومشاركة الرئيس حسني مبارك, بهدف الوصول إلي صيغ واقعية وعملية لحل مشكلات إفريقيا في ظل تطلعات شعوبها نحو التنمية والتقدم بعد معاناتها لعقود طويلة من التخلف الذي سببه الميراث الاستعماري. ويعد تصاعد النفوذ الصيني في القارة السمراء أهم تطور حدث فيها منذ نهاية الحرب الباردة. ويري جيفري ساكس, الاستاذ بجامعة كولومبيا أن دخول الصين أخيرا إلي إفريقيا هو شيء إيجابي بالنسبة للقارة, فالصين تشتري المنتجات الإفريقية وترفع من سعرها وتزيد الدخول الإفريقية. كما أن الصين تقدم منتجات وخدمات منخفضة السعر وأصبحت دولة مانحة كبيرة. وإذا كان الغرب يعترض علي أن الصين لا تتبع سلوكا جيدا كدولة مانحة, بتغاضيها عن المخالفات المتعلقة بالفساد أو حقوق الإنسان, فإن ذلك يرجع إلي الغيرة من أن الصين قد تعدت حلبة السباق الأمريكية والأوروبية الاقتصادية والسياسية القديمة, والحقيقة أن الأوروبيين والأمريكيين كانوا مانحين لا يعتمد عليهم, يعدون بشيء ويفعلون شيئا آخر, أو يعملون القليل من كل شيء, بينما الصين أكثر عملية, فهي تساعد الدول الإفريقية في بناء الطرق والمصانع التي تحتاجها. لقد انفردت أوروبا وأمريكا بامتيازات كثيرة في إفريقيا لعقود طويلة, ولكنها الآن تواجه منافسين جددا من الصين والهند والبرازيل وغيرها, ونظرا لتزايد الطلب علي ثروات القارة السمراء, فلقد أصبح لزاما علي أوروبا وأمريكا أن تتعاملا مع إفريقيا بأسلوب مختلف, وكما قال لويس موراجو, مدير مكتب منظمة اوكسفام الدولية في بروكسل, لو أن الاتحاد الأوروبي استطاع أن يستمع ويركز في قضايا تهم إفريقيا, وليس أولويات أوروبا وحدها, فإن القمة سوف تساعد في الربط بين القارتين. فهل حقا سوف تؤدي قمة أوروبا إفريقيا2007 إلي تحول أساسي في العلاقات الثنائية وتسمح للإتحاد الأوروبي باستعادة مكانته التي أخذتها الصين منه؟ إن ما تحتاجه إفريقيا هو أكثر من مجرد وضعها ضمن أولويات أجندة المؤتمرات الدولية, فلقد سبق ووضعت عشرات المرات. إفريقيا في حاجة إلي قيادات شجاعة قادرة علي الإصلاح والتنمية إلي جانب حاجتها للتأييد الخارجي في تحقيق مشروعاتها للتقدم والازدهار. فهي قارة غنية بمواردها, ولكن ينقصها حسن استغلال هذه الثروات ومحاربة الفساد والجهل والمرض والفقر الذي يقف عائقا أمام تحقيق طموحات شعوبها. إن سياسة داخلية متعقلة سوف تكون أكثر تأثيرا من المساعدات الخارجية في توفير الظروف الملائمة للتنمية.