لفت نظرى فى زيارة المشير السيسى إلى موسكو أن أزمة سد النهضة الاثيوبى ثم وضعها على طاولة المناقشات مع الجانب الروسى وفى اللقاء مع الرئيس بوتين.. وهذا ما يشير إلى أن مصر بدأت الخطوات الفعلية فى طرح القضية دولياً وإنها بذلك انتقلت إلى مرحلة جديدة من التعامل مع «السد» بعد تعنت الموقف الأثيوبى والذى أوصل المفاوضات بين الجانبين الى طريق مسدود.. لقد بدأ السيسى تدويل «القضية» من موسكو وفى نفس الوقت أدخل طرفاً ثالثاً قوىاً كوسيط بين البلدين يتفهم الحقوق التاريخية للمصريين فى مياه النيل بحكم العلاقات القديمة وباعتبارها الطرف الثانى فى منظومة التوازن الدولى.. وإذا كانت مصر بدأت المرحلة الثانية فى مواجهة مشكلة السد عبر الدبلوماسية الدولية فإن الأمر يتطلب تشكيل لجنة لإدارة الأزمة لوضع البدائل المقترحة للتعامل فى حالة استمرار التعنت الأثيوبى. إن الجانب السودانى وباعتباره يمثل احدى دول المصب يجب أن يلقى اهتماماً خاصاً فى المفاوضات معه خاصة ان الأخبار الواردة من المباحثات الثلاثية «مصر السودان اثيوبيا» غير مشجعة وتتحدث عن الارتباك السودانى فى التعامل بل وصلت كما يتردد إلى درجة الانحياز إلى اثيوبيا مع انها تعرف كافة تفاصيل حقوق مصر التاريخية ومن ثم فالأمر يتطلب التواصل الجاد حتى ولو كان على أعلى المستويات مع الإدارة السودانية حتى تصبح الصورة أكثر وضوحاً وشفافية والتى على أساسها تستطيع مصر وضع استراتيجية التعامل مع أزمة السد.. ان خطة التحرك يجب ان تكون سريعة خاصة بعد بناء ما يقرب من 30٪ من جسم السد كما كشفت التقارير الدولية وان تكون على محورين رئيسين متوازيين وان تطرح القضية على الرأى العام الدولى وخطورة السد على المصريين كاشفة عن الدراسات الفنية والمتكاملة التى أجراها خبراء مصريون وامريكان وأيضا الوثائق التاريخية التى تضمن حصة مصر فى المياه وأن تلجأ مصر الى الأممالمتحدة ومجلس الأمن باعتبارها الجهة الوحيدة المنوطة بإحالة القضية الى محكمة العدل الدولية دون موافقة أطراف الأزمة. والمحور الثانى يتمثل فى وقف عمليات التمويل والتى تقدر بحوالى 74 مليار دولار لبناء السد والتى نجحت مصر فى ان تؤدى الى انسحاب الإمارات والصين وكوريا والبنك الدولى من التمويل مع رصد تحركات الدول التى لها مصلحة فى استمرار المشروعات وخاصة بعد نشر معلومات عن ضلوع دول مثل اسرائيل وتركيا وقطر فى تأجيج الأزمة والمساعدة فى التمويل.. أما المحور الثالث والذى لا نتمنى ان نصل إليه ان تبدأ مصر فى الاستعداد للدفاع عن حقها فى الحياة باعتبار ان النيل الباعث لها أو كما قال هيرودوت أبو التاريخ «مصر هبة النيل»