حينما خرجت الملايين من ابناء الشعب المصرى يوم 25 يناير 2011 وتوابعه (بغض النظر عمن دعا ورتب وخطط ) كانت هذه الملايين تريد (مصر افضل ) مما كانت عليه آنذاك سياسيا واقتصاديا واجتماعيا واقليميا ودوليا ...وحينما خرجت الملايين من ابناء الشعب المصرى فى 30 يونيه وتوابعه ( بغض النظر عمن دعا ورتب وخطط ) كانت تريد الحفاظ على مصر كدولة باتت مهددة فى جغرافيتها وتاريخها وهويتها ووحدتها ودورها ... وهناك فرق كبير بين الحالتين هو بالتحديد الفرق بين ان (تحسّن ) من حال (شيء موجود ) وان (تحافظ ) على ( وجود هذا الشيء ) وهنا يتأكد للمرة الالف بعد الالف ان هذا الشعب يعرف جيدا ان هناك ( اولويات ) يأتى على رأسها ( الحفاظ على الوطن ) حتى لو بقيت الاحوال على ماهى عليه بل حتى لو ساءت الاحوال عما هى عليه . وحينما يتعلق الامر بالحفاظ على الوطن فعلى (الحالمين من الشرفاء ) بوطن افضل -وهذا حقهم دون شك ولا ريب -ان يتخلوا (مؤقتا ) عن (بعض حلمهم ) فى الافضل او حتى (كل حلمهم ) فى الافضل وان يلتفوا حول الهدف الاهم وهو (الحفاظ على الوطن ) المهدد ب ( الانفجار من الداخل ) فضلا عن التهديدات التى تحوطه من الجهات (الخمس ) بل (الست ) باعتبار ان السماء والارض جهتين مضافتين الى الجهات الأربع المعروفة . والمؤكد الآن ان (الخلط ) بين الامرين اللذين قد يكون صعبا او ربما مستحيلا الجمع بينهما فى الظروف الحالية يعد بمثابة (مساعدة ) لاعداء الوطن فى الداخل والخارج الذين يجدون فيما يحدث مناخا مناسبا لاستكمال مخططاتهم التى تستهدف تفجير الوطن وتفتيته واضعافه ....فحينما يكون بيتك مهددا بالهدم , يصبح الحديث , فضلا عن الاقتتال حول عدالة توزيع الماء او الخبز او حتى السمن والعسل (ترفا ) بل (جنونا ) بل (مساعدة ) مجانية لمن يريدون اتمام خطتهم فى هدم البيت وهذا بالضبط ما يفعله الكثيرون حتى ممن يعتبرون انفسهم من المثقفين بل من العالمين ببواطن الأمور !!! فإذا كان (تحسين الاجور ) مثلا سيأتى على حساب الميزانية اللازمة للابقاء على (سيناء ) جزءا من الوطن فالالحاح على ذلك ومهاجمة النظام من اجله يعد ( خطة اشغال واستنزاف ) تصب نتائجها فى مصلحة اعداء الوطن , وكذلك بقية المطالب المشروعة التى تأتى فى مرتبة اقل اهمية من مرتبة ( الحفاظ على الوطن ) , واذا كانت ( عودة الجيش الى ثكناته ) مطلب وطنى مشروع فى الاحوال العادية فإنه يتحول لمطلب غير وطنى وغير مشروع اذا كانت البلاد والعباد فى حالة حرب مع اعداء الوطن فى الداخل والخارج وتقديرى الشخصى -وقد اكون مخطئا -اننا الآن فى حالة حرب فعلية تشترك فيها اطراف اقليمية ودولية لتنفيذ (مخطط معروف ومعلن ) يحاولون تمريره بواسطة عملائهم فى الداخل و (يغلفونه ) بعشرات (المصطلحات ) البراقة الملغومة- كحصان طروادة- مثل الديمقراطية وحقوق الانسان وغير ذلك بينما يدوسونها بأحذيتهم اذا تعارضت مع مصالحهم سواء بالداخل او بالخارج وليس ما حدث فى الصومال وافغانستان والعراق والسودان وما يحدث الآن فى ليبيا واليمن وسوريا بعيدا عنا فهو اوضح من الشمس فى كبد النهار ومسجل بالصوت والصورة وقد تم ويتم تحت رايات نفس القوى والشعارات . ليس معنى ذلك انى ارى التخلى عن احلامنا المشروعة ولكن ارى تأجيل بعضها او تأجيلها كلها اذا تعارض ذلك مع اولوية ( الحفاظ على الوطن ) واعتقد ان ذلك هو الترجمة الصحيحة للوطنية الحقيقية والدين السليم الذى اباح لنا تعديل عدد ركعات وهيئة وموعد الصلاة التى هى عماد الدين اذا كنا فى مواقف استثنائية .... ارجو ان تكون المسألة قد تم تجليتها حتى نستطيع ان نحكم على الاقوال والافعال والمواقف من جميع الافراد والجماعات والله ثم الوطن من وراء القصد وحسبنا الله ونعم الوكيل .