السؤال: في هذه الآونة يكثر نزول المسلمين إلي الشواطيء. فكيف ترون هذه الظاهرة؟ وما هي التوجيهات التي تقدمونها لكل من يرغب في الذهاب إلي الشواطيء؟ وهل يجوز للزوج أن يصحب زوجته معه للمصيف؟ ** يجيب الدكتور "يوسف القرضاوي" المفكر الإسلامي ورئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فيقول: الذهاب إلي المصايف أمر مباح. والمباح في الشرع يتقيد بشرط السلامة "أي سلامة الفعل من المحظورات الشرعية". وقد يكون واجباً إذا كان القصد منه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وبخاصة في هذه الأماكن التي يكثر فيها الاختلاط وتكشف العورات. وغالباً ما تنتهك الحرمات. وقد يكون مستحباً إذا استعان المسلم بهذه الراحة القصيرة علي أداء واجباته. وقد يكون حراماً إذا صاحبه اختلاط غير مشروع أو نظر إلي العورات. أو غير ذلك من المحرمات. فالذهاب للشواطيء للاستجمام حق لكل إنسان وليس للدنيويين فقط حتي إذا ذهب الإسلاميون أنكر عليهم ذلك.. فهل هواء البحر محرم علي أهل الدين؟ فلماذا هذا الإنكار علي المسلمين عند ذهابهم إلي الشواطيء؟ فهذه الظاهرة طيبة. فمنذ سنوات امتدت الصحوة الإسلامية. حتي أننا نمر علي شواطيء البحر الآن لنجد الملتزمين يصلون عندما يحين وقت الصلاة. وقد نري المحجبات أيضاً عند البحر. وهذا أمر نحبذه ولا نري فيه منكراً شرعياً. فالتمتع بالحلال الطيب من نعم الله جائز. ومنه مشاهدة الطبيعة والنسيم العليل والحدائق والزهور. قال تعالي: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق". وقال: "أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء". وكل ذلك في نطاق قوله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا تُحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين". فالتمتع بالطيبات يكون في اعتدال وبقدر. ولا يتعدي حدود المشروع. وشواطيء البحار يقصدها الكثيرون في الصيف لطيب الهواء والاستحمام بالماء وهدوء الأعصاب. ولو التزم الإنسان وخاصة النساء بالحشمة المطلوبة والأدب في السلوك عامة ما كان هناك مانع من ارتيادها. والحفاظ علي الآداب تقع مهمته الأولي علي أولياء الأمور من الأزواج والآباء. إلي جانب الجهات المسئولة عن الأمن والآداب. فلابد من تعاون الجميع شعبا وحكومة علي ذلك. مع العلم بأن "التصييف" ليس أمراً ضرورياً حتمياً حتي يُسمح فيه ببعض التجاوزات علي قاعدة الضرورات تبيح المحظورات. وإنما هو أمر ترفيهي كمالي لابد فيه من مراعاة كل الاحتياطات حتي لا تكون نتيجته إفساد الأخلاق والإسراف والتبذير وبالتالي غضب الله علينا. والله سبحانه وتعالي لا يحرم علي الزوج والزوجة أن يعيشا حياة البشر. فكل ما أباحه للمسلمين مباح للزوج والزوجة. بل مطلوب أن تكون هناك مواقف عاطفية متجددة بين الزوجين لدوام علاقتهما. وكان نبينا صلي الله عليه وسلم كما قالت أم المؤمنين عائشة يخرج معها إلي التلاع. وهي مساقط المياه في الصحراء حيث الخضرة وانسياب الماء. وكان ذلك عندهم يسمي البادية فكان الرسول يخرج مع زوجته يتبدي "يصيف". كما كان صلي الله عليه وسلم يأخذ بعض زوجاته في الأسفار. وكان يطلب من أصحابه أن يتقدموا عنه في مراحل السفر ثم يخلو مع بعض نسائه كعائشة ويتريض معها أي يتسابق.. أي أن خروج الزوج مع زوجته لا غبار عليه. بل هو مستحب. إلا إذا كان الخروج لأماكن تنتشر بها المعاصي كالخلطة المفسدة بين الرجال والنساء أو التعري وكشف عورة المرأة. فربنا لم يحرم إلا الحرام. وليس خروج الرجل مع زوجته حراماً بل أمراً مطلوباً لدوام العشرة وتجديد نشاط الأسرة. -والله أعلم-