الرئيس السيسي: تطوير الموانئ تتويج لجهود الجميع.. وكامل الوزير: الفضل لتوجيهاتك    خلال لقاء نظيره التشادي.. وزير الخارجية يدعو لتضافر الجهود دعما للشعب السوداني    منتخب الجماز الفني للناشئين والناشئات يشارك في بطولة العالم بالفلبين    يلا شوووت.. إنجلترا تبحث عن رقم تاريخي أمام ألبانيا في ختام التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2026    ارتياح في ليفربول بعد استبعاد صلاح من مباراة كاب فيردي    مصرع 3 تجار مخدرات وضبط آخرين في تبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسيوط وسوهاج    عاجل- نقل الموسيقار عمر خيرت للعناية المركزة وإلغاء حفلاته    "القاهرة الإخبارية": اشتباكات مشتعلة بين الجيش السوداني والدعم السريع في بابنوسة    نتنياهو يواجه انتقادات عنيفة من اليمين المتطرف بعد بيان أمريكي يدعم إقامة دولة فلسطينية    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    جامعة أسيوط تفتتح فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية "مفاهيم حضارية"    الإحصاء: ارتفاع عدد المشتغلين ل32.5 مليون فرد خلال الربع الثالث من العام الحالي    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    نهاية الأزمة.. الأهلي يعلن تعيين حسام عاشور مديرًا لأكاديمية فرع التجمع الخامس    هيئة الرقابة المالية تعدل ضوابط مزاولة الشركات لنشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة    ضبط سائق توك توك تعدى على سيدة بالسنبلاوين بعد انتشار فيديو الواقعة    حزب «حماة الوطن» ينظم لقاءً جماهيريا بالقليوبية دعما لمرشحه في انتخابات النواب    نظام اليوم الواحد (One Day Light)، للتخلص من الانتفاخ واستعادة النشاط    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    جهود صندوق مكافحة الإدمان.. تخريج 100 طالب من دبلوم خفض الطلب على المخدرات بجامعة القاهرة    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    عودة قوية للجولف في 2026.. مصر تستعد لاستضافة 4 بطولات جولف دولية    أصوات انفجارات لا تتوقف.. قصف مدفعي إسرائيلي على المناطق الشرقية لخان يونس بغزة    خالد النبوي: حسين فهمي أستاذ وصديق    وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان فرع أكاديمية الفنون بعد التطوير    دولة التلاوة.. مصر تُعيد تلاوتها من جديد    المدون الموسيقي أحمد الموجي فى قراءة لحفل المتحف الكبير: الاحتفالية رحلة موسيقية من الماضى إلى الحاضر بعين معاصرة    ترامب يواصل إفيهات للسخرية من منافسيه ويمنح تايلور جرين لقبا جديدا    الأزهر للفتوى: الالتزام بقوانين وقواعد المرور ضرورة دينية وإنسانية وأمانة    إيطاليا ضد النرويج.. هالاند يطارد المجد فى تصفيات كأس العالم    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    محافظ الجيزة يثمن إشادة التعليم العالي بالشعار الجديد للجيزة ويؤكد: يجسد الإرث الحضاري    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    الجامعة العربية: قطاع التعليم في مقدمة القطاعات التي استهدفها الاحتلال    جامعة قناة السويس تُطلق مؤتمر الجودة العالمي تحت شعار «اتحضّر للأخضر»    مصر وتشاد يبحثان خارطة طريق لتعزيز الاستثمار المشترك في الثروة الحيوانية    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    عظيم ومبهر.. الفنانة التشيكية كارينا كوتوفا تشيد بالمتحف المصري الكبير    منتخب مصر يستعيد جهود مرموش أمام كاب فيردي    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    كفاية دهسا للمواطن، خبير غذاء يحذر الحكومة من ارتفاع الأسعار بعد انخفاض استهلاك المصريين للحوم    بمشاركة 46 متدربًا من 22 دولة أفريقية.. اختتام الدورة التدريبية ال6 لمكافحة الجريمة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    أمين البحوث الإسلامية يبحث مع رئيس جامعة أسيوط تعزيز التعاون لنشر الوعي بين الطلاب    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    «البيئة» تشن حملة موسعة لحصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    متحدث الصحة: ملف صحى إلكترونى موحد لكل مواطن بحلول 2030    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 16نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا..... اعرف مواقيت صلاتك    محمد فراج يشعل تريند جوجل بعد انفجار أحداث "ورد وشيكولاتة".. وتفاعل واسع مع أدائه المربك للأعصاب    الإفتاء: لا يجوز العدول عن الوعد بالبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما أشبه اليوم بالبارحة .. فساد الحكام وفرقتهم أسقط الأندلس
نشر في محيط يوم 26 - 04 - 2009


فساد الحكام وفرقتهم أسقط دولة الأندلس
مسجد في الأندلس
محيط – هالة الدسوقي
وضع الكاتب الكويتي د. أبو النور أحمد الزعبي هذا الكتاب تنفيذا لوصية الشيخ محمد الغزالي، رحمه الله، الذي لام على المسلمين تكاسلهم وتقاعسهم عن تأليف أحدهم كتابا مختصرا مفيدا يجمع فيه أسباب فقد المسلمين للأندلس لأخذ العبرة في حياتهم.. وما أشبه اليوم بالبارحة، فوضع الأمة اليوم يماثل وضعها في نهاية أيامها بالأندلس ..
في البداية وضح د. أبو النور أن الفتوحات التي قام بها المسلمون ليست حملات ضد ديانة من الديانات السماوية، بل كانت فتوحات لبلاد وشعوب عانت من الظلم والاضطهاد والقهر والإذلال وتم إنقاذها على يد الإسلام، ، فعندما اتسعت الخلافة العثمانية ودخل الفاتحون أوروبا استغاثت دولة المجر بالسلطان أحمد الأول أن يأخذ المجر تحت حمايته وقاية لها من ظلم النمسا المسيحية.
فتح الأندلس
كانت أسبانيا واحدة من الأقاليم التي تدين بالنصرانية، حيث بسطت الكنيسة سيطرتها وأحكمت قبضتها، وأصبحت المسيحية عاجزة عن تقديم العلاج للبشرية التي تعج في جهل وظلام فأصبحت عقيدتها ألعوبة بين رجالات الكنيسة.
وبعد فتح أسبانيا حفظ المسلمون للأسبان دماءهم فلا يسبون ولا يفرق بينهم وبين أولادهم ونسائهم ولا يكرهون على دينهم ولا تحرق كنائسهم. وهنا أحس الأسبان بالفرق بين حكم العرب المسلمين وحكم الغوط، فرأوا التسامح الإسلامي وصدق المسلمين في ترسيخ العدل والمساواة بين طبقات الشعب وقد أبى الفاتحون المسلمون السكان الأصليين على إدارتهم بل قلدوهم بعض الوظائف في كثير من أمور الدولة.
كما انتعشت الحياة العلمية في الأندلس، حيث افتتحت المسلمين المدارس في كل بلد وقرية وقد وصلت نسبة التعليم إلى 100% ، وهو ما لم يحدث حتى في عصرنا الحديث.
ولقد أرسلت أوروبا أبنائها في بعثات لقرطبة، أشهر مدن الأندلس، لينهلوا من علوم جامعاتها وكانوا معجبين بحضارة المسلمين وعاداتهم وتقاليدهم وفأصبحوا يتكلمون مع ذويهم باللغة العربية نتيجة إعجابهم وتأثرهم بالعرب المسلمين.
ومع مرور الزمن ازداد دخول سكان الأندلس في الإسلام وأطلق عليه اسم "المسالمة" وأصبح المسلمون فيها أغلبية كبيرة.ومن لم يدخل الإسلام من السكان الأصليين بقى على النصرانية وأطلق عليه اسم "المستعربون" وقد صان الإسلام حقوقهم وأعطاهم حرية العادات والتقاليد والعبادة.
سقوط الأندلس
الأندلس
تتلخص أسباب سقوط الأندلس في الانحراف السياسي والتفرق وعدم الوحدة والبذخ والترف وذوبان الجنس العربي والخطر الخارجي الصليبي، ونستعرض كل سبب بتفصيل أكثر خلال السطور التالية.
الانحراف السياسي .. يرجع الانحراف السياسي إلى قلة الوازع الديني لدى الحكام ، وحتى لا يقع الفساد يجب أن يتم اختيار الحاكم من قبل الناس وليس بالوراثة، وكان الأمويون يختارون الأصلح من أبنائهم للحكم مثل تقديم عمر بن عبد العزيز على أولاد سليمان بن عبد الملك. وهذا الأمر انحرف قليلا في العهد الأموي فتحول الحكم إلى حكم وراثي وهو بداية الانحراف.
وبعد سقوط الدولة الأموية وإقامة العباسيين دولتهم ركبوا أيضا خط الانحراف مع الزيادة والتوسع فيه فجعلوا الحكم وراثيا ، وأصاب هذا الانحراف بلاد الأندلس شأنها شأن غيرها من بلاد المسلمين.
فساد رجال الدولة .. فساد الحاكم يسرى إلى بقية رجال الدولة وقد ازداد الفساد في بلاد الأندلس في السنوات الأخيرة من الدولة الأموية من قبل الوزراء الذين تم تعيينهم من قبل الخليفة فصاروا يولون ويعزلون دون الرجوع للخليفة.
وكان الوزراء أيام الدولة الأموية الأخيرة من سفلة القوم وممن عرفوا بالظلم والقسوة وفرض الضرائب القاسية على شعوبهم. كما كانت هناك الحاشية من العلماء الذين يمجدون زورا أفعال الحكام
قمع الخصوم .. من فساد الحكم إبعاد العلماء والفقهاء والتنكيل بهم وقد حدث في عهد الحكم بن هشام بن عبد الرحمن عندما أبعد العلماء ورجال الدين عن التدخل في السياسة، ولما قام العلماء ضده بالتعاون مع أعيان قرطبة ورجالاتها وحاولوا خلعه كشف أمرهم فصلبهم جميعا على شاطئ النهر أمام قصره.
علماء السلطان .. كان في الأندلس صنفين من العلماء : الورعون الذين نصحوا وبينوا الوضع المتردي في الأندلس مثل ابن خلدون، والقسم الثاني وهو الأكثر من العلماء وخاصة في عصر ملوك الطوائف، الذي ساد فيه الانحلال وعمت الفوضى والنفاق، وذلك بتبرير ظلم الملوك والأمراء.
قصر الحمراء بغرناطة
التفرق والتمزق
إثارة النعرات الجنسية أو الإقليمية تعد دعوة خطيرة تغرس الحقد في القلوب وقد وضع الإسلام التقوى ميزانا للفوارق، فقال تعالى :"إن أكرمكم عند الله اتقاكم".
وهل سقطت دولة بني أمية إلا بأسباب من أهمها أنها قربت العرب وأبعدت العجم، فتولدت البغضاء في قلوب الأعاجم ضدها، وهل أذهب دولة بني عباس إلا تقريبهم الأعاجم وإبعادهم العرب حتى غدت دولة كسورية وتحكم الترك في أمور الدولة يولون ويعزلون دون تدخل الخليفة !.
ومع تعاقب السنين ظهرت بعض العصبيات الإقليمية بين العرب المهاجرين وبين البربر – وهم بدو المغرب الذين قدموا مع جيش طارق – واتسع النزاع واستعرت الخصومات ، وذلك بسبب البربر الذين كانوا يبغضون العرب بسبب ظنهم أنهم ينازعونهم الملك، وكذلك بسبب المسلمين الأسبان الذين كرهوا البربر لقسوتهم ، وكرهوا العرب لكبريائهم.
وأدت هذه الخلافات التي زادات يوما بعد يوم إلى اندلاع الثورات، أعنفها كانت "فتنة البرابرة" التي مزقت الدولة واندلعت الحروب الأهلية في غرناطة بين ملوك بين الأحمر وبين ملوك غرناطة.
ومما يؤسف أن الحرب الأهلية شبت بين السلطان أبي الحسن وولده أبي عبد الله محمد، حيث تآمر الأخير على التخلص من أبيه وعمه بالاتفاق مع ملك قشتالة النصراني وانتهت الحرب نهاية مأسوية حيث طرد الأب وسقوط غرناطة على يد الابن وتسليمها للنصارى.
حب الملك
شهد العالم الإسلامي في القرن الرابع الهجري دولا ممزقة، فكانت في تلك الفترة ثلاث خلافات:
الخلافة العباسية في بغداد
الخلافة الفاطمية في مصر
الخلافة الأموية في الأندلس، وكل خلافة تدعي أنها تمثل الخلافة النبوية وهي الأحق بالملك وكل واحدة تسعى للكيد والطعن بالأخري.
ودعاهم حب الملك إلى إقامة الحرب بينهم. وقد استفادت الحملات الصليبية من تفرق وتمزق الدولة الإسلامية وتم احتلال بيت المقدس لما يقرب من ثلاثة وتسعين عاما حتى هيأ الله لخلاصه صلاح الدين الأيوبي الذي وحد البلاد تحت قيادة واحدة.
مسجد قرطبة بأسبانيا
سقوط الخلافة
شتت بلاد الأندلس وغدت ميدانا للفوضى والنهب والخوف وخرج الأمر من يد الخلفاء. وأصبح الخليفة وليس له من الأمر شيء والأمر كله بيد الوزراء يولون ويعزلون متى شاءوا ولم يتعدى كونه رمزا يُذكر اسمه يوم الجمعة على المنابر.
ولما بلغ الأمر مبلغه أصدر وزراء الخلفاء مرسوما يقضي بإلغاء الخلافة الأموية نهائيا وكان ذلك في سنة 428 ه. وكان القرار ضربة موجعة وشرخا عميقا في تاريخ الأندلس، وبعده عين الوزراء واحدا منهم ليكون حاكما على الأندلس وهو ما يعرف اليوم بالنظام الجمهورى ولما ارسل لولاة الأمصار يطلب منهم البيعة امتنعوا وتمردوا فاستأثر كل وال بإمارته.
الترف والبذخ .. من الأسباب المؤثرة في غروب شمس الأندلس وذهاب ملكهم انشغالهم بالترف والبذخ وإخلادهم إلى الأرض ووضعهم السلاح وتعلقهم بالدنيا وشهواتها إلى حد الموت لأجلها.
وتسبب البذخ والترف في الخواء الروحي ، انصراف الحكام للتسابق ببناء القصور وكان ذلك على حساب تجهيز الجيوش وإعدادها ، الترهل بسبب التوسع في النعم وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه "اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم "، كذلك انتشر اللهو والطرب والرقص والفجور ، وانتشرت مظاهر الإسراف .
ذوبان الجنس العربي المسلم .. من عوامل سقوط حضارة المسلمين في الأندلس ذوبانهم في ذلك المجتمع فبدلا من أن يؤثروا تأثروا، وحدث ذلك نتيجة ضعف التربية الإسلامية ، فقد شمل جيش طارق بن زياد وقت دخوله الأندلس خليطا من أجناس متعددة من العرب القيسية واليمنية وأجناس بربرية غير عربية قريبة العهد بالإسلام ولم تكن هذه الأجناس قد تربت تربية نموذجية، بل كانت تحتاج إلى مزيد من التربية حتى تصقل نفوسهم وتهذب طبائعهم بالإسلام ولكن حاجة البلاد إلى الفتح كانت أسرع من ذلك.
ولم يكن دخولهم في الأندلس كدخول الجيش المسلم في بلاد الشام والعراق فلم تذب الشعوب ذوبانا كاملا في العقيدة والدين، بل بقيت بعض الطبقات الإسبانية محافظة على عاداتها وكان من المفروض أن ما بعد الفتح يبدأ العمل والدعوة إلى الله.
وأخذ الجنس العربي المسلم يضعف أمام الإغراءات المادية والعادات الدخيلة على المجتمع المسلم لا سيما أن جذوة الإيمان ضعفت أمام التيارات المادية بعد ظهور دول الملوك الطوائف كان الجيش قد استبدل بصقالبة وبربر بدل العرب ومع تعاقب السنين فسدت العصبية العربية وخاصة في القرن الخامس الهجري وفني الجنس العربي أمام الأجناس الأخرى حتى لا يكاد يرى في المقامات العالية.
وساعد على الذوبان انتشار التزاوج بين الأسر المسلمة من النصارى حتى وصل الحال أن بعض زوجات الخلفاء كانوا من النصارى.
وكذلك انتشرت عادات النصارى في المجتمع المسلم في الأندلس وأخذ اللسان العربي ينسحب أمام تيارات التفرنج، وبدلا من أن تكون اللغة العربية مسيطرة على اللسان كما كانت من قبل تراجعت وضعفت أمام اللغة الرومانية.
ولم يقتصر الأمر على التقليد فقط بل وصل الضعف عند حكام الأندلس إلى موالاة النصارى والسعي لإرضائهم ولو على حساب دينهم وعقيدتهم في سبيل المحافظة على تثبيت حكمهم.
وكان كثير من ملوك الطوائف يستنجد بالنصارى واليهود في الأندلس على أخيه المسلم طمعا في مملكته.
الحملات الصليبية
الخطر الصليبي ..
بعض حكام ممالك الأندلس من ذوي النفوس المريضة التي نسبت إلى الإسلام كانوعوامل هدم وتخريب للبلاد وكانت خيانتهم في البداية أن وافق أحد ملوك الطوائف على دخول الجيوش الصليبية من جهة الشمال بخيانة منه.
وكان النصارى قد بدأو يعدون أنفسهم منذ الأيام الأولى للفتح الإسلامي ولعل الخطأ الذي ارتكبه الفاتحون الأول أنهم لم يفتحوا مناطق الشمال، حيث اكتفوا بما فتحوه من البلاد ورأوا أن مناطق الشمال جبلية وعرة وكان من نتيجة عدم فتحها لجوء نصارى البلد إليها ثم كونوا مقاطعات صغيرة اتخذت الجبال الوعرة سورا لحمايتها.
وعندما أرسلت الدولة الإسلامية جيشا لإخضاع المقاطعات اعتصم أفرادها في مغارة صغيرة منيعة في أسفل الجبل فحاصرهم الجيش أياما طويلة ولما رأى عدم جدوى الحصار وأنهم لا يشكلون خطرا على الدولة لأنهم فئة قليلة لا تزيد على الثلاثين رجع الجيش من حيث أتى.
وكان هذا خطأ غير متوقع. فقد ازدادت أعدادهم وأخذو يدربون أنفسهم حتى ملكوا بعض المناطق الشمالية وبدأت حركة المقاومة النصرانية في شمالي الأندلس بتشكيل دول صغيرة سرعان ما اتحدت بعد ذلك فصارت دولة واحدة وساعدهم على ذلك خشونة العيش التي دربتهم على حياة الشظف والشجاعة والفروسية وعرفوا ببسالتهم في القتال. وعلى الجانب الآخر نجد المسلمين وقد انحدروا من ذروة الجهاد إلى الراحة .
استفاد النصارى أيضا من فرقة المسلمين ووحدوا صفوفهم فاتحدت ممالك كبيرة تحت راية واحدة وهي الدفاع عن النصرانية وطرد العرب المسلمين وساعدهم على ذلك تفرق البلد الواحدة إلى عدة بلاد تسودها الخلافات.
ريتشارد قلب الأسد .. من قادة الحملات الصليبية
بداية الهجوم
هاجم "ألفونسو" مملكة طليطلة وسرعان ما سقطت تحت يده على الرغم من قوة المدينة وحصونها الشامخة.
وبعد عقود زمنية هاجم النصارى قرطبة عاصمة الخلافة سابقا وظهرت خيانات حكام المسلمين الذي رقصوا على دماء وجراح شهدائهم السابقين فتنازل ابن هود ملك قرطبة عن ثلاثين قلعة من مملكته للنصارى ليساعدوه على بني الأحمر ولم يكتف النصارى بالقلاع فأعادوا الهجوم مرة أخرى ودخلوا قرطبة وذبحوا الجند الموجودين فيها وفي الحال رفع الصليب على قمة جامع قرطبة وحول الجامع في الحال إلى كنيسة .
كان عمل الجيوش الصليبية قائما على أساس الخبث والخداع والوحشية ، وكانت المدينة التي يقومون باحتلالها يجبرون أهلها على التنصير ثم يحولون مساجدها إلى كنائس.
في هذا الوقت سقطت الخلافة العباسية وانحل عقدها تحت مطارق المغول ولم يستطع الشرق أن يبعث قوة أو جيشا لحماية إخوانهم في الأندلس.

وسقطت كل ممالك الأندلس فيما عدا غرناطة، حيث استطاعت هذه المملكة أن تحفظ الإسلام قرابة مائتي عام وبعد عقود حاول النصارى احتلال غرناطة فتدفق المتطوعون من كافة البلاد الأوروبية وبالأخص من إيطاليا وفرنسا وألمانيا ويعود سبب زحفهم إلى فشل الحملات الصليبية في المشرق الإسلامي وهزيمتهم أمام القائد صلاح الدين الأيوبي مما دفعهم بعد قرن أن يعودوا ويوحدوا جيوشهم تحت قيادة البابا.
ولم تكن مملكة غرناطة قوية تستطيع مقاومة الزحف النصراني ولم يكن حكامها في سنواتها الأخيرة على مستوى من الأمانة والتقوى فتنازلوا عن بلادهم وضربوا أمجاد أجدادهم بحفنة زائلة من متاع دنيوى.
رسم عن محاكم التفتيش
نقض العهد
أعطى النصارى العهود والمواثيق عند اتفاقية تسليم غرناطة ألا يمس المسلمون بسوء وأن يسمح لهم ممارسة شعائرهم الدينية في ظل الحكم النصراني.
وكانت شروط تسليم المدينة على يد أبي عبد الله مكونة من سبعة وسبعين شرطا أهمها تأمين المسلمين على أنفسهم ودينهم أموالهم وأعراضهم وأملاكهم وإقامة شعائرهم واحترام مساجدهم، ولكن لم يتم تحقيق شرطا واحدا من شروط معاهدة التسليم، بل بدأت التصفيات الجماعية لشعبها المسلم وقامت "محاكم التفتيش" يرأسها رجال الكنيسة من البابا والقساوسة ولم يشهد لها التاريخ مثيلا من قتل وحرق وذبح وسجن تحت الأرض.
وأجبر المسلمون على اعتناق النصرانية قسرا فطمست هويتهم كيلا يميزوا عن غيرهم فغيرت أسماؤهم وحولت مساجدهم إلى كنائس وأخذ أولادهم إلى مدارس لتعليم النصرانية ومحيت لغتهم العربية تمهيدا لنسيان حضارتهم.
وقد أصدر البابا قرارا بتقسيم أرض الكفار - أي المسلمين - إلى دولتين : أسبانيا والبرتغال وأمرهما بمتابعة فلول المسلمين الهاربين خارج الأندلس وأمر بتصفيتهم وقد قامت حركة عرفت بحركة "القضاء على لإسلام" عملت من خلال محاكم التفتيش قرابة قرنين كاملين وانتهت بعدها من القضاء على المسلمين ونسيان تراثهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.