«التنظيم والإدارة»: إتاحة الاستعلام عن القبول وامتحان وظائف الحرفيين والسائقين ب«الطرق والكباري»    البابا تواضروس: الأم تريزا ومجدي يعقوب شخصيات بنت جسور المحبة بالفعل وليس الكلام    جدول امتحانات نهاية العام لطلاب الشهادة الإعدادية بالقاهرة 2025    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    «قومي المرأة» يشكر الرئيس السيسي على قانون العمل الجديد    نقيب المهندسين يشارك في مؤتمر اتحاد المنظمات الهندسية لدول البريكس    وزير الطيران يلتقي وفد شركة Space 42 لبحث التعاون المشترك    «صرف الإسكندرية»: زيادة طاقة محطة معالجة العامرية    ب1.7 مليون دولار.. مشروع مصري كويتي لإنتاج مواد التغليف بالسخنة    «النقل» تتعاقد مع «جرين فالي» لتشغيل 100 سيارة كهربائية بالقاهرة والجيزة    رئيس وزراء الهند يلغي جولته الأوروبية في ظل تصاعد التوتر مع باكستان    حماس تنعى المسؤول العسكري خالد الأحمد الذي قتل في غارة اسرائيلية فجر اليوم في صيدا جنوب لبنان    زعماء وقادة العالم يهنئون فريدريش ميرز بمناسبة انتخابه لألمانيا    انعقاد المجمع الفاتيكاني لانتخاب البابا الجديد اليوم    الزمالك يعلن فك الارتباط مع بيسيرو ودياً    منتخب شباب اليد يواجه البحرين في ثاني مبارياته بكأس العرب    «طالبوا ببيعه».. جماهير برشلونة تنتقد أداء نجم الفريق أمام إنتر في دوري أبطال أوروبا    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في نهائي كأس مصر لكرة السلة    السجن المشدد لتاجر شابو في قنا    قرار هام من المحكمة بشأن المنتجة سارة خليفة وآخرين في قضية تصنيع المخدرات    القبض على سيدة دهست شخص تسببت في مصرعه بالشروق    بعد اعتماد مواعيدها.. وكيل تعليم الأقصر يناقش الاستعدادات لامتحانات نهاية العام    ضبط شخص صدم آخر ووفاته بطريق السويس    ضبط 49.2 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط مروري مكثف.. سحب 934 رخصة وضبط 507 دراجة نارية ورفع 46 مركبة مهملة    غداً.. صناع فيلم «نجوم الساحل» ضيوف منى الشاذلي    مهرجان القاهرة يفتح باب التقديم لمشاريع الملتقى السينمائي (تفاصيل)    شعر بلحظة هلع.. مخرج «لام شمسية» يكشف سبب تأخير عرض الحلقة الأخيرة    مهرجان نوادي المسرح يواصل عروض الدورة 32 على مسرح القناطر    وائل غنيم يعتذر لتركي آل الشيخ ويعلن توبته: «ظلمت نفسي وسأعيد الحقوق لأصحابها»    «عبدالغفار» يناقش مشروع موازنة قطاع الصحة للعام المالي 2026/2025    محافظ قنا يفتتح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي    جامعة بنها: توقيع الكشف الطبي على 80 حالة بمدرسة المكفوفين    صندوق مكافحة وعلاج الإدمان يعلن عن وظائف شاغرة    فاينانشيال تايمز تطالب الغرب بكبح جماح نتنياهو وعدم الصمت تجاه غزة    أحمد سليمان: هناك محاولات ودية لحسم ملف زيزو.. وقد نراه يلعب خارج مصر    وزارة العمل: فرص عمل وتدريبات مهنية وتوعية بالحقوق فى المحافظات    وزير الإسكان: استمرار العمل بالتيسيرات المخصصة للمطورين العقاريين    حظك اليوم.. مواليد هذه الأبراج «شباب دائم» لا تظهر عليهم الشيخوخة هل أنت من بينهم؟    فتح باب التقديم لمشاريع "ملتقى القاهرة السينمائي".. تعرف على قائمة الشروط    كندة علوش: تكشف «رد فعلها في حال تعرضها لموقف خيانة في الواقع»    قانون الإيجار القديم أمام البرلمان.. الحكم الدستوري لا يحرر العلاقة بل ينظمها بعد عقود من الظلم    وزارة التنمية تبحث الإستفادة من المنتجات غير المصرفية بالتعاون مع الرقابة المالية    ملفات مهمة في اتحاد عمال مصر.. أبرزها الانتخابات العمالية المبكرة وتفعيل اللجان النقابية.. وتقديم الدعم للعمالة غير المنتظمة «بالقائمة»    مصر تتابع بقلق بالغ تطورات الأوضاع جنوب آسيا وتدعو الهند وباكستان للتهدئة    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    بيدري منتقدا الحكم بعد توديع الأبطال: ليست المرة الأولى!    استولى على 13 مليون جنيه.. حبس رجل أعمال 3 سنوات بتهمة الاحتيال على لاعب الأهلي "أفشة"    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي على أصوله    كندة علوش: اتعلمت مع عمرو يوسف أختار التوقيت والنبرة الصح وده منع خناقات كتير بينّا    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلال مناقشتها.. مؤلف "جامع العوالم" : لا توجد حضارة بينما يُقمع الحب
نشر في محيط يوم 18 - 12 - 2008


في مناقشة رواية "جامع العوالم"
ترويانوف : لا توجد حضارة بينما يُقمع الحب
الغيطاني : وكأن المؤلف الرحالة مقيم على الريح
غلاف الرواية ومؤلفها
محيط - شيرين صبحي
يعد إيليا ترويانوف أحد أشهر الكتاب الألمان المعاصرين، ففي عام 2007 فاز بجائزة كاتب مدينة ماينتس. ومنح في نفس العام أيضاً جائزة مدينة برلين للآداب وحصل معها على منصب مقرون بها وهو "الأستاذية هاينر موللر للشعر الألماني" بجامعة برلين الحرة. وعن روايته "جامع العوالم" فاز بجائزة معرض لايبزج للكتاب في فن الأدب.
تدور "جامع العوالم" حول حياة سير ريتشارد فرانسيس بورتن، البريطاني المغامر والشخصية التاريخية الواقعية. كان بورتن ضابطًا في القوات المستعمرة يتقن لغات عدة، اعتنق الإسلام لتسهيل دخوله إلى عالم المسلمين ومعيشتهم .
وإمعانا في معايشة أحداث الرواية قام ترويانوف برحلة حج عام 2003 وعنها يقول "رحلة الحج بذاتها كانت بالنسبة لي مؤثرة وموحية للغاية، وبالمعنى الروحي أيضًا، بحيث لم أستطع أن أفعل شيئا آخر. في الحقيقة عشت حقًا حياة الحاج طيلة خمسة إلى ستة أسابيع".
وعن الرواية نظم معهد جوتة الألماني بالقاهرة حوارا مفتوحا بين الأديب جمال الغيطاني والمؤلف في مناقشة مترجمة للعربية حضرها العديد من المثقفين العرب والأجانب.
في البداية رحب الغيطاني بالكاتب، قائلا: كنت أحلم بحضور إيليا إلي القاهرة منذ التقينا أول مرة بين برلين وباريس في لجنة تحكيم أدبية.. وللأسف فقد حضر قبل بدء عيد الأضحي حيث ذهبت لمسقط رأسي بقرية "جهينة" وبالتالي حرمت من مصاحبته وكنت اتمني اصطحابه لأعرفه بالمدينة، لكنني لم أكن قلقا عليه واعلم انه سوف يستفيد من وقته جيدا بالرغم من الأجازة وخلو القاهرة التي رآها فريدة عندما تخلو من الزحام.
وتذكر الغيطاني: لقد التقيت به منذ عامين وشعرت بمودة شديدة تجاهه خاصة إني وجدته فريدا في تكوينه فهو علي سفر دائم، وسمعت منه عن أسفاره حول العالم فخيل إلي أنه يقيم علي الريح.
وأضاف: لم أكن قرأت له ومنذ عام أرسل لي صديقي خالد المعالي صاحب دار منشورات "الجمل" روايته "جامع العوالم" فالتهمتها في يومين.
الغيطاني - ترويانوف
فقد وجدت نفسي أمام عمل أدبي كبير ، ورواية من الروايات الشامخة حقيقة، الأمر الثاني وجدت أنها قريبة مني جدا، فهذا القرب الذي كان علي المستوي الشخصي كان معادلا له علي المستوي الأدبي.
مسرح الرواية تاريخي وتدور بين ثلاثة مناطق هي "الهند، مكة، أفريقيا" وقد فهمت الهند وأحسست بخصوصيتها من الرواية أكثر من كل ما قرأت عن الهند سواء كان في الأدب أو العمارة أو سماع الموسيقي بالإضافة إلي الأفلام التي نعرفها جيدا في مصر .
لكن بقدر إعجابي بالرواية وترجمتها الجيدة، بقدر ما أثارت عندي الكثير من الأسئلة، تتعلق بشخص المؤلف، ومفهومه للأدب.
وفي حوار مفتوح بين الأديبين سأل الغيطاني: هل الألمانية مكتسبة وما الظروف التي أدت بك للكتابة بها وأنت بلغاري؟
ترويانوف: هناك سوء فهم علي ما يبدو سائد للجميع هو أن من يتعلم لغة أخري هي ليست لغته الأم، لا يتقنها ولا يتمتع بميزة إتقان مثل من تربي وأنشىء عليها، ولكنني أري أنها بالفعل ميزة فمن تعلم اللغة وهو واع بقدر الإمكان يستطيع أن يتعرف علي مدي تنوع وجمال هذه اللغة بشكل أكبر.
ودائما تكون الكتابة الأدبية وغيرها بغير لغتك الأم صعبة إذ تشعر معها بعدم الثقة والامان دائما ، وفي حالتي فقد نشأت وأنا أتحدث 4 لغات، كنت في كينيا أزور مدرسة هندية، وبعدها مدرسة ألمانية عندما انتقلت إلي ألمانيا، وفي البيت كنا نتحدث البلغارية، وبعد ذلك أثناء السفر إلي أماكن أخري فكانت اللغة اليومية هي السواحلية.
ولكن للإجابة علي سؤالك فإن اختياري للغة الألمانية كان لأن تلك اللغة هي أفضل اللغات التي يمكن أن أكتب بها الأدب نظرا لهذا التنوع الذي تتمتع به الألمانية حيث تمكنك من التعبير عن الدقة والحس وصغائر الأمور وكبائرها أيضا.
الغيطاني: أنت رجل مسافر دائما ولدي انطباع أنك مواطن عالمي، فهل اللغة وطن وهل هي بديل للوطن الذي يستقر فيه الإنسان ويعيش قضاياه ومشاكله، فهل اخترت الألمانية كوطن.. هي نوع من الجنسية؟
ترويانوف: نعم، ولكنني لدي مشكلة في مفهوم أو مسمي "وطن" في حد ذاته لأن ما يعني عندي "الوطن" هما شيئان أولهما اللغة الألمانية وثانيهما هو وجه المرأة التي أحبها.
الغيطاني: هل شعرت يوما أنه ينقصك خلفية اجتماعية عن مجتمع بعينه ولذلك كان ذهابك للتاريخ في "جامع العوالم"؟
ترويانوف: من المعروف أن الأدباء الذين يولدون في مكان ما يعرفون هذا المكان وهذه الخلفية والثقافة جيدا، ولكنها قد تكون أسطورة ليست صائبة علي الدوام، حيث أن هناك حقيقة مفادها أن هناك أدباء أحيانا ما يصلون إلي مكان جديد وغريب عليهم وبعد فترة وجيزة للغاية يتمكنون بعيونهم الجديدة أن يروا أشياء في هذا المجتمع لا يراها سكان هذا البلد بعيونهم التي أصبحت عادة لهم حتي أنهم يغضوا أبصارهم عنها أو أنهم لا يرونها علي الإطلاق.
وهذا هو الرائع في جسد الأدب النظرة من الداخل والنظرة من الخارج ولكن القوميين والشوفينيين يعتقدون دائما أن القادم من الخارج لا يستطيع أن يتعرف علي ذلك جيدا لأنه لم يتمرغ في تراب هذه الأرض.
لكن الأمر بالنسبة إليّ مختلف لأني عدت مرة أخري إلي بلغاريا حيث أننا كنا لاجئين سياسيين ولم أتمكن من العودة طوال فترة حكم الشيوعيين وهذا يعني أنني غادرت البلد طفلا وعدت شابا .
وعندما عشت فترة التحول ما بين 1989 و 1990 قال لي عمي عليك أن تكتب الآن كل ما يلفت نظرك ويجذب انتباهك لأنه إذا حاولت أن تكتب بعد مرور عدة سنوات تكون عيناك اعتادت علي ما تراه ولن تتمكن من الكتابة.
جانب من حضور المناقشة
أوروبا لم تتمدن بعد !
الغيطاني: لماذا اخترت ريتشارد فرانسيس برتن هل لأن تجربته تماثل تجربتك؟
ترويانوف: اخترت القرن التاسع عشر لأنه لم ينتهي بعد، ففي هذا القرن أنهت أوروبا غزو العالم ليس فقط سياسيا ولكن ثقافيا أيضا.
كذلك الجدل السائد حول هذه المدن أخذ طابعه منذ ذلك القرن ولم ينتهي حتي الآن، والغريب في وقتنا الحالي الخلفية التي تقول أن أوربا دائما ما تتهم العالم الآخر بأنه لم يتمدن بعد أو لم يتحرك صوب الحضارة، وحقيقة الأمر أن هذا القول خاطىء لأن أوربا نفسها لم تتمدن أو تتحضر!
وبيرتن كان هو الشخصية المناسبة تماما لهذه الفكرة لأنه كان ثائرا علي القرن التاسع عشر، كما أنه في الوقت ذاته كان طفل هذا العصر.. حيث أنه كان من ناحية أو بقدم ما منقسم عن هذا العصر، وبقدم أخري هو راسخ فيه، وهذا ما يعطي الرواية الحركة داخلها حيث يحاول بقدم أن يخرج عن هذا الواقع وينفصل عنه إلا أن القدم الأخري تشده وتثبته حيثما هو ويعرف أن هذه الأرض هي التي سوف تستقبله دائما.
ولكن آلا توافقني الرأي أن كتابة الرواية التاريخية تحتوي بداخلها خطرا أساسيا هو انه مجرد المحاولة في أن نفكر ونحن في هذا العصر الحالي ومتأثرين به للغاية، أن نفكر بعصر آخر.. التجربة تفشل في كل الأحوال إلا أنه مجهود مضني أيضا للغاية.
ويعلق الغيطاني بأن هذا صحيح، قائلا: لكنني لم اكتب رواية تاريخية في "الزيني بركات" بل رواية معاصرة تدور أحداثها في القرن الخامس عشر، الأحداث والاسماء فقط أما المضمون نفسه كان معاصرا، ربما تكون تجربة مختلفة.
الغيطاني: أمضي لأسئلة قد تكون ساذجة ولكنها اسئلة أهل الحرفة، فعندما يتجه كاتب لكتابة رواية تجري أحداثها في زمن مختلف يقرأ كثيرا عن الشخصية وزمنها، هذه الثقافة العميقة وخاصة ثقافة الهند وهي ليست سهلة والثقافة الإسلامية وهي أيضا ليست سهلة، ثم الوضع الأفريقي، فهل أعددت نفسك جيدا بالقراءة عنها إلي جانب تجربتك الشخصية، وعندما قرأت فكيف وأين ومتي قرأت وأنت المسافر دائما؟
ترويانوف: هناك مقولة شهيرة أن كل أديب يقف علي أكتاف أسلافه، حقا لقد قرأت كثيرا حتي اتمكن من إعداد نفسي لهذا العمل حتي أن المكتبة التي قرأتها لذلك ضمت حوالي 500 كتاب وبعضها عامة والأخري متخصصة للغاية، وهناك كتاب مهم جدا قرأته وهو كتاب إرشادي عن كيفية تعامل ضابط إنجليزي في الهند مع خدامه.
ولكن رغم كل هذه القراءات لعبت الخبرات والتجارب الذاتية بالطبع دورا كبير، وفي حالة الفصل الخاص بأفريقيا لقد عايشت تجربة بيرتن وسرت علي الأقدام أيضا تلك المسافة التي مشيها في تنزانيا.
وحول معارفي عن الإسلام هناك جامعة شهيرة بشمال الهند وقد عقدت اتفاقا مع بعض علمائها أن أعيش معهم عاما كاملا خلاله اعلمهم الغة الإنجليزية ويعلموني تعاليم الإسلام اي أنني عايشتهم وتقاسمت معهم حياتهم الكاملة في صلواتهم وصيامهم أيضا خلال شهر رمضان.. كما أنني اتمتع أيضا بميزة أنني انتمي لأسرة بها مزيج مسيحي وإسلامي.
تمثيل فصل من الرواية مسرحيا
الغيطاني: هذه الرواية ذات البناء المحكم، هل تخللت كتابتها أسفارك الطويلة وهل كتبتها بمكان واحد، وهل توقفت عن السفر خلال كتابتها؟
ترويانوف: اؤمن بالاستقرار والتنظيم أثناء الكتابة فقد حبست نفسي لمدة عامين وكنت أكتب من الثامنة صباحا وأظل حتي الرابعة أو الخامسة مساء وفقا لطاقتي، ولكن هذا لا يفلح إلا إذا كانت الخامة التي سوف نعمل بها نضجت بدرجة كافية حتي نخرجها علي الورق.
الغيطاني: ما هي عاداتك أثناء الكتابة، هل تسمع الموسيقي وأنت تكتب فمثلا عندما كنت تكتب الجزء الخاص بالهند هل كنت تأتي بمؤثرات أم تكتب في صمت؟
فسأل ترويانوف عن نوع الموسيقي التي يسمعها الغيطاني والذي أجاب بدوره اسمع الموسيقي الكلاسيكية والإيرانية والتركية واحيانا الراجا، وبشكل عام موسيقي الشعوب.
ترويانوف: "راجا" موسيقي جيدة كخلفية للكتابة فهي تتطور بشكل هادىء للغاية حتي يشعر المستمع انه يتحرك فوق بساط، كما إنني أيضا محب للموسيقي الفارسية القديمة أي أن هناك قواسم مشتركة بيننا، وهناك موسيقي حينما تسمعه تشعر وكأنه يلتقط الحروف من الأرض ويركبها جانب بعضها البعض ليكون بها جمل، إلا أنني لا استطيع أن أكتب مطلقا علي موسيقي مثل "الروك" حيث أنها منتهية منذ بدايتها وهذه النهاية تصطدم مع عدم نهايتي للكتابة.
كما أن هناك نوع أخر من الموسيقي المحبب إلي أثناء الكتابة هو موسيقي باروخ.
الغيطاني: ننتقل لنقطة حساسة حيث قرأت بالرواية مشاهد جنسية راقية خاصة في الجزء المتعلق بالهند، تعكس رؤية هندية للمرأة فيها قداسة ، وأريد أن أعرف رؤيتك للمرأة، وهذه التجارب هل هي من الثقافة الهندية أم ثقافتك الأوروبية؟
ترويانوف: البطل كان شهوانيا قدم إلي الهند أي أن محبوبته الهندية كان عليها في البداية أن تعلمه الحب، أي أن الرجولة ليست لها قيمة كبيرة إذا لم يكن يعرف كيف يستخدمه.. وتوظيف هذه المشاهد كان عن وعي كبير جدا وتفريق هذا المزيج بين ما هو إلهي وما هو شهواني إنساني أيضا، حيث أن الحب أكثر الأحداث الإنسانية التي تحظي بالمباركة.
ولكنه أيضا نوع من النقد لأوروبا ففي العصر الفيكتوري كان هناك نوع من القمع للحب، أي أن السؤال الكبير الذي في شخص بيرتون هو كيف يمكن أن تكون هناك حضارة بينما يقمع الحب، وبالرغم من أنه يتم الحديث كثيرا عن القمع لكن هذا النوع لا يتم ذكره أو يغفل لأسباب.. وهكذا تم تحرير بيرتن علي يد المحبوبة الهندية.
الغيطاني: هناك مشاهد بالرواية لاحظت أنها مكتوبة بالعين وواضح أن لك علاقة قوية جدا بالفن التشكيلي.
ترويانوف: قد يكون الرسم أقل اهتماماتي بعد الكتابة والموسيقي، إلا أن عمارة الأماكن المقدسة بوجه عام تأثرني في كل مكان حتي أن هناك جوامع في مصر اتمني أن أغوص في داخلها وأقضي فيها فترات طويلة.
لا أعرف ما هو الشرق وما الغرب ..
الغيطاني: يبقي أخيرا هل كان في ذهنك أن هذه الرواية تعبر عن العلاقة بين الشرق والغرب هذه القضية الأبدية. ؟
ترويانوف: ليس لدي أدني فكرة ما هو الشرق وما هو الغرب، أي أنني عندما اتواجد في ألمانيا يقولون في وسط الشرق وعندما أكون في الهند يقولون وسط الغرب، وفي العصور الوسطي كان هناك خرائط يبدو فيها الجنوب شمال والشمال جنوب وفي هذه الحالة بطبيعة الحال يكون الغرب أيضا شرق.
وفي سؤال لأحد الحضور عن مشهدين بالرواية يذكر فيهما أن البطل كان يمتطي صهوة جواد وكانت له رؤية من فوق الجواد وعندما ترجل عن الجواد تغيرت نظرته هذه.. ما الذي كنتم ترغبون في قوله من هذا الوصف؟ وما هي الرسالة التي توجهها عبر الرواية وهل تعتقد أن البطل قد فشل؟
ترويانوف: معروف أنه عموما في الأدب لا يصح أن تدور مناقشة أو حوار بين طرفين أحدهما يجلس والأخر يقف، لا يمكن أن يكون هناك حوار، وبالتالي كان هذا الموقف حيث يكون أحد الأشخاص علي صهوة الجواد والأخر أسفله هو تعبير عن الإستعمار والإمبريالية وعن عدم احتمال وجود أو قيام حوار بين الطرفين.
ترويانوف
ترويانوف في سطور
ولد إيليا ترويانوف في صوفيا ببلغاريا عام 1965. في عام 1971 هرب مع عائلته عبر يوغسلافيا وإيطاليا إلى ألمانيا الغربية، حيث حصلت على اللجوء السياسي. في الفترة من عام 1972 إلى 1984 عاشت أسرته في كينيا.
ثم عادت الأسرة إلى ألمانيا ومكثت من سنة 1977 حتى 1981، حيث التحق إيليا بمدرسة حكومية لمدة ثلاث سنوات. ثم عادت الأسرة إلى كينيا، حيث التحق إيليا هناك بمدرسة ألمانية، وحصل على الشهادة الثانوية منها. وظل يقيم في نيروبي حتى عام 1984.
تلت ذلك فترة إقامة في فرنسا، ثم عاد إلى ألمانيا حيث شرع في دراسة الحقوق في جامعة ميونخ لكنه لم يتم دراسته. في ميونيخ أسس دار نشر كيريل أوند ميتود ، وفي عام 1992أسس دار مارينو اللتين تخصصتا في الأدب الإفريقي.
وفي سنة 1999 ارتحل ترويانوف إلى مدينة مومباي في الهند, حيث انصب اهتمامه في السنوات التالية على الهند. ثم عاش ترويانوف من سنة 2003 حتى 2007 في كيب تاون في جنوب إفريقيا.
من أعماله: "في إفريقيا 1993 (بالاشتراك مع ميشائيل مارتن)، شرق إفريقيا أعجوبة الطبيعة 1994 (بالاشتراك مع ميشائيل مارتن)، حماة الشمس 1996 (بالاشتراك مع شينييرا هوف)، كينيا وشمال تنزانيا 1996 ، العالم كبير وخلاصه موجود في كل مكان (رواية 1966)، Autopol (رواية 1997)، زيمبابوي 1998 ، عصور الكلاب (رواية 1999)، صورة السادهو على حائط الشيطان 2001 ، على شواطئ الهند 2003 ، في منابع الإسلام المقدسة 2004 ، جامع العوالم (رواية 2006)، الهند أرض السعادة الصغيرة 2006 ، فهرس العادات الهندية 2006 ، الثورة المختلقة. بلغاريا, تاريخ مقلَّد 2006 ، بدوي في أربع قارات 2007 م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.