البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    حزب العدل يشارك في احتفالات «الإنجيلية» بأعياد القيامة    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن الأحد 5 مايو 2024    «تجارية الجيزة»: انخفاض أسعار الأجهزة الكهربائية بنسبة 30%    انخفاض كبير الآن.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 5 مايو 2024 بالمصانع والأسواق    احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيجان الأمريكية    رئيس الحكومة الجزائرية يبحث مع أمين عام منظمة التعاون الإسلامي سبل الدفاع عن قضايا الأمة    ياسمين نوح تعلن اعتزالها بعد تتويج الزمالك ببطولة إفريقيا    عمرو وردة: رحلت عن بانسيرايكوس لهذا السبب.. وأتواصل مع صلاح    مختار مختار ينصح كولر بهذا الأمر قبل نهائي إفريقيا أمام الترجي    نادر السيد يفضل مشاركة هذا اللاعب لتعويض المثلوثي أمام سموحة    كريم فهمي يُعلق على ارتداء على معلول شارة قيادة نادي الأهلي: ليه كلنا فرحانين؟    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    ضياء رشوان: نتنياهو لن يجرؤ على مهاجمة رفح الفلسطينية    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    عاجل.. تأكد رحيل ثلاثي الأهلي في نهاية الموسم    تحرك عاجل من اتحاد الكرة في قضية الشحات والشيبي    «أمطار تضرب هذه المناطق».. بيان عاجل من الأرصاد بشأن حالة الطقس اليوم (احذروا التقلبات الجوية)    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان مدني يقف خلف الدولة والقوات المسلحة    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    "حب جديد هيدق بابك".. بشرى سارة لمواليد برج الجوزاء اليوم (توقعات الصعيد المهني والمادي)    جيانكارلو اسبوزيتو بطل Breaking Bad ينضم لعالم Marvel    شقيق ياسمين صبري يتعرض للإغماء في أمريكا    مطران دشنا يترأس قداس عيد القيامة المجيد بكاتدرائية الشهيد العظيم مار جرجس    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    مستشار الأمن القومي الإسرائيلي: كنا قريبين من القضاء على السنوار واجتياح رفح قريب جدا    لغز روشتة الأطباء أبرزها، شعبة الأدوية تكشف أسباب نقص الأدوية رغم انتهاء أزمة الدولار    احتدام المنافسة بانتخابات البرلمان الأوروبي.. الاشتراكيون في مواجهة تحالف المحافظين مع اليمين المتطرف    بمشاركة مصطفى محمد.. نانت يتعادل مع بريست في الدوري الفرنسي    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    بسبب الاستحمام.. غرق طفل في مياه ترعة بالقليوبية    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    إصابة 10 أشخاص فى أسيوط إثر انقلاب سيارة "تمناية"    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    خاص| زاهي حواس يكشف تفاصيل جديدة عن البحث على مقبرة نفرتيتي    بمناسبة عيد القيامة.. رئيس قضايا الدولة يشارك في احتفال الكاتدرائية المرقسية    بسبب ماس كهربائي.. المعمل الجنائي يعاين حريق مخزن قطع غيار بالعجوزة    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    بالصور.. نائب محافظ البحيرة تشهد قداس عيد القيامة بكاتدرائية دمنهور    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    رئيس الغرفة التجارية بالجيزة: شركات عدة خفضت أسعار الأجهزة الكهربائية بنسب تصل إلى 30%    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    تحذير من الأرصاد بشأن الطقس اليوم: عودة الأمطار وانخفاض مفاجئ فى درجات الحرارة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    أهالي الجنود لجيش الاحتلال: اقتحام رفح يعني فخ الموت.. لم نعد نثق بكم    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    قداس بدولة الهند احتفالا بعيد القيامة    التحالف الوطني يكرم ذوي الهمم العاملين بالقطاعين العام والخاص بالأقصر    ب 150 ألف مقدم.. تفاصيل شقق الإسكان المتميز قبل طرحها بأيام- (صور)    "زلزال".. تعليق صادم من تامر أمين على صورة حسام موافي وأبو العينين (فيديو وصور)    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    دعاء يغفر الذنوب والكبائر.. الجأ إلى ربك بهذه الكلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلال مناقشتها.. مؤلف "جامع العوالم" : لا توجد حضارة بينما يُقمع الحب
نشر في محيط يوم 18 - 12 - 2008


في مناقشة رواية "جامع العوالم"
ترويانوف : لا توجد حضارة بينما يُقمع الحب
الغيطاني : وكأن المؤلف الرحالة مقيم على الريح
غلاف الرواية ومؤلفها
محيط - شيرين صبحي
يعد إيليا ترويانوف أحد أشهر الكتاب الألمان المعاصرين، ففي عام 2007 فاز بجائزة كاتب مدينة ماينتس. ومنح في نفس العام أيضاً جائزة مدينة برلين للآداب وحصل معها على منصب مقرون بها وهو "الأستاذية هاينر موللر للشعر الألماني" بجامعة برلين الحرة. وعن روايته "جامع العوالم" فاز بجائزة معرض لايبزج للكتاب في فن الأدب.
تدور "جامع العوالم" حول حياة سير ريتشارد فرانسيس بورتن، البريطاني المغامر والشخصية التاريخية الواقعية. كان بورتن ضابطًا في القوات المستعمرة يتقن لغات عدة، اعتنق الإسلام لتسهيل دخوله إلى عالم المسلمين ومعيشتهم .
وإمعانا في معايشة أحداث الرواية قام ترويانوف برحلة حج عام 2003 وعنها يقول "رحلة الحج بذاتها كانت بالنسبة لي مؤثرة وموحية للغاية، وبالمعنى الروحي أيضًا، بحيث لم أستطع أن أفعل شيئا آخر. في الحقيقة عشت حقًا حياة الحاج طيلة خمسة إلى ستة أسابيع".
وعن الرواية نظم معهد جوتة الألماني بالقاهرة حوارا مفتوحا بين الأديب جمال الغيطاني والمؤلف في مناقشة مترجمة للعربية حضرها العديد من المثقفين العرب والأجانب.
في البداية رحب الغيطاني بالكاتب، قائلا: كنت أحلم بحضور إيليا إلي القاهرة منذ التقينا أول مرة بين برلين وباريس في لجنة تحكيم أدبية.. وللأسف فقد حضر قبل بدء عيد الأضحي حيث ذهبت لمسقط رأسي بقرية "جهينة" وبالتالي حرمت من مصاحبته وكنت اتمني اصطحابه لأعرفه بالمدينة، لكنني لم أكن قلقا عليه واعلم انه سوف يستفيد من وقته جيدا بالرغم من الأجازة وخلو القاهرة التي رآها فريدة عندما تخلو من الزحام.
وتذكر الغيطاني: لقد التقيت به منذ عامين وشعرت بمودة شديدة تجاهه خاصة إني وجدته فريدا في تكوينه فهو علي سفر دائم، وسمعت منه عن أسفاره حول العالم فخيل إلي أنه يقيم علي الريح.
وأضاف: لم أكن قرأت له ومنذ عام أرسل لي صديقي خالد المعالي صاحب دار منشورات "الجمل" روايته "جامع العوالم" فالتهمتها في يومين.
الغيطاني - ترويانوف
فقد وجدت نفسي أمام عمل أدبي كبير ، ورواية من الروايات الشامخة حقيقة، الأمر الثاني وجدت أنها قريبة مني جدا، فهذا القرب الذي كان علي المستوي الشخصي كان معادلا له علي المستوي الأدبي.
مسرح الرواية تاريخي وتدور بين ثلاثة مناطق هي "الهند، مكة، أفريقيا" وقد فهمت الهند وأحسست بخصوصيتها من الرواية أكثر من كل ما قرأت عن الهند سواء كان في الأدب أو العمارة أو سماع الموسيقي بالإضافة إلي الأفلام التي نعرفها جيدا في مصر .
لكن بقدر إعجابي بالرواية وترجمتها الجيدة، بقدر ما أثارت عندي الكثير من الأسئلة، تتعلق بشخص المؤلف، ومفهومه للأدب.
وفي حوار مفتوح بين الأديبين سأل الغيطاني: هل الألمانية مكتسبة وما الظروف التي أدت بك للكتابة بها وأنت بلغاري؟
ترويانوف: هناك سوء فهم علي ما يبدو سائد للجميع هو أن من يتعلم لغة أخري هي ليست لغته الأم، لا يتقنها ولا يتمتع بميزة إتقان مثل من تربي وأنشىء عليها، ولكنني أري أنها بالفعل ميزة فمن تعلم اللغة وهو واع بقدر الإمكان يستطيع أن يتعرف علي مدي تنوع وجمال هذه اللغة بشكل أكبر.
ودائما تكون الكتابة الأدبية وغيرها بغير لغتك الأم صعبة إذ تشعر معها بعدم الثقة والامان دائما ، وفي حالتي فقد نشأت وأنا أتحدث 4 لغات، كنت في كينيا أزور مدرسة هندية، وبعدها مدرسة ألمانية عندما انتقلت إلي ألمانيا، وفي البيت كنا نتحدث البلغارية، وبعد ذلك أثناء السفر إلي أماكن أخري فكانت اللغة اليومية هي السواحلية.
ولكن للإجابة علي سؤالك فإن اختياري للغة الألمانية كان لأن تلك اللغة هي أفضل اللغات التي يمكن أن أكتب بها الأدب نظرا لهذا التنوع الذي تتمتع به الألمانية حيث تمكنك من التعبير عن الدقة والحس وصغائر الأمور وكبائرها أيضا.
الغيطاني: أنت رجل مسافر دائما ولدي انطباع أنك مواطن عالمي، فهل اللغة وطن وهل هي بديل للوطن الذي يستقر فيه الإنسان ويعيش قضاياه ومشاكله، فهل اخترت الألمانية كوطن.. هي نوع من الجنسية؟
ترويانوف: نعم، ولكنني لدي مشكلة في مفهوم أو مسمي "وطن" في حد ذاته لأن ما يعني عندي "الوطن" هما شيئان أولهما اللغة الألمانية وثانيهما هو وجه المرأة التي أحبها.
الغيطاني: هل شعرت يوما أنه ينقصك خلفية اجتماعية عن مجتمع بعينه ولذلك كان ذهابك للتاريخ في "جامع العوالم"؟
ترويانوف: من المعروف أن الأدباء الذين يولدون في مكان ما يعرفون هذا المكان وهذه الخلفية والثقافة جيدا، ولكنها قد تكون أسطورة ليست صائبة علي الدوام، حيث أن هناك حقيقة مفادها أن هناك أدباء أحيانا ما يصلون إلي مكان جديد وغريب عليهم وبعد فترة وجيزة للغاية يتمكنون بعيونهم الجديدة أن يروا أشياء في هذا المجتمع لا يراها سكان هذا البلد بعيونهم التي أصبحت عادة لهم حتي أنهم يغضوا أبصارهم عنها أو أنهم لا يرونها علي الإطلاق.
وهذا هو الرائع في جسد الأدب النظرة من الداخل والنظرة من الخارج ولكن القوميين والشوفينيين يعتقدون دائما أن القادم من الخارج لا يستطيع أن يتعرف علي ذلك جيدا لأنه لم يتمرغ في تراب هذه الأرض.
لكن الأمر بالنسبة إليّ مختلف لأني عدت مرة أخري إلي بلغاريا حيث أننا كنا لاجئين سياسيين ولم أتمكن من العودة طوال فترة حكم الشيوعيين وهذا يعني أنني غادرت البلد طفلا وعدت شابا .
وعندما عشت فترة التحول ما بين 1989 و 1990 قال لي عمي عليك أن تكتب الآن كل ما يلفت نظرك ويجذب انتباهك لأنه إذا حاولت أن تكتب بعد مرور عدة سنوات تكون عيناك اعتادت علي ما تراه ولن تتمكن من الكتابة.
جانب من حضور المناقشة
أوروبا لم تتمدن بعد !
الغيطاني: لماذا اخترت ريتشارد فرانسيس برتن هل لأن تجربته تماثل تجربتك؟
ترويانوف: اخترت القرن التاسع عشر لأنه لم ينتهي بعد، ففي هذا القرن أنهت أوروبا غزو العالم ليس فقط سياسيا ولكن ثقافيا أيضا.
كذلك الجدل السائد حول هذه المدن أخذ طابعه منذ ذلك القرن ولم ينتهي حتي الآن، والغريب في وقتنا الحالي الخلفية التي تقول أن أوربا دائما ما تتهم العالم الآخر بأنه لم يتمدن بعد أو لم يتحرك صوب الحضارة، وحقيقة الأمر أن هذا القول خاطىء لأن أوربا نفسها لم تتمدن أو تتحضر!
وبيرتن كان هو الشخصية المناسبة تماما لهذه الفكرة لأنه كان ثائرا علي القرن التاسع عشر، كما أنه في الوقت ذاته كان طفل هذا العصر.. حيث أنه كان من ناحية أو بقدم ما منقسم عن هذا العصر، وبقدم أخري هو راسخ فيه، وهذا ما يعطي الرواية الحركة داخلها حيث يحاول بقدم أن يخرج عن هذا الواقع وينفصل عنه إلا أن القدم الأخري تشده وتثبته حيثما هو ويعرف أن هذه الأرض هي التي سوف تستقبله دائما.
ولكن آلا توافقني الرأي أن كتابة الرواية التاريخية تحتوي بداخلها خطرا أساسيا هو انه مجرد المحاولة في أن نفكر ونحن في هذا العصر الحالي ومتأثرين به للغاية، أن نفكر بعصر آخر.. التجربة تفشل في كل الأحوال إلا أنه مجهود مضني أيضا للغاية.
ويعلق الغيطاني بأن هذا صحيح، قائلا: لكنني لم اكتب رواية تاريخية في "الزيني بركات" بل رواية معاصرة تدور أحداثها في القرن الخامس عشر، الأحداث والاسماء فقط أما المضمون نفسه كان معاصرا، ربما تكون تجربة مختلفة.
الغيطاني: أمضي لأسئلة قد تكون ساذجة ولكنها اسئلة أهل الحرفة، فعندما يتجه كاتب لكتابة رواية تجري أحداثها في زمن مختلف يقرأ كثيرا عن الشخصية وزمنها، هذه الثقافة العميقة وخاصة ثقافة الهند وهي ليست سهلة والثقافة الإسلامية وهي أيضا ليست سهلة، ثم الوضع الأفريقي، فهل أعددت نفسك جيدا بالقراءة عنها إلي جانب تجربتك الشخصية، وعندما قرأت فكيف وأين ومتي قرأت وأنت المسافر دائما؟
ترويانوف: هناك مقولة شهيرة أن كل أديب يقف علي أكتاف أسلافه، حقا لقد قرأت كثيرا حتي اتمكن من إعداد نفسي لهذا العمل حتي أن المكتبة التي قرأتها لذلك ضمت حوالي 500 كتاب وبعضها عامة والأخري متخصصة للغاية، وهناك كتاب مهم جدا قرأته وهو كتاب إرشادي عن كيفية تعامل ضابط إنجليزي في الهند مع خدامه.
ولكن رغم كل هذه القراءات لعبت الخبرات والتجارب الذاتية بالطبع دورا كبير، وفي حالة الفصل الخاص بأفريقيا لقد عايشت تجربة بيرتن وسرت علي الأقدام أيضا تلك المسافة التي مشيها في تنزانيا.
وحول معارفي عن الإسلام هناك جامعة شهيرة بشمال الهند وقد عقدت اتفاقا مع بعض علمائها أن أعيش معهم عاما كاملا خلاله اعلمهم الغة الإنجليزية ويعلموني تعاليم الإسلام اي أنني عايشتهم وتقاسمت معهم حياتهم الكاملة في صلواتهم وصيامهم أيضا خلال شهر رمضان.. كما أنني اتمتع أيضا بميزة أنني انتمي لأسرة بها مزيج مسيحي وإسلامي.
تمثيل فصل من الرواية مسرحيا
الغيطاني: هذه الرواية ذات البناء المحكم، هل تخللت كتابتها أسفارك الطويلة وهل كتبتها بمكان واحد، وهل توقفت عن السفر خلال كتابتها؟
ترويانوف: اؤمن بالاستقرار والتنظيم أثناء الكتابة فقد حبست نفسي لمدة عامين وكنت أكتب من الثامنة صباحا وأظل حتي الرابعة أو الخامسة مساء وفقا لطاقتي، ولكن هذا لا يفلح إلا إذا كانت الخامة التي سوف نعمل بها نضجت بدرجة كافية حتي نخرجها علي الورق.
الغيطاني: ما هي عاداتك أثناء الكتابة، هل تسمع الموسيقي وأنت تكتب فمثلا عندما كنت تكتب الجزء الخاص بالهند هل كنت تأتي بمؤثرات أم تكتب في صمت؟
فسأل ترويانوف عن نوع الموسيقي التي يسمعها الغيطاني والذي أجاب بدوره اسمع الموسيقي الكلاسيكية والإيرانية والتركية واحيانا الراجا، وبشكل عام موسيقي الشعوب.
ترويانوف: "راجا" موسيقي جيدة كخلفية للكتابة فهي تتطور بشكل هادىء للغاية حتي يشعر المستمع انه يتحرك فوق بساط، كما إنني أيضا محب للموسيقي الفارسية القديمة أي أن هناك قواسم مشتركة بيننا، وهناك موسيقي حينما تسمعه تشعر وكأنه يلتقط الحروف من الأرض ويركبها جانب بعضها البعض ليكون بها جمل، إلا أنني لا استطيع أن أكتب مطلقا علي موسيقي مثل "الروك" حيث أنها منتهية منذ بدايتها وهذه النهاية تصطدم مع عدم نهايتي للكتابة.
كما أن هناك نوع أخر من الموسيقي المحبب إلي أثناء الكتابة هو موسيقي باروخ.
الغيطاني: ننتقل لنقطة حساسة حيث قرأت بالرواية مشاهد جنسية راقية خاصة في الجزء المتعلق بالهند، تعكس رؤية هندية للمرأة فيها قداسة ، وأريد أن أعرف رؤيتك للمرأة، وهذه التجارب هل هي من الثقافة الهندية أم ثقافتك الأوروبية؟
ترويانوف: البطل كان شهوانيا قدم إلي الهند أي أن محبوبته الهندية كان عليها في البداية أن تعلمه الحب، أي أن الرجولة ليست لها قيمة كبيرة إذا لم يكن يعرف كيف يستخدمه.. وتوظيف هذه المشاهد كان عن وعي كبير جدا وتفريق هذا المزيج بين ما هو إلهي وما هو شهواني إنساني أيضا، حيث أن الحب أكثر الأحداث الإنسانية التي تحظي بالمباركة.
ولكنه أيضا نوع من النقد لأوروبا ففي العصر الفيكتوري كان هناك نوع من القمع للحب، أي أن السؤال الكبير الذي في شخص بيرتون هو كيف يمكن أن تكون هناك حضارة بينما يقمع الحب، وبالرغم من أنه يتم الحديث كثيرا عن القمع لكن هذا النوع لا يتم ذكره أو يغفل لأسباب.. وهكذا تم تحرير بيرتن علي يد المحبوبة الهندية.
الغيطاني: هناك مشاهد بالرواية لاحظت أنها مكتوبة بالعين وواضح أن لك علاقة قوية جدا بالفن التشكيلي.
ترويانوف: قد يكون الرسم أقل اهتماماتي بعد الكتابة والموسيقي، إلا أن عمارة الأماكن المقدسة بوجه عام تأثرني في كل مكان حتي أن هناك جوامع في مصر اتمني أن أغوص في داخلها وأقضي فيها فترات طويلة.
لا أعرف ما هو الشرق وما الغرب ..
الغيطاني: يبقي أخيرا هل كان في ذهنك أن هذه الرواية تعبر عن العلاقة بين الشرق والغرب هذه القضية الأبدية. ؟
ترويانوف: ليس لدي أدني فكرة ما هو الشرق وما هو الغرب، أي أنني عندما اتواجد في ألمانيا يقولون في وسط الشرق وعندما أكون في الهند يقولون وسط الغرب، وفي العصور الوسطي كان هناك خرائط يبدو فيها الجنوب شمال والشمال جنوب وفي هذه الحالة بطبيعة الحال يكون الغرب أيضا شرق.
وفي سؤال لأحد الحضور عن مشهدين بالرواية يذكر فيهما أن البطل كان يمتطي صهوة جواد وكانت له رؤية من فوق الجواد وعندما ترجل عن الجواد تغيرت نظرته هذه.. ما الذي كنتم ترغبون في قوله من هذا الوصف؟ وما هي الرسالة التي توجهها عبر الرواية وهل تعتقد أن البطل قد فشل؟
ترويانوف: معروف أنه عموما في الأدب لا يصح أن تدور مناقشة أو حوار بين طرفين أحدهما يجلس والأخر يقف، لا يمكن أن يكون هناك حوار، وبالتالي كان هذا الموقف حيث يكون أحد الأشخاص علي صهوة الجواد والأخر أسفله هو تعبير عن الإستعمار والإمبريالية وعن عدم احتمال وجود أو قيام حوار بين الطرفين.
ترويانوف
ترويانوف في سطور
ولد إيليا ترويانوف في صوفيا ببلغاريا عام 1965. في عام 1971 هرب مع عائلته عبر يوغسلافيا وإيطاليا إلى ألمانيا الغربية، حيث حصلت على اللجوء السياسي. في الفترة من عام 1972 إلى 1984 عاشت أسرته في كينيا.
ثم عادت الأسرة إلى ألمانيا ومكثت من سنة 1977 حتى 1981، حيث التحق إيليا بمدرسة حكومية لمدة ثلاث سنوات. ثم عادت الأسرة إلى كينيا، حيث التحق إيليا هناك بمدرسة ألمانية، وحصل على الشهادة الثانوية منها. وظل يقيم في نيروبي حتى عام 1984.
تلت ذلك فترة إقامة في فرنسا، ثم عاد إلى ألمانيا حيث شرع في دراسة الحقوق في جامعة ميونخ لكنه لم يتم دراسته. في ميونيخ أسس دار نشر كيريل أوند ميتود ، وفي عام 1992أسس دار مارينو اللتين تخصصتا في الأدب الإفريقي.
وفي سنة 1999 ارتحل ترويانوف إلى مدينة مومباي في الهند, حيث انصب اهتمامه في السنوات التالية على الهند. ثم عاش ترويانوف من سنة 2003 حتى 2007 في كيب تاون في جنوب إفريقيا.
من أعماله: "في إفريقيا 1993 (بالاشتراك مع ميشائيل مارتن)، شرق إفريقيا أعجوبة الطبيعة 1994 (بالاشتراك مع ميشائيل مارتن)، حماة الشمس 1996 (بالاشتراك مع شينييرا هوف)، كينيا وشمال تنزانيا 1996 ، العالم كبير وخلاصه موجود في كل مكان (رواية 1966)، Autopol (رواية 1997)، زيمبابوي 1998 ، عصور الكلاب (رواية 1999)، صورة السادهو على حائط الشيطان 2001 ، على شواطئ الهند 2003 ، في منابع الإسلام المقدسة 2004 ، جامع العوالم (رواية 2006)، الهند أرض السعادة الصغيرة 2006 ، فهرس العادات الهندية 2006 ، الثورة المختلقة. بلغاريا, تاريخ مقلَّد 2006 ، بدوي في أربع قارات 2007 م.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.