«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة "كفاية حفظ" .. ضد نظام التعليم العربي
نشر في محيط يوم 02 - 11 - 2008


ثورة "كفاية حفظ" .. ضد نظام التعليم العربي

تعليم
محيط – شيماء عيسى
" إن الثقافة والتعليم والفكر جزء أساسي في التعليم الأميركي والغربي، إنه نوع من التعليم الذي يود ملايين المسلمين تدريسه لأبنائهم حينما يبتعثونهم إلى الغرب من أجل الدراسة. ولا يعني هذا عدم توافر الكتب في العالم العربي، بل ما يرغب فيه عدد كبير من المسلمين هو تعليم أبنائهم المهارة وكيفية التفكير باستقلالية وبصورة إبداعية، وهو أساس قوة الغرب. وغياب ذلك في العالم الإسلامي هو السبب في ضعفه اليوم " .. كانت هذه كلمات غراهام فولر خبير شؤون العالم الإسلامي والمحلل السياسي الأمريكي المعروف.
والآن .. هل الحياة أفضل بلا مدرسة أو جامعة عربية ؟ .. سؤال تطرحه شبكة الإعلام العربية "محيط". ونفكر في كل أولئك الذين حصلوا أو لازالوا يحصلون على تعليم مبني على "التلقين" والذي لم يحفز لديهم الفضول للمعرفة ولا مهارات التفكير الناقد والإبتكار ، بل على العكس عاملهم وفق "النظرية البنكية" في التعليم التي ترى الطالب مثل ماكينة تدخل بها معلومات وتسحبها وقت الإمتحانات .. وقتها فقط يدرك كل أولئك أنهم لم يحظوا بتعليم جيد وتظل الغالبية العظمى مستمتعة بأوقاتها لا ترى غضاضة من عدم التعرض للصحف والكتب .. ترفض الأفكار المعارضة للسائد في أي مجال لأنهم اعتادوا على التلقي - وفقط - وعدم النقد .. هنا ترى أغلبية سلبية تجاه أي شيء وكل شيء .. إذا أردت بناء أمة قوية فابحث عن التعليم .

شاركنا في التحقيق عدد من المختصين بجودة التعليم إضافة لمثقفين وسألناهم عن الشكل الذي يرونه جيدا لتعليم عربي أفضل ، كما سألناهم هل تسبب التعليم في أمية العرب الثقافية المعروفة عالميا ؟ .. وأخيرا سألناهم : أي سمات يكرسها التعليم الحالي في نفوس العرب ؟ .
في إحدى حلقات برنامج "بلا حدود" التي أذيعت مؤخرا على فضائية "الجزيرة" والتي تركزت حول أزمة التعليم في العالم العربي . قال ضيف الحلقة طارق سويدان المدير العام لمؤسسة الإبداع الأمريكي أنه إذا كانت القراءة دليلا على الوعي فقد تراجع استخدام ورق الصحف في العالم العربي لكل ألف فرد من 3.3 كيلو جرام في العام 1985، في الوقت الذي ارتفع فيه في أوروبا في الفترة ذاتها إلى 82.2 كجم مع مراعاة الزيادة المطردة لعدد السكان في العالم العربي مقارنة بالغرب .
المحلل السياسي والمثقف المعروف عمار علي حسن كتب مقالة هامة بصحيفة "المصري اليوم" قال فيها : " أخبرني سأنسى .. أرني فقد أتذكر .. أشركني سأعي وأفهم " وهو مثل صيني يمكن تحويله لشعار نظام تعليمي ناجح ؛ فالتلقين يخاطب أردأ الملكات العقلية وهي "الذاكرة" ، وتسقط المعلومات بالتقادم أو فور انتهاء الإمتحانات من أذهان الطلاب . وطلاب مراحل التعليم الأساسي والجامعي يقومون بجمع المتفرق وتطويل المختصر وليس تجلية الغامض استكمال الناقص وهو المفترض من العملية التعليمية .
د. مغيث : اعطونا علما وليس "منشورات"
المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية أحد مؤسسات البحث المعنية جديا بجودة التعليم ، سألنا د. كمال مغيث الخبير بالمركز حول ما يدرسه المصريون في الجامعات والمدارس وينطبق الحال نفسه على أغلب الدول العربية فقال : المقررات ليست عادية وإنما هي " منشورات حكومية" ، أي ما تريد الدولة أن يعرفه الطلاب . فعلى سبيل المثال إذا نظرنا لمادة التاريخ سنجد أن الدولة حددت الموضوعات التي يجب دراستها والإمتحانات التي توضع عليها وهذه طريقة لا علاقة لها بالعلم الحقيقي الذي يعتمد على حرية الطالب في البحث عن المعلومات والتأكد منها .
وعلى هذا الأساس ندرك أن هناك نظامين للتعليم أحدهما يقول للطالب ( استنتج – اسأل – ابحث واكتب ) ، اما النظام العربي فيقول ( احفظ واكتب ما يملى عليك أو ما حفظته ) . فكيف يربي هذا المنهج مبدعين يضيفوا للعلم العالمي ؟ ، وحتى المبتكرين والمخترعين والمتميزين من العرب فنجاحهم غالبا لا يعود للتعليم الذي تلقوه بقدر تميز أسرهم وعوامل أخرى اخرجتهم من النطاق النمطي.
أما عن سمات خريجي مدرسة التعليم العربية فرأى د. كمال أنهم أغلبية مقموعة "ينبغي أن تظل مطيعة . تسمع الكلام " في نظام تعليمي لا يمكنها من المبادرة والتميز فكانت النتيجة هذه الصورة لعلاقة سلطوية تعليمية ، الطالب يشعر بسلطة الكتاب المقرر والمعلم في الفصل والإدارة المدرسية ، ولابد أن يكره المعرفة والثقافة ويكتفي بتأدية دوره الوظيفي فيما بعد لمجرد " أكل العيش" .
يقوم التعليم الحديث على الأبحاث
واقترح د. كمال أن يعد المنهج التعليمي أهل الخبرة والكفاءة والإختصاص المشهود لهم والأعلام المعروفين بوطنيتهم ومنهم مثلا د. عاصم الدسوقي في حقل التاريخ أو د. مراد وهبة في الفلسفة ، ولكن ما يحدث حاليا أن الوزير يطلب من مجموعة من "الموظفين البيروقراطيين" تأليف كتاب في أطر محددة ، وبعدها لا نستغرب أن تكون مواد التاريخ في مصر لا تتحدث عن سيرة أول رئيس للجمهورية "محمد نجيب" ولا تتحدث عن دور اليسار أو الإخوان المسلمين في الحركة الوطنية وطرد المحتل الإنجليزي ؛ إذ أن القيادة السياسية ترى أنها حركات غير شرعية .
وما يحدث في العالم المتقدم أن منهج التاريخ – كمثال ليس إلا لأسلوب التعليم عموما – يكون عبارة عن معلومات مركزة موجزة عن فترة تاريخية وأهم الشخصيات بها ثم يطلبوا من الطلاب تقسيم أنفسهم لمجموعات كل واحدة تقوم بإعداد ورقة حول أحد الموضوعات المتعلقة . فعلى سبيل المثال في تاريخ مصر الحديث من الممكن ان تخرج مجموعات الطلاب بأوراق حول تعليم الفتاة أو الصحافة أو تطور العملة أو أي موضوع آخر ويستخرجوا هذه الأبحاث من الكتب بالمكتبة ، ثم تأتي المرحلة التالية بأن يعرض الطلبة أبحاثهم على الفصل وتثور تساؤلات زملائهم ويدير المعلم هذه النقاشات للخروج بأفكار موضوعية . هنا لا يوجد سلطة على الطالب غير المعرفة . علما بأن هذا النظام يجعل الطالب لا يحمل هم الإمتحانات ؛ لأن إمتحان آخر العام لا يشكل إلا 20% مثلا من مجموع درجات الطالب التي تحتسب من خلال أبحاثه طوال العام ونشاطه .
وقال د. مغيث : نريد تعليما لا يخرج أجيالا من المنسحقين المطيعين ولا يقتل لديهم ملكات النقد والحماسة لأنهم حينها سيكونون أفضل وأنسب مواطنين لنظام مستبد ...!
د. قاسم : لا توجد رغبة سياسية في الإصلاح
د. مصطفى قاسم الباحث بالمركز التربوي اعتبر أنك لكي تنمي مهارات الإبتكار والنقد والإبداع والتحليل وكل عناصر التفكير الإيجابية لا تحتاج فحسب لكتب مقررة ولكن لطرق تدريس ومناخ عام في المجتمع يشجع الثقافة الحرة والبحث . ومسألة تعليم التفكير الناقد للأبناء لا تكون مخطط لها بقدر ما تنشأ من حصيلة المقومات الثلاثة المذكورة . فبالنسبة للكتاب المقرر ينبغي أن يحتوي دروسا تعلم كيفية حل المشكلات والتفكير العلمي ووضع بدائل والموضوعية في البحث وغيرها ، ثم يأتي الجانب الثاني وهنا يكمن الخلل الكبير في العملية التعليمية لدينا إذ أن التعليم العربي يقوم على التلقين ، وبحيث يعامل الطلبة كأنهم أجهزة كمبيوتر تستعيد ما حفظته في أوراق الإجابة نهاية العام وهذا ما يقتل التفكير الإبتكاري . وإذا أردنا أن نعطي تفسيرا بسيطا لهذا التفكير فهو أن تعلم الطالب كيف يبتعد عن الفكرة التي ينظر فيها ويخضعها للبحث بحيث يتفق أو يختلف معها أي أن يكون محايدا إزاءها ، وليس أن نعطي لهم الدروس كأنها أشياء مقدسة وأمنعهم من التعرض لوجهات النظر المتعارضة .
كتب التاريخ .. على هوي الحكومات
وعلى سبيل المثال فإننا دائما نرى ثورة يوليو 1952 في المناهج المصرية مثالا للنبل وكانت حتمية ويحتاجها المصريون للتخلص من الملكية ؛ بينما نجد أصواتا كثيرة للغاية تعارض ذلك ولم نذكرها . وفي الخارج يجعل الطالب يقرأ عن وجهات نظر متعارضة في الحرب العالمية الثانية مثلا فما يكتبه الألمان غير ما يكتبه الأمريكيون حولها ومن هنا يتحدد موقف الطالب القائم على معلومات قرأها ولم تملى عليه ، بينما يقتصر المنهج الدراسي على المعلومات العامة حول الحرب العالمية مثلا الدول المشاركة بها وما إلى ذلك ، والنقطة الخطيرة هنا أن الطالب بهذا الأسلوب من التعليم يتعلم أنه لا توجد حقائق مطلقة فكل أمر يمكن رؤيته من عدة زوايا . ونحن في العالم العربي بعيدون تماما عن هذا التفكير . وفي دراسة أعدتها زميلة بالمركز اكدت انه حتى موضوعات التعبير تفرض على الطلبة الخطوط العامة التي تحكم توجههم بالكتابة وبالتالي حتى المادة التي يفترض أن تطلق العنان لآراء الطلاب الحرة حولها نظام التعليم لمادة تلقينية !!
بالطبع لن تخرج أجيالا ناقدة بغير مناخ عام في المجتمع يحترم حرية الرأي ، وكيف يحدث ذلك في العالم العربي ونحن نعاني من خطاب سياسي واحد من السلطة للشعب والآراء المعارضة تلقى القمع في النهاية ، وحتى الآراء المعارضة في الصحف المستقلة توصف بأوصاف سلبية لأنها ناقدة . وننظر لحال الشعوب العربية يعرض على المواطن أكثر من مرشح في الإنتخابات فلا يختار أحدا ؛ لأنه لم يعتد على فكرة الإختيار ودراسة البدائل المتاحة .
من جانب آخر يعيب المعلم في النظام التعليمي العربي عموما أنه هو ذاته لا يؤمن بأن وظيفة المدرسة التنوير والتثقيف فهو يعتقد في التعليم البنكي الذي ذكره الرائد باولو فليري بمعنى إدخال بيانات في عقول الطلبة وتوقع الحصول عليها في أوراق الإجابة وينتهي الأمر بلا نقاشات ولا أبحاث ولا قراءات حرة . وكان على المعلم أن يعطي للطالب المفاتيح التي تجعله يتعلم وحده ويصل لما يريد .
شخصية الطالب لابد أن تظهر
وسألناه : طالما أن انظمة التعليم المتطورة تطبق في الخارج منذ سنوات بعيدة .. لماذا لا يتبناها النظام العربي ؟ فقال د. قاسم أن المشكلة في الإرادة السياسية والتي لم تتواجد حتى الآن . وإذا كنا نتحدث بصفة خاصة عن مصر سنجد أن الثقوب لا يعاني منها التعليم فحسب بل الصحة والإقتصاد والزراعة وغيرها ؛ لأن النظام ككل بات مترنحا يرى أن الأمور طالما تسير – بأي كيفية – فلا داعي للتغيير .
ولكي نصلح التعليم لا نحتاج لموارد مالية هائلة ؛ فمعلم جيد أسفل شجرة يجلس مع مجموعة من الطلبة سيحدث التغيير . ولكي لا نظلم المعلمين لابد من رفع مستواهم اجتماعيا واقتصاديا فلن يستطيع المعلم أن يعطي شيئا وينتج إلا إذا كنت أؤمن له ولأسرته العيش الكريم ، ولذا ظهرت امتحانات الكادر في مصر ، وهي فكرة غربية استوردناها وبمقتضاها كان ينبغي أن يرتفع دخل المعلم لأضعافه ولكننا ربطناها بالإمتحان ولم نربطها بمستوى المعلم ذاته والنتائج التي يحرزها مع الطلبة ، وهو ما يجري في الغرب . فالعبرة ليست في أن يجتاز المعلم اختبارا بقدر عمله وخبرته وإبداعه مع الطلاب .
د. الخميسي : التعليم بريء من الأمية الثقافية
الأديب المصري والكاتب د. أحمد الخميسي سألناه عن الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه التعليم العربي ، ورأى أن التعليم لابد أن يقوم بواجبه الأول وهو خلق شخصية قومية عامة ذات إنتماءات مشتركة تتلقى بفضل التعليم ما يجمعها بالوطن وبشعبها ، ولكننا نرى تعليما ممزقا – في مصر على الأقل – له عدة مراكز منها الخاص والحكومي والديني والمدني . من جهة ثانية لابد أن يواكب التعليم الثورة العلمية والتكنولوجية التي يعيشها أبناء هذا العالم ، ويكون ذلك بتدريس مواد ملائمة للطلاب تحوي موضوعات مثل الوراثة والإستنساخ . وأخيرا على التعليم أن يربط الجانب النظري بالعملي فلا يقتصر على ترديد قصائد ومحفوظات ؛ لأن هدف التعليم هو خلق إنسان يغير المجتمع والحياة بالعمل والتفكير معاً .
ورأى الخميسي أن التعليم في حد ذاته ليس مسئولا عن الأمية الثقافية للعرب ؛ إذ أن وظيفته فتح الباب للثقافة إذا كان جيدا . ويقود للأمية الثقافية عوامل اخرى منها الأمية الأبجدية وعدم ترسيخ تقاليد الثقافة والقراءة والتذوق الأدبي والفني . أما الكتاب التعليمي العربي فهو فقير شكلا ومضمونا لضعف الإنفاق عليه.
وأخيرا اعتقد الخميسي أن التعليم بشكله الحالي لا يكرس نظرة علمية ومتسامحة ولا يحفز الفضول والخيال في نفوس أبنائه ، ومؤكدا أن القسمات العامة للتعليم العربي معتمدة على ركائز اللغة والدين والتاريخ ، وهذا الأخير – أي التاريخ – يصاغ غالبا وفق رؤية الحكام السياسية .
د. الفرجاني : تقييم مركب وتراكمي للطلاب
د. نادر الفرجاني المفكر الإجتماعي وخبير تقارير التنمية البشرية أشار إلى أن المشكلة ليست في الكتاب المقرر وحده وإنما في هذا الكتاب مضافا له أسلوب التدريس وأسلوب تقييم الطلاب . وقال أن تلقين الطلاب مجموعة من العلوم واسترجاع المعلومات في إمتحانات عادة ما يقتل إمكانيات الإبتكار لديهم ويضعف من قابليتهم للعمل في مجموعات .
ورأى د. الفرجاني أن تقييم الطلاب في المراحل التعليمية من الهام أن يقوم على أساسين مركب وتراكمي ؛ الاول ( المركب ) بمعنى ألا أقيم الطالب وفق عامل واحد وهو الكتاب المقرر وإنما من خلال بحثه في المكتبة ومشاركته لزملائه في الفصل وذكائه الوجداني في التعامل مع أقرانه وغير ذلك . أما التقييم ( التراكمي ) فيعني ألا أعتمد في تقييمه على وقت الإمتحان بنهاية العام وإنما على مدار السنة الدراسية ؛ لأن نظرية استرجاع المعلومات كافة في وقت معين خاطئة .
أما عن سمات المتعلمين فرأى أن النظام الحالي يؤكد العلاقة السلطوية المفروضة على الطلاب فهم دائما خاضعون للمعلم ، وخطورة ذلك أن شخصيتهم لا تكون متكاملة إذا ما خرجوا للمجتمع . أما البديل فهو أن تكون إدارة المؤسسة التعليمية تتمتع بقدر عالي من الديمقراطية وتنمي مشاركة الطلاب بكل شيء.
د. الجيار : ربط القراءة بالإمتحانات .. كارثة
د. مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبي بجامعة الزقازيق رأى أنه لابد عند رسم استراتيجية التعليم في أي مجتمع أن نحدد احتياجات الدولة ومتطلباتها ، ونفكر في حاجات سوق العمل والبحث العلمي والثقافة وعلى أساسه يتم التوصل لشكل التعليم المثالي . واتفق مع من رأوا أن التعليم العربي لا يؤدي لتكوين وعي وثقافة حقيقية لدى المنتظمين به ، حيث ينتج سنويا خريجين ناقصي المعرفة ، وهؤلاء عليهم أن يستكملوا هذا النقص بمداومة الإطلاع والقراءة ومتابعة مجريات الأحداث عبر وسائل الإعلام والمعرفة المختلفة . والمؤسف أن ذلك لا يحدث لأن ارتباط القراءة بالإمتحانات ولّد كراهية لها ، ولذا من المهم أن نخرج الطلاب من عقدة الإمتحانات بتجديد أسلوب التعليم.
وعاب على التعليم العربي عدم التركيز على تطبيق ما يدرس نظريا ؛ فكيف يتخرج آلاف المتعلمين من كليات الهندسة والطب والصيدلة واللغات لواقع العمل بدون خبرة كافية عملية وليست نظرية مستقاة من مقررا ت فحسب ؟ .
الرحبي : لنتعلم من تجربة اليابان
التعليم سر تقدم اليابان
حمدان الرحبي ، صحفي يمني وكاتب شاركنا في التفكير بمعضلة التعليم العربي وأوضح بداية أن كافة الحضارات التي قامت على وجه البسيطة اعتمدت على العلم والجيش كمرتكزين رئيسين ؛ فالعلم يرتقي بالدولة والجيش القوي يحقق لها الإستقرار والأمن.
واعاد لذاكرتنا تجربة اليابان التي دُمرت بقنبلتين ذريتين لكنها لم تظل تبكي خيبتها وبدأت من الصفر وبنت امبراطورية صناعية كبرى لتصبح – بالعلم – من أكثر الدول تطورا .
ورأى الرحبي أن العالم العربي يتعلم "الجهل" ويعيش في عصور ما قبل الوسطى ، ومؤكدا أننا لا ينبغي أن تبهرنا العناوين البراقة حول خطط التعليم إذ العبرة بالواقع الملموس. وعن الكتاب التعليمي فقد اعتبره كما وليس كيفا جيدا .
وأخيرا رأى أن نظام التعليم الراهن لا يكرس للتفكير بل للنرجسية البعيدة عن روح العمل الجماعي التعاوني ، فضلا عن تأكيد أفكار معينة مثل تمجيد الحكام السياسيين وأنظمة الدول العربية .. والأهم تكريس فكرة الهزيمة النفسية عند الإشارة للتاريخ العربي !
وتطل التساؤلات حائرة .. لماذا يصر النظام التعليمي العربي على مخاطبة أردأ ملكات أبنائه وهي الذاكرة ، معرضا عن تحفيز الإبداع والجدل والتفكير لديهم ؟ . وإلى متى تضيع أهم وأخطر سنوات المعرفة من أعمار العرب ؟ .. ولماذا بعد ذلك نكثر من العبارات المملة مثل نهضة الغرب وتخلف العرب ؟
اقرأ أيضا
د. حامد طاهر ل "محيط" : مصالح الكبار أفسدت التعليم
ندوة لمناقشة كتاب " كم ينفق المصريون على التعليم؟ "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.