تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها    التخطيط والتعاون الدولي واتحاد بنوك مصر يوقعان بروتوكول تعاون لتعظيم الاستفادة من منصة «حافز»    ترامب: انخراط واشنطن في النزاع بين إيران وإسرائيل وارد    ليبيا.. الدبيبة يعرض على وفد أممي رؤية حكومته لانتخابات شاملة    محمد صلاح يوجه رسالة للجماهير في عيد ميلاده ال33    رسميًا.. جاتوزو مدربًا جديدًا لمنتخب إيطاليا خلفًا لسباليتي    مدير التأمين الصحي بالقليوبية تتفقد امتحانات التمريض في مدرسة التمريض ببنها    فيلم شرق 12 يبدأ عرضه في زاوية ويُتوّج مسيرته العالمية بمناقشة مع صنّاعه    تأجيل أولى جلسات محاكمة المتهم بالانضمام ل " جماعة طالبان " الإرهابية ل 7 سبتمبر    لطيفة تؤجل طرح ألبومها الجديد بعد صدمة وفاة شقيقها نور الدين    إعلام إسرائيلى: صفارات الإنذار تدوى فى الجولان والجليل ومنطقة حيفا    رئيس جامعة المنوفية يرأس لجنة مقابلات لتجديد مناصب مديري العموم وأمناء الكليات    دعاء دخول امتحان الثانوية العامة لراحة القلب وتيسير الإجابة    تأجيل نهائي كأس أمير الكويت لأجل غير مسمى بسبب أحداث المنطقة    رئيس الوزراء العراقي: العدوان الإسرائيلي على إيران يمثل تهديدا للمنطقة    السيسي يصدق على إطلاق مبادرة «مصر معاكم» لرعاية أبناء الشهداء    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    الجريدة الرسمية تنشر قرارا جديدا ل رئيس الوزراء (تفاصيل)    رئيس مجلس الدولة يفتتح فرع توثيق مجمع المحاكم بالأقصر    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    خالي قتل أمي بكوريك.. القصة الكاملة لجريمة بالغربية سببها علبة سجائر    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    محافظ الشرقية يستقبل أسقف ميت غمر ودقادوس وبلاد الشرقية والوفد الكنسي المرافق    صحيفة أحوال المعلم 2025 برابط مباشر مع الخطوات    نقابة المهن الموسيقية برئاسة مصطفى كامل تنعى نجل صلاح الشرنوبي    احذر عند التعامل معهم.. أكثر 3 أبراج غضبًا    مكتبة الإسكندرية تطلق أحدث جوائزها للمبدعين الشباب    إيران تنفي إرسال أيّ طلب إلى قبرص لنقل «رسائل» إلى إسرائيل    لطلبة الثانوية العامة.. تناول الأسماك على الغداء والبيض فى الفطار    طب قصر العيني تُحقق انجازًا في الكشف المبكر عن مضاعفات فقر الدم المنجلي لدى الأطفال    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    النواب يحذر من تنظيم مسيرات أو التوجه للمناطق الحدودية المصرية دون التنسيق المسبق    شكوك حول مشاركة محمد فضل شاكر بحفل ختام مهرجان موازين.. أواخر يونيو    5 جوائز ل قرية قرب الجنة بمسابقة الفيلم النمساوي بڤيينا    ماشى بميزان فى سيارته.. محافظ الدقهلية يستوقف سيارة أنابيب للتأكد من الوزن    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    قرارات إزالة لمخالفات بناء وتعديات بالقاهرة وبورسعيد والساحل الشمالي    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعى بكليات الجامعة ومعاهدها    محافظ أسيوط: استمرار حملات تطهير الترع لضمان وصول المياه إلى نهاياتها    محافظ أسيوط يشهد فعاليات اليوم العلمي الأول للتوعية بمرض الديمنشيا    انقلاب ميكروباص يقل 14 من مراقبي الثانوية العامة وإصابة 7 بسوهاج    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد الثاني من بؤونة بكنيسة العذراء والشهيدة مارينا بالعلمين (صور)    دراسة: لقاح كوفيد يحمى من تلف الكلى الشديد    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    أخر موعد للتقديم لرياض الأطفال بمحافظة القاهرة.. تفاصيل    التعليم العالى: المؤتمر ال17 لمعهد البحوث الطبية يناقش أحدث القضايا لدعم صحة المجتمع    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة "كفاية حفظ" .. ضد نظام التعليم العربي
نشر في محيط يوم 02 - 11 - 2008


ثورة "كفاية حفظ" .. ضد نظام التعليم العربي

تعليم
محيط – شيماء عيسى
" إن الثقافة والتعليم والفكر جزء أساسي في التعليم الأميركي والغربي، إنه نوع من التعليم الذي يود ملايين المسلمين تدريسه لأبنائهم حينما يبتعثونهم إلى الغرب من أجل الدراسة. ولا يعني هذا عدم توافر الكتب في العالم العربي، بل ما يرغب فيه عدد كبير من المسلمين هو تعليم أبنائهم المهارة وكيفية التفكير باستقلالية وبصورة إبداعية، وهو أساس قوة الغرب. وغياب ذلك في العالم الإسلامي هو السبب في ضعفه اليوم " .. كانت هذه كلمات غراهام فولر خبير شؤون العالم الإسلامي والمحلل السياسي الأمريكي المعروف.
والآن .. هل الحياة أفضل بلا مدرسة أو جامعة عربية ؟ .. سؤال تطرحه شبكة الإعلام العربية "محيط". ونفكر في كل أولئك الذين حصلوا أو لازالوا يحصلون على تعليم مبني على "التلقين" والذي لم يحفز لديهم الفضول للمعرفة ولا مهارات التفكير الناقد والإبتكار ، بل على العكس عاملهم وفق "النظرية البنكية" في التعليم التي ترى الطالب مثل ماكينة تدخل بها معلومات وتسحبها وقت الإمتحانات .. وقتها فقط يدرك كل أولئك أنهم لم يحظوا بتعليم جيد وتظل الغالبية العظمى مستمتعة بأوقاتها لا ترى غضاضة من عدم التعرض للصحف والكتب .. ترفض الأفكار المعارضة للسائد في أي مجال لأنهم اعتادوا على التلقي - وفقط - وعدم النقد .. هنا ترى أغلبية سلبية تجاه أي شيء وكل شيء .. إذا أردت بناء أمة قوية فابحث عن التعليم .

شاركنا في التحقيق عدد من المختصين بجودة التعليم إضافة لمثقفين وسألناهم عن الشكل الذي يرونه جيدا لتعليم عربي أفضل ، كما سألناهم هل تسبب التعليم في أمية العرب الثقافية المعروفة عالميا ؟ .. وأخيرا سألناهم : أي سمات يكرسها التعليم الحالي في نفوس العرب ؟ .
في إحدى حلقات برنامج "بلا حدود" التي أذيعت مؤخرا على فضائية "الجزيرة" والتي تركزت حول أزمة التعليم في العالم العربي . قال ضيف الحلقة طارق سويدان المدير العام لمؤسسة الإبداع الأمريكي أنه إذا كانت القراءة دليلا على الوعي فقد تراجع استخدام ورق الصحف في العالم العربي لكل ألف فرد من 3.3 كيلو جرام في العام 1985، في الوقت الذي ارتفع فيه في أوروبا في الفترة ذاتها إلى 82.2 كجم مع مراعاة الزيادة المطردة لعدد السكان في العالم العربي مقارنة بالغرب .
المحلل السياسي والمثقف المعروف عمار علي حسن كتب مقالة هامة بصحيفة "المصري اليوم" قال فيها : " أخبرني سأنسى .. أرني فقد أتذكر .. أشركني سأعي وأفهم " وهو مثل صيني يمكن تحويله لشعار نظام تعليمي ناجح ؛ فالتلقين يخاطب أردأ الملكات العقلية وهي "الذاكرة" ، وتسقط المعلومات بالتقادم أو فور انتهاء الإمتحانات من أذهان الطلاب . وطلاب مراحل التعليم الأساسي والجامعي يقومون بجمع المتفرق وتطويل المختصر وليس تجلية الغامض استكمال الناقص وهو المفترض من العملية التعليمية .
د. مغيث : اعطونا علما وليس "منشورات"
المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية أحد مؤسسات البحث المعنية جديا بجودة التعليم ، سألنا د. كمال مغيث الخبير بالمركز حول ما يدرسه المصريون في الجامعات والمدارس وينطبق الحال نفسه على أغلب الدول العربية فقال : المقررات ليست عادية وإنما هي " منشورات حكومية" ، أي ما تريد الدولة أن يعرفه الطلاب . فعلى سبيل المثال إذا نظرنا لمادة التاريخ سنجد أن الدولة حددت الموضوعات التي يجب دراستها والإمتحانات التي توضع عليها وهذه طريقة لا علاقة لها بالعلم الحقيقي الذي يعتمد على حرية الطالب في البحث عن المعلومات والتأكد منها .
وعلى هذا الأساس ندرك أن هناك نظامين للتعليم أحدهما يقول للطالب ( استنتج – اسأل – ابحث واكتب ) ، اما النظام العربي فيقول ( احفظ واكتب ما يملى عليك أو ما حفظته ) . فكيف يربي هذا المنهج مبدعين يضيفوا للعلم العالمي ؟ ، وحتى المبتكرين والمخترعين والمتميزين من العرب فنجاحهم غالبا لا يعود للتعليم الذي تلقوه بقدر تميز أسرهم وعوامل أخرى اخرجتهم من النطاق النمطي.
أما عن سمات خريجي مدرسة التعليم العربية فرأى د. كمال أنهم أغلبية مقموعة "ينبغي أن تظل مطيعة . تسمع الكلام " في نظام تعليمي لا يمكنها من المبادرة والتميز فكانت النتيجة هذه الصورة لعلاقة سلطوية تعليمية ، الطالب يشعر بسلطة الكتاب المقرر والمعلم في الفصل والإدارة المدرسية ، ولابد أن يكره المعرفة والثقافة ويكتفي بتأدية دوره الوظيفي فيما بعد لمجرد " أكل العيش" .
يقوم التعليم الحديث على الأبحاث
واقترح د. كمال أن يعد المنهج التعليمي أهل الخبرة والكفاءة والإختصاص المشهود لهم والأعلام المعروفين بوطنيتهم ومنهم مثلا د. عاصم الدسوقي في حقل التاريخ أو د. مراد وهبة في الفلسفة ، ولكن ما يحدث حاليا أن الوزير يطلب من مجموعة من "الموظفين البيروقراطيين" تأليف كتاب في أطر محددة ، وبعدها لا نستغرب أن تكون مواد التاريخ في مصر لا تتحدث عن سيرة أول رئيس للجمهورية "محمد نجيب" ولا تتحدث عن دور اليسار أو الإخوان المسلمين في الحركة الوطنية وطرد المحتل الإنجليزي ؛ إذ أن القيادة السياسية ترى أنها حركات غير شرعية .
وما يحدث في العالم المتقدم أن منهج التاريخ – كمثال ليس إلا لأسلوب التعليم عموما – يكون عبارة عن معلومات مركزة موجزة عن فترة تاريخية وأهم الشخصيات بها ثم يطلبوا من الطلاب تقسيم أنفسهم لمجموعات كل واحدة تقوم بإعداد ورقة حول أحد الموضوعات المتعلقة . فعلى سبيل المثال في تاريخ مصر الحديث من الممكن ان تخرج مجموعات الطلاب بأوراق حول تعليم الفتاة أو الصحافة أو تطور العملة أو أي موضوع آخر ويستخرجوا هذه الأبحاث من الكتب بالمكتبة ، ثم تأتي المرحلة التالية بأن يعرض الطلبة أبحاثهم على الفصل وتثور تساؤلات زملائهم ويدير المعلم هذه النقاشات للخروج بأفكار موضوعية . هنا لا يوجد سلطة على الطالب غير المعرفة . علما بأن هذا النظام يجعل الطالب لا يحمل هم الإمتحانات ؛ لأن إمتحان آخر العام لا يشكل إلا 20% مثلا من مجموع درجات الطالب التي تحتسب من خلال أبحاثه طوال العام ونشاطه .
وقال د. مغيث : نريد تعليما لا يخرج أجيالا من المنسحقين المطيعين ولا يقتل لديهم ملكات النقد والحماسة لأنهم حينها سيكونون أفضل وأنسب مواطنين لنظام مستبد ...!
د. قاسم : لا توجد رغبة سياسية في الإصلاح
د. مصطفى قاسم الباحث بالمركز التربوي اعتبر أنك لكي تنمي مهارات الإبتكار والنقد والإبداع والتحليل وكل عناصر التفكير الإيجابية لا تحتاج فحسب لكتب مقررة ولكن لطرق تدريس ومناخ عام في المجتمع يشجع الثقافة الحرة والبحث . ومسألة تعليم التفكير الناقد للأبناء لا تكون مخطط لها بقدر ما تنشأ من حصيلة المقومات الثلاثة المذكورة . فبالنسبة للكتاب المقرر ينبغي أن يحتوي دروسا تعلم كيفية حل المشكلات والتفكير العلمي ووضع بدائل والموضوعية في البحث وغيرها ، ثم يأتي الجانب الثاني وهنا يكمن الخلل الكبير في العملية التعليمية لدينا إذ أن التعليم العربي يقوم على التلقين ، وبحيث يعامل الطلبة كأنهم أجهزة كمبيوتر تستعيد ما حفظته في أوراق الإجابة نهاية العام وهذا ما يقتل التفكير الإبتكاري . وإذا أردنا أن نعطي تفسيرا بسيطا لهذا التفكير فهو أن تعلم الطالب كيف يبتعد عن الفكرة التي ينظر فيها ويخضعها للبحث بحيث يتفق أو يختلف معها أي أن يكون محايدا إزاءها ، وليس أن نعطي لهم الدروس كأنها أشياء مقدسة وأمنعهم من التعرض لوجهات النظر المتعارضة .
كتب التاريخ .. على هوي الحكومات
وعلى سبيل المثال فإننا دائما نرى ثورة يوليو 1952 في المناهج المصرية مثالا للنبل وكانت حتمية ويحتاجها المصريون للتخلص من الملكية ؛ بينما نجد أصواتا كثيرة للغاية تعارض ذلك ولم نذكرها . وفي الخارج يجعل الطالب يقرأ عن وجهات نظر متعارضة في الحرب العالمية الثانية مثلا فما يكتبه الألمان غير ما يكتبه الأمريكيون حولها ومن هنا يتحدد موقف الطالب القائم على معلومات قرأها ولم تملى عليه ، بينما يقتصر المنهج الدراسي على المعلومات العامة حول الحرب العالمية مثلا الدول المشاركة بها وما إلى ذلك ، والنقطة الخطيرة هنا أن الطالب بهذا الأسلوب من التعليم يتعلم أنه لا توجد حقائق مطلقة فكل أمر يمكن رؤيته من عدة زوايا . ونحن في العالم العربي بعيدون تماما عن هذا التفكير . وفي دراسة أعدتها زميلة بالمركز اكدت انه حتى موضوعات التعبير تفرض على الطلبة الخطوط العامة التي تحكم توجههم بالكتابة وبالتالي حتى المادة التي يفترض أن تطلق العنان لآراء الطلاب الحرة حولها نظام التعليم لمادة تلقينية !!
بالطبع لن تخرج أجيالا ناقدة بغير مناخ عام في المجتمع يحترم حرية الرأي ، وكيف يحدث ذلك في العالم العربي ونحن نعاني من خطاب سياسي واحد من السلطة للشعب والآراء المعارضة تلقى القمع في النهاية ، وحتى الآراء المعارضة في الصحف المستقلة توصف بأوصاف سلبية لأنها ناقدة . وننظر لحال الشعوب العربية يعرض على المواطن أكثر من مرشح في الإنتخابات فلا يختار أحدا ؛ لأنه لم يعتد على فكرة الإختيار ودراسة البدائل المتاحة .
من جانب آخر يعيب المعلم في النظام التعليمي العربي عموما أنه هو ذاته لا يؤمن بأن وظيفة المدرسة التنوير والتثقيف فهو يعتقد في التعليم البنكي الذي ذكره الرائد باولو فليري بمعنى إدخال بيانات في عقول الطلبة وتوقع الحصول عليها في أوراق الإجابة وينتهي الأمر بلا نقاشات ولا أبحاث ولا قراءات حرة . وكان على المعلم أن يعطي للطالب المفاتيح التي تجعله يتعلم وحده ويصل لما يريد .
شخصية الطالب لابد أن تظهر
وسألناه : طالما أن انظمة التعليم المتطورة تطبق في الخارج منذ سنوات بعيدة .. لماذا لا يتبناها النظام العربي ؟ فقال د. قاسم أن المشكلة في الإرادة السياسية والتي لم تتواجد حتى الآن . وإذا كنا نتحدث بصفة خاصة عن مصر سنجد أن الثقوب لا يعاني منها التعليم فحسب بل الصحة والإقتصاد والزراعة وغيرها ؛ لأن النظام ككل بات مترنحا يرى أن الأمور طالما تسير – بأي كيفية – فلا داعي للتغيير .
ولكي نصلح التعليم لا نحتاج لموارد مالية هائلة ؛ فمعلم جيد أسفل شجرة يجلس مع مجموعة من الطلبة سيحدث التغيير . ولكي لا نظلم المعلمين لابد من رفع مستواهم اجتماعيا واقتصاديا فلن يستطيع المعلم أن يعطي شيئا وينتج إلا إذا كنت أؤمن له ولأسرته العيش الكريم ، ولذا ظهرت امتحانات الكادر في مصر ، وهي فكرة غربية استوردناها وبمقتضاها كان ينبغي أن يرتفع دخل المعلم لأضعافه ولكننا ربطناها بالإمتحان ولم نربطها بمستوى المعلم ذاته والنتائج التي يحرزها مع الطلبة ، وهو ما يجري في الغرب . فالعبرة ليست في أن يجتاز المعلم اختبارا بقدر عمله وخبرته وإبداعه مع الطلاب .
د. الخميسي : التعليم بريء من الأمية الثقافية
الأديب المصري والكاتب د. أحمد الخميسي سألناه عن الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه التعليم العربي ، ورأى أن التعليم لابد أن يقوم بواجبه الأول وهو خلق شخصية قومية عامة ذات إنتماءات مشتركة تتلقى بفضل التعليم ما يجمعها بالوطن وبشعبها ، ولكننا نرى تعليما ممزقا – في مصر على الأقل – له عدة مراكز منها الخاص والحكومي والديني والمدني . من جهة ثانية لابد أن يواكب التعليم الثورة العلمية والتكنولوجية التي يعيشها أبناء هذا العالم ، ويكون ذلك بتدريس مواد ملائمة للطلاب تحوي موضوعات مثل الوراثة والإستنساخ . وأخيرا على التعليم أن يربط الجانب النظري بالعملي فلا يقتصر على ترديد قصائد ومحفوظات ؛ لأن هدف التعليم هو خلق إنسان يغير المجتمع والحياة بالعمل والتفكير معاً .
ورأى الخميسي أن التعليم في حد ذاته ليس مسئولا عن الأمية الثقافية للعرب ؛ إذ أن وظيفته فتح الباب للثقافة إذا كان جيدا . ويقود للأمية الثقافية عوامل اخرى منها الأمية الأبجدية وعدم ترسيخ تقاليد الثقافة والقراءة والتذوق الأدبي والفني . أما الكتاب التعليمي العربي فهو فقير شكلا ومضمونا لضعف الإنفاق عليه.
وأخيرا اعتقد الخميسي أن التعليم بشكله الحالي لا يكرس نظرة علمية ومتسامحة ولا يحفز الفضول والخيال في نفوس أبنائه ، ومؤكدا أن القسمات العامة للتعليم العربي معتمدة على ركائز اللغة والدين والتاريخ ، وهذا الأخير – أي التاريخ – يصاغ غالبا وفق رؤية الحكام السياسية .
د. الفرجاني : تقييم مركب وتراكمي للطلاب
د. نادر الفرجاني المفكر الإجتماعي وخبير تقارير التنمية البشرية أشار إلى أن المشكلة ليست في الكتاب المقرر وحده وإنما في هذا الكتاب مضافا له أسلوب التدريس وأسلوب تقييم الطلاب . وقال أن تلقين الطلاب مجموعة من العلوم واسترجاع المعلومات في إمتحانات عادة ما يقتل إمكانيات الإبتكار لديهم ويضعف من قابليتهم للعمل في مجموعات .
ورأى د. الفرجاني أن تقييم الطلاب في المراحل التعليمية من الهام أن يقوم على أساسين مركب وتراكمي ؛ الاول ( المركب ) بمعنى ألا أقيم الطالب وفق عامل واحد وهو الكتاب المقرر وإنما من خلال بحثه في المكتبة ومشاركته لزملائه في الفصل وذكائه الوجداني في التعامل مع أقرانه وغير ذلك . أما التقييم ( التراكمي ) فيعني ألا أعتمد في تقييمه على وقت الإمتحان بنهاية العام وإنما على مدار السنة الدراسية ؛ لأن نظرية استرجاع المعلومات كافة في وقت معين خاطئة .
أما عن سمات المتعلمين فرأى أن النظام الحالي يؤكد العلاقة السلطوية المفروضة على الطلاب فهم دائما خاضعون للمعلم ، وخطورة ذلك أن شخصيتهم لا تكون متكاملة إذا ما خرجوا للمجتمع . أما البديل فهو أن تكون إدارة المؤسسة التعليمية تتمتع بقدر عالي من الديمقراطية وتنمي مشاركة الطلاب بكل شيء.
د. الجيار : ربط القراءة بالإمتحانات .. كارثة
د. مدحت الجيار أستاذ النقد الأدبي بجامعة الزقازيق رأى أنه لابد عند رسم استراتيجية التعليم في أي مجتمع أن نحدد احتياجات الدولة ومتطلباتها ، ونفكر في حاجات سوق العمل والبحث العلمي والثقافة وعلى أساسه يتم التوصل لشكل التعليم المثالي . واتفق مع من رأوا أن التعليم العربي لا يؤدي لتكوين وعي وثقافة حقيقية لدى المنتظمين به ، حيث ينتج سنويا خريجين ناقصي المعرفة ، وهؤلاء عليهم أن يستكملوا هذا النقص بمداومة الإطلاع والقراءة ومتابعة مجريات الأحداث عبر وسائل الإعلام والمعرفة المختلفة . والمؤسف أن ذلك لا يحدث لأن ارتباط القراءة بالإمتحانات ولّد كراهية لها ، ولذا من المهم أن نخرج الطلاب من عقدة الإمتحانات بتجديد أسلوب التعليم.
وعاب على التعليم العربي عدم التركيز على تطبيق ما يدرس نظريا ؛ فكيف يتخرج آلاف المتعلمين من كليات الهندسة والطب والصيدلة واللغات لواقع العمل بدون خبرة كافية عملية وليست نظرية مستقاة من مقررا ت فحسب ؟ .
الرحبي : لنتعلم من تجربة اليابان
التعليم سر تقدم اليابان
حمدان الرحبي ، صحفي يمني وكاتب شاركنا في التفكير بمعضلة التعليم العربي وأوضح بداية أن كافة الحضارات التي قامت على وجه البسيطة اعتمدت على العلم والجيش كمرتكزين رئيسين ؛ فالعلم يرتقي بالدولة والجيش القوي يحقق لها الإستقرار والأمن.
واعاد لذاكرتنا تجربة اليابان التي دُمرت بقنبلتين ذريتين لكنها لم تظل تبكي خيبتها وبدأت من الصفر وبنت امبراطورية صناعية كبرى لتصبح – بالعلم – من أكثر الدول تطورا .
ورأى الرحبي أن العالم العربي يتعلم "الجهل" ويعيش في عصور ما قبل الوسطى ، ومؤكدا أننا لا ينبغي أن تبهرنا العناوين البراقة حول خطط التعليم إذ العبرة بالواقع الملموس. وعن الكتاب التعليمي فقد اعتبره كما وليس كيفا جيدا .
وأخيرا رأى أن نظام التعليم الراهن لا يكرس للتفكير بل للنرجسية البعيدة عن روح العمل الجماعي التعاوني ، فضلا عن تأكيد أفكار معينة مثل تمجيد الحكام السياسيين وأنظمة الدول العربية .. والأهم تكريس فكرة الهزيمة النفسية عند الإشارة للتاريخ العربي !
وتطل التساؤلات حائرة .. لماذا يصر النظام التعليمي العربي على مخاطبة أردأ ملكات أبنائه وهي الذاكرة ، معرضا عن تحفيز الإبداع والجدل والتفكير لديهم ؟ . وإلى متى تضيع أهم وأخطر سنوات المعرفة من أعمار العرب ؟ .. ولماذا بعد ذلك نكثر من العبارات المملة مثل نهضة الغرب وتخلف العرب ؟
اقرأ أيضا
د. حامد طاهر ل "محيط" : مصالح الكبار أفسدت التعليم
ندوة لمناقشة كتاب " كم ينفق المصريون على التعليم؟ "


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.