هيفاء وهبي لا يكاد يمر عام تقريبا إلا وتتفجر أزمة داخل مجلس الشعب بسبب تصرفات إحدى الفنانات التي قامت بالرقص في مدرسة خاصة أو تصوير احد مشاهد فيلمها في مدرسة أخرى أو الظهور في مشاهد ساخنة في احد أفلامها أو مسرحياتها أو ارتداء بدلة الرقص في كليباتها وإبداء بعض الإيحاءات الجنسية على حسب اتهامات أعضاء المجلس الذين يتقدمون بطالبات الاحاطة والأسئلة البرلمانية والاستجوابات حول هذه الوقائع.
المفارقة ان اغلب مقدمي طلبات الاحاطة حول التجاوزات الأخلاقية في بعض الأعمال الفنية عادة ما ينتمون الى الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين وهو ما يعتبره بعض المراقبون السياسيون لعب على العواطف الدينية للمواطنين والظهور بمظهر المدافع الأول عن الاسلام وعاداته وتقاليده حتى تحصد الجماعة المزيد من التأييد الشعبي في الشارع المصري.
حيث تقدم النائب علي فتح الباب عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين بسؤال عاجل إلى كلا من الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء والدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم حول قيام المطربة اللبنانية هيفاء وهبي بتصوير مشاهد من فيلم دكان شحاتة بمدرسة الشروق الخاصة بإدارة حي المعادي التعليمية مطالبا الحكومة في سؤاله بضرورة بإبعاد المدارس عن العروض الفنية التي لها مكانها الخاص بها وان يقتصر دور المدارس على العملية التعليمية فقط.
واعتبر فتح الباب أن هذه الواقعة تعد كارثة تعليمية تحل بالتعليم المصري مطالبا وزير التربية والتعليم باتخاذ إجراءات صارمة تجاه إدارة هذه المدرسة منعا لتكرار هذا الأمر في مدارس أخرى.
وتعيد واقعة هيفاء وهبي إلى الذاكرة أزمة الراقصة دينا التي اشتعلت العام الماضي بسبب قيام 17 نائبا في مجلس الشعب من بينهم نواب في الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمون بتقديم طلبات إحاطة عاجلة إلى وزير التربية والتعليم بسبب حفلٍ أقامته مدرسة ثانوية خاصة بالقاهرة ورقصت فيه الراقصة رقصا وصفها النواب بالخليعة أمام المدرسين والطلاب مؤكدين غضبهم الشديد و مطالبين الدكتور الجمل بوقفة حاسمة مع المسئولين عن تنظيم الحفل وإحالتهم إلى النيابة العامة لأنهم أهدروا قدسية المدرسة كمكان للتعليم وخرقوا فيه عادات المجتمع موضحين أن التحقيق التأديبي مع مثل هؤلاء لا يكفي غير أن الواقعتين تختلفان في أن واقعة دينا رقص بينما واقعة هيفاء تصوير احد المشاهد.
وشهد مجلس الشعب واقعة غريبة أيضا قبل عامين عندما قام النائب محسن راضي عضو الكتلة البرلمانية للجماعة بتقديم طلب إحاطة يطالب فيه بمنع حفلات نانسي عجرم وهيفاء وهبي وبعض المطربات اللبنانيات في مص اعتراضا على طريقة لبسهن وأدائهن حركات وإيحاءات تتنافى مع تقاليد المجتمعات العربية.
الراقصة دينا إلا انه سرعان ما سحبه لان المطربتان قدمتا موقفا وطنيا أثناء العدوان الصهيوني على لبنان بالامتناع عن تقديم حفلات غنائية في هذه المرحلة مما يعد موقفا وطنيا أفضل من المواقف الرسمية للأنظمة العربية مطالبا الفنانات أيضا بالتخلي عن الصور المرفوضة التي تحفل بها شرائط الفيديو كليب التي تعرض على الفضائيات وتبدو فيها مظاهر العري واضحة.
وكانت الراقصة فيفي عبده أيضا قد فجرت أزمة في مجلس الشعب بسبب مسرحية روايح التي قامت ببطولتها علي أحد مسارح الدولة حيث قدم النائب بالحزب الوطني سمير موسي طلب احاطة عاجل عن المسرحية مؤكدا في طلبه وجود فضائح بالمسرحية عبر ما تحمله من عبارات وإيحاءات جنسية منافية للآداب العامة فضلا عن الإساءة إلي شخصيات دينية تاريخية وعلاوة علي الرقص الخليع الذي تقوم به فيفي عبده طوال المسرحية والمشمول بإيحاءات جنسية على حد قول النائب الذي انتقد الألفاظ الخارجة والخادشة للحياء في المسرحية كما أبدي استياءه من قيام الراقصة بوضع الشهور العربية الثلاثة رجب وشعبان ورمضان في جملة ساخرة.
قائمة الفنانات التي أثارت أزمات داخل مجلس الشعب تضم المطربة روبي التي لفتت الأنظار إليها عندما ظهرت في أغنيتها المصورة أنت عارف ليه وهي ترقص مرتدية بدبلة الرقص وتؤدي بعض الحركات المثيرة في كليب ليه بيداري وهو ما دفع النائب حمدي حسن المتحدث الإعلامي للكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان المسلمين الى تقديم طلب احاطة حول أغاني روبي وبعض المطربات اللبنانيات والتي تخدش الحياء العام وكانت الفنانة الهام شاهين أيضا بطلة مناقشات ساخنة في مجلس الشعب بسبب فيلم "دانتيلا" التي قامت بتمثيله مع يسرا وظهرت في مشاهد ساخنة وملتهبة.
روبي من جانبه يؤكد جمال اسعد الكاتب السياسي وعضو مجلس الشعب السابق أن إرساء الأخلاق والقيم الأصيلة والمحافظة عليها مطلوب وهو أمر ملح ولكن لابد الا يأتي ذلك على حساب المشاكل والهموم اليومية للمواطنين من مشاكل للخبز والإسكان وتزايد للبطالة وغلاء مستمر للأسعار والخدمات وبيع وحدات القطاع العام بأرخص الأسعار وأيضا الدور الرقابي والتشريعي لمجلس الشعب مضيفا انه من المهم ان يكون هناك توازن سياسي فيما يقدمه الأعضاء من أسئلة برلمانية وطلبات احاطة واستجوابات حول الأعمال الفنية المثيرة فيكفي مثلا أن يتم تقديم طلب احاطة او استجواب ويناقشه المجلس بجدية بدلا من تقديم 17 طلب احاطة وسؤال واستجواب لان تضخيم مثل هذه المعارك الوهمية يلهي النواب عن مشاكل أخرى أكثر أهمية وتمس مصالح المواطن اليومية.
واشار اسعد الى أن التجاوزات الأخلاقية مرفوضة على الإطلاق ولكن اذا كانت هناك ضرورة لتصوير مشاهد احد الأفلام في مدرسة ما في حدود الأخلاق فلا مانع من أن يحصل الفنان او مخرج العمل على تصريح من وزارة التربية والتعليم لتصوير هذا المشهد الذي يفيد العمل الفني بعيدا عن الإسفاف.
أما النائب علي لبن عضو الكتلة البرلمانية لجماعة الأخوان المسلمين فيؤكد على أن نواب الأخوان لا يركزون اهتمامهم في مثل هذه القضايا فقط رهم أهميتها وخطورتها على الأخلاق العامة والتقاليد والعادات الإسلامية في مصر بلد الأزهر الشريف لان تصوير فيلم أو مشاهد رقص في مدارس هو كارثة بكل المعايير لان ذلك يهدم الأخلاق عند التلاميذ في الوقت الذي لابد وان تتفرغ فيه المدرسة للعملية التعليمية بدلا من لفت انتباه التلاميذ الى توافه الأمور.
وقال لبن أن الكتلة البرلمانية للإخوان تستخدم كل الأدوات البرلمانية من أسئلة برلمانية وطلبات احاطة واستجوابات لمواجهة أزمات المصريين والكوارث التي تقع لهم للمطالبة بكشف الحقائق على الرأي العام ومحاسبة المسئولين عنها والمتسببين فيها وهو ما حدث مع كوارث غرق العبارة السلام 98 والتي راح ضحيتها أكثر من 140 مواطن مصري في مياه البحر الأحمر وكذلك وباء أنفلونزا الطيور وفشل الحكومة في مواجهة هذا الخطر والخسائر التي تسبب فيها الوباء نتيجة لهذا الفشل.
وأيضا الارتفاع المستمر في الأسعار وتزايد معدلات البطالة ومشاكل العملية التعليمية والمطالبة بمحاسبة الفاسدين وأيضا سياسيات التطبيع مع الكيان الصهيوني وان كل ذلك مدون في مضابط مجلس الشعب مشددا على انه لا يمكن تجاهل التجاوزات الأخلاقية بزعم أنها من توافه الأمور خاصة وان كان يتم عرضها في تلفزيون ومسارح الدولة نظرا لضخامة عدد المشاهدين الذين يتعرضون لتلك الوسائل.
أما ضياء رشوان الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فيرى إن مثل هذه القضايا تدخل في اهتمامات الرأي العام وان كان البعض يراها غير ذلك وترتبط بمسائل عدة منها التربية والأخلاق وعندما يطرحها النائب في المجلس يطرحها من هذه الزاوية وليس وهى زاوية مهمة وليست هناك خصومة شخصية مع الفنانين مضيفا أن النائب لابد أن يعبر عن كل اهتمامات الرأي العام من سياسية واقتصادية وأخلاقية واجتماعية و لا يقتصر الأمر على القضايا السياسية فقط فالبعض يراها جادة وهى كذلك ويجب مناقشتها لخطورتها على الأخلاق والآداب العامة.
واشار رشوان خطورة واقعة رقص الراقصة دينا في إحدى المدارس أمام التلاميذ في حفل تخرج ثانوية عامة كان لابد من تقديم اكبر عدد من طلبات الاحاطة والأسئلة والاستجوابات بالفعل لفداحة الواقعة غير انه نبه الى أن المهم وهو طرح تساءل هل الموضوعات والقضايا المهمة والرئيسة يتم طرحها ومناقشتها ام لا مضيفا أن تلك القضايا يتم طرحها بالفعل والدليل مضابط جلسات المجلس وإعلان الدكتور احمد فتحي سرور في نهاية دور الانعقاد عن أعداد ضخمة من طلبات الاحاطة والاستجوابات التي يتم مناقشة 10 % منها فقط لضخامة العدد.