رغم أن نواب المجموعة الإخوانية فى مجلس الشعب والتى تصل إلى 88 عضواً لم يحدثوا أى تأثير "سياسى" ملموس ومفيد للناس فى المشهد إلا أن موقعهم الرسمى على الشبكة الإلكترونية زف إلى المجتمع المصرى نجاحاتهم الساحقة فيما قدموه وما أنجزوه خلال أربع سنوات مضت هى عمر فصل تشريعى لم يبق منه إلا دورة واحدة تبدأ مع بداية شهر نوفمبر القادم. كعادة الإخوان المسلمين يشعرونك للوهلة الأولى بأنهم غيروا الكون وأضافوا وأصلحوا رغم أنهم انصرفوا إلى أداء روتينى لا تستطيع تمييزه، بدليل أنهم لم يستطيعوا تقديم نموذج واضح لبرنامج وطنى شامل يناهض ما تفرضه الحكومة. سجل الإنجازات كما يراه نواب الإخوان وكتبوه بأنفسهم: أولاً: كان للتنوع الهائل لنواب الكتلة دور كبير فى إثراء الحياة البرلمانية المصرية حيث مكنهم ذلك من المشاركة فى جميع لجان المجلس ال19 وميز مشاركتهم وأداءهم البرلمانى سواء فى الجلسات العامة أو اجتماعات اللجان، وأظهر حرصهم على أداء دورهم الرقابى والتشريعى بما يصب فى مصلحة الوطن والمواطن على الصعيد الداخلى والخارجى. والحقيقة عكس ذلك بحسب مضابط جلسات مجلس الشعب أن نواب الإخوان حولوا لجان مجلس الشعب إلى المصلحة الخاصة محاولين تعطيل المؤسسة الدستورية فى كثير من الأحيان للعب دور المشاغب دون تحقيق نتائج ملموسة، فمثلاً فى أحد اجتماعات لجنة الشئون العربية بمجلس الشعب لمناقشة تصاعد الاقتتال بين فتح وحماس تحول الاجتماع إلى معركة كلامية ساخنة بين نواب الجماعة ونواب الحزب الوطنى حيث اعترضوا على البيان الصادر عن اللجنة وانتهى الأمر إلى لا شىء. .. أما لجنة الدفاع والأمن القومى والتى تحولت مع وجود نواب الإخوان إلى لجنة ملاكى لتقتصر المناقشات حول طلبات الإحاطة العاجلة أو الأسئلة الخاصة بجماعتهم ومحاولة تشويه سمعة الضباط والضغط على الأجهزة الأمنية وجرجرتهم إلى قاعات مجلس الشعب. ثانياً: يشير سجل إنجازات الإخوان المزعوم إلى أنه على مدار أربع سنوات استخدم نواب الكتلة البرلمانية للإخوان جميع الوسائل والأدوات البرلمانية المتاحة لهم تحت القبة حيث قدموا ما يزيد على "180" استجوابا تم مناقشة بعضها و"4500" طلب إحاطة، وأكثر من "1300" سؤال وما يقرب من "700" بيان عاجل، وأكثر من "200" طلب مناقشة عامة فضلا عن "44" مشروع قانون. وبنظرة سريعة إلى تلك الإنجازات.. فقد تم رفض مشروع الحساب الختامى للحكومة عن عامى 2005 - 2006 وأيضاً 2006 - 2007 - 2008 رفض التعديلات الدستورية الأخيرة، وكذلك اتفاقية مكافحة الإرهاب.. أما عن أهمية كل ما قدموه من أسئلة وطلبات إحاطة بالعشرات لوزير الاستثمار والإعلام فلا يزيد عن انتقاد ما يعرض فى الدراما المصرية من أفلام ومسلسلات تظهر البطل على أنه المدخن الشره أو مدمن الخمور. وطلبات إحاطة وبيانات عاجلة حول بدل رقص دينا ومسرحية فيفى عبده، وأغانى نانسى عجرم وإليسا والاعتراض على تجريم ختان الإناث، ومواصلة الهجوم على المثقفين، فكان من أغرب ما ظهر من طلبات إحاطة ما تقدم به نائبهم "على لبن" الذى انتقد المؤتمر الذى أقيم تحت عنوان "ابن عربى فى مصر.. ملتقى الشرق والغرب" مؤكداً أن إقامة هذا المؤتمر للترويج للإلحاد!!.. وعلى صعيد آخر شملت بعض الأسئلة وطلبات الإحاطة العاجلة لرئيس الوزراء حول قرار منع المحجبات من نزول حمامات السباحة للفنادق الكبرى، وتحذير الحكومة من دخول أغشية البكارة الصينى لمصر، طلب عاجل للحكومة على إبقاء ملف موائد الرحمن التى تنظمها بعض الراقصات فى مصر وطلب فتوى من مجمع البحوث الإسلامية لإصدار فتوى موحدة ورسمية تحدد مدى شرعية موائد الرحمن التى تنظمها بعض الراقصات. ولم يتحدث موقع إنجازاتهم عن قيام أحد نوابهم وهو المهندس أشرف بدر الدين بخلع حذائه والتلويح به داخل قاعة المجلس، وتم تحويل هذه الواقعة إلى لجنة القيم التى قررت حرمان النائب من الاشتراك فى أعمال المجلس حتى نهاية الدورة السابقة. وأيضاً هربوا من الحديث عن نائبهم الذى يطلق عليه اسم "نائب البعير" حيث دأب خلال سنواته البرلمانية على المطالبة بدفع "الدية" فى أى قضية مثارة أمام الرأى العام.. ويحول أى اجتماع يحضره أو يعطى له الفرصة للتحدث فيه إلى مهزلة حقيقية تدفع للرثاء على حال السلطة التشريعية. ثالثا: يقول الموقع الرسمى تحت عنوان "حبس الصحفيين": مع تصاعد أزمة قانون حبس الصحفيين شارك وفد من كتلة نواب الإخوان المسلمين فى مظاهرة الصحفيين 2006/7/9 أمام مجلس الشعب، وأكد د. سعد الكتاتنى رئيس كتلة الإخوان وقوف النواب الإخوان إلى جانب حقوق الصحفيين حتى يتم إسقاط القانون المكبل للحريات، حيث قاد نواب الكتلة البرلمانية للإخوان حملة الدفاع عن حرية الصحافة وتصدوا لقانون الحكومة!!! الغريب أن يتظاهر موقعهم الشجاع بالوقوف مع الصحفيين ولا يكتب ما طالب به أحد نواب الكتلة البرلمانية من تطبيق حد الجلد على الصحفيين بدلا من حبسهم، وذلك أثناء مناقشة التعديلات المقترحة بقانون حبس الصحفيين فى قضايا النشر. نواب الإخوان قدموا ما يزيد على 180 استجوابا قالوا عنها إنهم كسروا بها الدنيا وزلزلوا عرش الحكومة، ونسى نواب الإخوان أنهم أفقدوا آلية الاستجواب أهميتها القصوى، حيث فقد الرأى العام اهتمامه بالاستجوابات وتحولت على يد نواب الإخوان إلى مجرد دردشة لا تنتهى إلى شىء، رغم أن الاستجواب طبقا لأحكام الدستور هو اتهام صريح للحكومة بالإهمال أو التقصير ويتطلب دفاع الحكومة عن نفسها، بل إن بعض نواب المعارضة اتهموا زملاءهم بأنهم السبب وراء ما يحدث لتلك الآلية المهمة، كما حمل النائب المستقل كمال أحمد نواب الإخوان المسئولية الكاملة عن تدهور وتدنى قيمة الاستجواب، وقال إن المستجوبين أنفسهم هم السبب فى ذلك لسعيهم الدائم إلى تقديم أعداد كبيرة من الاستجوابات لأنهم يعتبرونها مجرد وسيلة للظهور الإعلامى والتواجد أمام المنصة. رابعا: أعلنت الكتلة البرلمانية أن من أهم إنجازاتها رفض مشروع قانون كوتة المرأة حيث قالوا: إن مشروع القانون المقدم من الحكومة يشوبه عدم الدستورية من نواح عديدة، مشيرين إلى تجربة كوتة المرأة فى برلمان عام 79 التى لم تأت بآثار إيجابية ملموسة، مما جعل المشرع يعدل عنه فى أول انتخابات تالية، وأوضحوا أن مشروع القانون المقدم يلقى أعباء ضخمة على المرأة. نسى نواب الإخوان أنهم يثرثرون عن الحرية والدفاع عن المرأة ويتحدثون عن قيمتها وقدراتهم فى دفعها للأمام، ثم فى لحظة عندما تحول الأمر إلى واقع رفضوه، لماذا؟! تلك هى عينة فقط من الإنجازات التى زفها إلينا موقع نواب الإخوان المسلمين، ولكن تبقى أمامنا عدة ملاحظات: الأولى: أن كثيرا مما كتب على أنه إنجاز من الإخوان شارك فيه كثير من نواب المعارضة والمستقلين. أيضا لم يتحدثوا عن قضايا وقفوا أمامها إما مشاهدين أو معبئين للآراء فى اتجاهات خاطئة دون الظهور، وهذا ما حدث مع قضية هانى سرور وأكياس الدم الملوثة، لقد بدأوا تشكيل مجموعة منهم للدفاع عنه أثناء اجتماع لجنة الصحة بمجلس الشعب، لكن عندما لفت نظرهم إلى موقفهم الغريب اتخذوا الاتجاه المحايد. أيضا عندما طلب منهم النائب المستقل علاء عبدالمنعم التوقيع على إسقاط عضوية النائب د. محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق رفضوا! لقد أدخل نواب الإخوان أسلوب المقاطعة والانسحاب والاعتراض لمجرد الاعتراض ورفع الصوت والحذاء لمحاولة ترسيخ قواعد جديدة منها الانسحاب من الجلسات والاعتصام وجمع التوقيعات لرفض أو مناهضة ما يطرح داخل المجلس بصرف النظر عما هو خطأ أو صواب! النائب عبدالفتاح عمر - وكيل لجنة الدفاع والأمن القومى واللواء السابق بمباحث أمن الدولة - يقول: نواب الإخوان مسيرون داخل المجلس وفقا لتوجيهات تصدر إليهم من مكتب الإرشاد، ومهمتهم الرئيسية هى إثارة الجدل وانتشار الغوغائية والتهليل الإعلامى لكى يخدعوا المواطن المصرى الذى تورط بانتخابهم ويجعلونه يعتقد أنهم كتيبة التغيير ورواد التطوير! خامسا: من الإنجازات التى ترى الكتلة أن لها الفضل فى تجميد مشروع قانون زرع الأعضاء بحجة أن هذا القانون يفتح باب تجارة الأعضاء. الكتلة تناست أن عذابات الكثير من المرضى تنتظر إصدار القانون خاصة أن بعض المواطنين المصريين ليست لديهم القدرة على السفر للخارج لزرع عضو من أعضائه كما فعلوا مع أحد نوابهم للسفر إلى الصين لزرع كبد. ولأن الإخوان المسلمين دأبوا على التوهم بأنهم أصحاب إنجاز رائع لم يتورعوا عن سرقة إنجازات الغير، وهذا ما حدث من نواب بنى سويف الذين كتبوا فى نشراتهم الإعلامية أن مشروع برنامج الرئيس مبارك لإنشاء الوحدات السكنية هو أحد إنجازاتهم! بل كتب النائب عبداللطيف قطب فى نشرته "شقق عبداللطيف" أيضا! كما شملت نشراتهم الإعلامية أخبارا عن قيامهم بتدعيم الفقراء رغم أن هذا الدعم حصلوا عليه من خلال الطلبات التى تقدموا بها إلى المحافظ وحصلوا على تأشيرات بالموافقة من صندوق الخدمة فى المحافظة.