زف تقرير صدر حديثا بشرى سارة طال انتظارها للمهتمين بأخبار البيئة، بعد موجة من الدراسات والأبحاث التي نشرت مؤخرا وحذرت من مستقبل مظلم ينتظره أهل الأرض على الصعيد البيئي نظرا للتلوث المتزايد على الكرة الأرضية.
وجاءت هذه البشرى من خلال بحث علمي جديد أعده معهد أبحاث الصحراء الأمريكي، وأكد من خلاله أن نوعية الهواء الموجودة اليوم هي أفضل مما كانت عليه مطلع القرن العشرين، وأن التلوث في ذلك الوقت يفوق نسبه الحالية بما بين الضعف إلى خمسة أضعاف.
وجاءت نتائج التقرير بناء على فحص مركّز لطبقات الجليد في منطقة جرينلاند القريبة من القطب الشمالي، حيث أمكن وضع ما يشبه الخريطة السنوية لمستويات التلوث المترسبة فيها خلال الفترة ما بين عامي 1772 و2003، وأعاد العلماء الأمر إلى تحسّن التكنولوجيا الصناعية واعتماد المعايير البيئية، وسط تحذيرات من انتكاسة بسبب إقبال الدول النامية على استخدام الفحم.
وأوضح معهد الأبحاث الأمريكي أنه تمكن من تحديد نوعية المواد الملوثة الموجودة في الجليد، وأن وجود المواد المعدنية السامة في الهواء، مثل الكادميوم والثاليوم والرصاص، كان خلال مطلع القرن العشرين أعلى بكثير مما هو عليه اليوم، وفقا لشبكة CNN.
ويشير الفريق العلمي الذي عمل على البحث، إلى أن اعتماد أوروبا والولاياتالمتحدة المفرط على الفحم خلال العقود الماضية كان السبب الأساسي في ارتفاع مستويات التلوث في تلك الفترة، وقد ساعدت التقنيات الحديثة لمعالجة غازات الفحم، إلى جانب اعتماد مصادر أخرى للطاقة على خفض الانبعاثات الضارة.
وكان الفريق نفسه قد أجرى مسحاً للقطب الشمالي، بهدف دراسة آثار ترسبات السخام الناجم عن إحراق الفحم حول العالم، فاكتشف وجود طبقة منه، تراكمت على مر السنوات، تلعب دوراً في منع جليد المنطقة القطبية من عكس أشعة الشمس، وتساعد بالتالي على رفع حرارة الأرض.
وأشاروا إلى أن خطر التلوث الناجم عن إحراق الفحم ما يزال كبيراً، مع انتقال الاعتماد عليه لإنتاج الطاقة من الدول الغربية التي اعتمدت معايير بيئية صارمة، إلى الدول النامية التي تتسابق على بناء مصانع إنتاج الكهرباء العاملة بالفحم لتجنب أسعار النفط المرتفعة.
ويعزز نتائج هذا التقرير، دراسة أجرتها وزارة حماية البيئة في الصين تفيد بأن هناك مؤشرات تدل على أن التلوث بسبب ثاني أكسيد الكبريت وطلب الأكسجين الكيمياوي قد انخفض في النصف الأول من هذا العام في بكين ما يرمز إلى تقدم جديد تحقق في الجهود الرامية إلى خفض الانبعاثات بالمدينة.
وأشار الباحثون إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت في المدينة المستضيفة للاولمبياد بالنصف الاول من العام قد انخفضت بنسبة12.94بالمئة مقارنة مع نفس الفترة لعام 2007.
وأوضح الباحثون أن طلب الأكسجين الكيمياوي مقياس لتلوث الماء قد انخفض بنسبة 3.82 بالمئة،وكانت العاصمة الصينية قد تعهدت بخفض مستويات التلوث لهذين المؤشرين بنسبة عشرة بالمئة و4 بالمئة على التوالي قياساً إلى العام الماضي. العالم بدون تلوث في 2050
وفي إطار التدابير التي تتخذها الدول للحد من التلوث، أفادت وسائل الإعلام اليابانية بأن اليابان خامس أكبر دولة فى العالم مسببة للتلوث، ستتخذ خطوات لخفض انبعاث الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى محلياً بنسبة بين 60 و80 فى المئة بحلول عام 2050 عن المعدلات الحالية.
وأشار الباحثون إلى أن خفض العالم الانبعاثات بحلول عام 2050 إلى النصف يهدف إلى تعزيز قيادتها للمحادثات المناخية بصفتها دولة مضيفة لقمة مجموعة الثمانى فى يوليو، وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبى وكندا تؤيدان أيضاً خفض الانبعاثات العالمية إلى النصف بحلول عام 2050، إلا أن الدول النامية قالت إنها لن توقع على مثل هذا الهدف، إلا اذا بذلت الولاياتالمتحدة المزيد من الجهد لكبح الانبعاثات.
وتسعى اليابان للقيام بدور أكثر نشاطاً فى المحادثات العالمية المتعلقة بمكافحة التغير المناخى وحثت على التوصل لاطار عمل يركز على الصناعة من أجل معاهدة مناخية جديدة تابعة للأمم المتحدة تحل محل بروتوكول كيوتو الذى ينتهى عام 2012.
ويهدف عرض اليابان بتحديد سقف للانبعاثات الناجمة عن صناعات بعينها والذى يضع قيوداً على انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحرارى على صناعات مثل الصلب والأسمنت إلى تهدئة الأعمال المحلية التى تقول منذ فترة طويلة أن حصص الانبعاثات يجب أن تعكس جهود اليابان السابقة لرفع كفاءة الطاقة، ولكن الدول النامية تشك فى أن هذا الاتجاه سيضع صناعاتها فى وضع سيء ويسمح للدول الغنية بالفرار بقيود أخف على الانبعاثات فى المستقبل.
من جهة أخرى، أكدت دراسة حول الطاقة أن العالم بحاجة لاستثمار 45 تريليون دولار في مصادر الطاقة خلال العقود المقبلة، بالإضافة إلى بناء 1400 مفاعل نووي، وتوسيع العمل بالطواحين الهوائية من أجل تقليص انبعاث الغازات الدفيئة إلى النصف بحلول العام 2050.
وأشار التقرير الذي صدر عن وكالة الطاقة الدولية، التي تتخذ من باريس بفرنسا مقراً لها، إلى أن "ثورة للطاقة" من شأنها أن تخفض وبشكل كبير اعتماد العالم على الوقود المستخرج من الأرض، وفي نفس الوقت الحفاظ على نمو الاقتصاد العالمي بثبات.
وقال نوبو تاناكا المدير التنفيذي للوكالة: "تحقيق هذا الهدف المحدد بتخفيض انبعاث الغازات الدفيئة ب50 في المائة، يمثل تحدياً هائلاً، ونطالب بسياسة تحرك فورية".
مناشدة أممية
وبدورها، دعت منظمة الأممالمتحدة العالم إلى الاقلاع عن الادمان القاتل لثاني أكسيد الكربون وقالت إن الجميع يجب أن يتخذوا خطوات لمكافحة التغير المناخي.
وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن الاحتباس الحراري أصبح سمة مميزة للعصر وسيضر بالغني والفقير على السواء.
وأضاف كي مون في بيان بمناسبة يوم البيئة العالمي الذي يحتفى به في مختلف انحاء العالم وتستضيف العاصمة النيوزيلندية ويلنجتون بعضا من احتفالاته: "عالمنا في قبضة عادة كربون خطرة".
وقالت رئيسة وزراء نيوزيلندا هيلين كلارك: "نحن نفخر بهويتنا الخضراء النظيفة كأمة ونحن مصممون على التحرك لحمايتها.. نحن نقدر أن حماية المناخ تعني تغيرا في سلوك كل واحد منا".