«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طرائف وأسرار في ذكرى شاعر الأمير و.. أمير الشعراء
نشر في محيط يوم 20 - 10 - 2007


أسرار شاعر الأمير وأمير الشعراء
رب جار تلفتت مصر توليه.. سؤال الكريم عن جيرانه
بعثتني معزيا بمآقي وطني.. أو مهنئاً بلسانه
كان شعري الغناء في فرح الشرق.. وكان العزاء في أحزانه
هو عربي، تركي، يوناني، وجركسي، أما ولادته فكانت في مصر، كما يقول عن أصله.. أول من إبتكر الشعر المسرحي.. وأول من توجه الشعراء أميراً لهم.. في ذكري رحيل أحمد شوقي
محيط - شيرين صبحي
فى أسرة موسرة متصلة بقصر الخديوي ولد أحمد شوقي بحي الحنفي بالقاهرة في 16 من أكتوبر 1870م لأب شركسي وأم من أصول يونانية، كان جده كردي الأصل جاء إلي مصر في عهد محمد علي الذي ألحقه بقصره ، وقد بدد والد شوقي ثروته فكفلت جدته لأمه التي كانت تعمل وصيفة في قصر الخديوي إسماعيل، بتربيته ونشأ معها في القصر.
في الرابعة من عمره التحق بكُتّاب الشيخ صالح، فحفظ قدرًا من القرآن وتعلّم مبادئ القراءة والكتابة ثم التحق بمدرسة المبتديان الابتدائية وتم إعفاءه من المصروفات في المدرسة التجهيزية الثانوية لتفوقه ونبوغه.
التحق بمدرسة الحقوق وانتسب إلى قسم الترجمة، وفي هذه الفترة بدأت موهبته الشعرية تلفت نظر أستاذه الشيخ "محمد البسيوني"، ورأى فيه مشروع شاعر كبير، فشجّعه، وكان الشيخ بسيوني يُدّرس البلاغة في مدرسة الحقوق ويُنظِّم الشعر في مدح الخديوي توفيق في المناسبات، وبلغ من إعجابه بموهبة تلميذه أنه كان يعرض عليه قصائده قبل أن ينشرها في جريدة الوقائع المصرية، وأنه أثنى عليه في حضرة الخديوي، وأفهمه أنه جدير بالرعاية، وهو ما جعل الخديوي يدعوه لمقابلته.
بعد عامين من الدراسة تخرّج من المدرسة، والتحق بقصر الخديوي توفيق، الذي أرسله على نفقته الخاصة إلى فرنسا، فالتحق بجامعة "مونبلييه" لمدة عامين لدراسة القانون، ثم انتقل إلى جامعة باريس لاستكمال دراسته حتى حصل على إجازة الحقوق، ثم مكث أربعة أشهر قبل أن يغادر فرنسا في دراسة الأدب الفرنسي.
وفي تلك الرحلة تكونت منطلقات شوقي الفكرية والإبداعية، وخلالها اشترك مع زملاء البعثة في تكوين "جمعية التقدم المصري"، التي كانت أحد أشكال العمل الوطني ضد الاحتلال الإنجليزي. وارتبط بصداقة بالزعيم مصطفى كامل، وتفتّح على مشروعات النهضة المصرية.
تزوج من السيدة خديجة شاهين ابنة حسين بك شاهين (من أصل تركى)، وكانت رقيقة طيبة القلب حتى أن شوقى كان يشبهها بقطة من أنقرة لشدة رقتها وطيبة قلبها.
شاعر الأمير
عندما رجع شوقي إلى مصر وجد الخديوي عباس حلمي يجلس على عرش مصر، فعيّنه بقسم الترجمة في القصر، ثم ما لم لبث أن توثَّقت علاقته بالخديوي الذي رأى في شعره عونًا له في صراعه مع الإنجليز.
كان شوقي ينشد قصائده في مدح الخديوي توفيق بحكم تربيته في القصر، وقد نشرت أولى قصائده في جريدة الوقائع
في شبابه
المصرية في 7 إبريل سنة 1888م، وبعد عودته إلى مصر وإلتحاقه بقسم الترجمة بالقصر ظل يتدرج في المناصب حتى أصبح رئيسًا لهذا القسم، وأصبح قريبًا من الخديوي عباس حلمي وأنيس مجلسه، وأخذ شوقي يمدحه بقصائده، حتى سمي "شاعر الأمير".
وكان لشوقي موقفه السلبي من ثورة عرابي وهو ما جعله يستقبله بعد عودته من المنفي بقصيدة يقول في مطلعها : صغار في الذهاب وفي الإياب / أهذا كل شأنك يا عرابي؟ . وقد أعلن شوقي لأصفيائه أنه نادم علي ذلك وأنه كان مخطئا في حق الزعيم عرابي.
وعندما أراد الخديوي عباس أن يضم إلى صفه أبناء الشعب ليضغط على قوى الاحتلال الإنجليزي حتى يستجيبوا لمطالبه، جاء دور أحمد شوقي الذي أخذ ينادي بالحرية والإستقلال وينشد قصائده في حب الوطن، ويساعده على ذلك الخديوي عباس ويشجعه.
سنوات المنفى
عندما أعلنت انجلترا الحماية علي مصر عام 1914م قامت بخلع عباس الثاني وتولية حسين كامل سلطنة مصر، وطلبوا من شوقي مغادرة البلاد، فاختار النفي إلى برشلونة في إسبانيا.
ومن شدة حنينه لمصر أرسل إلى حافظ إبراهيم أبياتاً يقول فيها:
يا ساكني مصر إنا لا نزال على عهد الوفاء وإن غبنا مقيمينا
هلا بعثتم لنا من ماء نهركم شيئاً نبل به أحشاء صادينا
كل المناهل بعد النيل آسنة ما أبعد النيل إلا عن أمانينا
وأجابه حافظ بهذه الأبيات التي يقول فيها:
عجبت للنيل يدري أن بلبله صاد ويسقي ربا مصر ويسقينا
والله ما طاب للأصحاب مورده ولا ارتضوا بعدكم من عيشهم لينا
لم ننأ عنه وإن فارقت شاطئه وقد نأينا وإن كنا مقيمينا
ومن قصائده الأخري التي تعبر عن شدة حنينه إلى مصر قوله:
أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس
وطني لو شُغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
شهد الله لم يغب عن جفوني شخصه ساعة ولم يخل حسي
وبعد فترة طويلة من النفي صدر العفو عنه، وعاد إلى مصر في فبراير سنة 1919م واستقبله الشباب استقبالا حارا
مع سعد زغلول
واحتشد الآلاف لتحيته وكان على رأس مستقبليه شاعر النيل حافظ إبراهيم، فأخذ ينشد:
وكلُّ مسافرٍ سيعود يومًا *** إذا رُزِقَ السَّلامةَ والإيابا
ولو أني دعيت لكنت ديني *** عليه أقابل الحتم المجابا
أدير إليك قبل البيت وجهي *** إذا فهت الشهادة والمتابا
وقد سبقت ركائبي القوافي *** مقلدة أزمتها طرابا
تجوب الدهر نحوك والفيافي *** وتقتحم الليالي لا العبابا
مبايعته بالإمارة
يعتبر شوقي الرائد الثاني للمدرسة الكلاسيكية في الشعر بعد البارودي، وقد احتضن جيلا جديدا من الشعراء هم جماعة ابولو التي اسسها الشاعر الدكتور زكي أبو شادي وضمت شعراء من جيل الشباب وقتها منهم إبراهيم ناجي وحسن كامل الصيرفي وعلي محمود طه ومحمود حسن إسماعيل وصالح جودت وسواهم الذين أوكلوا أمر الرئاسة إلي شوقي .
وكان شوقي بعد عودته من المنفي قد انقطعت علاقته بالقصر وأصبح شاعر الأمة المُعبر عن قضاياها، لا تفوته مناسبة وطنية إلا شارك فيها بشعره، ويصف طه حسين التحول الذي اعتري أشعار شوقي بعد المنفى قائلاً: "إنه قد تحوّل تحولاً خطيرًا حقّا لا نكاد نعرف له نظيرًا عند غيره من الشعراء الذين سبقوه في أدبنا العربي .. إن شعره التقليدي قد تحرر من التقيد بظروف السياسة .. واستكشف نفسه، وإذا هو شاعر قد خلق ليكون مجدّدًا".
وقبل رحيل شوقي بخمسة أعوام توافد شعراء العرب لإقامة مهرجان تكريمي له في دار الأوبرا الملكية بمناسبة اختياره عضواً في مجلس الشيوخ، وقيامه بإعادة طبع ديوانه "الشوقيات"، وهناك ألقي حافظ ابراهيم قصيدته الشهيرة التي بايع فيها شوقي بإمارة الشعر قائلا:
بلابل وادي النيل بالشرق اسجعي بشعر أمير الدولتين ورجِّعي
أعيدي على الأسماع ما غردت به براعة شوقي في ابتداء ومقطع
أمير القوافي قد أتيت مبايعًا وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
بينما وقف شاعر القطرين خليل مطران يقول:
يا باعث المجد القديم بشعره ومجدد العربية العرباء
أنت الأمير ومن يكنه بالحجا فله به تيه علي الأمراء
وعن تفرد شوقي يقول أحمد الزيات صاحب مجلة الرسالة: "يكاد النقاد يجمعون علي أن شوقي كان تعويضا عادلا عن عشرة قرون خلت من تاريخ العرب بعد المتنبي، لم يظهر فيها شاعر موهوب يصل ما انقطع من وحي الشعر ويجدد ما اندرس من نهج الأدب"
ويقول عبد العزيز البشري: "لقد ضرب شوقي في كل قصد وجال في كل غرض وعارض الفحول من متقدمي الشعراء".
إنتاجه الشعري
ألف شوقي ديوانه "الشوقيات" ويقع في أربعة أجزاء ويتضمن سيرته ومجمل شعره ، وأنتج فى أخريات سنوات حياته مسرحياته الشعرية وقد استمد اثنتين منها من التاريخ المصري القديم، وهما "مصرع كليوباترا" و"قمبيز"، وواحدة من التاريخ الإسلامي هي "مجنون ليلى"، وأخري من التاريخ العربي القديم هي "عنترة"، وأخرى من التاريخ المصري العثماني وهي "علي بك الكبير"، وله مسرحية نثرية هي "أميرة الأندلس" ، ومسرحيتان هزليتان، هما: "الست هدي"، و"البخيلة".
في مدح الرسول (ص)
نظم شوقي العديد من القصائد في مدح الرسول (صلى الله عليه وسلم) تعتبر من أبدع شعره ومن أشهر قصائده "نهج البردة" التي عارض فيها البوصيري في بردته ومنها يقول:
رزقتَ أسمح ما في الناس من خُلق *** إذا رزقت التماس العذر في الشيم
يا لائمي في هواه والهوى قدرٌ *** لو شفّك الوجدُ لم تعذل ولم تلم
لقد أنلتك أُذناً غير واعيةٍ *** وربَّ منتصتٍ والقلبُ في صمم
وتعتبر قصيدة "ولد الهدى" مع قصائد "سلوا قلبي" و "نهج البردة" من أهم القصائد الإسلامية لشوقي، وتقع قصيدة "ولد الهدي" في مائة وواحد وثلاثين بيتًا، اختارت منها أم كلثوم أربعة وثلاثين بيتًا، وأعادت ترتيبها على غير ترتيبها في الديوان وغنتها من ألحان رياض السنباطي ومنها:
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناءُ
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاءُ
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلًا مِن سَلسَلٍ وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ في اللَوحِ وَاسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
اسمُ الجَلالَةِ في بَديعِ حُروفِهِ أَلِفٌ هُنالِكَ وَاسمُ طَهَ الباءُ
ومن قصائده التي يرد فيها على مزاعم المستشرقين الذين يدعون أن الإسلام انتشر بحد السيف يقول:
قالوا غزوت ورسل الله ما بعثوا لقتل نفس ولا جاءوا لسفك دم
جهل وتضليل أحلام وسفسطة فتحت بالسيف بعد الفتح بالقلم
عشقه للموسيقى والغناء
كان شوقي عاشقا للموسيقي والغناء وقد احتضن موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وفي هذا الصدد يقول عبد الوهاب
الشوقيات بخط صاحبها
"كان له الفضل في التحاقي بمعهد الموسيقي الشرقية وتقديمي إلي القادة والزعماء وأحاطني بعنايته وخصص لي مدرساً يعلمني الفرنسية وأخذني إلي باريس لأذهب إلي الاوبرا والمتاحف ليطلعني علي الفن الحقيقي.
وقال لي : ارجوك يا محمد آلا تهمل شعري بعد أن أموت .. تغني قصائدي .. فخلودي في أن يردد الشعب شعري .. وأنت كفيل بأن تجعل الشعب يردده."
وذات يوم وجه شوقي دعوة لأم كلثوم التي لبت الدعوة وقامت بالغناء في كرمة ابن هانىء ومن اعجابه بالغناء قدم لها كأسا من الخمر ولكنها لم تكن تشرب الخمر فتصرفت بلباقة وذكاء ورفعته علي شفتيها فقط دون أن ترتشف منه شىء وقد اعجب شوقي بلباقتها فكتب لها قصيدة - يقال أوصلها بنفسه في الصباح التالي - وقد ظلت القصيدة منذ عام 1932م إلي عام 1944 حيث عهدت بها لرياض السنباطي لتلحينها وغنتها بعد أن تم تغيير كلمات بيتين ورد فيهما اسم أم كلثوم ، يقول شوقي في مطلع القصيدة :
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مست ثناياها
طرائف حياتية
من الغرائب التي روتها حفيدته إقبال العلايلي " بولا " إلي الكاتب كامل زهيري ونشرها بجريدة "الجمهورية" انه كان لا يدخل حمامه في الصباح الإ إذا دلقوا زجاجتين كاملتين من العطر الفرنسي علي البلاط.
ومن طريف ما يروي ابنه حسين عنه أنه عقب خلع السلطان عبد الحميد باعوا محتويات قصره في مزاد علني واشتري
كتاب أصدره ابنه مؤخرا
شوقي من المزاد كلبين وقطة ارستقراطية اسمها "زنبل" لا تنام الإ علي رجل زوجته ولا تأكل سوي صدور الفراخ وعندما ذهب شوقي للمنفي تركها أمانة عند أحد خدمه وأوصاه بشراء دجاجة لها يوميا ورتب له مالا لذلك وعلم في المنفي بوفاتها عقب سفره بشهرين ، وبحث في الأمر وعرف أن الخادم يأكل الدجاجة ويلقي لها بالعظم فأضربت عن الطعام حتي ماتت".
وعن صفاته يقول حسين: "كان والدي لا يحب التقيد بنظام أو مواعيد تراه يعود للمنزل ويخلع ملابسه ويرميها .. لا يحب العمل والالتزام .. يسهر حتي الثالثة او الرابعة فجرا ولا يصحو قبل العاشرة ويحب مصاحبة رؤساء تحرير الصحف ليكتبوا أخباره وينشروا قصائده في الصفحات الأولي .. ويحب أيضا مصادقة الفنانين".
ويروي أحمد محفوظ أفندي للكاتب ياسر قطامش عن الجوانب الخفية في حياة شوقي قائلا: "متواضع يحترم الكبير والصغير لكنه ملول سريع التقلب ، حاد المزاج بسبب إصابته بتصلب الشرايين وذات يوم قابله شاعر ثقيل وأصر أن يسمعه قصيدة من تأليفه ، ملوله وسخيفة وبايخة .. واضطر شوقي أمام إلحاحه أن يستمع إليه حتي انتهي منها وسأله رأيه وانفجر شوقي قائلا " وحشة وحشة قوي .. يا ناس ارحموني هو مافيش حد بيشعر غيري في البلد" كما انه موسوس يخاف من الأمراض وخصوصا مرض السرطان ولديه أدوية كثيرة يتناولها بسبب أو بدون سبب ويتشائم من صوت الغربان والبوم أو أي شخص منحوس أو أي خبر سىء .. وفي مجالسه الخاصة يميل إلي المرح وله أصدقاء ظرفاء مثل محمد البابلي والدكتور محجوب ثابت وعبد العزيز البشري وله مداعبات شعرية كثيرة مع الدكتور محجوب وبعض أصدقاءه وأقاربه ومنهم ابن خالته الذي كان يتميز بأنف طويل وقال له شوقي مداعبا عقب عودته من الحج:
لك أنف يا ابن خالتي .. تعبت منه الأنوف
أنت بالبيت تصلي .. وهو بالركن يطوف
شوقي وحافظ
كان يحلو للشاعرين حافظ إبراهيم وأحمد شوقي، أن يتمازحا أحياناً. ولكن كان شوقي جارحا في رده على الدعابة. ففي إحدى الليالي أراد حافظ إبراهيم أن يستحث شوقي ليخرج عن رزانته المعهودة فأنشد قائلا:
يقولون إن الشوق نار ولوعة فما بال شوقي أصبح اليوم باردا
فرد عليه أحمد شوقي بأبيات لاذعة قال في نهايتها:
أودعت إنسانا وكلبا وديعة فضيعها الإنسان والكلب حافظ
نهاية الرحلة
كان شوقي يخشي من الموت بشدة فكان يخاف من ركوب الطائرات، ويرفض أن يضع ربطة عنق لأنها تذكرة بحبل المشنقة، وكان ينتظر كثيرا قبل أن يقرر عبور الطريق لأنه كان يشعر دائما أن سيارة ستصدمة فى يوم من الأيام، كما كان يخاف المرض لذلك كان يرتدي دائما زيه الصوفى بالكامل في الصيف والشتاء.
وعندما رحل شاعر النيل حافظ إبراهيم شعر شوقي باقتراب أجله فسافر إلى الإسكندرية ليقضى بها آخر أيام حياتة، وفي الواحدة والنصف من صباح 14 اكتوبر 1932م رحل أمير الشعراء.
ولا تلقوا الصخور على قبرى
ألم يكف هما فى الحياة حملته
فاحمله بعد الموت صخرا على صخر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.