افتتح بينالي فينيسيا الثالث والخمسين للجمهور ابتداء من الأحد 7 يونيه 2009 وسيستمر حتى 22 نوفمبر من ذات العام. بينالي فينيسيا هو أقدم وأشهر بينالي في العالم, يشبهه البعض مجازا بأنه أوسكار الفنون البصرية. يتضمن البينالي الحالي عرضا عاما قام بالإعداد له القوميسير دانيال بيرنبوم ( ألماني) Daniel Birnbaum تحت عنوان (Making worlds ( ويمكن ترجمته حرفيا إلي ( إنشاء عوالم), أو ترجمته بتصرف إلي (إبداعات مشيدة). وقد اختار القوميسير أعمالا لعدد حوالي 90 فنانا من أنحاء العالم, انتقاهم من بين الفنانين الناشطين في مراكز الفنون البصرية في العالم, ومن جنسيات متنوعة. فنجد منهم 16 فنانا يقيمون بالولايات المتحدة, و12 من ألمانيا, و9 من فرنسا, و 8 من كل من المملكة المتحدة وايطاليا, و 4 من السويد , و2 من كل من روسيا وهولندة, وواحد من كل من اسبانيا والنرويج وسلوفينيا وبلجيكا. بمعنى أنه اختار 65 فنانا من الدول الغربية, وهى النسبة الغالبة, ويمكننا تفسير ذلك, باعتبار انتماء القوميسير لتلك المجموعة من الدول, وكذلك لقربه من مراكز النشاط الفني البصري في تلك المنطقة من العالم. وحتى نكون منصفين في حق القوميسير, فقد اختار عددا قليلا من الفنانين الذين نشطوا في أقاليم ومناطق أخرى, فنجد 4 فنانين من كل من البرازيل والهند, و2 من الصين, وواحد من كل من تايلاند وكوريا الجنوبية. كان انتقائه من أفريقيا والشرق الأوسط محدودا للغاية وانحصر في فنان واحد من دولة بينين, وفنانة من عرب إسرائيل ( جومانا عبود), وفنانة ألمانية الجنسية من أصول مصرية وتقيم وتنشط ما بين ألمانيا ومصر ( سوزان هيفونا). وإلي جانب العرض العام الذي أعده القوميسير اشتركت 75 دولة بأجنحة خاصة بها, ومن بينها أربعة دول عربية وهى المغرب وسوريا والإمارات العربية المتحدة, ومصر التي تشارك بأعمال للمصور د.عادل السيوي ( وهو قوميسير الجناح), والمثال أحمد عسقلاني. ويلاحظ أن عديد من الدول المشاركة حرصت على إنشاء مواقع لها علي شبكة المعلومات الدولية ليتسني الرجوع إليها للتعرف علي نوع المشاركة وتفاصيل عن المشاركين وأعمالهم, وكافة المعلومات الأخرى المتصلة بالمشاركة. وللأسف لم يكن الجناح المصري من بين تلك الدول, وذلك خلافا لما كان عليه الأمر في البينالي السابق عام 2007, والسؤال هو هل يرجع عدم إنشاء الموقع إلي رغبة في خفض في النفقات؟ أم يعود إلى إهمال وعدم تدارك الأمر من جانب القوميسير؟ إجراء بسيط لو تم لكانت عوائده وفوائده هامة وكثيرة. ومن أفريقيا ( بخلاف دول الشمال الأفريقي) شاركت دولتان فقط هما الجابون وجزر القمر, والغريب الذي يدعو إلى الدهشة, أن جنوب إفريقيا تخلفت عن المشاركة بجناح رسمي في البينالي الحالي, مما يثير الكثير من التساؤلات. وقد نظمت العروض سواء العرض العام أو أجنحة الدول في منطقة حدائق الجارديني ومبني الترسانة, بالإضافة إلي عدة أماكن متفرقة أخري بمدينة فينيسيا. وكما هو معلوم فان الجناح المصري يقع في منطقة الجارديني, وكانت مصر أول دولة عربية وافريقية يكون لها جناح دائم في ذلك المحفل الفني الدولي, وقد أنشئ الجناح قبل عام 1952. وترجع المشاركة الأولي لمصر في بينالي فينيسيا إلى عام 1938, ثم توقف البينالي بعدها بسبب نشوب الحرب العالمية الثانية, وعندما استأنف نشاطه في عام 1948, وحرصت مصر على المشاركة الثانية فيه, وكان الفنان محمد ناجى هو قوميسير الجناح, ودأبت مصر من وقتها علي المشاركة بانتظام في الدورات التالية وحتى الآن. ومن الجدير بالذكر أن مصر حصلت علي جائزة الأسد الذهبي لأفضل جناح في عام 1995, مما يعد أمرا جديرا بالاعتزاز والفخر, لكن الحدث لم يأخذ الاهتمام الواجب من جانب جمهور المثقفين المصريين, فيما عدا شريحة محدودة منهم فقط, هي فقط التي أدركت قيمة الحصول علي تلك الجائزة, فأعطت ذلك الانجاز حقه من التقدير. من المنتظر أن تعلن لجنة المحكمين - التي ترأسها أنجيلا فيتيس ( ايطالية) الأستاذة في تاريخ الفن, وعضوية أربعة من المتخصصين في الكتابات الفنية والنقد الفني ( أمريكي, وهندي , وجنوب أفريقي, وألماني) – جوائز هذا العام وهي جائزة الأسد الذهبي لأفضل جناح, وجائزة الأسد الذهبي لأفضل عمل في العرض العام, وجائزة الأسد الفضي لفنان من الشباب في العرض العام. كما أنه من صلاحيات الجنة منح ثلاث جوائز تقديرية إضافية, وفق ما يترائي لها. تلك كانت مقدمة رأيت من الواجب تسجيلها, تمهيدا لمجموعة من المقالات أزمع نشرها تباعا حول فعاليات البينالي الحالي حالما تتوفر المواد والصور والتعليقات عقب حفل الافتتاح يوم الأحد 7 يونيه 2009. وآمل أن أتمكن من التعرف عبر شبكة المعلومات الدولية علي الأعمال التي قدمها الجناح المصري, فذلك يهم الفنانين والنقاد في مصر جميعا, فالسفر إلي فينيسيا ليس في المقدور, فلا أقل من أن تتوفر لنا المشاهدة اليكترونيا وهي بالتأكيد ممكنه إذا خلصت النوايا وذللت العقبات, ولا أعتقد بأنها كبيرة.