افتتح معرضه الأخير الذي ضم خمس وأربعين لوحة في قاعة اكسترا بالزمالك, فهو من تلاميذ الفنان أحمد صبري الذي تأثر به وكذلك بحسين بيكار, وكامل مصطفى ... هو الفنان حافظ الراعي عاشق الطبيعة الحية وأشخاصها. محيط - رهام محمود معرض الراعي أخذ من مشوار حياته مراحل متعددة بدأت منذ عام 1948 بلوحة تخرجه من كلية الفنون الجميلة عندما كان يدرس بالقسم الحر, كان أستاذه وقتها الفنان أحمد صبري وحسين بيكار, هي لوحة النحاسين التي وضعها في واجهه المعرض والتي مازالت محتفظة بنضارة ألوانها وواقعيتها. ضم المعرض مجموعة أعمال من مرحلة السمك والصيادين, من بينها لوحة "حلم صياد" الذي يحلم بعروسته والسمكة الكبيرة, كما رسم المراكب والصيادين في العديد من اللوحات مستخدما الألوان الأكليريك, وقد ظهرت بعض هذه اللوحات من منظور مختلف كتصويره للمراكب من منظور أفقي, أو صياغتها في شكل هندسي متعدد الزوايا والمنظور. إحدى لوحات الصيادين رسمها الفنان ليلا حينما تصور وجود نوع معين من الأسماك ليلا, الفنان يفضل هذه المرحلة كثيرا فهو يقول أنه أحب السمك لأنه هبة من عند الله, فالصياد يخرج للصيد ولا يعرف ماذا سيصطاد, فرزقه غير معروف يمنحه له الله في الوقت الذي يشاؤه . الفنان دائم التواجد في الطبيعة, حيث كان يأخذ لجميع أعماله اسكتشات سريعة من الطبيعة مباشرة , وعندما يعود إلى مرسمه يبدأ في رسم لوحته, واستمر ذلك سنوات طويلة مع الفنان, حتى استطاع أن يكتسب خبرة كبيرة من تلك المشاهد المختلفة من الطبيعة والبيئة التي تناولها, فأصبح لديه رصيدا كبيرا من المشاهد الطبيعية التي يختزلها الآن من ذاكرته؛ ليرسمها في لوحاته الجديدة الذي دوما ما يقوم فيها على تطوير أسلوبه والخوض في تجارب جديدة. جاءت مرحلة الزهور في التسعينات, جميعها كانت من الطبيعة, تتمتع بألوانها الزاهية المبهجة, زهرة بنت القنصل هي أحب الزهور لقلب الفنان؛ لأنها زهرة يجمل بها الكثير من الأماكن, وهي زهرة موسمية تتفتح حوالي ثلاث أو أربعة اشهر ثم تموت, فرسمها الفنان في لوحتين من زوايا مختلفة, في بداية ظهورها تكون أوراقها خضراء اللون, ثم تنقلب بعد ذلك للون الأحمر. وفي مرحلة البورتريهات رسمها الفنان بواقعية مهتما بالتفاصيل الدقيقة, كما رسم أشخاصه وهم يجلسون على المقاهي الشعبية في القلعة, ورسم أيضا بياع البطاطا, والعشاق وهم يجلسون بالحدائق. رسم العريش التي تشتهر بالنخيل, وله لوحات بالألوان الزيتية والأكليريك عن مشاهد بحديقة التحرير و بعض النوادي القاهرية. شاهدنا بالمعرض لوحة رسمها الفنان في فترة الخمسينات قبل الثورة وهي عن معسكر فرنسي بمنطقة مصر الجديدة, وقد تحول هذا المكان الجميل المزدهر بالخضرة إلى عمارات, كما ذهب إلى مدينة العبور ليرسم أسواقها الشهيرة, التي أخذت طابعا هندسيا في عمله والتي مالت قليلا إلى التكعيبية. أما لوحة "الرحمة" فقد أبدعها الفنان حينما تأثر بوفاة أحد أصدقائه المقربين "عميد كلية الفنون الجميلة سابقا ", حيث حزن كثيرا وعبر بريشته عن إحساسه بصديقه الذي خطف سريعا, تمثل اللوحة هيكل عظمي لإنسان في صادرة اللوحة, نصفه مغطى بوشاح أبيض ليبين شفافية السطح, وأن الرب راض عنه, فالأشخاص يأتون من خلفه ويقرءون له القرءان الكريم, كما يصلي له شخص آخر, وبعد أن تنتهي الجنازة ينصرف الناس للحياة فتشرق الشمس من جديد. وفي آخر مراحل الفنان الفنية أهتم برسم المرأة والفلاحات وتجمعاتهم, فتارة نراهم وهم يمشون في جماعات, يغسلون الأواني في مياه النيل, يحملن ويشترين السمك من الأسواق, يملأن بلاصهن من ماكينة ضخ المياه, وقد اختلفت تلك اللوحات عن المراحل السابقة في التكنيك, حيث بدت هندسية زخرفيه. رسم راعية الغنم من محافظة الشرقية, والعروسة في ليلة زفافها من سينا, والسيدات وهن يتبادلن التهاني في المناسبات السعيدة, وهم يجمعون البرتقال, كما رسم الفلاحين والفلاحات مجتمعين في وضع التقاط صورة. لوحة جمع العنب ظهرت بتكنيك مختلف عن باقي أعمال المعرض حيث كان يميل الفنان في هذه اللوحة للفن الفرعوني, فقد أتخذ نفس حركاتهم للأشخاص لتظهر أشخاصه ذات ملمح فرعوني. صور الفنان الطور الهائج في لوحة, وقارئة الفنجان في أخرى, وعمل عن الزار والعادات القديمة, ولوحة عن الغناء والفيديو كليب, كما عبر عن تلوث نهر النيل في أخرى, حيث صور عربات الصرف الصحي وهي تلقي بحمولتها في النيل, بالرغم من وجود فلاحات يشربن منه, وآخرين يغسلون أغراضهم وصحونهم فيه.