رحلة فن طويلة تصل إلى أربعين عاماً ، انتقل فيها من مرحلة لأخرى تتطور عام بعد عام, الفنان الكبير حسن غنيم الذي زينت معزوفاته الشرقية مؤخرا جدران مركز الإسكندرية للإبداع. محيط : رهام محمود بدأ الفنان مشواره الفني بمدينة دسوق مسقط رأسه حيث أقام بها أول معرض شخصي له عام 1970, والذي توالت بعده سلسلة معارضه التي تزيد عن أربعين معرضا خاصا, انفرد فيهما الفنان باسلوب خاص ميزه عن أقرانه من فناني جيله. في بدايته تناول الطبيعة والبيئة الشعبية, وكان للتشخيص دورا كبيرا في أعماله, وبعد عام 1976 أخذت لوحاته تيمة خاصه بها, وسار فنه في اتجاهين متوازيين الأول وهو الأسلوب الرياضي الهندسي الذي تناول به بعض موضوعاته وأخذ مراحل متعدده مازال يبحث فيها الفنان ويكتشف أسرارها حتى الآن, فكل معرض له سرعان ما نرى به جديدا وتطور في تيمته الخاصة التي اشتهر بها. أما الإتجاه الثاني والذي تناوله في جديده بمركز الإبداع, وهو المرحلة الإسلامية الصوفية والتي ظلت تتطور أيضا من عام 1976 حتى الآن في معرضه الذي ضم 22 عملا , واستخدم فيهما الألوان الزيتية على توال. لوحاته في هذا المعرض كانت من الأعمال صاحبة الأحجام الكبيرة والمختلفة المقاسات, التي تتراوح ما بين "متر × متر, 1.5متر × 2متر, أما اللون فقد غلب عليه الجو الروحاني الصوفي الذي يتسم بالشفافية والضبابية ويوحي بروحانية الإسلام. صور الفنان الأهله وقباب المآذن برؤية جديدة, كما أتقن تناول المشربية بتفاصيلها الدقيقة والتي كانت همزة الوصل بين الإتجاهين "الهندسي, والإسلامي", كما كان الخرط العربي والذي يشكل الدعامة الأساسية في المشربية الإسلامية هو العنصر المشترك بينهما. مجموعة من اللوحات تناولت مسمى "سحر الشرق", والتي اختص بها غنيم تصور القباب والهلال بأشكالها المتنوعة, وألوانها المختلفة الشفافة لكل لوحة, وظلت هارمونية الألوان تزحف حتى ظهرت بعض اللوحات تحمل سمات تجريدية, حيث الرقة والبساطة معا والشفافية العالية, لتهذب النفس الإنسانية وترتقي بنا إلى عالم السمو الروحي الذي أنشأه الفنان. أما لوحة "ابتهالات" فقد اهتم غنيم بإظهار التفاصيل الدقيقة للمشربية التي تناغمت مع المآذن كأنهما روحا واحده تسمعنا صوت الإبتهالات الخافته. قال الفنان عصمت داوستاشى: الفنان القدير حسن غنيم في لوحاته الميتافيزيقة الساحرة والملونة بدندنات أوتار القانون االشرقي، إن دخلتها بعينك، ستراها ببصيرتك وتجذبك بمشاعرك وأحاسيسك داخلها إلى حالة من التصوف تقودك إلى التلاشي في لا نهايته ضوء مبهر كامن هناك في نهاية هذا الخيال التشكيلي الجميل. كما يقول الفنان والناقد الراحل بيكار: "التشخيصي ومبدع البورتريه أو الصور الشخصية" - أي حسن - يعطي عطاء جديدا بلغة تشكيلية مبتكرة, ولهجة معاصرة يسمح للضوء بأن يتخلل فجوات المشربية "أو الشناشيل" البنية وينثره في لوحاته بحساب دقيق ومنهاج بارع وذكي. شارك غنيم في الكثير من المعارض الجماعية داخل مصر وخارجها, كما حصل على العديد من الجوائز من بينها جائزة بينالي الإسكندرية لدول البحر الأبيض المتوسط عام 1980, والميدالية الذهبية وشهادة التقدير والأوسكار من كلية الفنون الجميلة المنيا عامي 87,96.