واشنطن : ذكرت صحيفة أمريكية أن نفوذ الأكراد الكبير نسبيا والذين تمتعوا به في العراق منذ سقوط الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين عام 2003 بدأ يتراجع بسبب خلافاتهم مع العرب العراقيين، مما يثير المخاوف من صراع جديد في العراق إضافة إلى الصراع بين السنة والشيعة. وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الأكراد استطاعوا بفضل حنكتهم السياسية وعلاقاتهم مع الأميركيين وقدراتهم التقنية في إدارة الوكالات الحكومية، أن يكرسوا موقعا قويا لهم في العراق، وأن يضغطوا من أن أجل فرض شروطهم في الدستور العراقي بحيث يسمح لهم بالتمتع بالسيادة المحلية وبحقوق واسعة في مجال النفط. غير أن الأكراد الآن يسعون إلى فرض سياسات أخرى تثير غضب غيرهم من العراقيين، أهمها محاولة السيطرة على كركوك والتحكم بنسب أكبر من العائدات الوطنية للنفط. وقد دفع ذلك معظم السنة في العراق، بل والكثير من الشيعة إلى التحالف مع حكومة المالكي لمعارضة مطالب الأكراد. وأشارت الصحيفة الى أن هذا الخلاف سبب أيضا معضلة بالنسبة للولايات المتحدة التي طالما اعتبرت الأكراد حليفا طبيعيا، فكثيرا ما يجد الأمريكيون أنفسهم في موضع يطالبون فيه بأن يختاروا بين الأكراد والعراقيين العرب. ولم يتخذ المجلس الإسلامي الأعلى في العراق، وهو حزب شيعي رئيسي، موقفا علنيا من الطموحات الكردية حتى الآن، غير أن كثيرا من المسؤولين في الحزب انتقدوا الأكراد، وحاول غيرهم الضغط من أجل حث نواب البرلمان العراقي على معارضة الطموحات الكردية. وقد اعتبر وزير النفط العراقي والسياسي الشيعي البارز حسين الشهرستاني عقود النفط الكردية مع الشركات الأجنبية غير قانونية. وقد نقلت الصحيفة عن همام حمودي القيادي في المجلس الإسلامي الأعلى في العراق قوله إن الأكراد لم يعودوا أقوياء كما كانوا، ولم يعودوا البيضة التي ترجح كفة الميزان. كما قال جوست هلترمان من "مجموعة الأزمات العالمية" إن هناك شعورا قويا بأن الأكراد بالغوا في طموحاتهم. وأضاف هلترمان "لقد وضع الأكراد الاستقلال نصب أعينهم على المدى الطويل، وأرادوا أن يستغلوا النافذة الحالية من أجل توسيع الإقليم الذي يسيطرون عليه والصلاحيات التي يتمتعون بها في الإقليم، وقد حققوا مكاسب في مجال الصلاحيات لكن ليس في مجال توسيع الإقليم، وهم الآن يواجهون قيودا حقيقية". وقالت الصحيفة إن الخلافات التي تبرز أدت إلى إضعاف المكاسب التي حققها الأكراد في مجال النفوذ السياسي، بل هناك مخاوف من ازدياد التوتر بينهم وبين العراقيين العرب، ليصل إلى انقسامات عميقة تفوق تلك الموجودة بين الشيعة والسنة, وقد تدفع تلك التوترات إلى أن تؤجل الحكومة العراقية مجددا استفتاء حول مدينة كركوك كجزء من المنطقة الكردية التي تتمتع بحكم شبه ذاتي. ودليلا على عدم الرضا عن الطموحات الكردية، رفض البرلمان العراقي ميزانية جديدة لأنها تعطي للأكراد 17 بالمئة من مجموع العائدات فيما يقول بعض العرب أن نسبة الأكراد في العراق 13 بالمئة فقط. وقد أثار غضب النواب العراقيين أيضا طلب الأكراد من حكومة بغداد دفع رواتب عناصر البشمركة من ميزانية وزارة الدفاع. ووفقا لصندوق النقد الدولي فمن المعتقد أن يكون الأكراد يجمعون ضرائب على البضائع التي تدخل العراق تقدر بملايين الدولارات غير أنهم لا يرسلون تلك الأموال إلى بغداد ولا يكشفون عن مقدار تلك المبالغ, لذا فإن الميزانية مكبلة بسبب الخلاف حول قانون النفط وتوزيع العائدات وغيرها من المسائل المتعلقة بالأكراد، مما ينذر بمعركة جديدة في الساحة السياسية العراقية.