حكومة المالكي ترفض إصلاحه سد الموصل يهدد نصف مليون عراقي بالغرق محيط -وكالات عواصم: ما لا ترغب السلطات العراقية بالتحدث عنه وتنفي احتمال حدوثه، رغم المخاوف من مقتل نصف مليون عراقي في البصرة وبغداد حال انهياره، كشفته "صحيفة واشنطن" بوست الأمريكية التي نقلت عن وثائق أمريكية تحذيرها من أن سد الموصل – أكبر السدود في العراق- مهدد بالانهيار، وهو ما تنفيه الحكومة العراقية بشدة ، معتبرة ان التحذيرات غير دقيقة وعارية تماما عن الصحة.
ونقلت الصحيفة عن تقييمات فيلق الهندسة في الجيش الامريكي ومسؤولين امريكيين اخرين قولهم:" إن انهيار السد امر صار متوقعا في اية لحظة، فقد حذرت هذه التقييمات من ان اكبر سد في العراق يواجه خطر الانهيار الفوري او الوشيك، وفي حال حصل هذا فإن مياه السد البالغ حجمها ترليون غالون سوف تكتسح مدينة الموصل التي سوف تغمرها المياه بعمق 65 قدما وأجزاء من بغداد بعمق 15 قدما.
نفي الحكومة
ومن جانبها ورغم التحذيرات الأمريكية فقد نفت الحكومة العراقية اليوم الأربعاء ان يكون سد الموصل مهددا بالانهيار وان مئات الاف من العراقيين في بغداد والموصل معرضون للخطر، وحول التقارير التي تحدثت عن احتمال انهيار السد، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ "هذه الاخبار غير دقيقة وعارية تماما عن الصحة"، مشددا على ان سد الموصل بحالة جيدة ولا توجد اي مخاطر تهدده.
وجاء في التقرير "من ناحية التآكل الداخلي المحتمل للاسس التي يقوم عليها السد، فان سد الموصل هو الاخطر في العالم اذا تعرض السد لمشكلة صغيرة، فان انهياره ممكن"، وردت هذه الملاحظات لسلاح الهندسة التابع للجيش الاميركي في تحليل لاعمال تدعيم للسد قام بها الاميركيون، وهي مؤرخة في 29 تشرين الاول/اكتوبر، وقد نشرت الثلاثاء على الانترنت. وقال المتحدث "الحكومة العراقية وضعت هذا السد تحت مراقبة مستمرة وتجري عليه كل الاحتياطات والتحسينات والصيانة المطلوبة. وهناك فرق تعمل بصورة دائمة لحقن اسفل السد بالكونكريت (الاسمنت) الذي يقوي السد ويملا كل الفراغات التي تنشأ نتيجة تآكل بعض الصخور".
واكد الدباغ استعانة وزارة الموارد المائية بمجموعة من الخبراء والمتخصصين لمعاينة وصيانة السد، وجاء في تقرير سلاح الهندسة "في اسوأ سيناريو، سيتسبب انهيار سد الموصل بشكل مفاجئ اذا كان مليئا بالمياه حتى طاقته القصوى، بموجة بارتفاع عشرين مترا تضرب مدينة الموصل وتؤدي الى وقوع خسائر بشرية واضرار مادية هائلة". ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن مدير السد عبد الخالق ايوب قوله "في حال انهيار هذا السد فقد يؤدي الى مصرع نحو خمسمئة الف شخص. وقد تصل المياه الى بغداد وتغمر بعض المناطق فيها بارتفاع خمسة امتار.
خلافات
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن القوات الامريكية انتبهت الى خطورة حالة السد منذ الأيام الأولى لدخولها الأراضي العراقية. وقامت وحدات الهندسة في الجيش الأمريكي بدراسة حالته، وباشرت بعمليات صيانة تعثرت لاحقا بعد امر سوء الإدارة وتدني الكفاءة، ومع ان كلفة مشروع الصيانة تبلغ 27 مليون دولار، الا انه لم يقصد به تقديم حل نهائي لمشكلة السد. وفي سبتمبر عام 2006 انهى تقرير لفيلق الهندسة الى القول ان سد الموصل يعتبر اخطر سد في العالم.
وقد تعثرت جهود اصلاح السد جزئيا بسبب الخلافات بين المسؤولين العراقيين والامريكيين حول مدى خطورة الموقف، وكم من المال ينبغي تخصيصه لعملية الإصلاح، وكان فيلق الهندسة اقترع إنشاء سد ثان لإجراء احتياطي، لكن المسؤولين العراقيين رفضوا المشروع بحجة انه غير ضروري ومكلف جدا.
رسالة كروكر
وفي مايو 2007 كتب السفير الامريكي رايان كروكر وقائد القوات متعددة الجنسيات الجنرال ديفيد بتريوس رسالة الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يحذرانه من خطورة ان السد يمثل خطرا لا يمكن غض النظر عنه، وحذرا المالكي انه في اسوأ الحالات، فإن انهيار السد سوف يؤدي الى غرق مدينة الموصل. لكن السلطات العراقية تلتزم الصمت خوفا من اثارة الرعب لدى الناس، وخاصة اهالي مدينة الموصل.
وكتب المسؤولان ان "انهيار سد الموصل سيشكل كارثة وستنتج عنه فيضانات على طول نهر دجلة حتى بغداد"، مشيرين الى ان مدينة الموصل تقع على بعد خمسين كيلومترا فقط في اسفل السد ويبلغ عدد سكانها 1.7 مليونا.
ودعت الرسالة الموقعة من كروكر وبترايوس المالكي الى القيام بتحرك عاجل من اجل الحد من الخطر الناتج عن السد، لا سيما عبر ابقاء مستوى المياه في خزان المياه اقل بكثير من طاقته الاستيعابية، من اجل تخفيف الضغ، كما شددا على وجوب ان تكون اعمال التعبئة بالاسمنت "اولوية وطنية" وان توضع خطط للانذار والاجلاء قرب السد والمناطق المحيطة به.
وقد انتهى العمل بسد الموصل في 1984، وهو يزود السكان المحليين بالمياه ويؤمن مياه الري وانتاج الكهرباء، وتم بناؤه على ارض مكونة من الجفص والكلس تتآكل نتيجة تماسها مع المياه، ما يتسبب بفجوات في اسس السد، وحاولت الحكومة العراقية تدعيم قواعد السد عبر تعبئة الفجوات والطبقات التحتية بالاسمنت ومراقبة تسرب المياه المحتمل. الا ان التقرير يشير الى استمرار تشكل الحفر قرب السد.