انتصارات ساحقة للمقاومة على الاحتلال الأمريكي محيط - أحمد إبراهيم توابيت جنود الاحتلال بغداد : رغم المآسي الرهيبة التي يمر بها العراق، والتي تجسدت بهروب أكثر من 2 مليون نازح عراقي من بيوتهم، ومقتل أكثر من 655 ألف شخص ما بين أطفال ونساء وشيوخ وشباب، فلا تزال المقاومة العراقية تحقق الانتصارات المتتالية والتي أحرجت الإدارة الأمريكية، وعلى رأسها الرئيس جورج بوش ، الذي أصبح مطالباً بإلحاح بالخروج من بلاد الرافدين.
وقد كانت آخر علامات انتصار المقاومة العراقية ما تناقلته وكالات الأنباء العالمية بشأن امتلاء مقبرة "كانساس" العسكرية الأمريكية بمنطقة فورت رايلي عن آخرها فاضطر مسؤولون في المنطقة إلى طلب تمويل لمقبرة جديدة, وقالت إليسون كولر المتحدثة باسم جيش الاحتلال الأمريكي في مقر فرقة المشاة الأولى بفورت رايلي اليوم الجمعة إن المقبرة "امتلأت بالكامل" بعد أن دفن فيها الأسبوع الماضي جثمانا محاربين أحدهما من ضحايا الحرب في العراق والثاني من قدماء المحاربين.
ومنذ بداية حرب العراق في عام 2003 فقدت فورت رايلي 133 من الجنود وأفراد سلاح الجو الأمريكي ودفن أكثرهم في المقبرة المذكورة. وبعث عضوا مجلس الشيوخ الأمريكي عن كانساس الجمهوريان سام براونباك وبات روبرتسون الخميس رسالة إلى مساعد الوزير لشؤون النصب التذكارية في وزارة شؤون قدامى المحاربين وليام تويرك، يطلبان فيها تمويلا كاملا لإقامة مقبرة جديدة في فورت رايلي, وقال العضوان في رسالتهما "نحن ندين بالفعل بالعرفان لجيشنا، وأقل ما يمكن أن نفعله هو توفير مكان مشرف للدفن".
52 قتيلاً أمريكياً خلال سبتمبر
في غضون ذلك أعلن جيش الاحتلال الأمريكي في العراق اليوم الجمعة مقتل اثنين من جنوده في هجوم وحادث غير قتالي شمالي العراق، مما يرفع حصيلة قتلى القوات الأمريكية خلال شهر سبتمبر الجاري، إلى 52 قتيلاً.
وقال جيش الاحتلال في بيان له: "إن جندياً أمريكياً من قوات مهام الصاعقة لقى حتفه، إثر انفجار عبوة ناسفة قرب مركبته العسكرية، في محافظة ديالى، حيث أسفر الانفجار عن إصابة جندي ثان. كما لقي جندي أمريكي آخر مصرعه نتيجة "حادث غير قتالي"، قرب مدينة "كركوك" بمحافظة "التأميم" شمالي العراق.
ويرفع مقتل هذين الجنديين حصيلة الخسائر البشرية بين القوات الأمريكية، منذ احتلال العراق في مارس من العام 2003، إلى 3794 قتيلاً ، بحسب إحصائيات وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون".
المقاومة تستخدم قنابل بالأشعة تحت الحمراء
ومما يعد تصاعداً كبيراً في قدرات المقاومة العراقية، كشف قادة عسكريون أمريكيون وبريطانيون أن قنابل المقاومة العراقية أصبحت متطورة جداً وأكثر فتكاً، لدرجة اعتمادها لأول مرة على الأشعة تحت الحمراء مما يسقط العديد من القتلى من جنود الاحتلال.
ونقلت "وكالة الأسوشيتدبرس" عن ضباط من الاحتلال الأمريكي والبريطاني قولهم : "إن العبوات الناسفة التي تستخدمها المقاومة العراقية شهدت تطورًا كبيرًا حيث قامت المقاومة بإضافة أجهزة استشعار حساسة تعتمد على الأشعة تحت الحمراء إلى هذه القنابل مما جعل اكتشافها بالنسبة لقوات الاحتلال عملية أكثر تعقيدًا".
من جانبه أكد الجنرال الأمريكي ريك لنتش أن وزارة الدفاع الأمريكية تبذل جهودًا مضنية لإيجاد أساليب مضادة لهذه التقنية، ومعرفة من أين أتت. ويقول أمياس جودفري ضابط مخابرات بريطاني خدم في العراق: "إنها تعمل مثل تقنية أجهزة كشف اللصوص حيث تصدر شعاعًا ضئيلاً وعندما تكسره الآلية تنفجر القنبلة".
ويؤكد أنتوني كوردسمان المحلل العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن هذه التقنية لا تتطلب خبرة خاصة مما يمكن المقاومة العراقية من استخدامها بكثرة. ويشير كوردسمان إلى أن تقنية القنابل الجديدة تعتمد على تقنية الصواريخ البالسيتية حيث تكون القنبلة على شكل مخروطي وتتركز قوتها على الفولاذ مما يتيح لها في حال انفجارها اختراق الدروع الواقية التي يضعها الجيش الأمريكي فوق آلياته.
ويؤكد كوردسمان أن القنابل الجديدة دقيقة وفعالة ضد آليات همفي والسيارات المدرعة، كما أنها تنجح في إيقاع أضرار بدبابات "أبرامز" و"برادلي". ويشير رجل الاستخبارات بروس جونز إلى أنه حتى إذا لم ينجح الانفجار الناجم عن هذه القنابل في اختراق دروع الآليات فإن تأثير الانفجار سيؤدي إلى تمزيق الدرع داخل الآليات وقتل من بها من أشخاص. وبرى مسئولون أن الحصول على هذه التقنية أمر ليس بالعسير.
وكانت تقارير صحفية أشارت إلى أن هذه التقنية استخدمت في السابق في أيرلندا الشمالية ولبنان، غير أنها انتقلت إلى العراق في الآونة الأخيرة حيث لوحظ أن الكثيرين من الجنود الأمريكيين الذين قتلوا مؤخرًا إنما قتلوا بقنابل تستخدم هذه التقنية. وأضافت التقارير أن أكثر ما يقلق وزارة الدفاع الأمريكية من هذه القنابل الجديدة هي المجسات تحت الحمراء التي لا تتأثر بأجهزة التشويش الإلكترونية وتبحث الوزارة الآن عن حل يمكنها من كشف هذه القنابل قبل انفجارها.
يشار إلى أن التقنية الجديدة تمثل تطورًا لافتاً في العبوات الناسفة التي تستخدمها المقاومة العراقية بكثافة منذ دخول القوات الأمريكية إلى العراق، ولم تفتأ المقاومة العراقية في تطوير هذه العبوات الناسفة حتى الوصول إلى هذا النوع من القنابل والتي تعتمد على التمويه واستخدام متفجرات قوية تستطيع اختراق دروع الآليات الأمريكية إضافة إلى استخدام أجهزة الاستشعار الحساسة التي لا يمكن كشفها بواسطة الأجهزة الإلكترونية.
نسف منزل رئيس مجلس "انقاذ الموصل"
في الاثناء قام مسلحون بنسف منزل رئيس مجلس إنقاذ الموصل الشيخ فواز الجربا أمس الخميس على إثر تهديدات تلقاها من مايسمي ب"دولة العراق الإسلامية". وقال الجربا -أحد شيوخ قبيلة شمر المعروفة والتي يمتد نفوذها في عدة دول عربية مجاورة للعراق- في تصريح : " ان مسلحين يستقلون نحو عشر سيارات طوقوا منزلي في حي الفلاح شمال شرق الموصل ظهر الخميس قبل ان يقوموا بتفجيره بعبوات ناسفة".
وأشار إلى أن أي أحد لم يصب بالحادث نظرا لخلو المنزل من ساكنيه لحظة وقوعه. وأضاف أنه تلقى خلال الأيام الماضية العديد من التهديدات عبر الهاتف من تنظيم " دولة العراق الإسلامية" تطالبه بالتخلي عن مجلس إنقاذ الموصل الذي تم تشكيله مؤخراً على غرار مجلس إنقاذ الأنبار. وكان الجربا أعلن السبت الماضي أنه حظي على موافقة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بتشكيل مجلس لانقاذ الموصل يتولى جمع شمل قبائل نينوى لمحاربة تنظيم القاعدة، وأنه سيتم تشكيل فوجين من مقاتلي العشائر في هذا السياق.
الظواهري يؤكد هزيمة أمريكا
وكان أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة،أعلن أمس الخميس، أن الولاياتالمتحدة تُمنى بهزيمة في العراق وأفغانستان وغيرها من الجبهات. وقد جاءت تعليقات الظواهري في تسجيل فيديو جديد مدته ثمانون دقيقة في صورة فيلم وثائقي يعدد أنشطة القاعدة في أفغانستان والعراق والصومال وشمال أفريقيا.
وقال الظواهري في التسجيل الجديد الذي بث على أحد المواقع الجهادية على شبكة الإنترنت: "إن ما تزعمه الولاياتالمتحدة من أنها أعظم قوة في التاريخ البشري، ينهار الآن أمام طلائع الجهاد بعد ست سنوات من الهجمات على نيويوركوواشنطن"، مشيرًا إلى أن الدولة التي تعتبر الأقوى في تاريخ البشرية تتعرض اليوم للهزيمة على أيدي "المجاهدين". وأضاف أن "الصليبيين أنفسهم يعترفون بالهزيمة في أفغانستان على أيدي أسود طالبان وفي العراق على أيدي المجاهدين الذين نقلوا المعركة في سبيل الإسلام إلى قلب العالم الإسلامي".
تقرير بتريوس -كروكر وفشل أمريكا
في الأثناء وجّه تنظيم " دولة العراق الإسلامية" التابع لتنظيم القاعدة انتقادات لاذعة لتقرير بتريوس- كروكر، مؤكدًا أنه تعبير عن الفشل الأمريكي. وقال التنظيم في بيان: "بعد اقتراب إدارة بوش من نهايتها، ترى العدو الصليبيّ اليوم يبحث عن ترميم الأوضاع للخروج من هذا المأزق الحرج الذي يواجه بوش وإدارتَه، فهم يبحثون عن إنجازاتٍ ولو إعلامية قبل نهاية مدة الرئاسة الثانية لبوش، وعلى هذا الأساس جاء ما يسمى ب"تقرير بترايس- كروكر" حول الأوضاع الميدانية في العراق والتقدم المزعوم، وهذا التقرير احتوى على الكثير من المغالطات والأكاذيب والأوهام التي يتوهمها العدو".
وأضاف البيان: " تحدث التقرير بإسهابٍ حول ما أسمَوْه ب (التقدم المذهل في الأنبار)، حتى ورد اسم الأنبار في التقرير أكثر من 24 مرة، وهذا التلميع الإعلامي لظاهرة ( مجلس إنقاذ الأنبار) وزيارة بوش بنفسه إلى الأنبار وشكره للخونة والعملاء، كل ذلك اتخذ طابع الدعاية الإعلامية حول الإنجازات التي عجز عنها المارينز من قبل".
وتابع : " والحقيقة أن ظاهرة تسليح بعض العشائر تعكس تماماً الفشل والتخبط الأمريكي، فهم يتحدثون عن محاربة الميليشيات من جهة ومن جهة أخرى يقومون بخلق ميليشياتٍ عشائرية متقلبة الولاءات وتتحرك على أرضيةٍ هشه وما حصل من القضاء على (ستار البزيع) لهو خير دليل على ذلك".
وأضاف قائلاً : "إدعاؤهم ما أسمَوْه (حرمان المجاهدين من الأرض) تكرر أكثر من مرة في خطابات بترايس وكروكر، ومنشأ هذا الوهم الأمريكي، من اعتقادهم أن انسحاب المجاهدين من بعض المناطق انسحابًا تكتيكيًا يعني هزيمتهم في هذه المناطق".
واستطرد قائلاً: "يخلص التقرير إلى إمكانية تخفيض القوات الأمريكية إلى مستوى 100 ألف جندي خلال الصيف القادم، ويعتمد ذلك على الوضع الميداني، وهذا يعني أن جيش الاحتلال أصبح بين خيارين أحلاهما مر: فإما البقاء لفترة طويلة والإبقاء على الوضع الحالي من الانتشار داخل المدن والتحصن في مقرات مشتركة مع قوات الردة لفترة طويلة للمحافظة على ما يسمونه (المكاسب والإنجازات)، وهذا يعني تحمل التكاليف البشرية والمادية المترتبة على هذا الانتشار على المدى البعيد، أو الخيار الثاني وهو الانسحاب المُذِل للقوات الأمريكية مع أبقاء وحدات صغيرة لإسناد القوات الحكومية، وفي كلتا الحالتين فإن المحافظة على ما يعتبرونه إنجازًا وتقدمًا في بعض المناطق يعتبر أمرًا صعبًا وتحديًا كبيرًا".
وخُتم البيان بالقول: " تقرير بترايس - كروكر جاء لإنقاذ (بوش) من مأزقه الحرج ، ولتحسين صورة الجيش الأمريكي وسمعته المهزوزة، ولرفع الشعبية المتدنية لإدارة بوش قبل أشهرٍ من انتهاء ولايتها".