توقع نبيه بري رئيس مجلس النواب تشكيل الحكومة اللبنانية الأسبوع الحالي، إذا لم تطرأ مفاجآت أو تعقيدات غير محسوبة، مشيراً إلى أن الاتصالات ستتواصل خلال الساعات والأيام القليلة المقبلة لإنضاج مشروع الحكومة الجامعة وإخراجه الى النور. وجدد بري في تصريح لصحفية "السفير" اللبنانية الإشادة بالكلام الذي صدر مؤخراً عن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في لاهاي حول استعداده للمشاركة في حكومة ائتلافية مع "حزب الله"، مشيراً إلى أن "هذا الكلام لا يصدر في توقيته وظروفه إلا عن زعامة، وليس عن رجل سياسي عادي". وكشف بري عن أن كل فريق يتولى حالياً تنظيم الأمور في صفه ومع حلفائه لتسهيل الولادة الحكومية، متوقعاً أن يتطلب هذا الجهد بضعة أيام. واعتبر أنه لا يوجد مبرر لطلب "14 آذار" ضمانات أو تطمينات من "8 آذار" فيما خص الحكومة وبيانها الوزاري، ما دام ان أهم ضمانة قائمة، وتتمثل في رئيس الحكومة المكلف تمام سلام الذي يفترض ان يشكل مصدر طمأنينة للقلقين لأنه يستطيع باستقالته ان يُسقط الحكومة، وبالتالي أن يوقف أي شيء يعتقد انه غير ملائم. وأكد أنه من غير الوارد مناقشة البيان الوزاري قبل تشكيل الحكومة، موضحاً أنه سيطالب بحقائب وزارية تعادل في الأهمية تلك التي يشغلها حالياً وزراء حركة "أمل". من جهته، أكد رئيس الحكومة المكلف تمام سلام أن "موقف الحريري مسؤول ويُسهم في معالجة الأجواء المشحونة ويسهل تشكيل الحكومة". واستغرب سلام فرض شروط وعناوين للبيان الوزاري قبل تشكيل الحكومة وتشكيل اللجنة الوزارية التي يجب ان تُكلف بإعداد البيان، فإذا لم يحصل تفاهم حوله يُعاد البحث في كل الأمور، أو يذهب كلٌ في طريقه. وقال: إن هذا الأمر مخالف للدستور وللأعراف، وهو بمثابة وضع العربة أمام الحصان، وفرض الشروط المسبقة للبيان الوزاري من أي طرف أتى، يعني وضع العراقيل أمام التفاهم على تشكيل الحكومة. ولفت سلام الانتباه إلى أن "الاتصالات لا زالت قائمة عبر الوسطاء المعروفين من أجل تدوير الزوايا وإقناع الأطراف بتسهيل التشكيل، ومن ثم الاتفاق على البيان الوزاري"، نافياً ما تردد "عن تشكيلات جاهزة وتوزيع حقائب لهذا الفريق أو ذاك"، قائلاً إن الأمور لا زالت قيد البحث، وهناك تقدم. وتلقى سلام مساء أمس اتصالاً هاتفياً من الوزير جبران باسيل، واتفقا على لقاء قريب يُرجح أن يكون اليوم. وأشارت صحيفة "السفير" إلى أن هناك من يريد أن تدفع طرابلس، ثمن استعداد الحريري للانضمام الى حكومة جامعة مع "حزب الله"، وقد بلغت فاتورة الجولة 19حتى ليل أمس قتيلين و23جريحاً، في ظل استمرار الاشتباكات بين باب التبانة وجبل محسن. وعلمت الصحيفة أن الحريري أبدى تجاوباً مع الطرح القائل بوجوب إرجاء النقاش في البيان الوزاري الى المرحلة التي تلي تشكيل الحكومة، وإن لم يعلن ذلك رسمياً بعد. ولفتت إلى أن عملية تشكيل الحكومة لا تزال تواجه تحديات عدة، لعل أبرزها الحصول على موافقة العماد ميشال عون رئيس "تكتل التغيير والاصلاح"على التركيبة المقترحة. وقد رشح أن عون يرفض المداورة "التداول" في الحقائب الوزارية، أولاً لأن المدة القصيرة المفترضة للحكومة لا تحتمل إعادة توزيع الحقائب، وثانياً لأن هناك يقين لديه بأن المستهدف من المداورة هو موقع الوزير جبران باسيل في وزارة الطاقة. وأشارت الصحيفة إلى أن وفداً من "حزب الله" ضم المعاون السياسي للأمين العام للحزب حسين الخليل ومسؤول التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا التقيا عون في جلسة أولية، لم تخرج بنتائج إيجابية. ومن المتوقع ان تتجدد اللقاءات بين الحزب وعون في محاولة لإقناع الأخير بالانضمام الى التسوية الحكومية المقترحة، وتردد أن عون يفضل أيضاً أن تتألف الحكومة من 30 وزيراً بدل 24 كما هو متداول حالياً- وفقا للصحيفة. وأضافت الصحيفة أن التحدي الآخر الذي يواجه ولادة الحكومة الجامعة هو التوفيق بين المطالب المتناقضة للقوى السياسية في شأن الحقائب الوزارية، لا سيما في ظل الشهية المفتوحة التي يثيرها خيار المداورة، لافتة إلى أن مصير الحقائب السيادية سيكون موضع تجاذب بالنظر الى حساسيتها، لا سيما في ما خص "الداخلية" و"الخارجية". من جانبها ، نقلت صحيفة "النهار" عن الرئيس اللبناني قوله أمام زواره "إن الموقف الشجاع للحريري في توقيت حساس له وللعائلة ولجمهوره يستلزم التشجيع والتقدير وليس مضاعفة لائحة الشروط والمطالب والشعارات". وشدد سليمان الذي تلقى سلسلة اتصالات من شخصيات في 14 و8 اذار والوسيط الاشتراكي لاطلاعه على المشاورات داخل كل فريق، على ضرورة عدم المماطلة واستهلاك المهل التي تقترب من الخط الاحمر للاستحقاقات الدستورية الاخرى. من جانبه، صرح رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط ل "النهار" "بأن كلام الحريري ايجابي ويفتح آفاقاً وانفراجاً واسعاً في تأليف الحكومة". كما اعتبر وزير الشئون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال وائل ابوفاعور أن "إن الامور تسير في المسار الايجابي بعد الموقف الشجاع للرئيس الحريري من جهتها ، قالت صحيفة "المستقبل": "إنه على النقيض من ذلك بدت مواقف مسئولي تيار العماد ميشال عون وخصوصا وزير الطاقة والمياه جبران باسيل(صهر عون) وكأنها لاتعرف التآخي مع المناخ الإيجابي العام وأنها تنمو وتستثمر في المناخات السلبية والمتفجرة". ونقلت الصحيفة عن الرئيس اللبناني قوله: "إن إعلان الرئيس الحريري استعداده للمشاركة في حكومة ائتلافية مع حزب الله وفي لحظة وجدانية وسياسية حسّاسة بالنسبة إليه وإلى جمهوره، يمثّل موقفاً شجاعاً يتوجب الثناء والتعاطي معه بقدر مماثل من الايجابية والابتعاد عن المزايدات ووضع العقبات والشروط المعرقلة لإنجاز تشكيل حكومة جامعة". كما قالت مصادر نيابية قريبة من رئيس مجلس النواب نبيه بري "إن المواقف الجدية اتخذت من كل الفرقاء، والقرار السياسي بتشكيل الحكومة صدر، والأمور ستقلع وستمشي باتجاه قيام حكومة جامعة. والقطيعة والشرخ اللذان حكما العلاقة بين القوى السياسية سيوضع لهما حد ونحن أمام مرحلة جديدة من التعاون". ونوهت هذه المصادر بالكلام الذي قاله رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" التابعة لحزب الله النائب محمد رعد أمس "في سياق "مدّ اليد والرد ايجاباً على الحريري".كما رأت فيه تأكيداً "على التزام الجميع التعاون". واعتبرت ان "لا مشكلة حقيقية مع عون "إذ إن الحكومة ليست آخر الدنيا وقد لا تعمّر طويلاً في حال تم انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا تستحق بالتالي كل هذا الصخب"، معتبرة "انهم (جماعة عون) يئنون لكنه أنين لن يؤخر انطلاق قطار تشكيل الحكومة ولن يبقيهم على الرصيف بل سيصعدون إليه".